قرار صائب، و لكن!؟

علي جعفر 
 21/10/2016
في ختام اجتماعها السنوي العام منتصف هذا الشهر، أصدرت ( جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة ) و مقرها الرئيس في ألمانيا مجموعة قرارات و توصيات، كان من بينها قرار متعلق بالمطالبة في دعم مناطق الإدارة الذاتية التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي. 
من حيث المبدأ، إن إصدار قرار خاص بالجزء الغربي من كوردستان من قبل منظمة دولية تهتم بالدفاع عن حقوق القوميات و الأديان لهو مكسب و بادرة طيبة من هذه المنظمة. و لكن لا بد من تسجيل الملاحظات التالية عليه، و أهمها: 
1-إن كلمة ( روۯ آڤا ) باللغة الكوردية تعني ( الغرب )، و كلنا يعرف بأن مطلقيها يعنون بذلك غرب كوردستان. و بالتالي لا تنسجم مع تسمية لاحقتها ( شمال سوريا )، التي تذكرنا بـ ـ: ( شمال العراق ) كما كان النظام العراقي البائد يتداولها لعقود بدلاً من تسميتها  بـ: كوردستان.  
2- جاء في مستهل القرار: ” ….. و يجب دعم المنطقة من قبل ألمانيا و أوروبا ليستطيع الكرد و السنة العرب و السريان الكلدان الآشوريين و الأرمن و المسيحيين و الايزيديين و الشركس و التركمان و غيرهم العيش بسلام. “. نتساءل هنا: هل الإيزيديون بنظر تلك المنظمة يشكلون قومية بحد ذاتها، كي يتم زج اسمهم ضمن الأسماء المشارة إليها؟ و الغريب أن هذه المنظمة تكرر في منشوراتها و أدبياتها مفردتي ( الكورد و الإيزيديين ) و كأنهما قوميتان منفصلتان.  
3- يطلب القرار في مكان آخر: ” ……. إلى فتح نقاش مع المجلس الوطني الكردي، و التحالف الوطني الكردي، و الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي حول وجود ( أو عدم وجود ) السجناء السياسيين في سجون روجافا. كما أنه من الضرورة بمكان إيضاح، من أعتقل لأسباب سياسية، و من أعتقل بسبب تشكيل مجموعة مسلحة … “. 
ماذا تقصد هذه المنظمة بـ: ( أو عدم وجود ) السجناء السياسيين في سجون هذه الإدارة؟  و كأنها تريد تكرار ادعاءات حزب الاتحاد الديمقراطي بعدم وجود سجناء سياسيين لديها، تماماً كما كان و لا زال نظام البعث الديكتاتوري يكرره باتجاه كل من يخالفه الرأي. و كل ما في الأمر – حسب ادعائهم – هو وجود بعض الأشخاص و المجرمين و المجموعات المرتبطة بالخارج ( الأردوغانية و …… ). علماً أن مندوب هذه المنظمة و هو د. كمال سيدو، كان قبل أسابيع قد زار المعتقلين السياسيين الكورد في سجون حزب الاتحاد الديمقراطي و ذراعه العسكري ( Y. P. G ) و تكلم معهم حسب بعض وسائل الإعلام. 
 4-  يطالب القرار من المجلس الوطني الكوردي بـ ـ: ” التخلي عن المطالبة بتشكيل ميليشيا خاصة بهم، بدل ذلك يجب تشكيل بنيان عسكري موحد. لأن تشكيل ميليشيا جديدة في روجافا شمال سوريا سيهدد السلم الاجتماعي، و يمكن أن يقود إلى نزاع مسلح جديد بين الكرد… “. على حد علمي و متابعتي للوضع لم يتمسك المجلس الوطني الكوردي يوماً بتشكيل قوة خاصة به. بل ينص أحد بنود اتفاقية دهوك بين حركة المجتمع الديمقراطي ( Tev – Dem ) و  المجلس الوطني الكوردي على تشكيل قوة عسكرية موحدة. ثم إن تسمية القوة العسكرية الموجودة في جنوب كوردستان و المشكلة من كورد غرب كوردستان بـ: ( مليشيا ) غير موفقة، إلا إذا أرادت أن تصبح هذه المنظمة طرفاً في خلافات و صراعات أطراف الحركة التحررية الكوردية؟ فتكرر ما يدعيه أحد أطرافها.  
         5- من الذي يعيق استمرارية فتح معبر سيمالكا بشكل كامل و دائم أمام الأشخاص و التجارة؟ أهو الحزب الديمقراطي الكوردستاني في جنوب كوردستان، أم حزب الاتحاد الديمقراطي و إدارته الذاتية التي تدعي الديمقراطية، فتصادر كل شيء يدخل إلى غرب كوردستان من هذا المعبر؟ حتى وصل الأمر بهذه الإدارة إلى التعدي على مقدسات و محرمات الكورد، كما هو الحال في منع رفع العلم الكوردي و اختطاف جثث الشهداء و منع دفنهم، دفناً مشرفاً و لائقاً بهم.  
أخيراً: كم كنت أتمنى أن تتخذ هذه المنظمة مواقف أكثر ايجابية بحيث تساهم في رأب الصدع بين الأطراف الكوردية، بدلاً من انحيازها لهذا الطرف أو ذاك. خاصة إذا علمنا أن هذه المنظمة لها مساهمات و مبادرات مشرفة اتجاه القضية الكوردية، و هي موضع احترام و تقدير لدى أبناء شعبنا الكوردي أينما كان. 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…