وليد حاج عبدالقادر / دبي
بداهة ، لا خلاف مطلقا في السعي الجاد للعودة الى صيغ ما تؤطر لوحدة القرار السياسي الكوردي في كوردستان سوريا ترتكز على بينيات سابقة لاتزال تحمل قابلية العمل بها بعيدا عن الهيمنة ونزعة فائض قوة يعلم ممارسها قبل الجميع بأنها / فائض القوة هذه / قد تصبح صفرا في معادلات الصراع المحمومة ودوامة عنفها على مساحة كل من العراق وسوريا المتشكلتين بموجب اتفاقية سايكس بيكو وما حملته من ارهاصات والتي ما وهنت من عزيمة شعب كوردستان بالرغم من اخفاق ثورات وفشل برامج احزاب عديدة اصطبغت بآفاق ازمنتها وتلاقحاتها الفكرية والأيديولوجية ، وبعيدا عن التأريخية وباختزال شديد وخاصة مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وطغيان الأدلجة التي تمنهجت نظريا بالضد من العقائديات الدينية وتحولها الى قومويات وظهور احزاب تنظيرية مؤدلجة وبثوابت عقائدية من جديد !!
أسست مشاريع وطنية سرعان ما بدت مشكوكة فيها ومحوطة بديكورات لم تستطع مطلقا أن تخفي انتمائيتها وتكونها – من جديد – كتأطير على حد قول الزميل حازم صاغية .. / .. دولة الحزب الواحد تجعل من الوطنية غير محققة إلا بحرب مصيرية .. مع عدو ما لتمؤسس لفرضية أننا وفي هذه البقعة نولد من أجل أن نقاتل لا لأي هدف آخر سوى تحكيم القادة الوطنيين بأعناقنا ../ ( جريدة الحياة ١٩٤٨٥ ) ، وهنا فهي من جديد مقولة الحزب الواحد والقائد الواحد والعدو الأوحد ،ثلاثية الواحدات التي اضحت كمتلازمة التوحد والتي على قاعدتها أصبحت الوطنية هلاما – ظلا تستحضر كلزوم حالة او وبعبارة أدق : تستولد أولويات بديلة بالإرتكاز الجبري على نفي الوطنية المتأصلة سواءا من الحدث / الأحداث اليومية والإلغاء الممنهج من الذاكرة الجمعية ومن ثم العودة الى الواقع ، الى البنية المجتمعية عينها بإعلان الحرب الإستئصالية على كل القطاعات والتقسيم البنيوي على قاعدة الموالاة من عدمها والنخبة كمجموعة مطوبة نظريا وقطيعية بالمحصلة يقابلها غير الموالين مجرد خلايا سرطانية ، خونة ، عملاء ومتآمرون تتوجب تصفيتهم . إن المرحلة الحساسة والمتسارعة بمتغيراتها المتقاطعة تضادا حينا وتوافقا احيانا أخرى ، وبعيدا عن التوافقات العديدة السابقة والتي تمت وبمباركة ورعاية الرئيس مسعود البرزاني والتي كانت تفشل بتفريغها من محتوياتها مجرد الوصول الى قامشلو ، كما وبالارتكاز على مقولة الرئيس البرزاني بأن الدم الكوردي على الكوردي حرام والذي لايزال يسخره الآخر خرقا وممارسة بغطرسة وبغياب أية آليات ضغط على القوى التي تفشل هذه التوافقات آخذة مكاسبها الحزبية وهيمنتها فقط بالحسبان ! وقد عودتنا التجربة الكوردية في كوردستان سوريا مع هذا النمط بارتكازه الدائم على تعميمات مطاطة ولتبدو الرؤية النقدية ومعها الإستنتاجات خاضعة ومشرعنة بآليات باطنية وخاصة عندما هيمنت كسلطة امر واقع وتتمظهر كالمؤطر الأوحد القابل للعمل والقيادة والقتال لا بل الحياة وتعزز في آفاقها نزعة التوحد وبالتالي ممارستها لجينوسايد تنظيمي كبروباغندا للتغطية على الإنعطافات الكبيرة التي تحدث ومن هنا ، فأن المطالبة بوحدة الصف يفترض توفر شرط رئيسي يستند عليه وهو الإقرار بالندية والمساواة بعيدا عن روحية التربع على برج عاجي ولولحة السبابة فرضا لشروط كانت هي نفسها التي وأدت اتفاقات عديدة لربما كتنفيذ مشروط لسياسات المحاور متناسين بأنها / المحاور / هي دائما مثل بيوتات الرمل تشاد بسرعة وعلى اساسات هشة تتنافى فيها عوامل القوة المتساوية ولتنهار بسرعة عندما تنتفي حاجتها ومعها تشفط فائض القوة الممنوحة اصلا كإعارة ، وطبيعي أن تتبلورهذه الخاصية وبوضوح عندما يتأزم المستبد بنيويا وتحوطه تخبصاته وفرط القوة كحالة سايكولوجية متحكمة في الأساس به كطوق وبفائض قوة ممنوحة له بالإستعارة ، لا غرو أن تبدو كل ممارساته – خبط عوجاءا – وبعبثية تبحث عن مصارف تستهدف في الأساس صرف فائض أزماته من جهة والسعي لقوننة او التستر قدر