جان كورد
ملاحظة أولية قبل البدء بمقالنا الذي يتسم بالحدة والشدة مع الأسف:
فنحن نحترم قبائل (عنزة) و”الرَولة” الأصيلة وسائر القبائل والعشائر العربية التي أساء إليها كبير الحقوقيين هيثم المالح، بذكره اسمها في مقالٍ لا يليق برجلٍ في عمره وبمن يترأس جمعية للحقوقيين تهتم بحقوق الإنسان ويعتبر نفسه من المعارضة “الديموقراطية” السورية، فقد قال بأنهم لن يسمحوا للكورد بإقامة كيانٍ لهم، فهذا يشبه السماح ل”قبائل عنزة” بذلك!!! وحرفياً (هل يحق لكل قبيلة أو عنصر أن ينفصل بنفسه ويكوِّن دولة خاصة به؟ بمعنى هل يحق لقبائل عنـزة أن تقيم لها دولة وكذلك الروَلة… بالطبع لا…؟)
(أنظر: المحامي هيثم المالح: القضية الكردية – في الماضـي وحاضرها اليوم ومستقبلها غداً)
http://www.all4syria.info/Archive/340247)
هذا العجوز العنصري الذي فشل ومعه 22 دولة أو دويلة عربية في تحرير فلسطين ولواء الإسكندرون وجزيرتي طنب الكبر والصغرى، ويبدو أن بلادهم صارت قصعة يتجمع عليها الآكلون فلا يستطيعون شيئا، يصب جام غضبه ويظهر حقيقة حقده على الشعب الكوردي الذي وطنه أكبر من عدة دول عربية أو أوربية مجتمعةً وعدد سكانه أكبر من عدد سكان الكثير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويقارن طموحات شعبنا ومطلبه القومي بمطالب قبائل (عنزة) والرَولة!
هذا الشوفيني يرد أصل الشعب الكورد إلى قبائل عربية يمنية أو نجدية وحجازية، رغم أنه ليس بمؤرخ جاد، بل يستخدم بيت شعرٍ عربي واحد لتبرير موقفه المعادي لأمةٍ معروف لكل جامعات العالم تاريخها القديم والمعاصر، كما هو معروف انتماؤها إلى الشعوب الزاغروسية العريقة القدم من أيام ما بعد طوفان نوح (عليه السلام) مثل الهوريين واللولو والكاردوخ والميتانيين والميديين الذين اختلط بهم الآريون القادمون فيما بعد من الشمال، وكانت لهم دول وإمارات عديدة في التاريخ، وتعتبر لغتهم (هندو-أوروبية) أي (غير سامية)، بمعنى أنها لغة بعيدة عن العربية والعبرية، ويزعم أن مؤرخين “عرب” و”ابن خلكان” الكوردي يؤكدون ما يراه هو المعارض العظيم، ومن هؤلاء من أعاد أصل الكورد، مثل المسعودي إلى الجن، على الرغم من أن الكورد بشر بدليل أن بعضهم يجلس الآن كممثلين عن البشر (الكورد) في الائتلاف السوري، مثل البشر (العرب) تماماً، ولهم أيادي وعيون وألسنة وأقدام كالبشر!!! فهل صحيح ما قاله المسعودي أم صحيح ما زعمه شاعرك الذي قال بأن الكورد من عشائر اليمن، يافخامة “رئيس سوريا المستقبل: هيثم المالح؟” ولماذا لم تقل بأن اليمنيين جاؤوا من كوردستان؟ فهل لفظ كوردستان شوكة في حلقك كما هي في حلوق أمثالك من نجباء المعارضة السورية “الديموقراطية!”؟ وقد حكم الكورد اليمن في عهد الأيوبيين، في حين أن اليمنيين لم يحكموا كوردستان أبداً.
إلا أن هذا الشخص الذي ينفث الكراهية ضد مكون قومي كبير في سوريا ليس وحده في الميدان، إذ يتوالى رجال المعارضة السورية على ذكر الكورد بالسوء في كل مناسبة، إرضاءً لمن يأويهم في فنادق دولةٍ جارةٍ لسوريا ويصرف عليهم” كما أظن”، فمنهم من يزعم أن الكورد “بدو الفرس” جاؤوا إلى سوريا من صحارى بلاد فارس، أي خلاف ما يزعمه هيثم المالح بأن أصلهم من يمنٍ أو حجاز، ومنهم من يزعم أن الكورد عازمون على إقامة كيانٍ لهم على الأرض العربية التي لا يعلم أحد أين حدودها الشمالية بالفعل؟ فهل تنتهي عند الجبال الفاصلة بين فرنسا واسبانيا؟ أم أنها تقع في شمال سوريا من دون لواء الاسكندرونة؟ ولكن ألم يأتِ العرب أيضاً من نجد ويمن والحجاز؟ فإذا كان الكورد عرباً فلماذا يسمح للعرب السوريين بناء كيانٍ لهم ولا يسمح ذلك لهؤلاء الكورد “العرب!” يا من تدافع عن “حقوق الأقوام والإنسان!”.
