عزالدين ملا
دخلنا النصف الثاني من العام 2024، والأوضاع السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط والعالم في تسارُع مستمرٍّ، وصراعُ الأجندات على أشدّها بين الدول الكبرى والإقليمية.
الوضع السياسي والعسكري في سوريا اتّخذ منحى جديداً وخاصة في علاقات الدول الإقليمية والعربية تجاه النظام السوري، هذا إلى جانب امتعاض شعبي على سلطات أمر الواقع بخصوص الأوضاع المعيشية والخدمية السيئة.
فالوضع الكوردي في المناطق الكوردية إن كان في عفرين أو في الجزيرة وكوباني في تدهور مستمرّ سياسياً واقتصادياُ واجتماعياً ومعيشياً، وكل ذلك أمام التهديدات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها الكورد في غرب كوردستان.
1- ما تحليلك لما يجري الآن على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية الكوردية في كوردستان سوريا؟
2- لماذا هذا التقارب بين الدول الإقليمية والعربية تجاه النظام السوري في وقت كانت أكثر هذه تطالب بإسقاط هذه النظام وتغييره؟
3- كيف تُقيّم الوضع الكوردي في غرب كوردستان في هذه الفترة بشكل عام؟
4- كيف السبيل إلى تقديم خطوات إيجابية نحو فرض سياسة كوردية قوية بالتوازي مع سياسة الدول الكبرى والإقليمية لتحقيق أهداف مشتركة؟
الصراعات الدولية والإقليمية والمحلية وتأثيراتها على الوضع السوري
تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، حسن رمزي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تسارعت الأوضاع بعد الحرب الروسية الاوكرانية على مستوى العالم ومنطقة الشرق الأوسط بشكل دراماتيكي، وألقت بظلالها على ملفات ومشاكل عالقة ومناطق ساخنة في المنطقة، وأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام الدولي بعد إطالة الحرب بين الطرفين، ومن ثم اكملت الأوضاع بشكل المتأزم بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، وأصبحت هذه الحرب الشغل الشاغل دولياً واقليمياً، وعلى مستوى المنطقة على حساب ملفات وقضايا أخرى، ومنها الأزمة السورية. لابل أصبحت الساحة السورية جزءاً من هذه الحرب نظراً للوجود الإيراني القوي وأذرعها على أغلب الجغرافيا السورية وساحة لتصفية الحسابات بين إيران وإسرائيل. مع إن كافة الدول المعنية بحرب إسرائيل وحماس ليست مع توسع رقعة الحرب إلى دول الجوار، إلا أن اذرع إيران في اليمن من خلال الحوثيين وتهديدهم واعاقتهم الملاحة البحرية في البحر الأحمر والقيام بضربات موجعة على السفن والناقلات التجارية الدولية بين القارات شكل تهديدا مباشرا على مسار الشريان البحري بين الشرق والغرب وتأثيره على التجارة العالمية. وفي لبنان من خلال حزب الله وغياب دور الحكومة اللبنانية والزج بالدولة والشعب اللبناني في أتون حرب تحت يافطة المقاومة حيث لا ناقة لهم فيها ولا جمل، كل هذه الصراعات الدولية والإقليمية والمحلية لها تأثيراتها وتداعياتها على الوضع السوري، وذلك لغياب الدور الأمريكي واتباع سياسة غير واضحة، واصبحت تدير الأزمة في سورية بدلا من حلّها وانشغالها بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، هذا الموقف الأمريكي أعطى مجالا كبيرا لدور روسيا لتوسع نفوذها على اغلب الأراضي السورية، بحيث أصبحت سوريا قاعدة اساسية واستراتيجية لروسيا في منطقة الشرق الأوسط والاستفادة من هذا النفوذ لصالح اجنداتها، وترك الوضع من دون البحث عن حل للأزمة السورية ومعالجتها وفق القرار الأممي رقم ٢٢٥٤، وتفعيل مساراتها التفاوضية لإيجاد حل سياسي يضمن معالجة الأزمة وأسبابها الحقيقية لتفضي إلى حل مستدام يخدم حقوق كافة مكونات الشعب السوري بضمان دستوري. ومنها الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي الذي يعيش على أرضه التاريخية».
