الانتخابات العامة … والخصوصية الكوردية

  بقلم : م .

رشــيد

     منذ أربعة عقود من الزمن والعملية السياسية متعثرة وجامدة دون تغيير ، وفق نظرية نظام الحزب القائد  الواحد ، وبنفس الأسلوب والمنهج سواء في التعيينات أوالانتخابات لتسمية النواب والمسؤولين في الدوائر أو النقابات أو المجالس ، وبذات الطريقة والشكل في الادارة والتنظيم والتخطيط  .
     فالانتخابات الحالية تثير الكثير من السجال والجدال في الشارع السوري عامة ، والكوردي خاصة حول الجو العام المخيم ، وكيفية الترشيح والتصويت وتشكيل القوائم ، وحول طبيعة الاجراءات والظروف التي ستخلقها السلطات قبلها وأثناءها وبعدها..

فالهواجس عديدة ومتعددة  .


     الكورد غير متفائلين كثيرا ً من الانتخابات ولا يعولون عليها ، فالتشتت يدبُ في صفوفهم ، والتباين يدك مواقفهم  (الآفة المزمنة والخطيرة) ، لأن أحزابهم السياسية اجتهدت وتوصلت إلى قرارات المقاطعة أو المشاركة كل حسب موقعه وحجمه  … وأعلنت ذلك على الملأ  كل على طريقته الخاصة  في بيانات أوتصريحات (اعتادت عليها الجماهير الكوردية وألفتها ) متسلحة بجملة من الحجج والمبررات تدعم رؤيتها ووجهتها  ….


     لن نسرد هنا تلك الشروحات والتويضحات ، فالكوردي يحفظها جميعها عن ظهر قلب صغيرا ً وكبيرا ً ، لأنه يعيش الواقع ويعرف جيدا ً ما معنى القوانين والمشاريع الاستثنائية  التي تطبق بحقه وفي مناطقه وما قساوة نتائجها  ووخامة آثارها على حياته كانسان وكمواطن .

.

ولكن من حقنا أن نتساءل:
– طالما أن السلطة هي ذاتها في الشكل والمضمون والرموز والسلوك… فلماذا تتبدل مواقف الأحزاب الكوردية بين المقاطعة مرة  والمشاركة مرة أخرى  في الدورات الانتخابية المتتالية  ؟؟!!
– بما أن النضال السلمي الديموقراطي هو الخيار الوحيد والاستراتيجي للحركة الكوردية في الاطار الوطني  لتحقيق الأهداف والمطالب… فلماذا تغادر الأحزاب الساحة الأساسية ((الانتخابات)) لممارسة النضال الديموقراطي ؟؟!!
– هل الحضور الكوردي في النقابات والدوائر والمؤسسات والمجالس …  (الممثل عن الحركة الكوردية والمعبرعن برامج وأجندة وطنية وقومية واضحة) ايجابي يخدم القضية ، أم سلبي يسيء إليها  ؟؟!!

     لعل صنع القرارات ورسم المواقف في الأحزاب تخضع لعدة اعتبارات ، أهمها  :

– النظر للأحداث والأمور من منطاقات حزبية ضيقة ، والقفز على القضية خدمة للمصالح الشخصية حفاظا ً على الأسماء والمناصب و …..

.
– الخضوع لإرادة القوى الوصائية (محليا ً وكردستانيا ً واقليميا ً) والتي تمنح معظمها الشرعية والوجود والاستمرارية  .
– قد يبادر إلى أذهان البعض ، أن الأوضاع الاقليمية المضطربة المحيطة بسوريا ، والضغوطات الدولية عليها  باتجاه حلحلة بعض القضايا الساخنة والهامة في الشرق الأوسط ، ستبرر الاستقواء والاستشارة بالخارج ، وبالتالي المراهنة عليها ، واعتماد التشدد والتعنت في المواقف والخطابات والممارسات.
– إن وجود أصوات عربية معارضة للسلطة السورية (شخصيات أو منظمات وطنية وحقوقية ومجتمع مدني ..) ، ومسايرة ومصغية – إلى حد ما – إلى الخطاب الكوردي ، قد يراها البعض فرصة للهروب إلى الأمام  بذريعة التضامن والتحالف ، متجاهلين فحوى رسائل هؤلاء  لهم وتشجيعهم على استثمار الخصوصية الكوردية ، ولكنهم قرروا أن يسيروا مع التيار ليصبوا في الطاحونة العاملة (المكنة الشغالة).