من هؤلاء العرب “المكافحين من أجل الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان!” من يزعم أن الكورد لا قومية ولا لغة ولا دين لهم، ومنهم من يطالب بإبادتهم وباستخدام كافة الأسلحة التي يملكها العرب لذلك، والاقتداء بصدام حسين (أبو الجحور) في محاربتهم أو باستخدام حبال المشانق كما يفعل ملالي طهران، فماذا حدث ويحدث في صفوف المعارضة السورية التي لا همّ لها سوى القضاء على الشعب الكوردي؟
من يغذّي هذه الفتنة لتحويل العرب عن “قضايا الأمة الكبرى” إلى حرب إبادة ضد الكورد؟
ألم يقل الإخوان المسلمون في سوريا – مثلاً – في بيانٍ خطي ومنشورٍ لهم منذ سنوات أن الشعب الكوردي يعيش على أرض وطنه “التاريخي”، وهل نسي هيثم المالح أن انضمام ممثلي المجلس الوطني الكوردي (غير العربي) إلى (ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية) كان على أساس قبول هذا الائتلاف بموجب دستورٍ جديد حق الشعب الكوردي (قومياً وثقافياً) في سوريا المستقبل ذات السيادة الكاملة على أراضيها؟ فماذا تقصد بهذا الرأي الذي اعتبره متخلفاً أكثر عن تخلّف ناكري أن الأرض تدور حول الشمس: (ما أراه أن الحل السليم هو أن ينخرط الأكراد في المجتمعات المحيطة بهم، ويجري إنصافهم، كما البعد عن العصبية القبلية المقيتة.)؟
نعم، دعوها (العصبية) فإنها نتنة… هذا صحيح ونؤمن بذلك والحمد لله، ولكن ماذا تعني ب”الانخراط في المجتمعات المحيطة بهم”؟ وكيف يكون الانخراط؟
الكوردي يجيد لغات العرب أو الفرس أو الترك، بل بعضهم يجيد كل هذه اللغات، ولم ألتقِ حتى اليوم بعربي أو تركي أو فارسي يجيد لغة الكورد، ويخدم الكوردي في جيوش هذه الدول خدمته الإلزامية، ويدفع الضرائب الباهظة، ورغم ذلك يظل على الدوام “مواطناً من الدرجة الثانية”، فلماذا لا تطلب من الفارسي أو التركي أو السوري أن ينخرطوا في المجتمع الكوردي المشهود له بالاعتدال والسماحة؟ وماذا تعني بأنه سيجري “إنصافهم”، فهل فيما تقوله ذرة من إنصاف رجل حقوقي؟ وتطالب الكوردي بالبعد عن “العصبية المقيتة” فهل أنت مبتعد عنها يارجل؟ أليس كلامك كله بصدد الكورد امتهان واحتقار وتكبر وطغيان وعدم انصاف؟ كيف تريدنا أن نثق بك عندما تستلم ديوان الدولة أو رئاستها؟
الكورد يا حضرة “موظف الأمن العروبي” أمة تزيد عن 40 مليوناً من البشر، لها كامل الحق الدولي في تقرير مصيرها بنفسها، شئت أم أبيت… فهذا هو القانون الدولي، تعرفه أفضل منا، ولم تتمكن مدافع وطائرات الترك، وحبال المشانق الفرس، وجيوش وأسلحة الكيمياء التي استخدمها صدامكم وحرب الأنفال من إخماد تطلعه العادل والإنساني في سبيل الحرية والاستقلال، وعليك قبل غيرك من المعارضين السوريين أن تعتذر لهذا الشعب المظلوم وأن تتراجع عن موقفك المثير للحقد والكراهية ضد شعبٍ بأكمله، قاتل مثل آبائك وأجدادك دفاعاً عن سوريا ومن أجل حريتها واستقلالها، فهل نسيت يوسف العظمة وإبراهيم هنانو ومئات الشباب الكورد الذين سقطوا في الجولان يا من تطلب من الكورد “عدم الإنصاف”، فإن مضيت في سلوكك هذا حيال الكورد فسنجرجرك ومن على شاكلتك من العنصريين إلى المحاكم الدولية المهتمة بحقوق الإنسان لأنك شيخ الكارهين والمحرّضين على الفتنة لضرب المكونات السورية القومية بعضها ببعض… وسينال الكورد حقهم القومي المسلوب بعزيمة ووحدة إرادة الأحرار العرب والكورد الذين لن يسمحوا لأمثالك بقيادة السفينة السورية إلى الهلاك، أيها العنصري الذي يرتدي رداء الحقوقيين.
وأخيراً أقول: يكاد العرب يصبحون حلزون الماء الذي يبتلعه السياح في المطاعم اللبنانية الشهيرة بملحٍ أو بدون ملح، ورغم ذلك لم يعد أمام أبي الموالح هيثم سوى الكورد ليجعلهم هدف مدافعه الرمضانية مع الأسف.
13 أيلول، 2016