يتابع رمزي: «مرّت الأزمة السورية في مراحل عدة، في البداية كانت سلمية ومن ثم تدويرها إلى صراعات طائفية وعرقية وتدخل دولي وإقليمي وظهور قوى رادكالية ومتطرفة، وأضحت سوريا ساحة مفتوحة لكافة الأطراف المتصارعة وإطالة أمد الأزمة في سوريا، وبروز تحركات إقليمية ودولية في المنطقة لترتيب بعض الأوراق والملفات قبل إيجاد حل للقضية الفلسطينية بعد حسم الحرب في غزة، ويبدو هذا الموقف يتماهى مع قيام تركيا بتحسين علاقاتها مع سوريا، علما أن التواصل بين الطرفين لم ينقطع وخصوصا على المستوى الأمني. ومن مصلحة روسيا ترتيب اللقاء بين الرئيس التركي والرئيس السوري، وبقرب الوصول إلى مرحلة الاعلان الرسمي عن اللقاء المزمع انعقاده برعاية روسية وبمشاركة عراقية، ويبقى اللقاء ضمن علاقة حسن الجوار وفتح بعض المعابر والخلاص من بعض المجاميع المسلحة، لان المشاكل والقضايا العالقة /مشكلة اللاجئين، الارهاب، الاجتياح التركي للأراضي السورية، Pkk وتهديد الأمن القومي التركي، المعارضة/ بحاجة إلى دعم دولي وإقليمي وحل الأزمة السورية حلا سياسيا وفق القرار الأممي ٢٢٥٤، ومخرجاته ذات الصلة».
يضيف رمزي: «الشعب الكوردي يعاني من الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري والتهميش والانكار لوجوده القومي وعدم الاعتراف بحقوقه القومية المشروعة منذ تشكيل الدولة السورية إلى يومنا هذا، وبعد اندلاع الأزمة السورية، الوضع الكوردي في سوريا ليس بمعزل عن الأزمة والوضع السوري بشكل عام، حيث تتأثر بما يجري من المشاكل والقتل والعراقيل والخراب الحاصل، والوجود الميليشياتي والمنظمات الإرهابية وتواجد الأطراف الإقليمية والدولية على كامل الجغرافية السورية ومنها المناطق الكوردية وتحويلها إلى مناطق النفوذ، وتعرّض الشعب الكوردي في مدنه وقصباته إلى انتهاكات ومظالم وملاحقات وسجون وتغيير ديمغرافي وانعدام أبسط وسائل الحياة السياسية والأمنية والمعيشية، وانعدام الحرية والأمان والاستقرار في مناطقه».
يشير رمزي: «ان السبيل لتعزيز دور الحركة الكوردية على الساحة السورية بحاجة إلى عاملين أساسيين، الدعم الدولي لمساندة ومناصرة القضية الكوردية عند تقاطع مصالحهم مع عدالة قضيتنا. والعامل الذاتي إيجاد رؤية وموقف كوردي موحد من خلال استئناف الحوار الكوردي الكوردي برعاية أمريكية جادة، ومن ثم التوصل مع المكونات الأخرى إلى السلم الأهلي والعيش المشترك من خلال إدارة تشاركية لإيجاد مكانة للشعب وحركته السياسية بقوة في المسار التفاوضي وفي العملية السياسية كمكون رئيسي من مكونات الشعب السوري وفق القرار الاممي ٢٢٥٤، لضمان حقوقه القومية العادلة دستوريا، وبناء سوريا ديمقراطية لا مركزية تضمن حقوق جميع مكوناتها».
