أنت تنفخ في قربة مثقوبة

بقلم : بيروز

إلى الصديق مسعود حامد ………..

اسمح لي بادئ ذي بدء ، أن أعاتبك على ما  نشرته في الإنترنيت  بتاريخ 10 / 4 / 2007  ليس لكون المقال المعنـون بـ (الحركة الكردية هروب من الاستحقاقات التاريخية) ركيكاً من حيث الصياغة ، والنحو فحسب ، بل لتطرقك إلى موضوع استهلك ، وتم اجتراره .
أنت تعبر ـ بصدقك وعفويتك التي عهدتها فيك ـ عن تألمك لوضع الحركة الكردية ، وعطالتها ، ولاسيما إزاء استحقاق هام كانتخابات مجلس الشعب.
إنّ ذلك الحلم الذي راهنـّا عليه (في الفترة التي سبقت اعتقالك) أمسى نمراً من ورق ، ليس لكونه مستحيلاً ،  بل لأنه اغتيل رغم أننا لم نحلم بأكثر من إيجاد فلسفة ، قوامها إقران القول بالفعل ، لتكون موطئ قدم لكل من يناضل بجدية وإخلاص.


نعم …….

اغتيل هذا الحلم من لدن أناس تضرروا من صعود هذا الطرح ، فحاربوه –  سراً وعلانية – حتى أفرغوه من محتواه .


اغتيل هذا الحلم على يد متنفذين ، وراكبي أمواج  ، ومتسلقين ، وتجار شعارات ، ممن بات نضالهم أفعالاً وردات أفعال مناسباتية مكرورة ، ومصنـّمة .


فهل تتوقع من هؤلاء أكثر من انسحاب مخز ٍ من معركة هم ليسوا فرسانها ؟!!!!! .


إنهم فرسان التوازن المقنـّع ، والمريب الذي يخيـّم  على الساحة الكوردية ، ولابد أن تدرك أنّ حالة التوازن هذه لها قطبان  يحافظان عليها كي تصبح عرفاً ، وتستحوذ على ميكانيزم العلاقة بين الكورد والنظام ، وهما: – النظام نفسه ممثلاً بذراعه الأمنية الضاربة من جهة ، و – المتنفذون من قيادات الحركة الكوردية الذين تفضي ممارساتهم وتجاوزاتهم إلى عطالةٍ مستشرية ٍ ، وأفعال فارغة من المضمون .
لقد كانت هذه الانتخابات (التي لم تبدأ بعد) طلقة الرحمة في رأ س العمل الحزبوي الكوردي .
 فالتذرع بمقاطعة فلان ، وتراجع فلان عن النزول بقوائم منافسة ، والحرص على ما تبقى من أجواء ايجابية لن تقنع سوى المسبحين بحمد قياداتهم من الدغمائيين والمبرمجين على قناة واحدة .
أما من فهم جوهر المسألة فهو ذلك الذي يفرّق بين حركة سياسية تعتمد على قربها من نبض الشارع الكوردي ، وتطلعاته وبين سكونيةٍ حزبويةٍ ترين على التنظيمات كافة .


 ههنا يـُكتشف التخلف الكارثي ، والهشاشة المفزعة التي يرتكز عليها (العقل السياسي الكوردي) أو الأصح (العقل الحزبوي الكوردي) .
يجب أن تدرك يا صديقي أنّ القيادات المتنفذة في الحركة الحزبية الكوردية تتبنى سياسات متكلسة تؤدي إلى انتفاء رسم استراتيجيات تستند إلى محاكمات عقلية لها مقدمات صحيحة.

ولو امتلكت قليلاً من بعد النظر لتخلت عن العمل السري الموبوء الذي يستشكل توصيف مفرداته ، أو إيجاد أحكام  قطعية الدلالة بشأن ما يجري في ظلها ، أو يتمخض عنها ولبرزت إلى العلن دونما إبطاء .


 إنّ هذه الأحزاب المنشطرة عن بعضها ، والمتذررة إلى أرخبيل من الجزر المتشاطئة على بحر من الإخفاقات المتتابعة ، وبالمحصلة لن تستجيب هذه الأحزاب لأي مؤثر، وإذا ما استجابت فبشكل ميكانيكي ليس إلا ّ.

أي لن تخرج من إطار ردات الأفعال الباهتة .
 لقد استمرأوا العيش في الظلّ ، وتعوّدوا على أن يستتبعوا، وينساقوا لإملاءات غيرهم ، يريدون أن يغسلوا دماغ الأجيال القادمة ، ويزرعوا فيهم ثقافة الاستجداء والتسول السياسي .
لذا أنصحك يا صديقي الذي اعتقلت في سبيل قضية آمنت بها أن تنأى بنفسك عن الخوض في غمار هذا المستنقع الضّحل، وأن تبحث في أمور فيها مصلحة شعبك وقضيتك فأنت الآن في باريس، ولست في تل ديكة.

11/4/2007

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

جلسة حوارية منظمة من قبل منصة ديفاكتو الحوارية حول مفهوم الإعلان الدستوري في سوريا في فندق الشيراتون . حاضر فيها الاستاذ أحمد سليمان نائب سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والأستاذ معن الطلاع مدير قسم البحوث العلمية في مركز عمران للدراسات و بتيسير من الأستاذ خورشيد دلي بمشاركة عدد من المثقفين و المهتمين بالشأن السياسي السوري. تمحورت الجلسة حول…

إبراهيم اليوسف نيسان واعد بعد نسيان وتناس خرجت إلى السطح، ومن جديد، في أعقاب مؤتمر السادس والعشرين من نيسان عام 2025 في مدينة قامشلي، الذي شكل علامة فارقة في تاريخ الكرد السوريين، أصوات ما فتئت منذ سنوات تنفث أحقادها ضد الكرد باسم قضايا زائفة. كما اعتادت هذه الأصوات أن تختبئ وراءه. إذ لم يعد الأمر مقتصرًا على معاداة”…

د. محمود عباس حين تهتز الأرض تحت أقدام الأزمنة القديمة، وتبدأ طبقات التاريخ بالتصدع، لا يعلو إلا صوت أولئك الذين فقدوا البوصلة، أما الحكماء فيراقبون، لأنهم يعلمون أن كل ولادة جديدة تبدأ أولاً بصراخ الجاهلين، ولا يظهر صوت الجهالة فجأة، بل يطفو من ركام قرون لم تُصفّ حساباتها مع ذاتها. واليوم، كما أدركتُ وتابعتُ عن كثب، فإن نسبة…

زاكروس عثمان اعلن رئيس النظام السوري المؤقت ابو محمد الجولاني رفضه لمقررات كونفرانس وحدة الموقف والصف الكوردي, والذي عقد في قامشلو 26.04,2025, تجاوبا مع موقف الجولاني و توجيهات زبانيته ارتفعت سوية اصوات الشوفينيين والسلفيين العرب تؤكد رفضها لمطالب الكورد، داعين إلى معالجة القضية الكوردستانية من خلال إجراء استفتاء عام في سوريا، وعلى ضوء النتائج يحدد مصير الكورد، وقد يبدو…