ريبر هبون
تبدو الخلافات هذه المرة بين الدول الاقليمية الموغلة في الشأن السوري شائكة لحد العقم فبعد الحرب الروسية الأوكرانية لم تعد التوافقات بما يتعلق بسوريا يسيرة كما يحلو لأحد الأطراف سواء تركيا أو إيران، ولهذا فإن القمة تفتح الباب للعديد من التكهنات
:منها
:الاحتمال الأول
أنه يمكن أن يكون هنالك سماح جزئي في التوغل لمنطقة بغية استهداف القوات عسكرياً دون البقاء
المستتب بعكس ما جرى في عفرين وجرابلس والمناطق الخاضعة للمعارضة الموالية لتركيا ، كما في غض نظر أمريكا لتجاوزات تركيا في مناطق نفوذها والذي تجسد في السماح لها بتنفيذ عمليات التصفية لما تصفهم بكوادر لحزب العمال الكوردستاني مقابل ما تفعله أمريكا ضمن عمليات التحالف الدولي في تنفيذ
. غاراتها التي تستهدف قياديين لتنظيم داعش في المناطق الخاضعة لمرتزقة تركيا
هذه المرة تبدو العلاقة ما بين تركيا والولايات المتحدة أفضل وأكثر تقارباً بعد قبول تركيا لانضمام السويد وفلندا لعضوية الناتو واتفاقهم على حزمة من القرارات، الأمر الذي سيجعلها مضطرة للابتعاد عن الروس نسبياً وهذا ما سيؤثر في التفاهمات التي ستجري غداً 19 تموز حيث القمة المرتقبة والتي يحبس لأجلها السوريون والكورد خصوصاً أنفاسهم، هل سيغدو الكورد كما كل مرة ضحية تلك الصفقات والتفاهمات بين هذه
! الدول
حيث التاريخ يقول ، الحاضر منه على وجه التحديد أن أي خلاف مهما امتدد وتعمق بين إيران وتركيا، لا يؤثر أبداً على تفاهمهما المشترك وتوافقهما حول ضرب الحركات الكردية في كل مكان أما الروس هنا فلهم باع في تلك الصفقات والتي تمثلت في بيع عفرين مقابل الغوطة، فهل ستكون القمة بادرة تفاهم أخرى
. ومحاولة للتقارب بما يتعلق بالملف السوري على الأقل بين هؤلاء روسيا إيران وتركيا
:الاحتمال الآخر
رفض الروس لأي تفاهم لو جزئي بين إيران تركيا حيث تعتبر روسيا إيران شريكاً موثوقاً به، وأي تقارب لا توافق عليه ضمنياً روسيا لن يتم ، كون توسع النفوذ التركي ومحاولته في كل مرة قضم المزيد من الأراضي السورية لن يكون في مصلحة إيران وكذلك روسيا على المدى غير المنظور فتطورات الصراع الروسي الأمريكي في أوكرانيا تتسارع وتتجسد بالأزمات الاقتصادية والمزيد من العقوبات وليس مستبعداً أن تكون سوريا وبخاصة الشمال ساحة صراع ثانية بعد أوكرانيا في حال أصر الأتراك ودون موافقة أو تفاهم شن حملة عسكرية تستهدف من خلالهما منبج وتل رفعت ، عندها سيتم تفعيل ورقة داعش مجدداً كونها حاجة اقليمية مشتركة، وكذلك ستقوم إيران بتنشيط ميليشياتها الطائفية وزجهم في معارك استنزافية وليس بمستبعد حينئذ أن يتم هنالك تنسيق بين اسرائيل وتركيا فيما يتعلق بضرب النفوذ الإيراني في المنطقة وهذا متصل بالتفاهمات الأمريكية الخليجية “قمم جدة” والاسرائيلية العربية “قمة النقب” وليس بمستبعد أن تتوسع رقعة تلك الحرب ليتم إعادة سوريا لبدايات العسكرة والتسليح 2011، كون الحرب حاجة حيوية تدفع كل من أمريكا وروسيا لتحويل سوريا إلى ساحة تنافس وصراع الأمر الذي سيدفع بالباقين من الناس للهجرة مما سنشهد بعد ذلك تغييرات ديموغرافية لن تستفيد منها سوى تركيا والتي تلعب في المنتصف بالتماس مع مصالحها مع الروس
. وحليفتها أمريكا
: خلاصة –
مما لا شك فيه فإن كل الدول المتواجدة في سوريا تستفيد بكل الأحوال من خلط الأوراق وتفعيل الأزمة السورية، الجميع اعلامياً يتحدث عن تسوية وحل سوري، وميدانياً لا يوجد سوى مخططات ونية لتأزيم وتعقيد الوضع، وتركيا ستسعى جاهدة لهذه العملية العسكرية لتهدئة الوضع التركي الداخلي واستخدام اللاجئين السوريين في عمليات التوطين القسرية وكذلك محاولة لنجاح أردوغان وحزبه في الانتخابات وهذا يسلتزم بلا
. شك مغامرة بمعزل عن مدى نجاحها أو فشلها فإن ذلك مطلوب بالنسبة لها انتخابياً
وبالتالي فإن العملية العسكرية هي جزء من سلسلة عملياتها في كل من جنوب كوردستان “العراق” وكذلك شمال كوردستان، والهدف من ذلك تدعيم نفوذ وشعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم، وضرب القضية الكردية وأي مسعى كردي للتمتع بكيان ذاتي خاص أو أي شكل من أشكال الدمقرطة، مما يعني فإن قبول الروس بالعملية مرهون بمدى تعامل تركيا معها عسكرياً والتزامها بالاتفاقيات العسكرية المتعلقة بالسلاح حيث لأردوغان أوراق تتعلق بعدم مشاركتها مع دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا بتطبيق العقوبات على روسيا ،
. وكذلك فإن روسيا بحاجة لإرضاء تركيا كونها وسيط ولاعب اقليمي في المنطقة