العلاقات الدولية وسياسة العربدة والتسلط بحقوق الشعوب
تحدث الكاتب والصحفي إبراهيم اليوسف لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «لا أتصوّر أن العلاقات الدولية قد بلغت، منذ مائة عام وحتى الآن، ما بلغته الآن، إن لم أقل إن ما يجري الآن على الساحة الدولية لم يشهد له مثيل عبر التاريخين القديم والمعاصر، إذ إن المعايير الأخلاقية وليس السياسية- فحسب- قد انقلبت رأساً على عقب، إذ إن- أخطوطة القوانين- التي وُضِعَت، على الأصعدة كلها، لم يعد ينظر إليها، بل لم يعد يكترث لها البتة، ناهيك عن أمر في منتهى الخطورة ألا وهو الاستخدام الكيفي للكثير من المعايير في مجال حقوق الإنسان، أو الشعوب، والأمم، إذ باتت تطبق على نحو كيفي وفق مشيئة- بعض قادة وأنظمة مافيات الأسرة الدولية- حيث صُنِّفَت الشعوب في مستويات متفاوتة، يُتَعَامَل مع بعضها بما هو أدنى من معاملة الحيوانات والبيئة، فلا عجب أن يُنْصَر الطغاة والمجرمين، مقابل الثأر من المستضعفين، وما يحدث منذ بداية الألفية الثالثة من تغييرات ما بعد حداثية في بارومتر الثوابت السياسية لدى الأسرة الدولية يؤكد هذا الجانب بوضوح.
من هنا، نلاحظ ما تقوم به أمريكا وروسيا من عربدة وتسلط بحقّ الشعوب، في الوقت الذي يتطلب من كل منهما مراقبة شؤون العالم ومحاولة اتخاذ الموقف الأممي، على قاعدة- حقوق الإنسان وحقوق الأمم في تقرير مصيرها، إلا أنها تتصرف وفق بارومتر مصالح كل منهما، إذ إن هناك سياستين، تجاه قضايا الشعوب، بما يدحض ما توصل إليه الغرب من إرساء قواعد حقوق الإنسان، ويعيدنا إلى العصر الغابي.
لا أتصور أنه يمكن على المدى القريب تغيير حالة انحطاط أو تباين المعايير التي سنت على مقاس منفعة كبرى الوحوش التي يتخذ كل منها هيئة قطبيته، لأنها باتت تنشر هذه الثقافة على أوسع نطاق، ناهيك عن نشر دعامات هذه الحالة من ثقافة التيئيس وتدمير الإنسان في بيئته وبيته وذاته، ونحن لو تذكرنا تصريحات بعض قادة الأسرة الدولية أو الإقليمية فيما يتعلق بالموقف من صبي دمشق المتورم والمسير بحسب حركات أصابع المهرج المتحكم بالخيوط التي تربطه، قبل عشر سنوات ونيف، ونقارنها بمواقف الانفتاح عليه: علنا وليس سراً، فإننا لنلمس حجم الانهيار الأخلاقي، ولا بد هنا من استحضار مثال آخر ألا وهو الموقف من الكُرد من قبل هؤلاء، وكيف يعتمد على الكُردي في مواجهة الإرهاب، من جهة وإطلاق يد الإرهاب من أجل اجتثاثه من جهة أخرى، وفي هذه المقارنة- أيضاً- ما ينم على سوء سياسات قادة الأسرة الدولية الذين يقفون مع أعداء الكُرد، ويزودونهم بالسلاح والمال، رغم ما لهؤلاء الأعداء من ملفات متداخلة أو متماهية مع الإرهاب، كأن ننظر إلى ما تقوم به كل من تركيا أردوغان وإيران الملالي من دور معاد للوجود الكُردي!».
يتابع اليوسف: «لم تعد هناك ثمة أسرار بهذا الخصوص، فما كان يقال في بداية الثورة السورية المهيضة المجهضة، عن مساندة إسرائيل للنظام السوري بات مكشوفاً في ترجماته السياسية والعسكرية منذ عقد ونيف، وهو ما كان يدركه النظام الذي كان يتصرف بثقة- رغم انهزامه من الداخل- مستقوياً بهذا العمود الفقري الداعم لديمومته، وهو ما استجر وشجع أكثر من طرف لمناصرته على استحياء في المرحلة الأولى وعلانية فيما بعد، كما حالة كل من: روسيا- إيران- بل أمريكا ذات الوجهين، أو ذات الوجوه المتعددة، منذ ترجمات أوباما وحتى الآن. ومعروف أن الدول العربية والدول الإقليمية لا يمكن أن تخرج عن هذه المساقات المرسومة لذلك فقد مارست الازدواجية، إذ ادعى الكثير منها الوقوف إلى جانب السوريين، بيد أن أحداً منها لم يفتح بابه لإيواء السوريين، بعكس ألمانيا مثلا فيما يخص قبول دفعات المهجرين تحديداً- وإذا كنا نجد حتى الآن بلداً ك- قطر- يمارس دعم المعارضة ذات الخصوصية المعروفة فإنها تترجم ما يفعله الغرب تماماً من دعم الإرهاب، كما تفعل تركيا، إذ أقفلت أبوابها أمام السوريين وموّلت الفصائل الراديكالية والتي كانت ولا تزال لعبة بيد المحتل التركي».
