في خفايا زيارة نصر الحريري إلى أربيل.

عبدو خليل
منذ فترة لابأس بها قررت عدم الانشغال بتفاهات الأحزاب الكردية / السورية وإيهام العوام على كونهم  يمارسون السياسة.. ولا الانشغال بحماقات وجرائم العمال الكردستاني التركي المنشأ.. ولا بأصناف البغاء السياسي الذي تمتهنه بعض أطراف المعارضة السورية الممثلة بالائتلاف والتي تسابق النظام في بيع سوريا كخردة حديد.. و مثل غيري تابعت زيارة نصر الحريري لاربيل التي استقبلته بحفاوة منقطعة النظير وكما لو انه زعيم تاريخي.. استقبال لا يقارن بمراسيمه سوى الاستقبال الذي لقيه الحريري عندما وصل لمضارب ابو عمشة. مجرم الحرب الشهير والغني عن التعريف..
 ومع أن البعض قد يجد في هذه المقاربة قسوة واجحاف بحق أربيل وقادة أربيل.. إلا أنه الواقع والصور تتحدث عن نفسها بعيدا عن أي تحامل أو مواقف سياسية.. وتقودنا. أي الصور. لجهة مظلمة ولحقيقة مرة.. وكما لو أن هذا الرجل على كتفيه تحط حمائم السلام ومن بين يديه يتدفق الخير والعطاء.. أيادي لا تشبه تلك التي صافحت كل قتلة أبناء عفرين طيلة سنوات ثلاث..  الصور التي كنا نتمنى لو أنها لم تكن لما نكنه من احترام لتضحيات أربيل ولما دفعناه من أثمان وعواطف تتصل بذلك  . 
إالا أن الملفت للنظر من خلال متابعتي لردود الأفعال تجاه الزيارة / الفضيحة هو عدم اطلاع الغالبية العظمى بخفايا السبب الرئيس والجوهري  للزيارة التي جاءت كما الصاعقة ليس فقط على كاهل أبناء منطقة عفرين.. إنما على كواهل السوريين جميعا.. سيما وأن الحريري بات مضربا للمثل في الفساد والبغاء السياسي.. الحريري الذي لا يجرؤ على زيارة اية منطقة بين قوسين. محررة. على حد تعبيره هو.. و رماه السوريين بالاحذية لأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة.. حتى  في قلب اسطنبول التي تحميه.. يستثنى من ذلك زياراته لمنطقة عفرين بحماية أجهزة الأمن والجيش التركي.. إذا ماذا حمل الحريري في جعبته حتى يتم التضحية من جديد بمنطقة عفرين وبمن تبقى فيها.. وبصيغة لاتختلف عن غيرها من التضحيات بهذه المنطقة التي يقيم عليها المجلس الكردي اغلب بازاراته للظفر ببعض المكاسب في شرق الفرات.. لدرجة انه  لم يعد من السهولة بمكان تمييزه عن بازارات ب ك ك / ب ي د السيئة الصيت والمفاعيل.. في واقع الحال التفصيلة التي سأتحدث و يغفل عنها كثر هي دافعنا هنا لكتابة هذه الأسطر.. لأن الأمر فاق الأرتزاق والتسول السياسي الذي تحدثنا عنه مرارا وتكرارا ومللنا منه. 
 هذه المرة يتم نحر عفرين بطريقة لاتشبه سابقاتها.. أي صفقة الغوطة/ عفرين والتي كان حاضرا فيها ممثل المجلس الوطني الكردي ومن هناك توجه إلى أربيل ليضع قادتها بتفاصيلها المقرفة.. الصفقة هذه المرة أشد مرارة وأكثر ايلاما. سيما وأن عفرين من أكثر القضايا التي تؤرق تركيا والحريري وائتلافه.. وتحرج بنفس الوقت أربيل والمجلس الوطني الكردي اللذان يتمنيان لو أن منطقة عفرين لم تكن موجودة على الخرائط لما تسببه لهما من حرج وتناقضات وتضاربات وتخبطات بينية.. سيما بعد التقارير الأممية التي فضحت المستور واعتبرت ما يجري في منطقة عفرين يرتقي لسوية جرائم الحرب .
بالعودة إلى محتوى الرسالة التي تم التعتيم عليها وحملها الحريري الموظف التركي المأتمن على المصالح القومية التركية في سوريا. رسالة حملها في  جعبته الخفية وغفل عنها الكل وتغاضت عنها وسائل الإعلام الكردية.. رسالة خطت في أنقرة وحملت مشروعين لا ثالث لهما الأول يتعلق بموافقة الائتلاف على دخول القوة التي تعرف باسم بيشمركة روج افا لمناطق شرق الفرات.. وبموافقة ضمنية ومشروطة من روسيا.. لتقصير الذراع الأمريكي وإغلاق الطريق أمام ما يعرف بمشروع الحوار الكردي الكردي.. أما المشروع الثاني وهو الأخطر على المدى البعيد والطويل والمهم لأبناء عفرين.. يتمحور حول إرسال مئة عنصر من قوة بيشمركة روج افا لمنطقة عفرين. مشروطة بشرط واحد ؟.. أن تكون هذه القوة معزولة من السلاح بما في ذلك الأسلحة الفردية.. في مهمة تشبه مهمات حراس الحدائق المزودين بصافرة وخيزرانة ملوية.. الهدف من تواجد هذه اللا قوة. شكلية وظاهرية.. للقول أن الأمور في منطقة عفرين تسير نحو الأفضل.. وان الضغوط الاخيرة فيما يتعلق بتقارير الانتهاكات التي ينشط فيها شباب وبنات عفرين لا مبرر ولا مصداقية لها وكلها مزيفة.. والانتهاكات حالات فردية وقيد المعالجة وهذا ما عبر عنه عبد الحكيم بشار خلال جولاته مع نصر الحريري أمام قادة أربيل التي على ما يبدو تتقاطع مصالحهم في تصديق وتمرير هذه الرسالة.. وسبق أن كرر وأعاد هذه الاسطوانة المشروخة بصفاقة في كل لقاءاتهم المحلية والدولية  كل من عليكو وبرو وغيرهم من موظفي المجلس الوطني الكردي داخل الائتلاف السوري التركي..
 اكتفي بهذا.. واترك  التفاصيل الدقيقة للتاريخ.. وبعهدة الأجيال القادمة من أبناء عفرين الذين سيعانون الكثير من قسوة المنافي والمغتربات بعدما صارت منطقة عفرين جزءا من الماضي.. ماض لا يشبه في قسوته سوى ماضي أبناء لواء اسكندرون… و اليونانيين والأرمن والشركس.. وغيرهم ممن وقعوا بين فكي الذئاب الرمادية التركية….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…