عبد السلام داري
أشرقت شمس يوم الثاني والعشرين من نيسان عام 1898م , وأرسلت أشعتها الذهبية على سماء القاهرة , لم يكن ذلك اليوم يوما عاديا أبدا .
أشرقت شمس يوم الثاني والعشرين من نيسان عام 1898م , وأرسلت أشعتها الذهبية على سماء القاهرة , لم يكن ذلك اليوم يوما عاديا أبدا .
كان الحلم الكردي حاضرا في هذا اليوم .
الأمير مقداد مدحت بدرخان يترقب بلهفة خبر صدور أول عدد من جريدة (كردستان) من المطبعة , ليزف البشرى إلى أبناء شعبه .
الأمير مقداد مدحت بدرخان يترقب بلهفة خبر صدور أول عدد من جريدة (كردستان) من المطبعة , ليزف البشرى إلى أبناء شعبه .
وهكذا تحول الحلم إلى حقيقة .
بصدور العدد الأول من الجريدة .
كانت تلك الخطوة الأولى على طريق تأسيس صحافة كردية , تأخذ على عاتقها شرح معاناة وآلام وآمال الكرد .
إن لعائلة البدرخانيين باعا طويلا في الوطنية , والتاريخ يشهد على مآثرهم وبطولاتهم .
فبعد أن ضاقت بهم السبل في وطنهم , التجؤوا إلى مصر وراحوا يبتكرون أساليب جديدة في النضال .
وبالرغم من بعدها عن الوطن , نتيجة واقع الاضطهاد الذي كان يعيشه الشعب الكردي في وطنه .
(( لكن جريدة كردستان كانت منذ البداية مرتبطة بالوطن , وليس أدل على ذلك من تلك العبارة المدونة في الزاوية اليمنى , من صفحتها الأولى والتي يقول فيها صاحبها ببساطة وعمق في الاتصال مع الشعب , كل من يود مراسلتنا , فليكتب إلى مصر , لصاحب الجريدة ابن بدر خان باشا مقداد مدحت بك , إنني أرسل من كل عدد ألفي نسخة مجانا إلى كردستان , لتعطوها إلى أبناء الشعب .
)) * 1 *
وخلال فترة قصيرة أصبحت الجريدة توزع في كل أنحاء كردستان .
و أصبحت صوت الشعب الكردي في تلك الحقبة التاريخية .
((كتبت هذه الجريدة بلغة كردية جميلة سلسلة , باللهجة الكرمانجية الشمالية , لهجة جزيرة بوتان , وكانت تصدر بأربع صفحات مرة كل أسبوعين , وكانت جيدة الطبع والورق , وتطبع بالأحرف العربية على النسق الفارسي .
)) *2*
وقد اهتمت الجريدة بالآثار الأدبية من شعر وملاحم كردية .
بالإضافة إلى تناول المسائل السياسية والمعارك الدائرة في العالم .
كما أنها دعت إلى تمتين أواصر الأخوة , بين الشعوب المتعايشة في المنطقة من الكرد والأرمن والترك والعرب والفرس .
لقد كانت الغاية من إصدار هذه الجريدة , هو قناعة عائلة البدرخانيين أن النضال بالقلم لا يقل أهمية عن باقي الأساليب النضالية الأخرى .
وكان هدفهم الأكبر هو استنهاض همم الشعب الكردي , لينفض عنه غبار الماضي والانطلاق إلى ميادين العلم والمعرفة .
وهكذا اثبت البدرخانيون مرة أخرى انهم أصحاب قضية لا يحيدون عنها أبدا .
وانهم مؤمنون بعدالة قضيتهم .
كما وضعوا نصب أعينهم القيام بحركة تنويرية , تهدف إلى بناء جيل مثقف مرتبط بقضيته .
محب للغته وتراثه يجيد حربا جديدة ألا وهي حرب الكلمة .
** صدر من جريدة كردستان 31عددا في أماكن مختلفة من العالم :
الأعداد من 1 – 5 في القاهرة
الأعداد من 6 – 19 في جنيف
الأعداد من 20 – 23 في القاهرة
العدد 24 في لندن
والأعداد 25 – 29 في فولكستون
و العددان 30 – 31 في جنيف
*** و الآن وبعد مرور اكثر من قرن على صدور أول جريدة كردية .
نرى أن وضع الصحافة الكردية ليست على ما يرام .