يضيف اليوسف: «لقد سبق وتحدثنا في هذا السياق كثيراً، من جهة أن كُردستان سوريا محتلة من قبل ب ك ك، ولا يمكن لأداتها المسماة- ب ي د- بكل تفرعات الأصل والفرع المتحكمة بالمكان أن تمثل ضمير إنساننا، ولا بد لهذا المحتل أن يتركنا وشأننا، وهنا استدرك أن من تم توصيفه كبطانة لهذا التنظيم الدخيل كابن للمكان فهو جزء ممن نعول عليهم لا سيما بعد حالة التذمر الكبرى في مكاننا، نتيجة السياسات التي مارستها قنديل محققة ما لم تستطع الأنظمة العنصرية في سوريا، منذ ما قبل وصول البعث إلى السلطة وحتى بدء الثورة السورية المجهضة من تحقيقه بالوكالة عن هؤلاء!
الوضع هناك كارثي: إذ ثمة مجرمون ولصوص وفاسدون وسجانون مقابل شعب أسير مجوع لا يملك المقدرة حتى التخلص من هذه الآلة الوبائية التي تحكم باسم الكُرد، ولكنها تتصرف كأعتى الأعداء المجرمين».
يشير اليوسف: «انه لا يمكن للكُرد أن يفلحوا في تحقيق أي منجز كُردستاني طالما أن ب ك ك يتحكم بمفاصل خارج مكانهم، تاركين شأن مكانهم، في مهمة غير موفقة، لذلك، فإن إبعاد ب ك ك- وذيوله، وتحت أي مسمى كان عن التحكم بمصير كُردستان سوريا وحتى كُردستان الجنوبية أو الشرقية من أول الأولويات، رغم أن الأنظمة المحتلة لكُردستان في- الأجزاء كلها- تحاول الاستفادة من هذا التنظيم الذي يكاد يُجهز على آخر ما تبقى من مكاننا.
على المثقفين الكُرد عدم التهاون أمام المهمة الملقاة على كواهلهم، والتي تقاعس أو أدار ظهره تجاهها: نتيجة عدم مواجهة كثيرين ما هو مطلوب منهم، ربما لخوف بعضهم من جور هذه الآلة وهم محقون، أو لربط بعضهم مصيره بمصيرها طالما أن هذه الآلة عبر دوغمائيتها وتضليلها توفر للانتهازي أمرين: ادعاء النضال لأجل القضية- شفهياً أو نظرياً- والاستفادة منها عبر غضها النظر عنه أو تكسبه. من دون أن ننسى أن هذه الآلة كانت وراء تدمير الثقة بين الكُرد عموماً من جهة وبين المثقفين من جهة أخرى، كما فعلت من تمزيق في المشهد السياسي، ليتجاوز الواقع الاستنزاف إلى الاحتضار، والإيال إلى ما يقارب الأفول!».
المشهد ضبابي والحلول غائبة
تحدث السياسي، عبدالرحمن آبو لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تشهد الساحة العالمية تبدلات بنيوية وخاصة بعد انهيار الإمبراطورية الحديدية الجامدة (الاتحاد السوفيتي) عام 1991، حيث سادت أجواء وبديات تمهد لمرحلة الفوضى بشكل نظري، وتجسدت فعليا وفق نظرية لها أسس وابعاد ودراسات (نظرية الفوضى الخلاقة) بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 في نيويورك. إن المتابع للأحداث العالمية وبدقة سيلاحظ أن الفوضى الخلاقة شملت وعمّت كل نواحي الحياة في معظم اصقاع العالم؛ حتى دخلت إلى حياة الشخص الفردية وحتى الطبيعة وهو المراد.
