القصف الروسي يجمد مفاوضات السلام في جنيف

فرحان مرعي   

 مما لا شك فيه ان التدخل الروسي في الشأن السوري اعتبر تحولاً نوعياً في
سياق الصراع المحتدم في المنطقة، ميدانياً أدى هذا التدخل إلى تحول في موازين القوى،  سياسياً وعسكرياً – الذي أنقذ النظام حيث كان في
وضع الانحدار والتراجع عسكرياً قبل التدخل، مما كشف أيضا عجز إيران وحلفائها وميليشياتها
في الحسم العسكري لصالح النظام مما دفع بالأخير إلى الاستنجاد بالروس، واضح تماماً
الأهداف الروسية من هذا التدخل: التي هي في النهاية  حماية مصالحها في سوريا، وإيجاد موقع متقدم على
خارطة العالم بدءاً من القفقاس، القرم ،انتهاء بسوريا، ولما كان بقاء النظام ضمانة
لهذه الأهداف فهم يسعون إلى استمراره بجميع الوسائل الممكنة الى اجل غير مسمى ،
 لذلك إن الروس
يتبعون سياسة عسكرية هو مكافحة داعش في الشكل والظاهر عبر تدعيش كل القوى المسلحة ضد
النظام، ولكن في الصميم معظم العمليات الجوية الروسية هي من اجل وقف انهيار النظام
على الأرض وتطهيرها من الجماعات المعارضة المسلحة (المعارضة السنية) وتمكين سلطة النظام
على الأقل على أرض سوريا (المفيدة) كما يسمون ذلك، والتي تضم دمشق وحمص وغرب حماه والساحل،  وحماية الأقليات -كما يدعون- وبالتالي فرض شروطهم
في المفاوضات من منطق القوة والانتصارات العسكرية، وهكذا تزامن الدعوة إلى المفاوضات
السياسية في جنيف مع انتصارات عسكرية على الأرض، ولكن هذا التدخل السياسي والعسكري
الروسي في سوريا يواجه ردود أفعال داخلية وإقليمية، ودولية إلى حد ما، يكبح جماحهم
– من القوى العسكرية المقاتلة على الأرض والمتشددة دينياً، ومن السعودية وتركيا، لذا
نجد إن التوترات الإقليمية والدولية التي حصلت بين أطراف الصراع مؤخراً بين تركيا والروس
في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية والتوتر بين السعودية وإيران على خلفية حرق السفارات
والقنصليات السعودية في إيران يساهم في استغلاق الحلول السياسية والعسكرية واستمرار
الحرب التي تعني مزيدا من القتل والتدمير، وقد يؤدي هذا الاستغلاق إلى التقسيم والتخندق
للقوى العسكرية في مواقعها أي تقسيم وتثبيت أمر الواقع روسياً، التخندق، انهيار النسيج
الاجتماعي توقيف مبادرات الحل السياسي آو تمييعها وتجميدها كما حصل الآن في جنيف3،
وتشكيل أحلاف على أساس طائفي قد تؤدي الى حروب دينية مفتوحة ، وخاصة بعد الموقف المؤيد
من الكنيسة الارذثوكسية الروسية لبوتين، وهذا يعني إن صراعاً طائفياً دينياً قيد التنفيذ.
ولكن في النتيجة سيحاول الروس فرض تسوية سياسية في سوريا- كمنطقة نفوذ لها- بالتنسيق
مع الأمريكان – لا غالب ولا مغلوب فيها دون حل سياسي يرضي معظم الشعب السوري، وهذا
من شأنه المرور عبر دويلة علوية او سوريا المفيدة، لان سوريا ما قبل 15 آذار 2011 لم
تعد ممكنة واقعياً  وهذا……. ما سيحقق لبوتين
انتصاراً متماهياً مع بنيته الشخصية القيصرية، وإعطاء انطباع للعالم إن روسيا ما زالت
قوية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…

انطلاقاً من إيماننا العميق بوحدة الصف والموقف الكردي، وانسجاماً مع تطلعات شعبنا نحو مستقبل تسوده العدالة والكرامة، فإننا آل حاج خليل الشابصني – شوطي ، نعلن عن تأييدنا الكامل لما ورد في البيان الختامي لـكونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي، والرؤية السياسية الكردية المشتركة التي أُقرت ، في ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ ، وبرعاية كريمة من الرئيس مسعود بارزاني وقائد قسد مظلوم…

نحن أبناء قبائل الملية وحرصا منا على وحدة الصف وتمسكا بقيم وتضحيات أجدادنا التاريخية التي دأبت على توحيد الكرد، فإننا ندين ونستنكر بشدة زج اسم عشيرة الملية في البيان الصادر والمعنون ب بيان الكتل السياسية والعشائرية والمدنية الكردية برفض وثيقة مؤتمر القامشلي والذي نشر بتاريخ ٢٨-٠٤-۲۰۲٥- والذي يرفض وثيقة مؤتمر وحدة الموقف والصف الكردي المنعقد في قامشلو بتاريخ ٢٦ نیسان…