وما يدعونا إلى الإقرار بهذه الحقيقة المرة , هو عدم تمكنها حتى الآن من إيصال الوجه الحضاري لرسالة شعبنا إلى العالم .
هذا الشعب المكافح في سبيل حريته .
والذي يبذل كل غال في سبيل إحقاق الحق ورد الظلم عن نفسه .
وبما أن الحوار اصبح لغة العصر , وهي الوسيلة المثلى لحل كافة القضايا العالقة , كان لزاما على الصحافة الكردية أن تفعل الحوار , وتجعله في المقام الأول من اهتماماتها , بغية إقناع العالم بعدالة قضية شعبنا .
وتفعيل الحوار يتم بسماع الرأي الآخر , وامتلاك منطق جديد في السلوك والتفكير , وعدم إطلاق أحكام ارتجالية ,لكي نتوجه بانتقادنا إلى مواطن الخلل لتشخيصه ومعالجته , وقبول الانتقاد من الآخرين .
يقول غاندي في هذا الصدد : ينبغي ألا يؤدي اختلاف الرأي إلى العداء , وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء .
مما لا شك فيه أن الصحافة تلعب دورا رائدا في توجيه الرأي العام , وفي توجيه سلوك الأفراد والمجتمعات .
لذا فان مسؤولية الصحافة تكمن في رسم سياسة تنطلق من الواقع المعاش للشعب الكردي .
وباختصار أن تكون مرآة لهذا الواقع .
فسياسة التذويب و طمس الهوية التي تمارس بحق الشعب الكردي منذ قرون .
أدى به أن يصبح مقهورا ذا شخصية ضعيفة .
ونحن أمام وضع كهذا , كان لا بد للصحافة من أن تتجه إلى بناء الشخصية الكردية من جديد ., فبناء المجتمعات تبدأ ببناء الإنسان الفرد الطامح , الذي يمتلك إرادة الحياة , وإرادة التغيير .
يقول ميخائيل نعيمة (( كل ما في الطبيعة جميل ثمين , ولكن أجمله وأثمنه على الإطلاق هو الإنسان ))
فلنولِ بناء الإنسان الاهتمام اللازم .
والآن ترى ما هي العوامل التي تقف حائلا أمام تطور الصحافة الكردية في عصرنا الراهن :
1- عدم تمكن الغالبية العظمى من الشعب الكردي من القراءة والكتابة باللغة الكردية , وهذا يؤدي إلى الشعور بالاغتراب , لدى استعانته بصحافة الغير .
2- عدم توفر الكادر المتخصص في الصحافة , لإدارة المؤسسات الإعلامية , كي تساهم بشكل فعال في رصد الحدث وتحليله وشرح أبعاده .
3-هيمنة أحزاب الحركة الكردية على الصحافة والإعلام .
ونتيجة لذلك خلق إعلام مؤد لج غير قادر على حرية الحركة والتعبير .
4- عدم وجود مؤسسات إعلامية مستقلة , تأخذ على عاتقها وضع منهج علمي مدروس لواقع الكرد .
تمتلك خطابا عقلانيا يتجه إلى كافة أبناء الشعب الكردي .
وبالتالي وضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبار آخر .
وبهذه المناسبة أدعو كافة النخب الثقافية الكردية , إلى مراجعة الذات وتحمل المسؤولية , في هذه الفترة الحرجة من تاريخ شعبنا , للعمل على أن يكون دورهم فعالا في المجتمع .
والدعوة إلى نشر تفكير علمي عصري , بغية السير على طريق التقدم الاجتماعي .
وترسيخ مبادئ إنسانية قائمة على العدل والمساواة , لنثبت للعالم أجمع أن الكرد ذوو تاريخ عريق وحضارة عظيمة منذ آلاف السنين , هذا الشعب الذي رفد الحركة العلمية بالكثير من العلماء , الذين ساهموا بشكل فعال في حضارة شعوب الشرق .