 

– قد يجد البعض في الانتخابات مناسبة لرفع وتيرة الهزيج والضجيج ، والصول والجول لالهاء الجماهير واشغالها ، وكذلك لاستثمارها في تصفية حسابات متراكمة ، أو لتلطيف الأجواء الملبدة (كما يتصورون) ، ولكن هكذا وجدوا ووعدوا ولا خيار لهم سوى ……..
– قد يفكر البعض الآخر ، بأن الالتزام بالقضية بات من مسؤوليتهم وحدهم بعد غياب الآخرين ، فاعتمدوا التمايز والانفراد شعارا ً ومنهجا ً للبرهان على صواب رأيهم ومسارهم ، فاجتهدوا في التحليل والتدويل ، وبالنهاية وقعوا في شرك التطرف والنشاز والتضليل ، فأخطؤوا مواقعهم.

      اللهم  لا شماتة ولاتشهير ولا تجريح فأنا من أبناء جلدتهم ، وربما أعبر عن رأي الكثير من المثقفين والمهتمين بهموم القضية والوطن بحياد وموضوعية ومباشرة وصراحة… ، لا نبتغي سوى النقد والتنبيه لمواطن الخلل لغاية تداركها واصلاحها .
      ولكن بهذه الصورة ووفق المعطيات والمؤشرات المتوفرة حاليا ً ، ستنتهي الانتخابات حتما ً وستعلن أسماء الفائزين (المتوقعين سابقا ً) ، وسيدخل الكورد بقيادة أحزابهم ومشاركة مثقفيهم في جولات من التحليل والمناقشة والتنظير والسجال ….

وسيحصلون على نتيجة معتادة ومألوفة وهي: لا بأ س ، فطريق النضال مازال طويلا ً ،  وهناك متسع من الوقت للتفكير واتخاذ القرار بشكل صحيح ، حظا ً أوفر وإلى اللقاء في دورات انتخابية قادمة .


     لم يكتمل المشهد بعد ، فهناك من سيعين نائبا ً ليكون محسوبا ً على الكورد من خلال قوائم الظل وغيرها ، ولن يهمه همومهم ومعاناتهم ومشاكلهم  ، فقط سينتقل من وزارة لأخرى (بمثابة معقب معاملات) للحصول على الاستثناءات من الرخص والموافقات ، وتسيير أموره الشخصية والعائلية والعشائرية  أسوة بغيره  ممن عينوا نوابا ً في المجالس السابقة ، وقد يذهب أبعد من ذلك ليحسن صورة السلطة داخليا ً وخارجيا ً ، ويشهد زورا ً على أن وضع الكورد هو على أفضل ما يكون في سوريا  !!  (وقد حصل هذا سابقا ً)  .
     وأخيرا ً : سيتساءل كل حزب نفسه ومحيطه ،  هل أصاب في مسعاه ومنحاه ، أم خاب ؟؟!! ، هل النتائج بهذه الصورة مقبولة ، وتليق بشعب عريق يجاوز تعداده  الثلاثة ملايين  ، وشعب واع ٍ ومسيس ٍ بفضل أحزابه العتيدة و العديدة والمتنوعة ، وشعب شهم ٍ وأبي تشهد له معارك التحرير والاستقلال وأحداث 12 آذار ، وشعب مظلوم ومغبون يدل على ذلك  الاحصاء الاستثنائي الجائر والحزام العربي المقيت  وغيرهما…؟؟؟؟!!!!
     يقول الشاعر العربي : عش عزيزا ً أو مت وأنت كريم …  أوافق على قوله وأبني عليه قائلاً : أجزم قاطعا ً  بأن عزة الكورد وكرامتهم ونجاتهم  في اجماعهم ووحدة كلمتهم وعملهم ، فأما المشاركة معا ً ببرامج وقوائم انتخابية  موحدة ، أو الرفض والمقاطعة بكبرياء وأنفة وشرف… لأن في الحالتين  يكون الكورد قد كسبوا المعركة  ، لأنهم أثبتوا حضورهم وجدارتهم ، وكسبوا أنفسهم قبل أصدقائهم وحلفائهم وأشقائهم ، وبالتالي  تنتصر الارادة الكوردية  الطامحة للحرية والعدالة والمساواة ، وتأمين الحقوق القومية والوطنية المشروعة ، لأن انتصار الكورد زخم وزخر لجميع القوى الوطنية والديموقراطية الخيرة والمعطاءة والمخلصة ، وبالتالي انتصار للوطن بكل أبعاده ومعانيه على التحديات القائمة وعلى المتربصين و أعداء الانسانية و الأمن و السلم والاستقرار والتقدم ..

9/4/2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…