في ثقافة التثليم والسحل والشتيمة

عمر كوجري
 الكورد عبر التاريخ كانوا قوماً لا ينامون على ضيم، ولا يقبلون ظالماً مقيماً في أرضهم، ولأجل كرامتهم ضحوا بأنهار من دماء الشباب الكوردي، وهم حتى في عز غضبهم على أعدائهم، كانوا إنسانيين.. مسالمين.. دفاقين بروح متسامحة.
الكورد كانوا فرساناً بحق، لم يأتوا أعداءهم من ظهورهم المكشوفة، لم يعرفوا أن يقاتلوا وهم ملثمون، مختفون، مختبئون..
بأسف عميق انتشرت ظاهرة التلثيم والملثومية بقدوم ثقافة وافدة وراء الحدود، هذه الثقافة التي نشرت الخوف والرعب في أكثر من مكان، وخلفت خلفها ضحايا، وأغلقت الفرح عن بيوت عديدة.
انتعشت ظاهرة التلثيم والموتورات السريعة التي يستعملها شخصان ملثمان مسلحان بسلاح ناري، والسيارات المقيّمة، والتي لا تحمل لوحات بأرقام، بُعيد انطلاق شرارة الحرب السورية في شوارع مدن وبلدات كوردستان سوريا دون رادع قانوني، بل هي مارست التلثيم تحت حماية منظومة سياسية محددة لها الكثير من الأذرع الأمنية، وتهدف لخنق الحياة بصورة عامة عن أنفاس كل من يفكر بخلاف الموجود جبراً لا طوعاً.
هؤلاء المُلثّمون اقترفوا جرائمهم في كلِّ مكانٍ دون رادع، قتلوا، نهبوا، بثوا الرعب في نفوس الغلابة من الناس، محترفون لاقتراف أي جريمة، مطبوعون على هذه الثقافة.. ثقافة التخفي، والنشاط ليلاً.
هؤلاء من قَضوا على كلّ مُفردات الحياة في بلادنا، ساهموا في تهجير الشباب، وهاجموا على مقرات الأحزاب” العدوة” والعميلة بنظرها، وحاربوا الإعلام والإعلاميين” الأعداء” لثورة روجافا ” شمال سوريا” وأحرقوا مباني الإعلام، ووضعوا الإعلاميين خلف القضبان، وأفرغوا المنطقة من لونها الكردي، وفرضوا على الناس الاتاوات الباهظة، ولم يؤمّنوا الأمن والأمان الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للكردي، وسيّروا” مظاهرات غير بريئة ولا عفوية، ولا تعبر عن ” واقع الحال في جنة الديمقراطية في الأمة الديمقراطية” مظاهرات تتقصد إلحاق الأذى بما تبقى من الوجدان والكرامة الكردية من خلال تحجيم رمز بمستوى السروك بارزاني.. وهذا لا عبث فيه، وثمنه مدفوع ومعروف أيضاً.
هؤلاء.. استغلوا انشغال “خصومهم” بصغائر الأشياء، فاستولوا على مفردات الديمومة، ونشفوا مقومات البقاء عن مخالفيهم.. مستغلين ضعفهم، وعدم انسجامهم، وتصفياتهم فيما بينهم لحروبهم البينية التي أتلفت كل تخطيط مناوئ لهؤلاء الملثمين.
والحال هذه.. الملثمون مستمرون.. وجرائمهم في ازدياد!! وعرض جثث الأعداء في الشوارع أيضاً له دلالته البليغة، لكن المتجاوزة لصورة الكردي العظيم. 
جريدة كوردستان – العدد 535

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…