لذا كان لابد للصحافة من أن تطور خطابها , وتجعله طموحا بحيث يواكب التغييرات المتسارعة التي تحدث في المنطقة وفي العالم .
وختاما أتوجه بالتحية إلى كل صحفيي كردستان , بمناسبة عيد الصحافة الكردية .
الذين يعملون في ظروف استثنائية قل نظيرها في العالم .
بصدور العدد الأول من الجريدة .
كانت تلك الخطوة الأولى على طريق تأسيس صحافة كردية , تأخذ على عاتقها شرح معاناة وآلام وآمال الكرد .
إن لعائلة البدرخانيين باعا طويلا في الوطنية , والتاريخ يشهد على مآثرهم وبطولاتهم .
فبعد أن ضاقت بهم السبل في وطنهم , التجؤوا إلى مصر وراحوا يبتكرون أساليب جديدة في النضال .
وبالرغم من بعدها عن الوطن , نتيجة واقع الاضطهاد الذي كان يعيشه الشعب الكردي في وطنه .
(( لكن جريدة كردستان كانت منذ البداية مرتبطة بالوطن , وليس أدل على ذلك من تلك العبارة المدونة في الزاوية اليمنى , من صفحتها الأولى والتي يقول فيها صاحبها ببساطة وعمق في الاتصال مع الشعب , كل من يود مراسلتنا , فليكتب إلى مصر , لصاحب الجريدة ابن بدر خان باشا مقداد مدحت بك , إنني أرسل من كل عدد ألفي نسخة مجانا إلى كردستان , لتعطوها إلى أبناء الشعب .
)) * 1 *
وخلال فترة قصيرة أصبحت الجريدة توزع في كل أنحاء كردستان .
و أصبحت صوت الشعب الكردي في تلك الحقبة التاريخية .
((كتبت هذه الجريدة بلغة كردية جميلة سلسلة , باللهجة الكرمانجية الشمالية , لهجة جزيرة بوتان , وكانت تصدر بأربع صفحات مرة كل أسبوعين , وكانت جيدة الطبع والورق , وتطبع بالأحرف العربية على النسق الفارسي .
)) *2*
وقد اهتمت الجريدة بالآثار الأدبية من شعر وملاحم كردية .
بالإضافة إلى تناول المسائل السياسية والمعارك الدائرة في العالم .
كما أنها دعت إلى تمتين أواصر الأخوة , بين الشعوب المتعايشة في المنطقة من الكرد والأرمن والترك والعرب والفرس .
لقد كانت الغاية من إصدار هذه الجريدة , هو قناعة عائلة البدرخانيين أن النضال بالقلم لا يقل أهمية عن باقي الأساليب النضالية الأخرى .
وكان هدفهم الأكبر هو استنهاض همم الشعب الكردي , لينفض عنه غبار الماضي والانطلاق إلى ميادين العلم والمعرفة .
وهكذا اثبت البدرخانيون مرة أخرى انهم أصحاب قضية لا يحيدون عنها أبدا .
وانهم مؤمنون بعدالة قضيتهم .
كما وضعوا نصب أعينهم القيام بحركة تنويرية , تهدف إلى بناء جيل مثقف مرتبط بقضيته .
محب للغته وتراثه يجيد حربا جديدة ألا وهي حرب الكلمة .
** صدر من جريدة كردستان 31عددا في أماكن مختلفة من العالم :
الأعداد من 1 – 5 في القاهرة
الأعداد من 6 – 19 في جنيف
الأعداد من 20 – 23 في القاهرة
العدد 24 في لندن
والأعداد 25 – 29 في فولكستون
و العددان 30 – 31 في جنيف
*** و الآن وبعد مرور اكثر من قرن على صدور أول جريدة كردية .
نرى أن وضع الصحافة الكردية ليست على ما يرام .
وما يدعونا إلى الإقرار بهذه الحقيقة المرة , هو عدم تمكنها حتى الآن من إيصال الوجه الحضاري لرسالة شعبنا إلى العالم .
هذا الشعب المكافح في سبيل حريته .
والذي يبذل كل غال في سبيل إحقاق الحق ورد الظلم عن نفسه .
