سجن عدرا وعقدة النقيب والألوان

وليد حاج عبدالقادر / دبي 

خاص لموقع ولاتي مه 
كان ذلك نهاية عام ١٩٩٣ والمكان سجن عدرا جناح الأمن السياسي وجماعية الكورد او ماكانوا يسمونه قاووش الحركة الكوردية ويوم الإثنين حيث هو يوم الزيارات وغالبيتنا قد حلق ولبس ثيابه وتأهب للخروج الى الزيارة فور مناداة اسمه وكل قد جهز من التحف اليدوية من حقائب خرز ولوحات معبرة كما وميداليات عليها احرف اولى للأسماء بالكوردية و .. فجأة دخل مجموعة من عناصر الأمن السياسي مع مسؤول القسم وكان نقيبا واسمه نعيم، بدا الأمر فعلا كإقتحام وطلبوا منا التجمع وسط الجماعية وبدأ العناصر يفتشون حاجياتنا ويجمعون كل الميداليات والهدايا والتحف التي تعبت اصابعنا في تنميقها .. تقدمت من النقيب وسألته عن السبب قال : تتصورون بأننا لا نعلم ماذا تفعلون .. 
وتناول ميدالية محفوفة من الطرفين وتحمل حرف g بالكوردية اول حرف من اسم ابني كوران ووجه الميدالية الأول زرقاء سماوية وسطها قرص الشمس باللون الأصفر والطرف الثاني ارضية خضراء مع خيوط بيضاء وشمعة باللون الأحمر وشعلة صفراء .. وخاطبني : ماذا تعني هذه ؟! .. أوليس هو العلم الكوردي ؟! .. قلت له ولكنها الشمس والشمعة المضيئة تعنيان الحرية أيضا وكلنا نأمل بالحرية خارج هذا المكان .. اما العلم الكوردي سيادة النقيب فهي …. ولم يرد علي بل طلب من عناصره إعادة مقتنياتنا وقال يخاطبنا : إن أردتم ان تصنعوا هدايا لذويكم لا يمنع ولكن !! وتوجه بكلامه لعناصره : ممنوع على الأكراد غير اللون البني والأسود وما دون ذلك في المرة القادمة صادروها وكسروها … و … طبعا عرفنا فيما بعد بأن البعثيين العراقيين هم من كانوا قد وشوا فينا !! .. هي الواننا في آلا رنكين هويتنا يا سادة …
..
هناك ممارسات وإن كانت عنيفة يمكن التغاضي عنها لابل تطويقها والحد من انعكاساتها، ولكن ان تتطور الى منهجية يستهدف منه الإرث والتكوين القوموي لابل راية التمت حولها اجزاء كوردستان الأربعة الا فيما ندر !! والأهم ألا يتشابه ممارسات اجهزتهم وماكانت تمارسه اجهزة قمع النظام ايام نوروز ومحاصرة حتى الوان اللباس ؟! .. من لا أول له لا آخر له !! جملة تموضعت في ذهنية شعوب العالم بطرق وآليات مختلفة ودائما سقطت النظريات التي تكونت في فضاء واقعيتها والغت كل الأسس السابقة لها، قد تنجح لربما وقتيا !! ولكن : تذكروا زين الهاربين والقذافي ومن قبلهم صدام المقبور والشاه وثقوا ان خامنئي وبثار ايضا زائلون !! .. نداء من القلب للعقلاء وأظنهم كثر وإن كان الرعب قد هدهم !! ارفعوا صوتكم في وجه هكذا ممارسات .. يامعي ياخائن نظرية سحقتها أقدام المحتجين وستسقط في أي مكان .. العار لمن وجه بإنزال العلم القومي الكوردستاني .. والعار لمن قلد المستبد واستخدم الإطفائيات لتفريق المحتفلين .. وستشمخ آلا رنكين رغما عن أنف الطغاة وكل من يتشبه بقوات احتلال .. اي كان …
..
نعم هي ديرك كانت وبقيت ديرك رغم ترهلنا نحن وبقيت هي ديرك .. ملأى دائمة بكنوز ذكرياتها المتجددة، قامات كالجبال كانت هاماتهم ولما تزل تفرز كينونتها باستدامة متدفقة كماء جمها الذي يعترض كل الموانع فيستمر .. هي ديرك ومن رجالاتها من ضحى بأكثر من نصف سنين حياتها اعتقالا وسجنا وملاحقة .. هي ديرك الذي كان حمالها يعرف ماذا كان يعني ال / بيشمركة / وذاك الذي يجرجر عربته من خلفه وهي مثقلة بحمولتها التي ستنقل ليلا ومن جديد اليهم ال / بيشمركة / هي منبت وعي وساحة نضال قامات مثل الراحل كنعان عكيد آغا / وفي محيطها / دهام ميرو / و نايف باشا وابنه نواف ولن ننسى احمدي ملا ابراهيم ولا حاجي عبدالعزيزي حسو وأخوه احمد وحتمي سنردد مع الشاعر رينجبر هدير الآهات المختزنة ولن ننساها ابدا : عين ديور لسببين  .. حاجي عبدالكريمي ملا صادق وابنه فتاح ويأبى شيخي وانين المه يهدر مع ماء الشط .. نعم احمدي شيخ صالح .. هي بعض من اوجاع ذاكرة تكاد السنين وآلام الغربة تفتك بها ساعة تلو أخرى .. لكل هذا فقد نويت أن أفرغ مافي تلك الجعبة من بقايا إرث نضالي لقامات مازلت تتعملق بصمودها شموما في وجدانيالشخصي، مستفيدا من العلاقات العائلية من جهة والإرث النضالي المتشارك بينهم ووالدي قادي كوري الذي رافقهم سنين طويلة .. لناركز مطلقا على الحيثيات ونمطية الكتابة التوثيقية بل : اولئكم الشخصيات كما كنا نتلمسهم او هم انعكسوا في وعينا الطفولي حينها و .. مؤثراتها الى الآن .. لذا العذر مسبقا فسأتناولهم من زاويتي كابطال، قادة، ولحد الآن اتلمس ان اقتدي بهم / أقله في وفاءهم وإخلاصهم / ولعل رفاقي في السجن .. في جماعيتنا المغلقة علينا بعد كانت ومحاصرون بداخلها في سجن عدرا .. واتفقنا ان تكون أولى رسائلنا الى الخارج وبإجماع الثمانية كنا الى / الراحل كنعان عكيد، الراحل دهام ميرو، الراحل محمد نذير شمس الدين، المناضل خالد مشايخ، والمناضل محمد فخري … / وكان هناك مناضل آخر لا أتذكر اسمه واتفقنا اي واحد منا تأتيه زيارة عليه ان ينقلها الى الخارج و .. فعلا قدم الوالد أطال الله عمره يوم ٣٠/١٢/١٩٩٢ لزيارتي ونقلت له الرسالة بأمانة … سيكون لي وقفة امام قامة انحني له بكل تواضع ورهبة حقيقية تتملكني فأخط لكم بعضا من الجوانب التي تلمستها شخصيا في المناضل الراحل كنعان عكيد … ومن جديد بعيدا عن التوثيقية بقدر غلبة نزعة الوجدانية عليها ….

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…