حوار مع الأستاذ إسماعيل عمر رئيس حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) حول انتخابات مجلس الشعب

  حوار داريوس أوسي

كيف تجد قانون الانتخابات السوري الحالي، في ظل الظروف التي تمر على المنطقة وعلى سوريا بشكل خاص؟.

إن قانون الانتخابات السوري الحالي لا يتلاءم مع القيم الديمقراطية في التعبير عن إرادة المواطنين، وعن حقيقة تمثيلهم في مجلس الشعب

فالسلطة التي يقودها حزب البعث، بموجب المادة الثامنة من الدستور، وما تحتكره تلك السلطة من النفوذ ووسائل الإعلام والقمع، وما تتفرد به في الإشراف على اللجان الانتخابية وعلى صناديق الاقتراع وفرز الأصوات,تخوض الانتخابات بإسم قائمة (الجبهة الوطنية التقدمية) كطرف منافس للمرشحين الآخرين ,مما ينفي تماما مبدأ تكافؤ الفرص في عملية التنافس في ظل غياب رقابة مستقلة، حيث يحل محلها في كل دائرة انتخابية قاض في القضاء غير المستقل .


  كما إن تقسيم المرشحين إلى فئتين: الأولى للعمال والفلاحين، التي تضم الثلثين، في حين تضم الفئة الثانية بقية فئات الشعب، بنسبة الثلث، ينسف أحد أركان العملية الديمقراطية التي تكون فيها النجاح للأغلبية , بينما في هذه الحالة يحدث كثيراً أن يفوز مرشح في الفئة ( أ ) رغم انه يحصل على نصف أصوات مرشح آخر من الفئة (ب) في نفس الدائرة، وبالعكس… أما اعتبار المحافظة هي الدائرة الانتخابية، فان من شأن ذلك حرمان المرشح من إمكانية التعريف بنفسه في المناطق البعيدة عن مكان إقامته ومحيطه الاجتماعي، في ظل استحداث الصناديق الجوالة، وغياب الدعاية الحرة، والحرمان من وسائل الإعلام الرسمية التي تخدم فقط قائمة الجبهة… يضاف لما تقدم إن عدم اعتبار يوم الانتخابات عطلة رسمية, يضع الموظفين والعاملين في الدولة تحت رحمة وإرهاب السلطة التي تلزمهم على المشاركة والإدلاء بأصواتهم لصالح قوائم الجبهة.



برأيك إذا شاركت أحزاب المعارضة السورية في هذه الانتخابات.

ألم يكن مجدياً أكثر من
المقاطعة، وخاصة من ناحية طرح برنامجها على أكثر شريحة من الشارع السوري؟.



لا أعتقد إن المشاركة، بعيداً عن شروطها الضرورية، وفي ظل عدم تكافؤ الفرص، وغياب الأجواء الديمقراطية المناسبة، مجدية حتى من منطلق الاستثمار السياسي، بل بالعكس فهي تزيد من حالة الإحباط ,وتسيء لجدوى النضال الديمقراطي الذي تعتبر الانتخابات إحدى وسائله الأساسية… وهذا لا يعني إن المقاطعة المقررة من قبل إعلان دمشق تعني تجاهل الانتخابات، بل إنها تعني المقاطعة الايجابية التي تتطلب العمل على توسيع نطاقها من خلال تنظيم النشاطات الممكنة لتحريض المواطنين على الدفاع عن حقوقهم ورفع أصوات الاستنكار ضد استخفاف السلطة بإرادتهم، والمطالبة بسن قانون انتخابي عصري، يهيئ الظروف المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة.

 

هناك كلام كثير في الشارع السوري حول عدم قدرة المعارضة على بلورة رؤية واضحة حيال هذه الانتخابات وعدم قدرتها على استقطاب الشارع السوري، لهذا فهي قررت المقاطعة حفاظا على ماء الوجه، كيف ترد  على هذا الكلام ؟.



كان هناك شبه إجماع في إعلان دمشق على عدم المشاركة في هذه الانتخابات، ورغم إن معظم الإطراف كانت ترى منح المناطق الكردية خصوصية في تقدير المشاركة الانتخابية، على أساس إن الحركة الكردية تستطيع استثمارها سياسياً في حراك ديمقراطي شعبي، إلا أن الجانب الكردي في الإعلان أكد على ضرورة وحدة الموقف الوطني، والتعبير عنه بالمقاطعة – ترشيحا وتصويتا- رغم أن هذا الجانب يملك رصيداً شعبياً انتخابياً جيداً في المناطق الكردية,وقد أكد، أكثر من مرة، قدرته على تحريك الشارع في الدورات السابقة , أما حالة اليأس السائدة في معظم المحافظات السورية من جدوى خوض مثل هذه الانتخابات, فهي لا تعكس عدم قدرة المعارضة على استقطاب الشارع السوري، بل إن هذه المعارضة عبّرت بصدق، من خلال قرار المقاطعة هذا، عن نبض هذا الشارع.