وبما أن الحوار اصبح لغة العصر , وهي الوسيلة المثلى لحل كافة القضايا العالقة , كان لزاما على الصحافة الكردية أن تفعل الحوار , وتجعله في المقام الأول من اهتماماتها , بغية إقناع العالم بعدالة قضية شعبنا .
وتفعيل الحوار يتم بسماع الرأي الآخر , وامتلاك منطق جديد في السلوك والتفكير , وعدم إطلاق أحكام ارتجالية ,لكي نتوجه بانتقادنا إلى مواطن الخلل لتشخيصه ومعالجته , وقبول الانتقاد من الآخرين .
يقول غاندي في هذا الصدد : ينبغي ألا يؤدي اختلاف الرأي إلى العداء , وإلا لكنت أنا وزوجتي من ألد الأعداء .
مما لا شك فيه أن الصحافة تلعب دورا رائدا في توجيه الرأي العام , وفي توجيه سلوك الأفراد والمجتمعات .
لذا فان مسؤولية الصحافة تكمن في رسم سياسة تنطلق من الواقع المعاش للشعب الكردي .
وباختصار أن تكون مرآة لهذا الواقع .
فسياسة التذويب و طمس الهوية التي تمارس بحق الشعب الكردي منذ قرون .
أدى به أن يصبح مقهورا ذا شخصية ضعيفة .
ونحن أمام وضع كهذا , كان لا بد للصحافة من أن تتجه إلى بناء الشخصية الكردية من جديد ., فبناء المجتمعات تبدأ ببناء الإنسان الفرد الطامح , الذي يمتلك إرادة الحياة , وإرادة التغيير .
يقول ميخائيل نعيمة (( كل ما في الطبيعة جميل ثمين , ولكن أجمله وأثمنه على الإطلاق هو الإنسان ))
فلنولِ بناء الإنسان الاهتمام اللازم .
والآن ترى ما هي العوامل التي تقف حائلا أمام تطور الصحافة الكردية في عصرنا الراهن :
1- عدم تمكن الغالبية العظمى من الشعب الكردي من القراءة والكتابة باللغة الكردية , وهذا يؤدي إلى الشعور بالاغتراب , لدى استعانته بصحافة الغير .
2- عدم توفر الكادر المتخصص في الصحافة , لإدارة المؤسسات الإعلامية , كي تساهم بشكل فعال في رصد الحدث وتحليله وشرح أبعاده .
3-هيمنة أحزاب الحركة الكردية على الصحافة والإعلام .
ونتيجة لذلك خلق إعلام مؤد لج غير قادر على حرية الحركة والتعبير .
4- عدم وجود مؤسسات إعلامية مستقلة , تأخذ على عاتقها وضع منهج علمي مدروس لواقع الكرد .
تمتلك خطابا عقلانيا يتجه إلى كافة أبناء الشعب الكردي .
وبالتالي وضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبار آخر .
وبهذه المناسبة أدعو كافة النخب الثقافية الكردية , إلى مراجعة الذات وتحمل المسؤولية , في هذه الفترة الحرجة من تاريخ شعبنا , للعمل على أن يكون دورهم فعالا في المجتمع .
والدعوة إلى نشر تفكير علمي عصري , بغية السير على طريق التقدم الاجتماعي .
وترسيخ مبادئ إنسانية قائمة على العدل والمساواة , لنثبت للعالم أجمع أن الكرد ذوو تاريخ عريق وحضارة عظيمة منذ آلاف السنين , هذا الشعب الذي رفد الحركة العلمية بالكثير من العلماء , الذين ساهموا بشكل فعال في حضارة شعوب الشرق .
لذا كان لابد للصحافة من أن تطور خطابها , وتجعله طموحا بحيث يواكب التغييرات المتسارعة التي تحدث في المنطقة وفي العالم .
وختاما أتوجه بالتحية إلى كل صحفيي كردستان , بمناسبة عيد الصحافة الكردية .
الذين يعملون في ظروف استثنائية قل نظيرها في العالم .
المصادر :
1- حول الصحافة الكردية د .
عز الدين مصطفى رسول .
2- نفس المصدر .