طالت الأزمة السورية، وأصبحت الأمور كلها خارجة من أيدي السوريين (كُرداً وعرباً وباقي المكونات) ولم يبقَ في الجيب الوطني أي حل، وأصبحنا ننتظر الخارج لتقديم يد الانقاذ، والساحة الكُردية في إقليم كُردستان الغربية (سوريا) على أشدها بعد أن فقدت بوصلتها كحركة وكشعب كُردي صاحب القضية الكوردية.!!.
الكل يبحث عن ملاذ آمن دون جدوى، فوقعوا في نهاية المشهد الضبابي في أيدي الدول الغاصبة والمحتلّة لكُردستان والجوار والشتات، بعد أن دفعت الساحة الكُردستانية والسورية مئات الآلاف من الشهداء والضحايا على مقصلة الحرية، ودفعت المناطق الكُردية أثمانا باهظة وخاصة منطقة عفرين الكُردستانية المحتلّة وسري كانيية وگري سبي، وكل كوردستان- سوريا، باستقدام كل المجرمين والمنحرفين والإرهابيين وأصحاب الشذوذ إلى مناطقنا لتحويلها من الجنة إلى جهنم».
يتابع آبو: في الأمس كان هناك تباعد واليوم هناك تقارب وفق أحكام فوضوية ومتحولات. نحن نعيش مرحلة المتحولات دون اعتبار للثوابت وللاستراتيجيات. الإبقاء على النظام الدموي هو لإنجاز مهام موكلة، كلهم احجار شطرنج في يد الحكومة المصغرة العالمية. بقناعتي هذه المرحلة تطلب الإبقاء على النظام وفق سياسة المصالح؛ كم تطول الفترة لا أعلم وأعتقد أنها قصيرة، بعدها ستكون هناك تحولات أخرى شديدة التعقيد حتى الخلاص من المشروع العالمي وخط الطاقة».
يضيف آبو: «الوضع الكُردي مرتبط بالوضع السوري المأزوم والوضع الإقليمي المصالحي، تحت إشراف الدول الكبرى التي تتبع مصالحها لا غير. إذا لم تأتِ الحلول الخارجية في الوقت القريب سنخسر ما تبقى من وجودنا وأرضنا. القضية الكوردية وأسسها تخسر ذاتها في هذه المرحلة وليس من مجيب، ولكنها باقية وستنتصر، ربما لمرحلة أخرى..!!».
يؤكد آبو: «انه من المهم جدا أن نحافظ على الكُردايتي واسسها وهو الباقي وأمل الإنقاذ، رغم ما حصل ويحصل لأبناء شعبنا الكُردي المظلوم والمقهور يبقى المعيار قيم الكُردايتي، علينا الالتفاف حولها في هذه الظروف الحالكة الشديدة السواد، على النخب السياسية والثقافية الكُردية في الداخل والخارج بشكل سريع إيجاد مخرج للخروج من عنق الزجاج، وفق أسس الكوردايتي. والالتفاف حول القيادة الحكيمة لزعيم الأمّة آب الكورد الرئيس مسعود بارزاني حفظه الله ورعاه، لخلاص الأمة وشعبنا الكُردي المظلوم والمقهور وإنشاء دولته المستقلة. ليس أمامنا سوى التكاتف والتعاضد، وهو جوهر المسألة.