 

هل تعتقد بأن الشارع السوري سيلتف حول المعارضة ويقاطع الانتخابات؟ وما هي الوسائل التي ستعتمدون عليها في هذا الصدد، حيث لم يبقى أمامكم سوى أيام معدودة؟ 

في الوضع الطبيعي ,وبعيداً عن التدخلات والضغوط , أعتقد أن الشارع السوري غير معني بعملية الانتخاب، خاصة بعد أن تركت التجارب المريرة للدورات السابقة لديه شعورا عميقا بالإحباط، تتلمسه أيضاً السلطة، التي تمارس أجهزتها مختلف وسائل الترهيب والترغيب لزيادة عدد المرشحين بهدف تحريك العملية الانتخابية، والإيحاء بوجود تنافس على الترشح, وسوف تسعى بالتأكيد في يوم الاقتراع إلى تهديد العاملين بالدولة بالعقوبات في حال امتناعهم عن التصويت, ورغم ذلك فان من المتوقع أن تكون نسبة المقاطعة كبيرة، علماً أن الأطراف المعارضة تدعو الآن، بالوسائل المتاحة إلى المقاطعة، وتوعية المواطنين بأسبابها ودوافعها، من خلال بعض الندوات التي تقوم بها أطراف التحالف الديمقراطي الكردي في المناطق الكردية , ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة، كما وجهت الأمانة العامة لإعلان دمشق رسائل خاصة إلى المنظمات الدولية والإقليمية ، شرحت فيه طبيعة مثل هذه الانتخابات وأسباب مقاطعتها.



لم يتغير شيء من قبل السلطة السورية في الانتخابات التشريعية، من حيث قانون الانتخاب وحالة الطوارئ المفروضة منذ أربعة وأربعين، وغيرها من الممارسات..

في ظل هذا
الواقع: هل يستطيع مجلس الشعب في دورته القادمة تحقيق التقدم على طريق  الإصلاح المنشود ؟؟؟ 

المعروف إن الانتخابات، من حيث المبدأ، باعتبارها وسيلة أساسية من وسائل التغيير الديمقراطي, هي التي تعبّر بالنهاية عن إرادة الشعب وتطلعاته نحو بناء دولة مؤسساتية حديثة,تحتكم للقواعد الديمقراطية، وتؤمن بتداول السلطة، وتقر بالتعددية السياسية والقومية،.

ولكي تتمكن الانتخابات من أداء مهمتها الديمقراطية، فان صناديق الاقتراع يجب ألا تفصلها عن الناس حواجز الإرهاب، ولا تحيط بها الضغوطات والتدخلات من كل جانب، ولا تخفي داخلها نتائج مسبقة الصنع .


   لكن، ما حصل بالنسبة لانتخابات مجلس الشعب , على مدى دوراته المتلاحقة , لم يترك سوى خيبات أمل مريرة، ولن تكون الدورة القادمة أحسن حالاً منها، لأن الأسباب التي حالت دون قيام مجلس الشعب بتجسيد وترجمة إرادة الناس في الإصلاح والتغيير، والتصدي لمهامه الدستورية, والإقدام بالتالي على إجراءات إصلاحية، تكمن أصلا في مدى صلاحية قانون الانتخابات، الذي تم تفصيله على مقاس النظام السياسي، الذي يحتكر فيه حزب واحد قيادة الدولة والمجتمع، بموجب المادة الثامنة من الدستور..

تلك المادة التي يعتبر تعديلها المفتاح اللازم لمحاولة أي إصلاح سياسي منشود، ومن هنا، فان من يشكلّون غالبية أعضاء المجلس القادم هم أعضاء في حزب البعث، الذي يكون له بموجب هذا الاحتكار القرار الأخير والحاسم، أما بقية الأعضاء فهم موزعون بين حلفاء حزب  البعث من بين أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، أو أنهم ممن حملتهم قوائم الظل الموازية لقائمة الجبهة، أو الذين وصلوا إلى المجلس من بوابات المال السياسي وغيره …  
   ومن غير الممكن أن يتمكن مجلس الشعب، بمثل هذه التركيبة وهذا التوزيع لأعضائه، وبتلك الآلية التي يختار بها الأعضاء , أن يصبح أداة فعالة للتغيير والإصلاح ,بل انه يصبح بهذه الحالة مؤسسة موازية للسلطة التنفيذية، ويفقد بذلك دوره في الرقابة والتشريع والتمثيل الحقيقي لمختلف مكوّنات الشعب السوري, فالإصلاح يحتاج لإصلاحيين يؤمنون به، وترتبط مصلحتهم بتحقيقه، وإذا كان الإصلاح يبدأ بتعديل المادة الثامنة من الدستور وإقرار قانون عصري للأحزاب يفسح المجال للتعددية السياسة والقومية وحرية التعبير، ! فكيف يمكن أن ننتظر من مجلس، يحتكر فيه حزب واحد غالبية المقاعد في إطار الاحتكار الدستوري، تسمى حصته، الغالبة في المجلس، عملياً قبل إجراء الانتخابات، أن يكون مهيأً للمباشرة بإصلاح حقيقي، خاصة وأنه المستفيد الوحيد من تطبيقات تلك المادة الثامنة، ولهذا يظل دور المجلس ضعيفاً وتظل قراراته مرهونة للسلطة، وللدلالة على ضعف فعالية هكذا مجلس فقد عرض على كل دوراته السابقة موضوع إعادة الجنسية للمواطنين الأكراد المجردين منها بموجب إحصاء 1962الرجعي،دون طائل، وكان الرد دائماً بأن القرار سياسي، بمعنى أن هناك مرجعية تشريعية أخرى غير مجلس الشعب، الذي يفترض به أن يكون أعلى سلطة تشريعية، لكن الوقائع وكثرة الأمثلة تثبت غير ذلك.


——–

موقع ثروة 19/4/2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…