بعض من فيض المناضل دهام ميرو (1)

وليد حاج عبدالقادر / دبي 

بداية لابد لي من التنويه بأن بعضهم – ربما – سيعتبر شهادتي مجروحة فيجرجرها ( هكذا ) الى عبث جدلي، يرتكز فيها على صراعات سمعها نقلا عن ناقل .. الى ان وصلت إليه لا بحقيقتها بقدر ماهي أصلا نتاج لمواقف كان قد اتخذه الناقل في ذروة خصام مع الذات الفردية، او : ومن جديد كانعكاس لمواقف بعضهم وايضا ( المبنية ) على أرضية ولاءات حزبية، وهنا وبعيدا عن التنظير، وفي العودة إلى سياقات مرحلة الستينيات، ومع عودة الأب الروحي للثورة الكردية في كردستان العراق الزعيم مصطفى البرزاني من روسيا، ومع توتر علاقاته مع عبد الكريم قاسم ومن ثم مع خليفته عبدالسلام عارف رئيس العراق الأسبق ومن بعده اخيه عبدالرحمن عارف ومتواليات الثورة الكردستانية، وكلنا يعلم عن احداثيات الثورة وبالتالي تفاهمات النظامين العراقي والسوري وتشاركهما في الحرب ضد الثورة وبالتالي تقهقر قوات الدولتين،
 والأهم في ذلك اشتداد طوق النظم الأربعة الغاصبة لكردستان وحصارها القاتل لكامل الحدود، وهنا برز بوضوح مسألة البحث الشديد لإيجاد ثغرات – ممرات مهما كان الثمن ومعها شدة المخاطر، فجرى العمل على تنشيط الخطوط والمسالك القديمة رغم ما فيها من خطورة للوضع، وأيضا تجاوز حدود سوريا إلى تركيا فكردستان العراق، واصبح ذلك المثلث يعج بضجيج العساكر والهجانة، وعليه ونظرا لشدة مراقبة أجهزة أمن سوريا على الوطنيين بمفهومنا الكردي الدارج، وبالاخص النشطاء الحزبيين المنخرطين في النضال السياسي، وفي عين الفترة كانت هناك فئة من الكرد ارتأووا العمل بعيدا عن العمل الحزبي، خاصة بعد التكتلات والتوجهات بمسمياتها المتعددة، وظهرت فئة – مجموعة عملت بعيدا عن حلقيات التنظيمات واستحوذت على أكثر الأعمال الشاقة والصعبة، واسست بالفعل شبكة طرق – مسارب امتدت من بيروت وصولا إلى قامشلو وديريك، وأيضا مناطق من كردستان تركيا وصولا إلى مناطق وقواعد وبالتالي مقرات القائد مصطفى البرزاني، وقد كان الصحفي الامريكي دانا آدامز شميدت واحدا منهم والذي وصف بدقة رحلته الى كردستان في كتابه الشهير ( رحلة الى رجال شجعان في كردستان ) وسرد شكل وطريقة تنقلاته وصولا الى حيث ديريك ومنها الى موزلان قرية الراحل المناضل دهام ميرو، وزاد في التوصيف مداعبته لطفل من عائلة ميرو عرف فيما بعد بانه كان الراحل سهيل دياب ميرو ( حسبما اكده لي هو شخصيا  ) وكيف انه طلب منه عدة مرات ان يغني له اغنية ( شيرا شيرا شيرا  برزاني شير .. ) هذه الشبكة من الطرق التي كانت تستخدم وبسرية مطلقة من جهة ولبعض من الدعم اللوجستي، ولانواع محددة من المستلزمات مثل اللباس خاصة ( الخاكي ) والذي سأفرد له موضوعا خاصا، وكذلك خط الأدوية ومعالجة البيشمركة ذي الجروح والأمراض الخطرة، وكذلك بعض المعدات اللوجستية الهامة، مثل معدات جهاز لاسلكي كامل، وكانت من المعدات الهامة جدا، وكانت قد تعطلت وجيء بها سرا مرورا بقرية بليسية في ريف ديريك إلى موزلان وحاجي هارون، ومن هناك حيث تولى السيد علو / علي حاجي هارون بنقلها إلى ديريك حيث دارنا وإلى حلب فبيروت ومن ثم بعد التصليح إعادتها إلى المصدر وبنفس الطريقة، وبذات الاسلوب بالنسبة إلى الامور الأخرى مثل قماش الخاكي لزوم زي البيشمركة والجمدانيات وهلم جرا و .. الأهم هنا فقد كان الراحل دهام ميرو وإخوته في موزلان وكرك وكذلك أهالي حاجي هارون ورجالات من خيركا منهم الراحل رجال وبيت فياض وغيرهم كثر، ولن ننسى بليسية واهلها، ولكن بقي الراحل دهام ميرو صمام الأمان لعمليات لوجستية هامة والعارف بقدوم او عودة كثير من الشخصيات الإعلامية والوفود او ممثلي جهات دولية تأتي وتعود من كردستان إلى من حيث أتوا، لقد كان الاخوة الستة ابناء ميرو ( دهام وعبدالهادي ودياب وعبدالمطلب ومحمد وعبدالوهاب مع حفظ الألقاب ) فريقا متكاملا رغم تمايز ادوار وحجم كما طبيعة المهام، إلا