بحثا عن نظام عالمي عادل

صلاح بدرالدين

في خضم العدوان العسكري المدمر المستمر منذ نحو عشرة أيام، الذي تقوم به الطغمة الحاكمة بروسيا على الشعب الاوكراني، نسمع بين الحين والآخر من السنة الدكتاتور الارعن وفريقه، تصميما علىى تغيير قواعد العلاقات الدولية أو سلوك ( لعبة الأمم ) من طرف واحد حتىى لو احترق العالم، ونشبت الحرب النووية، بماتتناسب مع نزعتهم التوسعية، وتستجيب لسعار جنون العظمة، والتحكم، والسيطرة لهذه النخبة – الاوليغارشية – المصابة بتخمة الثراء الفاحش بلاحدود .  
فمن ضمن شروط الإذعان والاذلال لوقف الحرب على أوكرانيا، تغيير دستور البلاد الذي وضعه شعبها عبر الوسائل الديموقراطية، وتقرير مصير البلاد بالقوة، وتجريدها من السلاح، والقضاء على بنيتها التحتية العسكرية، والاقتصادية، واختيار سلطة موالية عميلة لموسكو،  ليتحول ذلك البلد الصناعي المتقدم الى بلد فاشل ملحق بطغمة بوتين، وبكلمة موجزة استعمار أوكرانيا،والحاقها، وحرمانها من حق تقرير المصير، والسيادة، والاستقلال . 
ومن جهة أخرى منع هيئة الأمم المتحدة، ودول العالم اجمع، من مد يد العون والمساعدة، واعتبار كل من يدافع عن حرية الاوكرانيين، وتقديم المساعدة لهم حتى الإنسانية منها، ومدهم بوسائل الدفاع عن النفس، واستقبال لاجئيهم، بمثابة أعداء والتلويح باستخدام القوة ضدهم بمافي ذلك السلاح النووي .
الغريب بالامر أيضا ( كذبة ) البروباغندا الروسية باتهام القيادة الأوكرانية المنتخبة، والائتلافية الحرة المتعددة التوجهات السياسية كديموقراطية حديثة العهد، بالقومية !! ولست اعلم هل الاعتزاز القومي فيي نظام ديموقراطي برلماني تهمة ؟ وهل القيادة الحاكمة لديها نزعة توسعية ( مثل طغمة بوتين ) ضد جيرانها، أو ميول استعمارية لغزو روسيا ؟ وكذلك بالنسبة للاتهامات الاخرىى من قبيل ( نازية !!) القيادة الأوكرانية، مع العلم ان رئيس الدولة المنتخب بنسبة عالية من الأصوات وفي تنافس حر ينتمي الى الديانة اليهودية، وكلنا نعلم ان اليهود كانوا من ضحايا النازية، بهذه الحالة من حق الاخرين ان يفرضوا على روسيا تغيير قيادتها العنصرية الحاكمة التي تمارس – الروسنة – تجاه شعوب وقوميات روسيا ووجود تيار عنصري فاشي حتى في مجلس – الدوما – أو البوما !! بعبارة ادق .  
نحو نظام عالمي، تشاركي، تعددي، ديموقراطي
حتىى لايختل التوازن الدولي اكثر، ولقطع الطرييق امام المختلة عقولهم مثال – بوتين – الروسي، وكيم الكوري، وخامنئي الإيراني وغدا مجانين آخرين من الصين، وأماكن أخرى لتطبيق قواعدهم الخاصة، من الواجب إعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة، وكافة الوثائق، والآليات التي تحدد العلاقات الدولية، وذلك بصورة جماعية .
  فعندما نشأت هيئة الأمم المتحدة على انقاض – عصبة الأمم – وتم التصديق على ميثاقها المعمول بها حتى الان، كانت وليدة التوافق الدولي، وتوازن القوى المنتصرة على النازية، والفاشية، وجاءت بعد مداولات امتدت أعواما، وعبر عدد من المؤتمرات، والاجتماعات بين ممثليي الدول الكبرى الثلاث : الاتحاد السوفييتي ممثلا بجوزيف ستالين، والولايات المتحدة الامريكية ممثلة بالرئيس روزفلت، وبريطانيا العظمى ممثلة بتشرشل، وتم التوافق على إدارة العالم، وتنظيم العلاقات الدولية بعد المناقشات المستفيضة في مؤتمرات ( مالطا، وبوتسدام، وطهران، ويالطا ) .
منذ نحو ثمانين عاما من عمر تلك التوافقات، تغير العالم، وتبدلت القوى، والمواقع، وتقدمت علوم التكنولوجيا، وتطورت الحاجات البشرية، وسادت العولمة،  والميثاق الراهن للأمم المتحدة التي زاد أعضاؤها عن المائة والتسعين، لم يعد يلبي حاجات الشعوب، ولم يعد صالحا لصيانة السلم، والاستقرار، أو منع الحروب، أو محاربة الإرهاب، والاوبئة، والحفاظ على البيئة السليمة .
محاولة في تحديد الصيغة الأمثل لنظام عالمي عادل 
١ – لاأرى أي جدوى من نظام عالمي يتحكم فيه قطب، أو قطبان، أو اكثر، لذلك من الأفضل إعادة بناء هيئة دولية جديدة بدون مجلس الامن، الذي شكل بدعة مؤذية حيث أي عضو من الأعضاء الخمسة يمكنه اقتراف جرائم ضد الإنسانية، وابادة شعوب، ثم يحمي نفسه بكبسة ( فيتو ) !! كما فعلتها روسيا بخصوص النظام السوري، وتفعلها تجاه أوكرانيا، وفعلها الامريكان أيضا ببعض الحالات، وكذلك فعلها الصين،  فاين العدل والأخلاق في مثل هذا النظام ؟ .
٢ – أن تتحول صلاحيات مجلس الامن الى الجمعية العمومية، وتتساوى قيمة الأصوات بين الدول الغنية والفقيرة، وان تكون قرارتها ملزمة حسب الفصل السابع من الميثاق .
٣ – ان يعاد النظر في البنود المتعلقة بحق الشعوب في تقرير المصير، والمتناقضة أصلا، خصوصا مايتعلق بالبنود الناظمة لذلك الحق تحت اسم وحدة البلدان، وصيانة الحدود الدولية القائمة منذ الحرب العالمية الثانية، فمن الناحية العملية اخترقت تلك الحدود في بعض القارات والدول خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وهناك أيضا شعوبا لم تتحرر، ولم تنل حقوقها بموجب نتائج الحرب، وتشكيل الأمم المتحدة .
٤ – تحريم صناعة الأسلحة النووية، والجرثومية، والفتاكة، والقضاء على ماهو موجود لدى بعض الدول، وذلك بعد التوافق على السلام العالمي، وحل القضايا عبر الحوار .
٥ – الاتفاق علىى تعريف موحد للارهاب بكافة اشكاله .
٦ – تعزيز محكمة العدل الدولية، ومجلس حقوق الانسان، والمحاكم الأخرى لجرائم ضد الإنسانية، على ان تكون احكامها نافذة .
  مااقترحته يشكل جزء من المسائل التي يجب إعادة النظر فيها من جانب المختصين، والحقوقيين، وذلك من اجل مجتمع دولي عادل، ومستقبل آمن للأجيال القادمة .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…