المشروع الأردوغاني لتغيير ديمغرافية غربي كوردستان – الجزء الثالث

د. محمود عباس

ما خلفيات الصمت الإيراني؟
هل يخططون لتقسيم سوريا بين بعضهم، ويتهمون الكورد؛ للتغطية؟
هل صمت بعض الدول العربية عن معرفة باستراتيجية تركيا، وهي تتماشى مع رغباتهم؟
أم أنها مقتنعة أن شمال سوريا والعراق جغرافية كوردستانية؟
مخطط إعادة مليون ونصف مهاجر سوري إلى مناطق ليست مناطقهم، وبناء مدن استيطانية تبدأ بـ 200 ألف شقة سكنية (بعدما بنيت مدن كاملة، بلغت حتى الأن 100 ألف شقة، في عفرين بأموال كويتية وقطرية وعقود شركات تركية، رغم الظروف الدولية الجارية، واستمرارية الحرب في سوريا، ودون أن تسكن فيها عائلة كوردية من عفرين أو خارجها) حتى ولو كانت على خلفية الصراع على الانتخابات التركية القادمة، جريمة تضاف إلى الجرائم التي تمت بحق السوريين في المهجر وضمن المخيمات والمعنون من الفقر المدقع، والذين يعيشون في مدن نصفها مدمرة، وتنعدم فيها أدنى درجات البنية التحتية، وحيث المجاعة تتفاقم يوما بعد أخر. 
 غاب المنطق الإنساني، وضاعت القيم والأخلاق، يوم تناست الدول القائمة على المشروع العنصري، الواقع المعيشي للملايين من أبناء سوريا وحيث أقصى درجات المعاناة، ضمن المخيمات العشوائية أو على أطراف المدن المدمرة، ويركزون على بناء مدن-مخيمات جديدة في المهجر ضمن الوطن، ليزيدوا من مآسي المجتمع، وتسهل لهم التحكم بمصير سوريا. 
لولا تكفير المصداقية، والطعن في الإيمان، وتسخير الإسلام لمأرب سياسية، لعمل أردوغان وأمير قطر على إنقاذ الملايين من الأطفال والنساء والشيوخ في مخيمات إدلب، وبنوا لهم المساكن. لا يمكن مقارنة أوضاع المهاجرين في تركيا مع أبناء المخيمات الكارثية؛ فأي تغيير لوضع المهاجرين إن كانت طوعية أو ترغيب مبطن، سينحدر نحو الأسوء، وهذه لا تهم الإدارة التركية بقدر ما تهمها التدمير الديمغرافي للمنطقة.  
التغيرات الكيانية والديمغرافية للكورد كانت ولا تزال من أهم المشاريع التي اشتغلت عليها القوى المحتلة لكوردستان، نفذوا العديد منها، فكما ذكرنا تم تهجير الملايين منهم، بشكل مباشر من جغرافيتهم وإسكان الملايين من الشعوب الأخرى مكانهم. ولأنهم لم يبلغوا الغاية، وأصبحت القضية الكوردية القومية تثار على المستويات العالمية، بدأوا ينتهجون أساليب جديدة تتلاءم والعصر.
 تركيا الأردوغانية تقود المسيرة، تحت مبررات محاربة العمال الكوردستاني، والتي على اثرها احتلت نصف المنطقة الكوردية، القسم المحتل سوريا، وتمكنت من تغيير ديمغرافية عفرين والمناطق الأخرى، وتهجير عشرون ألف من أهلنا الإيزيديين من أصل 23 ألف كانوا في منطقة عفرين. 
رافقتها كوراث وجرائم بحق أهلنا تندى لها جبين الإنسانية، عن طريق تسليط المنظمات الإرهابية والمرتزقة وعصابات المافيا السورية-التركية، على عفرين، الذين جلبوا الملايين من العرب، أبناء الداخل وأسكنوهم في بيوت أهل المنطقة بعد أخذ الإتاوات من الطرفين، مرة بإجراء عمليات البيع ومرة بالشراء الوهمي. إلى جانب الاستيلاء على المزارع والمعامل والدكاكين، وتهجير أصحابها عن طريق الترهيب والاعتقالات العشوائية، مع نهب أموالهم.
  أردوغان يحاول استغلال الصراع الأوروبي الجاري، للقيام بعملية تهجير المغتربين السوريين العرب إلى المنطقة الكوردية، لخلق صراع دائم بين القوميتين العربية والكوردية، إلى جانب التغيير الديمغرافي.
 ومن غرائب المشروع، ليس فقط في أبعادها العنصرية، بل في سماح أردوغان لذاته التصرف بمصير المناطق السورية، ومن بينها منطقة غربي كوردستان، وكأنها أجزاء من جغرافية تركيا. يعقد الصفقات التجارية مع دولة قطر والكويت، وهما دولتان عربيتان، فلا أردوغان يعيرهما أهمية، ولا هم متأثرون بالبعد القومي والوطني، فهما إما يدرجان المنطقة كجغرافية كوردستانية؛ لا تهمها بما سيحصل لشعب المنطقة، لأنهم كورد، أو أنهما أداة بيد أردوغان وخاصة دولة قطر، يعيد التبعية الماضية للسلطنة العثمانية.
 إيران تأمل بعودة سوريا الموحدة تحت السيادة العلوية، يعمل على تشكيل أدوات تابعة لأئمة ولاية الفقيه، كحزب الله في جنوب لبنان، معتمدا على بعض القبائل العربية في شرق سوريا، وعليها أخلت قضية التوسع التركي لروسيا، وأمريكا، فالإثارة الإعلامية التي تظهر من تركيا تغطي على استراتيجيتها، وبالتالي لا تضر مصالحها الطموح التركي في الجغرافية الكوردية، بل وفي بعد ما إضعاف الإدارة الذاتية تسهل لها التغلغل في المنطقة وحيث البيئة الملائمة لمشاريعها المذهبية.
لماذا أمتنا والتي لا تنقصها، الثروات، والديمغرافية المتواجدة منذ الأزل على جغرافيتها، لم تتمكن من تشكيل دولة أو كيان سياسي مستقل، طوال القرون الماضية؟
هل هي دلالة النخر الداخلي، وضحالة العامل الذاتي، أو خلل ما في وعينا القومي، والانتماء اللاشعوري للوطن؟ 
يتبع…
الولايات المتحدة الأمريكية
3/5/2022م
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…