هنا و هناك

منال الحسيني / ألمانيا
“في اللحظة التي حصلتُ فيها على جميع الأجوبة كانت الأسئلةُ قد تغيرت “
عذراً منك باولو كويلو، فالأسئلة لم تتغير لكننا نسينا الأجوبة من شدة الاغتراب والنوستالوجيا اللذين يغزوان أرواحَنا في هذه البلاد الباردة و الباهتة، و لكن لننظر بعينٍ إلى مساوئنا و بالعين الأخرى إلى محاسن الآخرين.
هنا في ألمانيا من أعلى سلطة لأدناها يبذلون قصارى جهدهم لإنجاح العملية التعليمية و خاصة التعليم عن بُعد في فترة الحجر الصحي حفاظاً على صحة الجميع من وباء كورونا، يهدون التلاميذ و الطلاب مساعدات مادية إضافية و حاسوبا أو “اي باد” و طابعة -إن لزِم الشأنُ- و يعطون الدروس عبر الانترنيت و يعقدون كونفرانسات للطلاب و لذويهم أيضاً عبر Zoom و يتابعون الوظائف عبر تطبيق  Team .و أي طالب يحتاج إلى رعاية او مساعدة خاصة، تفتح له دورات خاصة في منزله أو في أحد المعاهد أو  المدارس. ملخص ما تقدمه ألمانيا للطلبة جميعاً أياً كان جنسُه أو عِرْقه أو دينه .
أما في “روجافا” يصادرون كلَ سُبل العيش من ماء و كهرباء و غاز و خبز، والأتعس أنهم يستبيحون التعليمَ و يطردون الكوادرَ المؤهلة (بحجة أنهم كوادر تابعة للحكومة السورية) و يستعيضون عنها بكوادر غير مؤهلة و مؤدجلة غالباً و مناهج لا تناسب كرد سوريا و شهادة غير معترف بها. فلنتخيل حجمَ البؤس: “معلمة تحمل شهادة الإبتدائية تدرس طلاب شهادة الكفاءة التاسع”. 
الأنكى من كل ذلك أن يتمّ اعتقالُ رُسل العلم و تكبيلُ أيديهم؛ تلك الأيدي التي نسجت من خيوط الشمس أنجماً تنير ليالينا، تلك الأيدي التي حللت الطلاسم لتنسابَ أنهراً من ماء زلال.
 بالرغم من سوداوية المشهد، هناك بارقةُ أمل لمستُها من تعليقات طلبتنا في صفحات إعلامية رداً على إعتقال معلميهم أنهم مصرون أن يشقوا طريقهم رغمَ تعثرهم بالكثير من الجثث ، فالضوء يجذبهم في نهاية النفق.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…