تاثير التقنيات الحديثة على الفرد والاسرة

خالد بهلوي 

من الخواطر التي تشغل بال المهتم بالعلاقات الاجتماعية والقضايا الاسرية عموما والدراسات التي أنجزت في هذا المجال من باب التقييم وما يتعرض له الاسرة سلبا كان ام إيجابا فالحالة السلبية هي الغالبة وما يبدو للمراقب تفكك الاسرة نواة المجتمع لأسباب عديدة منها مباشرة ومنها غير مباشرة :لذلك لا يمكن للإنسان ان يعيش في غابة منعزلا عن الاخرين فالاختلاط لا يمكن تجاهلها ولا تجاوزها لحاجة الانسان الى مستلزمات المعيشة اليومية وحاجته للاستمرار بالحياة:
 حسب الواقع الذي نعيشه حتى الدول مهما تمايزت قدراتها وتعددت امكانياتها ستبقى عاجزة عن توفير احتياجات شعوبها بمفردها: لذلك لابد من التكامل الاقتصادي على كل المستويات : هذا ما أكده على سبيل المثال  احداث الحرب بين أوكرانيا وروسيا حيث ارتفعت أسعار المواد عالميا .واثرت على اقتصاد جميع دول العالم الغنية والفقيرة منها
سابقا اذا كان الفرد تربيته سليمة والبيئة التي تربى فيها صالحة وخالية من المشاكِل ينشأ محباّ متعاونا متسامحا مع الاخرين،
 بينما البيئة التي تفتقر إلى التربية السليمة وتفتقر في أساسها مفاهيم التعاون والاحترام، والالتزام بمبدأ الحقوق والواجبات فإنّ أفرادها في الغالب لا يتعاونون ولا يهتمون بالتواصُل مع الآخرين.
قديما كانت الحياة بسيطة وخالية من التعقيد بدون هذه التكنولوجيا المتطورة والأمثلة كثيرة فبساطة مجتمعاتنا النائية كقرانا كانوا يجتمعون في بيت كبير القرية كانت المحبة عنوانهم والصدق والتعاون هدفهم : وكانت الاسرة الواحدة تضم جميع الأولاد وزوجاتهم في بيت كبير يتسع للجميع . كان كبير الاسرة او القرية يحل المشكلات فلم يكن هناك حاجة الى مخافر ولا الى محاكم.
أهل الحي كانوا يسألون عن بعضهم البعض وإن غاب أحدهم يسارع الاخر للسؤال عنه. اما الان فالجار لا يسأل عن جاره وأحيانا يتوفى جاره وهو لا يعلم الا بعد فترة.  
كانت الحياة بسيطة والناس يعيشون حياة طبيعية ليس فيها مظاهر ولا نفاق ولا انانية مفرطة ولا احتكار للمواد ولا استغلال لحاجة الفقراء فضاقت سبل العيش عند عامة الشعب بسبب تحكم الطغاة وجشع التجار وخاصة تجار الازمات الذين استغلوا حاجة الانسان ليزيدوا من ارصدتهم بالبنوك.   
غلاء المعيشة الذي يعاني منه الكثير من الأسر جعل الأب والام منشغلان دائما لتغطية نفقات العائلة على حساب متابعتهم لأبنائهم في سلوكياتهم وهذا السعي الدائم أبعد العائلة عن الاشراف على تربية الأولاد وبدأت الأسرة تهمل عملية التربية الاسرية ولاسيما الأب الذي كان له الأثر الكبير في البيت عندما كانت الحياة بسيطة تتسم بالبساطة والعفوية.
 ارتفاع تكاليف المعيشة أدت الى عدم قدرة الشباب على الزواج وتأخر سن الزواج الذي انعكس بدوره على زيادة نسبة العنوسة وهذا بالطبع له انعكاساته الاجتماعية والاخلاقية الخطيرة على مستقبل الأجيال.  
أصبحت المظاهر المادية تطغى على علاقات الناس حتى بين افراد الاسرة الواحدة وظهرت كثير من حالات الفراق ضمن الاسرة الواحدة وتراجع مساعدة الناس لبعضهم البعض وأصبح الكل يبحث عن مصلحته وعن سبل تامين معيشته ومستقبل أولاده 
 
لم يبقى من الاسرة الا اسمها بيت خال من المشاعر لا جلسات لا مناقشات الكل منعزل عن الكل. الكل متصل مع الاخر خارج الاسرة في عالم افتراضي يعالجون هموم وينسجمون مع قصص حزينة وهمية ومشاكل الاخرين قد يكونوا وهميين ومزيفين   
الكل اصبح اسير الاعجابات والتفاعلات الاب كان يلتم حوله الاسرة تبدل دوره واصبح ضيف يدخل وبيده الموبايل يتفاعل مع احداث الأسبوع (حرب أوكرانيا مع روسيا ) وينسى ويتناسى واجبه الابوي:
 الام بعد ان كانت تملا البيت حنان وعطف أصبحت مشغولة مع عالمها الخاص وتحل مشاكل البنات وتنسى ان ابنتها قد تعاني من نفس المشكلات . لا يمر منشور والا تضع بصمتها كذلك الأولاد منغمسون في علاقات وصداقات اكثرها وهمية مزيفة تحولت علاقة الأبناء بالوالدين الى حضور وطعام ونوم لان الكل مشغول بموبايله. الجد أو الجدة الذي كان يحترمه جميع أفراد المنزل وينظر له بأنه بركة البيت   أصبح شخص غير مرغوب وجوده.  
:المحصلة انهيار القيم قيم المودة والمحبة بين افراد الاسرة الواحدة واصبح افراد الاسرة كأنهم ضيوف في بيت واحد.  اصبح طيب القلب ينعت بضعيف الشخصية بعد ان كان قدوة ومثل في المجتمع .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…