القضية السورية من القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط
تحدث عضو هيئة السكرتاريا لاتحاد الطلبة والشباب الديمقراطي الكوردستاني- روج آفا، جوان علي لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «الحرب الاوكرانية الروسية، والتنافس بين الصين وأمريكا والتوتر في العلاقات بينهما وخاصة في المحيط الهادي، والحرب في غزة، والأزمة السورية المستمرة منذ 2011، جميع هذه الأزمات والصراعات، وغيرها في مناطق أخرى من العالم، تجعل بكل تأكيد، من العلاقات الدولية في الفترة الحالية معقدة وخطيرة لدرجة التفكير بأن الحرب العالمية الثالثة على الأبواب. لكن حرباً بهذا الشكل تعني دمار العالم برمته لأنه لا يمكن بأي شكل مقارنة القوة العسكرية للدول العظمى في الفترة الحالية، مع قوتها في القرن الماضي، من جهة تملك معظمها السلاح النووي. فمن جهة، العلاقات بين القوى العظمى والتنافس بين الولايات المتحدة والصين وروسيا يظهر بوضوح في مختلف المجالات والميادين بما في ذلك التجارة والتكنولوجيا والأمن. فأمريكا تسعى بلا شك للحد من تأثير الصين على الساحة العالمية، في الوقت الذي بدأت الصين تلعب دوراً سياسياً، إضافة لتجارتها العابرة للحدود في منطقة شرق الأوسط على وجه الخصوص. كدور الوسيط الذي لعبته الصين في المصالحة بين السعودية وإيران كأهم دولتين في المنطقة، وأيضاً دورها في إجراء المصالحة مؤخراً بين كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة “فتح” والاتفاق بينهم تحضيراً لما بعد الحرب في غزة. من جهة أخرى، التوتر لازال قائم بين روسيا والدول الغربية ومن خلفهم الولايات المتحدة الامريكية، وذلك بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا.
يضاف الى ما سبق ذكره، النزاعات الاقليمية وخاصة في الشرق الاوسط تساهم بشكل كبير في عدم استقرار العالمي، فالوضع في الشرق الاوسط غير مستقر نتيجة الحرب المستمرة في غزة، والأزمة السورية المستمرة منذُ 2011، ناهيك عن وجود جماعات مسلحة غير دولتية، وأحياناً فوق دولتية، تساهم بشكل كبير في تفعيل الأزمات في الشرق الأوسط. كحزب الله في لبنان، وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وحركة أنصار الله “الحوثي” في اليمن، وفصائل عراقية تابعة لإيران في العراق وحزب العمال الكُردستاني في كُردستان العراق وكُردستان سوريا. والملاحظ أن السياسة الدولية والإقليمية ومصالحها الاستراتيجية تلتقي عند نقطة إنهاء هذه الجماعات المسلحة أو على الأقل شل حركتها العسكرية».
يضيف علي: «هذا ما يبدو جلياً من الحرب الاسرائيلية في غزة وهدفها الأساسي المتمثل في انهاء حماس والجهاد الإسلامي التي ترفض التسوية السلمية والسياسية بين الفلسطينيين واسرائيل ومبدأ حل الدولتين، يعني ترفض الاستقرار والسلام في المنطقة. وتركيا من جهتها، تحاول أحياناً بالاتفاق مع الدول الاقليمية وأحياناً بدون اتفاق معها، إنهاء الوجود العسكري لحزب العمال الكُردستاني أو على الأقل شل حركته العسكرية، يذكر أن جمهورية العراق أدرجت مؤخراً هذا الحزب ضمن قائمة الأحزاب المحظورة في العراق. وهذا يعني أنه على هذا الحزب إما إلقاء السلاح أو مواجهة آلة الحرب التركية بالتعاون مع السلطات في العراق. من غير المستبعد أن تأخذ اسرائيل نفس المنحى في المواجهة مع حزب الله اللبناني في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير إعلامية عن حرب قادمة بين اسرائيل وحزب الله.