أنهم ما كانوا بالمطلق يوفروا جهدا او يهابوا أمرا، ولهذا كانوا يتعرضون لمضايقات أمنية مستمرة ولدسائس أيضا تعددت أشكالها وأنواعها، وفي كل موجة اعتقال بعيد سنة 1962 كان لهم نصيب فيها، حتى انه صدف أن التقى ثلاثة أخوة إن لم تخونني الذاكرة ( الراحل دهام ودياب وعبدالمطلب ) أثناء موجة الإعتقالات الكبرى سنة 1965 وتم زجهم في سجن الحسكة المركزي كخطوة احترازية من البعث الشوفيني بحق العشرات من المناضلين الكرد، بالترافق مع البدء بالتخطيط والتنفيذ العملي لمخطط التعريب التي قررتها حينها قيادة البعث القطرية تحت مسمى الإصلاح الزراعي وسميت حينها التشكيلة بإسم لجنة اعمار مزارع الدولة، وهي ذاتها الأراضي التي كانت قد استولت عليها سلطات الإنفصال وتبعتها عمليات الإستيلاء على أراضي ممن جردوا من الجنسية، تلك اللجنة التي أتبعت بالقيادة القطرية وترأسها الشوفيني احمد دياب والذي كوفئ كثيرا حيث تبوأ مناصب عديدة، وقد برر كل تصرفاته وبعقلية عفلقية شوفينية وهو صاحب العنوان الأبرز – لنفكر عربيا – والذي من خلالها برر وأبرز ضرورات كما آليات التعريب الممنهج، وماتلاه من مخططات ومساعي الدفع في اتجاه التطبيق العملي لسياسة الحزام العربي من جهة وتهجير الكرد جنوبا صوب جنوب الرد وبحيرة الخاتونية في الهول بمنطقة وريف الحسكة، هذه ( المكرمات ) التي كانت قد بوشرت بتنفيذ مقدماتها الرئيسة قبل ذلك بإجراء احصاء استثنائي في المنطقة الكردية، والذي بموجبه تم جرد  عشرات الآلاف من الجنسية السورية، وكان للراحل دهام ميرو حصته من هذه ايضا حيث جاء اسمه في قوائم المجردين عكس إخوته الخمسة الآخرين، الأمر الذي يستدل منه بأن المناضل دهام وقبل أن يتسنم أية مهمة تنظيمية، او يكلف حتى تكليفا، لا بل وبحكم المعرفة عن قرب بحكم الصداقة والتقارب العائليتين، فقد كان الإسم الأبرز في القائمة التي تلت قوائم العميد ميني وطلب هلال ! أما لماذا ؟ فهي وكما نوهنا سابقا يعود لعدة عوامل سنشرحها لاحقا وإن كان لابد من التنويه لعامل رئيسي ومهم تعود بالدرجة الأولى إلى الإنتماء العشيري لواحدة من أكبر العشائر الكردية ( هسنا ) هذه التسمية التي تغطي تاريخيا من أقصى الغرب من بلاد حتيت – الحثيين – الذين تعود إليهم فضل اكتشاف واستخدام الحديد حتى انهم اعتبروها معدنا مطوبا / مقدسا ويمنع منعا باتا تسريب اسرار وآليات استحضاره، لابل وحتى في الثقافة الرافدية ايضا تعد المنطقة تلك كما في سلسلة وتراتب الآلهة السومرية وقوائم الآلهة الابناء بعد أبسو الأب والأم تامات وما قابلها في ثقافات اخرى ( زفس وهيرا ) هذه البقاع التي أوجدت لكل ظاهرة طوطما او إلها وكان للحديد أيضا ابنا للأب ابسو والأم تامات وأسمياه – هيفستوس – هذا الولد المشاغب كثيرا كان كما تقول الأساطير، ولكثرة مناكفاته غضب عليه الإلهين الأب والأم فرمياها الى الارض فسقط في سهول كيليكية الشاسعة بمصطلحها الجغرافي، وباختصار ( وبتصوري ) أن – دشتا هسنا 1- بصيغتيها المهنية من جهة وغنى تربتها بفلذات الحديد وعمقها التاريخي بشريا والاهم خضوع المنطقة تاريخيا للنفوذ الحتي كلها – احتمالات – ان تكون التسمية مكانيا وببقعتها الجغرافية الواسعة قد عرفت ب – دشتا هسنا – ومجموع افخاذها وعشائرها اخذت الإنتماء نسبة لها ..
….
* : للتوضيح : في كتابتي عن سيرة هذه الشخصية المميزة كانت لي اريد أن أسرد أيضا بطريقتي مع إدراكي التام بأنني مهما بذلت فلن أتمكن من ايفاء  شخصيته حقها الكامل .،
1 – كثيرون من كردنا يتساءلون عن هسنا وكاواي هسنكر وارتباط بعض القصص والمرئيات بالمعادن ( لاوكي معدني او متيني ) والتي وبالتقاص والمقارنة تدل كلها على التحولات التي تمت في بنية المجتمع الكردي أسوة بغيرها وعليه فإنه من الخطأ الفادح ربط داتا هسنا بمثلث التشارك بين سورية والعراق وتركيا بقدر امتداده حتى دشتا سروجي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…