إبراهيم اليوسف
الخطوة الأولى التي قام بها “الاتحاد الديمقراطي” منذ الأشهر الأولى للثورة السورية، وكان بعض ممثليه في الخارج يؤكدون أنهم مع الثورة، وضد النظام السوري- وثمة من قال لي شخصياً يمكنكم محاسبتنا إن لم نكن صادقين ذات يوم- هي أنهم أنشؤوا-في الخارج ومن ثم في الداخل- لجنة إعلامية بإشراف أحد شبابهم، واستقطب هؤلاء عدداً ممن يريد أن يكون له شأن، أو من لم يجد له مكاناً في الحراك الشبابي، أو بعض الحالمين بالرتب أو الربت، ولو عبر المغامرة، أو بعض الذين احترقت “أوراقهم” جماهيرياً، أو من تم تخويتهم من قبل” ب ك ك” في وقائع مضبوطة، وصاروا في حاجة إلى “براءات ذمم”، ناهيك عمن تخاذل في انتفاضة آذار2004 وصار في حاجة لتبييض صفحته، كلامياً، بعد سقوط آلة الخوف، وقد تطور الأمر إلى أن ضموا حتى بعض الأميين، ليكونوا مجرد شتامين، هتافين، بواقين، ضمن لجان تابعة لهم، مهمتها التهكير، وهو ماأشرت إليه في أكثرمن وقفة.
وقد راحت هذه اللجنة، وفروعها، تشن هجماتها على كل صاحب رأي مخالف، محاولة تشويه اسمه، إلى أن اضطر حتى بعض المختلفين معهم، للانضمام إليهم، عبر كروباتهم الإلكترونية، أو صفحاتهم العامة والخاصة، على شبكة التواصل الاجتماعي، بينما لم تجد الأصوات المخالفة لهم، من يجرؤ على الالتفاف حولها، وقد كان لسان حال هؤلاء، مع كل من يكتب بجرأة في مواجهة ب ي د، وانتهاكاتهم، وكان صوت جمهورهم-وهو الأكثرية- :اذهب أنت وقلمك، وقلمك، وواجها، إنا هنا لساكتون..!
والأغرب-هنا- أنه حتى هؤلاء الكتاب والإعلاميون الذين كانت ماكنة هكرب ي د تتناولهم واحداً تلو الآخر، فإن من حولهم-في الغالب- كانوا يفتقدون إلى حمية وخصيصة وحماس المرافعة عن بعضهم بعضاً، مستعيدين – حكاية الثور الأبيض- بل إن “السياسي” في المجلس الوطني الكردي كان يقف ساكتاً هو وإعلامه، همه أن يتم السكوت عن أخطائه، وحزبه، بل إن بعضهم كان يقول في مثل هذا المقام: فخار، يكسر بعضه، حتى وإن كان “الضحية” مرافعاً عنه، متخندقاً معه، بعكس العلاقة الحميمية التي كانت تربط الدائرين في فلك ب ي د.
لقد تعكز خطاب محتكري “دماء الشهداء” ، على حقيقة حماية ترابنا وإنساننا من قبل هؤلاء البطلات و الأبطال الكرد الذين صنعوا ملاحم الفخار والنصر في مواجهة إرهاب داعش، وأشباههم، من الراديكاليين، والشوفينيين، منذ سري كانيي وحتى الآن، ولكن لابد لنا أثناء تناول بطولاء أولات وأولاء، من التمييز بين مستويين، هما: السياسات الكارثية التي مورست من لدن مجرد طرف حزبي واحد بحق شعبنا، من جهة، ومن جهة أخرى: بطولات شبابنا الكردي الذي لن يعد دمه ملك أي طرف حزبي، أو أية أيديولوجيا، لأنه ملك شعب كامل عريق، مظلوم، مورس بحقه الغدر وفق اتفاقات وتواطؤات أممية، وكان من الممكن أن يكون هؤلاء ضمن جيش غيرحزبي، وبحضور أقوى، لولا احتكاره من لدن مجرد جهة واحدة، وإن كانت مهمة حماية ترابنا وإنساننا، قد تم من لدنه..!.