فيما يخص الأزمة السورية، يتابع علي: «هذه القضية هي من القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط وبدون إيجاد حل أو مخرج لهذه الأزمة لا يمكن للشرق الأوسط أن ينعم بالاستقرار والهدوء ويشهد تنمية مستدامة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، أزمة اللاجئين والنازحين داخلياً تثقل كاهل الدول الإقليمية والدول المانحة. وأيضاً فشل سلطات الأمر الواقع والنظام السوري في تقديم الخدمات الاساسية ومجابهة أزمة المعيشة في مناطق سيطرتهم، وتهيئة بيئة ملائمة ومناسبة لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم. بالإضافة إلى وجود جماعات مسلحة مصنفة على قوائم الإرهاب العالمي. كل هذه الأمور مجتمعة تدعو، وتلزم الدول الإقليمية والعظمى المنخرطة في الأزمة السورية إلى إيجاد مخرج لهذه الأزمة. يذكر أن هنالك القرار الأممي رقم 2254 لعام 2015 يهدف إلى إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية وفقاً لآليات ومراحل محددة. ولكن نتيجة تعنت النظام السوري ومن خلفه داعميه الرئيسيين روسيا وإيران، لم تشهد تقدماً ملحوظاً في المشهد السوري وخاصة من جهة اللجنة الدستورية ووضع دستور جديد للبلاد. والتوجه نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة لتشكيل حكومة ائتلافية تتولى إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية. فكان لابد من إيجاد مخرج لهذه الأزمة ولو من باب إنساني. فقامت الدول العربية وفي مقدمتها المملكة الأردنية بصياغة مبادرة خطوة بخطوة، وفتح باب التطبيع مع النظام السوري بهدف الوصول إلى تسوية الأزمة السورية، بمعنى تتجه الدول العربية اتجاه النظام السوري خطوة في باب التطبيع (فتح سفارات، إقامة علاقات اقتصادية محدودة.
يشير علي: بداية هذا التطبيع يقتصر على الجانب الإنساني والاقتصادي، الذي يمكن أن يساعد في تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية وخلق بيئة مناسبة لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم ومن خلال تقديم مساعدات وإعادة بناء بنى تحتية خدمية “ضمن مشاريع التعافي المبكر” وبإشراف الامم المتحدة بهدف عدم استفادة خزينة الدولة السورية من هذه المساعدات. وأخيراً فيما يخص التطبيع، يجب التنويه إلى أن الدول العربية والإقليمية تهدف من خلال عملية التطبيع مع النظام السوري إلى إيجاد مخرج للأزمة السورية ولكنها في نفس الوقت تهدف إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية. فدول الخليج العربي أدرجت ضمن قائمة أو مبادرة خطوة بخطوة، محاربة صناعة وتجارة الكبتاغون. وتركيا أيضاً، من المؤكد تدرج ضمن محاولة التطبيع تحقيق هدفها الاستراتيجي في محاربة العمال الكُردستاني في سوريا.
أما فيما يخص الوضع في كُردستان سوريا، يردف علي: «كُردستان سوريا تتأثر بشكل أو بآخر بتداعيات الأزمة السورية وتباين المصالح الدولية والإقليمية في الساحة السورية وخاصة في منطقة شمال شرق سوريا الغنية بالثروات وقضيتها الأساسية التي هي القضية الكردية. ناهيك عن السياسات الخاطئة التي ينتهجها حزب الاتحاد الديمقراطي القابض على الادارة الذاتية وخدمة لأجندات غريبة عن المنطقة وقاطنيها. الأمر الذي يعرض المنطقة لتهديدات مستمرة ومشاكل داخلية واعتداءات تركية على البنية التحتية ومصادر الطاقة والذي يؤثر بشكل مباشر على حياة الناس في المنطقة. ويبدو أن المخرج الاساسي للخروج من هذه الأزمات وحماية المنطقة من التهديدات وخاصة الخارجية هو الاتفاق الكُردي الكُردي وتوحيد الصف الكُردي. مثل هذا الاتفاق يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. حيث يعزز الاتفاق الكُردي تحت راية سياسية واحدة، موقف كُرد سوريا في مواجهة النظام السوري والقوى الإقليمية والدولية بشكل عام.
ولكن مثل هذا الاتفاق صعب المنال طالما حزب الاتحاد الديمقراطي لا يؤمن بالتعددية السياسية وليس بوارد أن يشاركه أي حزب آخر في إدارة المنطقة، إنما يريد من الاحزاب الأخرى أن يكونوا مجرد تابعين ومنفذين لتوجهاته وسياساته وتعليماته مثله مثل حزب البعث الحاكم لسوريا منذ عقود».