الكرد في أفغانستان

بهزاد عبد الباقي عجمو

قبل أكثر من خمسة وعشرون عاماً كنت في زيارة إلى الشام وأقول الشام لأن كل سكان هذه المدينة يسمونها بهذا الاسم بل وكل سكان سوريا ، وبالمناسبة أن الشام هي كلمة كردية تعني الغرب كما ورد في القاموس الكردي العربي لـ /علي سيدو كوراني/ لأنها كانت أقدم مدينة مأهولة في غرب الفرات وفي أثناء هذه الزيارة قررت أن أزور مقام السيدة زينب لأنني لم أكن قد زرتها سابقاً وعندما وصلت إليها دخلت مبنى هذا المقام وأصبحت أتأمل طقوس العبادة عند الشيعة وكيف يبكون ويضربون أنفسهم أمام الضريح رغم أنها قد توفت منذ أكثر من ألف وأربعمئة عام ، وعندما خرجت من المقام كان هناك ساحة يجلس فيها بعض الباعة وأمامهم قطعة قماش عليها بعض المسابح والخواتم وأشياء أخرى صغيرة الحجم فوقفت أمام أحد الباعة في العقد السادس من العمر فهنا خطر لي : لماذا لا أتحدث بلغتي معه فأشرت إلى إحدى المسابح وقلت له بالكردية ما ثمنها فلم يفهم البائع علي فرد علي بلغة عربية ركيكة لا أفهم عليك فبأي لغة تتحدث معي ؟ فقلت له : أتحدث بالكردية فهز البائع رأسه وقال أعرف الكرد ، فهم يوجدون عندنا في أفغانستان فقلت له إذاً أنت أفغاني ؟ فكم عدد الكرد في أفغانستان 
فذكر لي عدداً لم أعد أتذكره فودعته ومشيت ولكن هذا اللقاء كان دافعاً لي للبحث والتقصي فيما بعد عن الكرد في أفغانستان فتبين لي بأنهم يشكلون الأن نحو 2% من عدد السكان ولكن بما أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عددهم فأعتقد بأن عددهم هو أكثر من نصف مليون أو أقل من مليون ويعيشون في شمال غرب أفغانستان ولكن يوجد هنا سؤال يطرح نفسه ما قصة وجود هؤلاء الكرد خارج حدود كوردستان وفي أفغانستان بالتحديد هذا دفعني إلى العودة للتاريخ وإلى العصر الهيلنستي أي أثناء احتلال الإسكندر المكدوني لكردستان وكل بلاد الميديين بعد أن انتصر الإسكندر المكدوني على الملك دارا في معركة جوجيماليا التي تقع شمال هولير بمسافة قدرها 50 كم وذلك في عام 331 ق0م وبعد ذلك قتل الملك دارا على يد أحد جنود الإسكندر والبعض يقول أن أحد أفراد الملك دارا قد قتله غدراً حسب المصادر اليونانية واحتل الإسكندر كل إمبراطورية ميديا وأسر الأميرة روكسانا التي كانت ابنة أحد الأمراء الكرد حيث كان هناك عداء بينه وبين الإسكندر المكدوني وكانت في غاية من الحسن والجمال فأشار بعض قادة جيشه بأن يتزوجها فطلب من روكسانا الحضور إلى مجلسه فوقف وطلب من روكسانا أن تغمض عينيها فأخرج خاتمه من إصبعه ووضعها في كفه ووضع خنجره في اليد الأخرى ووضع يديه خلف ظهره وطلب من روكسانا أن تفتح عينيها و تشير إلى إحدى اليدين فإذا أشارت إلى اليد التي فيها الخنجر فإنه سوف يقتلها و إذا اشارت الى اليد التي في الخاتم فإنه سيتزوجها فأشارت روكسانا الى اليد اليسرى وكان فيها الخاتم فهكذا تمت عملية زواج الإسكندر من الأميرة روكسانا ، أما قصة وجود الكرد في أفغانستان فبعد احتلال الإسكندر للإمبراطورية الميدية فكان تعامله جيداً مع الاهالي وأحدث مساواة بينهم وبين عناصر وقادة جيشه من المكدونين وهذا أثار غضب بعض قادته لذا انضم الكثير من الميديين الى جيشه نتيجة المعاملة الحسنة التي كان يعاملهم الإسكندر وتزي هو وجيشه بزي الميديين وشارك الميديين في غزواته التي وصلت إلى الهند وكل منطقة كان يفتحها كان يبني مدينة ابتداء من الاسكندرية واسكندرون وصولاً إلى قندهار وكراتشي وهناك عشرات المدن الأخرى قد بناها الإسكندر وفي بعض هذه المدن قد استوطن بعض جنوده الذي كان الكثير منهم ميديين هذا من ناحية أما من الناحية الأخرى فإن أفغانستان وباكستان كانتا من ضمن اللامبراطورية الميدية  في تلك الفترة هذه هي حقيقة وجود الكرد الميديين في أفغانستان فهل يتواجدون في باكستان أو الهند أيضاً لا نعلم حتى الآن و ربما انصهروا في بوتقة شعوب تلك البلدان .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…