ولم يقصر بعض وجوه المجلس الوطني الكردي في-استبدادهم المعنوي- أنى أتيح له ذلك، ليس في وجه الحراك الشبابي، إبان صعود الحراك الشبابي، في محاولة ابتلاعه، وممارسة “الترغيب والترهيب” معه، ناهيك عن محاولة استفراده، بكل السبل، بل إن هشاشة بعض شخصياته، وعدم ارتقائها إلى مستوى المرحلة، كان سبباً في تهميشه، وبقائه مكتوف الأيدي، إزاء التبدلات الهائلة التي تمت، ناهيك عن انخراط بعض بواقيه في لعبة شتم أية واجهة جديدة، مادام لا مكان لسكرتيره، أو قيادته في الصفوف الأولى، وإن كان ذلك مكلفاً على صعيد معادلاته التي طالما واصل خلالها حياته الحزبية، كي يكون عبارة عن ظاهرة-رقمية- اسمية، دون أي حضوركي يكون في مستوى الأسئلة الجديدة. ولقد قلت في أكثرمن مرة: إن صعود ب ي د جاء بمثابة رحمه لبعض هذه الأحزاب التقليدية، كي تجعل منه مشجباً تعلق عليه احباطتها، وإخفاقاتها. ناهيك عمن علق هذه الإحباطات والإخفاقات على مشجب هذا الوجه الكردستاني أو ذاك..
ومن يتابع الخط البياني لأطروحات لجنة التهكير، والعاملين فيها، يجد أنها مدججة بالتناقضات، المربكة، حيث كان يتم تزيين أخطاء ب ي د، حتى في أسوأ وأردأ الآراء التي طرحها من هم واجهته، بما يدل على إن هؤلاء إما عديمو خبرة سياسية، أو إنهم- وكما بانت الحقيقة- تابعون لأصابع متحكمة بهم، على مبدأ “الريمونت كونترول”.
إن الاعتماد على بعض المتهافتين، والمنفعيين، و الزعران، وعديمي الذمة، والمستعدين للدفاع عن ظاهرة ما، والانقلاب عليها، في أقصر زمن قياسي، في الإعلام، أعطى نتائج كارثية، وفي مطلعها تعميق الهوة بين أبناء الشعب الواحد، وتوليد ثقافة تخوينية، ثأرية، بائسة، وهوما يمكن استشفافه من لغة التشنيع والافتراء والتزوير والشتم المبتذلة التي يتبعها هؤلاء بحق كل مختلف مع معلميهم في الرأي. وللأسف، فإن آثار هذه السموم المستفحلة ستستمر في الجسد الكردي والكردستاني إلى وقت طويل، لاسيما أنه-في المقابل- ظهر من يسيء خارج لغة المنطق، والحكمة، والعقل، إلى رموز ب ي د، في محاولة انفعالية ثأرية، وإن كان ذلك يتم على نطاق جد ضعيف، وغير مؤثر.
لقد ساعد هؤلاء، أن المجلس الوطني الكردي كان غير مبال بجماهيريه، ومن أكبر الأمثلة تسيد “بعض” المسيئين إدارته، فروعه-لاسيما فرع الإقليم الذي هيمن عليه “بعض” الانتهازيين، والموتورين، أقول: ال”بعض”…..مع احترامنا لمن هم مناضلون من بينهم- دون أن يفعلوا هذه الجماهيرية، بل من دون أن يكون لهم إعلام مؤثر، فقد كان إعلامهم -بدائياً- يشبه إعلام القرون الوسطى، رغم محاولة بعضنا تفعيل دور ممثلي المجلس، من دون جدوى.
من أراد، أن يعرف أسباب تأثير إعلام” ب ي د” وتخلف إعلام” المجلس” عليه أن يدرك هذه الأمور، وهنا، لا أتحدث عن دور العنف-بأشكاله- في “تضبيع الناس، وتضييعهم إلى حد الهجرة الكارثية التي أكدت التقارير الدولية أن 62 بالمئة من الكرد في سوريا هجروا من مناطقهم. إذ حتى الآن لا تلفزيون لهذا المجلس، ولا جريدة، بل أن موقعه الإلكتروني قد بدأ للتو، بل لا ناشطو فيسبوك منظمون يعملون في صالحه. ناهيك، عن أن الاتحاد الديمقراطي لجأ إلى “الترغيب” أيضاً، ومن أكبر الأمثلة: استيعاب أصحاب الأسبقيات، والانتهازيين، والمطرودين من أحزابهم، وإيلاءهم الأهمية، وإن كان هؤلاء سيسرقون، ويبطشون، وينتقمون، وهوما خلق مشكلة مبكرة لديه، بات يعلنها المخلصون من كوادره، همساً، أو حتى علانية…!.
*كتب المقال قبل بضعة أشهر-أو أكثر- لجريدة كردية بارزة، اعتذرت عن نشره، وها أنشره الآن، نظراً لأن الوقائع لم تتغير..!