عبداللطيف محمدأمين موسى
إن الاستحقاق القومي والوطني يعبر عن الشعور بالانتماء إلى الأرض والتاريخ واللغة و التراث الذي وجد من خلاله الشعب الكردي في سورية نفسه في خضم الصراع على تنفيذ الاجندات التي ساقتها كافة الأنظمة التي تعاقبت على احتلال المنطقة تحت مسميات الاستعمار أو الاحتلال في إجراءات تعسفية متمثلة بمحاولات إلغاء الهوية الوطنية القومية وإضعاف الانتماء القومي ,ولكن بعكس ذلك تماماً عمل الشعب الكردي في سورية على تعزيز قيم التعايش السلمي والإيمان بوحدة المصير المشترك في ظل جغرافية وفضاء مليء بقيم المحبة والأخوة ونبذ الفرقة والتميز, والتي حاولت دوماً تلك الانظمة والديكتاتوريات على فرضها بحق المكونات في سورية عموماً والشعب الكردي على وجه الخصوص. لعل السؤال الذي يراود مخيلة القارئ الكريم هل استطاعت تلك الانظمة وبكل أدواتها وسياستها وخططها الممنهجة أن تركع وتثني الشعب الكردي في سورية عن النضال من أجل استحقاقاته القومية والوطنية ومشاركة باقي المكونات السورية النضال من أجل الحرية ومحاربة الديكتاتورية, وهل استطاعت تلك الأنظمة قتل ومحو روح الانتماء للقومية واللغة والتاريخ .
بكل بساطة تؤكد المراحل النضالية التي مر بها الكرد في سورية حقيقة واضحة وجلية الا وهي نضاله الدؤوب من أجل التشبث بهويتهم القومية الوطنية في سبيل مواجهة تلك الخطط والاستراتيجيات الدولية والإقليمية والمحلية من أجل صهرهم تحت مسميات العروبية والدين والمعتقد والوطن الواحد ,وأعداد التهم الجاهزة في أثارة النعرات الطائفية ومحاولة استقطاع اراضي من الوطن وأنقاص هيبة الدولية وخلق الفتن بين المكونات من أجل تفرد تلك الانظمة بالسلطة وبسط سيطرتها على إدارة الحكم .إن مشاركة الكرد باقي المكونات النضال ضد الاستعمار الفرنسي وبطولة وزير الحربية الكردي في معركة ميسلون يوسف العظمة وثورة ابراهيم هنانو والبطل سليمان الحلبي ومعركة بيناندور وقتل الجنرال روغان والكثير من البطولات الاخرى ,وكذلك مشاركة الكرد في تأسيس الدولة السورية الحديثة من خلال تولي مناصب في رئاسة الوزراء والبرلمان وكتابة دستور سورية الحديثة كلها محطات يمكن بكل الفخر التأكيد على حقيقة وهي بأن الشعب الكردي في سورية لم يتخلى ولم يرضخ لكافة المخططات في ثنيه عن التخلي عن هويته الوطنية في النضال ضد الديكتاتورية, والتطلع الى الحرية ضمن سورية موحدة لكل مكون الحق في الحفاظ على خصوصيته القومية والنضال والتمسك بحقوقه كافة وتغير الصورة التي كانت الانظمة تحاول صبغها عن الكرد بأنه غير مؤمن بالتعايش السلمي وشعب انفصالي رجعي لا يقبل التعايش والتكيف وبعيد كل البعد عن مقومات الحضارة وتغلب عليه النزعة القبلية . لا يمكن حقيقة تأثر الشعب الكردي في سورية بالتأثير والنزعة القومية من خلال محاربة الظلم والتطلع نحو الحرية والنضال من أجل الحقوق القومية من خلال تأثره بنضال البارزاني الخالد في الجزء الجنوبي من كوردستان الأمر الذي استدعى من الكرد في سورية في زيادة التمسك بشعورهم للانتماء القومي في المشاركة بالنضال المتمثلة بمشاركة نضال ثورات أيلول وكولان في تلبية نداء الواجب القومي, وكذلك لا تخفى مقاومة الشعب الكردي سورية السباق عن المكونات السورية الأخرى لكافة المخططات والاجراءات التعسفية لنظام البعث المتمثل بالإصلاح الزراعي ومصادرة الأراضي في المناطق الكردية وقانون تجريد الجنسية والحزام العربي والقانون 49 وغيرها من الإجراءات التعسفية التي قوبلت بالرفض الكردي من خلال التمسك بالانتماء القومي عبر احياء المناسبات القومية الكردية والتمسك بها رغم المضايقات والمعاملة الاستخباراتية الشديدة وتمجيد تلك المناسبات ولاسيما أحياء ميلاد ووفاة البارزاني الخالد ,وكذلك مشاركة الكرد في دعم انتفاضة التحرير في كوردستان العراق, وكذلك مشاركة الكرد في الأزمة السورية عبر الاصطفاف الى جانب الشعب السوري في التعبير عن الهوية الوطنية متمثلة في مقاومة الظلم والمطالبة بالحرية عبر المشاركة في المظاهرات وممارسة العمل الدبلوماسي مع أطياف الشعب السوري في المعارضة والتمثيل الدبلوماسي وعرض الحقوق الكردية على كافة المنابر صناعة القرار العالمي، والتأكيد على المشاركة في ضمان حقوق الشعب الكردي وتثبيتها في الدستور السوري الجديد عبر ضمانات دولية وبرعاية أممية رغم المحاولات من بعض الاطراف المحسوبة على الكرد لإعادة الكرد الى المعارضة الداخلية المحسوبة على النظام السوري ,وفرض قولب شكلية في استغلال المطالب الكردية تلك القوالب بالتأكيد تصب في خانة إرجاع الكرد الى حالة ما قبل الأزمة السورية في فرض حالة الاستسلام والخضوع عبر التوهم في محاولة أستغلال عاطفة الشعب الكردي والاستخفاف بحبه وتمسكه بثقافته. في المحصلة ,يمكن القول بأن كافة المحاولات لإدخال الشعب الكردي في سورية في صراع على حساب استحقاقاته القومية والوطنية في الصراعات المتمثلة في محاولات إلغاء الهوية الوطنية القومية واضعاف الانتماء قوبلت بالتشبث بالأرض واللغة والهوية والثقافة ،ولتعيد التأكيد على حقيقة التمسك بالنضال المستمد والمتأثر بالنزعة القومية لنهج البارزاني الخالد كوسيلة للدفاع عن المكتسبات وعدم التفريط والتنازل عن الحقوق والمكتسبات القومية والوطنية التي كفلتها كافة المواثيق والشرائع الدولية ولاسيما تقرير المصير.