عن الحوارات الجارية

مروان سليمان
إنها لعبة تكتيكية يضعها الخصوم من أجل كسب شعبية هنا و أنصار لأفكارهم هناك و حتى لا يضعوا أنفسهم موضع الشبهات و لذلك يضعون الحوارات الماراثونية على طاولة المفاوضات لإرضاء من يطلب منهم ذلك إنه هو الحوار ذاته يتكرر في كل فترة، لكنه يأتي بنكهة مختلفة في هذه الأعوام و خاصة بعد إن تسلق البعض على أكتاف الناس في كسب الملايين و بعد إن حول الآخرين أنفسهم كلاعبين عسكريين ذوو استراجية أيديولوجية في المنطقة عن طريق أفكارهم المتشددة إلى طريق الإنفتاح في الحياة العامة و قراءاتهم التقدمية لأيديولوجيتهم، 
و هو طريق فرض فرضاً على الشعب قادماً من الجهات العليا المتحكمة بأرزاق الناس على عكس ما حدث في حالات أغلبية الثورات الأيديولوجية التي لحقها حدوث و تحول فكري و عميق في الشارع الجماهيري العام و الذي يجبر الأنظمة على تغيير سياساتهم و توجهاتهم تجاه الشعوب نحو الأفضل، و لكن بسبب إنغماس المجتمع في التقليد و الإنغلاق على نفسه و البقاء في دائرة الخمول و تمسكه و تشدده تجاه الأطراف الأخرى لم يستطع الخروج من عبائته التقليدية إلى منطقة ليرى العالم أكثر نوراً.
و بما أن الحوار لم ينجح بعد بسبب وجود سلطة دكتاتورية تبحث عن مصالحها الآنية بعيداً عن مصلحة الشعب فإن ما يقلق هو أن الحوار الذي بدأ بأمر يمكن أن يختفي أيضاً بأمر و لا يمكن تغيير الواقع المعاش ما لم تتغير مصادر الفساد السلطوي المفروض على رقاب الناس فرضاً أو تغيير درجة الخوف لدى الجماهير العامة و حتى أن التغيير الذي حصل يعتبر سطحياً بسبب التحولات الكثيرة و المبادئ الممزوجة بالنفاق و ذو منافع قليلة و مضار كثيرة كما أنها غير مستقرة بسبب سيطرة الفكر و الأيديولوجيا في صلب أعماق هذا التغيير و كنتيجة للخوف و الرغبة في نيل رضا الآخرين دخل الناس في نظام عبادة الفرد مرة أخرى و هذا ما أصبح يثير شهية القائمين على الإدارة الإفتراضية بمزيد من الفساد و المحسوبية و الكسب السريع و التحكم بأرزاق الناس.  
في منطقتنا المتميزة بسخونة الأحداث فيها لا يوجد أمان لأحد، لا للشعب و لا للسلطات القائمة و الكل يسبح مع التيار و ها هي النظرة العامة من الأحداث تتغييرلتنال معظم الأحوال المدنية و المعيشية و الخدمية و بعد مرور مدة طويلة لم نسمع عن النتائج و لذلك ودعنا عاماً و نستقبل العام الجديد و على أفواهنا إبتسامة عريضة تفائلاً بالمستقبل الذي ينتظرنا و لكن هناك أسئلة تدور في مخيلتنا، هل ما تزال الرؤية التحريضية هي نفسها بالنسبة للوطنيين؟، أم ما زالت جعبتهم مليئة بالإتهامات ذاتها بالخيانة و العمالة و لكل من يطالب بحقوقه المشروعة؟، من هم هؤلاء الذين يريدون لشعبنا الفشل في كل مرة يجد فرصته التاريخية؟ و هل سيبرر القادة لأنفسهم و يبحثون لهم عن مخارج سياسية و عسكرية؟ أم أنهم سيرمون بها تحت يافطة الإتهام بالنفاق و الخوف؟
من المهم أن نعرف بأنهم إذا أعلنوا نجاح حواراتهم الماراثونية أو فشلها بحرية تامة فلا يحاسبون على ما فعلوه لأنهم فرضوا على الجمهور فرضاً و لأنهم ليسوا من أتباع هذا الجمهور الذي يصفق لهم و بالتأكيد أنهم لم يناقشوا حالة المؤسسات المدنية التي تنظم العلاقات بين الذين يعيشون معاً و من المفروض معاشرتهم و يتقاسمون معاً حلو الوطن و مره، و هم يجدون بأن لهم الحرية المطلقة في تصريح ما يرونه مناسباً سواء كانت أحداثه واقعية أم لا لأن الحساب على البيانات و التصريحات متروك حتى يوم الحساب، و الشعب و الجمهور لا يملك حق محاسبة القيادات لأنهم معصومين.
مروان سليمان
السلك التربوي- المانيا
10.01.2021 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…