المستطاع على خروقاته بفظائعها التي تتراكم !! فتلتجيء الى غوغائية تفضح علنا تمنهجها المتدرج وماتم في قامشلو قبل ثلاثة ايام وسري كانية اليوم لن تنسينا بالمطلق عن السؤال : وماذا بعد منبج ؟! .. وهل سيحقق تحريرها او تستاهل نتائجها – كورديا – نقطة دم أو دمعة واحدة ؟! مع الإقرار المسبق بأن دحر قوى الإرهاب والظلام من المنطقة وحماية المدنيين وتقديم العون الإنساني الممكنة للنساء والأطفال وزرع الطمأنيننة في نفوسهم هي قيمة انسانية نبيلة ، إلا أن المهم في موضوعة تحرير منبج هو اليوم الذي سيلي اعلان تحريرها رسميا وبالتالي تبيان الاستحقاقات وكشف الحساب السياسي من جهة ومخاضات الزوابع السياسية ومن جديد تقلبات المحاور وانكشاف اقنعة غالبية القوى المهيمنة والمتصارعة في نطاقية دوامة المسألة الشرقية والتي ما ابتدأت هذه الأيام بقمة بوتين / إردوغان وقبلها قمة بوتين / روحاني وبالتالي تحول الملف السوري ككل الى الدرجة الثانية ظاهرا وفق دلائل على وجود اختراق – ما – مما حدا بوزير خارجية ايران ظريفي بالذهاب الى انقرة وما صرح به وزير الخارجية التركي تشاويش اوغلو ( … اتفقا على محاربة الأحزاب الكوردية المسلحة .. ) وبتصوري فأن الأيام القادمة ستكون معارك / وليست معركة حلب / هي التي ستنكشف من خلالها الآفاق والتي ستكون ايضا مفتوحة على خيارات عديدة أبسطها سيتموضع على تحولها الى حروب ميليشاوية محلية والتي ستتمترس من جديد على قاعدة جينوسايد سياسي كورديا بينيا توضحت مظاهرها بعودة التخوين وغوغائية استهداف الرمز الكوردستاني / الا رنكين / وغلق المكاتب ، على الرغم من ملامح وجود لوزان جديد يلوح في الأفق بصيغة عسكرية هذه المرة ، قد لا تأخذ طابع الصدام المباشر بقدر ما سيكون عملية استجفاف مصادر الدعم العسكري بالترافق مع ظاهرة التمدد على رقعة جغرافية واسعة وخارج الحاضنة المفترضة والأهم هنا ايضا غياب الرؤية السياسية من جهة والإتفاقات المسبقة كنتاج مقر ومعترف به بعد انجاز المهام ، وهنا وباختصار شديد : ان الراهن السياسي وتقلبات المواقف ومظاهر الاستعداء وسياسات المحاور الإقليمية التي ترتب على قاعدة التصدي واجهاض المشروع القومي الكوردستاني تفرض بقوة وكرد عملي على ذلك ، هو العودة الى الهوية القومية الجامعة وكضرورة قومية عليا يفترض العمل بأفق الجذب لا التخوين التلاقي لا التنافر ويتوجب ايقاف هذه الحدية المنحدرة الى درجة جد خطيرة لابل ان الشرخ يتسع ويتعمق ، وبالرغم من كل ذلك / أجزم / بأننا لانزال نخاف عليهم لا منهم ، وهنا وفي الواقع سيبدو الأمر مؤسف حينما تصبح الحروب بحد ذاتها هي الغاية ومعها الفتوحات انتصارا ، في حين أنه وبوجود أهداف وقضايا محقة وقد ساهم القتال في تحقيقها فحينها ستكون نصرا والفرق شاسع فعلا مابين النصر والإنتصار والذي سيعيدنا الى السؤال الرئيس : وماذا بعد منبج ؟! وبسياقية وبساطة جماهيرية !! ماهو الإنجاز السياسي كحقوق وقضية قومية والتي من المفترض انها الهدف الأساس الذي تمأسس عليه كل القوى السياسية الكوردية والتي وبكل أسف تتجلى سباحة في فضاء الفدرالية الديمغرافية كترجمة فعلية لنطاقات ادارية تشرعن وبوضوح وصراحة كل المشاريع العنصرية المسبقة الصنع في معامل البعث الشوڤيني !! والآن : لسان حالهم سيقولون !! أنهم يفسدون علينا فرحة الإنتصار ؟! .. وليته كان نصرا ؟ والجموع الكوردية تترقب بقلق وهي تنتظر ولسان حالها السؤال هو وماذا بعد ؟! وماهي الخطوة القادمة ؟! .. هل هي حلب ؟! .. الرقة ؟! .. أم ديرالزور ؟! .. والأنكى غياب اية رؤيا او طرح لاستحقاق سياسي مقابل ! قابله بينيا كورديا ماجرى ليلة 8/11/ 2016 في قامشلو من استهداف لمكاتب احزاب والإساءة للعلم الكوردي / آلا رنكين / وتدوين عبارة / خائن / عليها !! فهل هي حالة الطلاق البائن مع الذاكرة والقضية القومية وانتمائها كوردستانيا !! وبالتالي الإنكشاف الكامل على المحور الأساس ؟! .. هذا ما ستثبته الأيام القليلة القادمة !! …