حوض السمك الكردي

بافي ايمي *

وحدة الخطاب الكردي شيء مهم جدا، أغلبنا متفقين على هذا الرأي, لنا أعداء أكثر من الأصدقاء و هذا واقع لا محال مع الأسف منه، و حتى أن توحد الصف فهذه ليست إلا بالخطوة الأولى نحو الأمام و أضعف الأيمان، لكن لنتفق معا طريق الألف ميل والهدف يبدأ بخطوة.
أي بعد نحن عن تلك الخطوة بعيدين؟

– منقسمون نحن ما بين أربع دول و لا ننسى الخامسة أيضا، لكل دولة منها نظام وحكم مغاير للأخرى، يمارسون شتى الأساليب بحقنا من ظلم و تعذيب و تجويع و تحطيم وتلاشي شعب بكامله، و فيما بينهم كبرى الخلافات و أعقد المشكلات
ولكن ما هو لافت للنظر حينما يتعلق الموضوع بالكرد فكلهم أخوة و رفاق و أصدقاء و ينادون بعضهم يا أخا لم تلده أمي,
– لغتنا الغير موحدة مع الأسف و لهجاتنا المتباينة دون الأتفاق على لغة رسمية واحدة و حرف يجمعنا، حينما تتصل بي جهة رسمية للترجمة باللغة الأم يفضلون أن أستمع إلى الأخ أو الأخت الكردية بالهاتف أولا والسؤال الدائم هل تفهم عليه, عليها ؟؟؟
– الديانة والأعتقاد المختلف من مسلم سني إلى شيعي، و من يزيدي إلى مسيحي و علوي و يهودي, إن نسينا البعض فهذا ليس الموضوع لذا يرجى الأعتذار و تذكيرنا بالمزيد, عفوا حتى شبابنا صاروا يعتنقون اعتقادات جديدة مثل يهودا – يهوفا – و غيرها, و بالطبع كل من قيادات و خلافات هذه الأديان أدخلوا في دمنا و جسمنا اعتباراتهم و قيمهم مثلما يحلو لهم,
– تاريخنا المنسي والذي نفتخر به طبعا أينما كان، لكن لا ننسى فقط نحن الشعب الوحيد أو لنقل الجهة السياسية الرسمية الوحيدة اللتي نعترف به و لا نحرفه كما يحلو لأهوائهم و أهدافهم – نعني الأخرين- لكن كما ذكرنا أية جهة رسمية و طبعا قوية لها رأي في العالم تعترف بهذا التاريخ العريق ؟
– تصوروا في عصر النهضة و العلمانية و التطور الهائل مازلنا نعترف و بشكل ضمني أو علني بالعلاقة العشائرية و أوصولها و كذلك نفضل هذا على ذاك و  هل هذا من أسماك السلمون أم السرطان أم ؟؟ اما أن نكون حضاريين و نأخذ الطريق السليم أو لنبقى قابعين في حوضنا دون خروج,
– انقساماتنا السياسية – صلب الموضوع-  تعدد أحزابنا لما صرنا نشك في العدد الحقيقي لها و كل فترة يلد حزب جديد وباسم مغاير للآخر، فقط اسم , – مع ذكر فضل الحركة الكردية بشكل عام و تاريخها النضالي العريق والعميق، ننحني لها و لشهدائنا من أجلها رؤوسنا- لكن لنطالع أنفسنا جميعا على أهداف كل حزب على حدى و نظامه الداخلي، هل من فرق جوهري بين هذا أو ذاك ؟؟
هذا طبعا في الوطن و في بلاد الغربة طبعا عملناها مودرن و بشكل جديد حضاري حيث سميناها بالجمعيات والمنظمات و الحركات التحررية الثقافية و مئات الأسماء, جلبنا مرضنا معنا و أدمنا في أخذ المهدئات و الأحتفاظ بالأسماء,
نعم هل الأسم هو المهم و الأهم ؟ هل هذا أم ذاك هو الوطني الحقيقي  و الآخر هو الخائن والناسي والبعيد والمصلحجي و و و ,,,؟
ثم تتكاثر الإجتماعات و تنمو النقاشات و تتداول غرف البالتوكات و الدعاية الكبرى للفعاليات والمظاهرات و الإعتصامات, هلا فكرنا بها ما تجلب لنا من أهداف أم أن أهدافنا اقتصرت على من نظم و من شارك و من وقع و من البطل الحقيقي؟ هل بقي جتو بطلنا – جتو بطل أوربا، لاجئنا السياسي- مجموعة حلقات كتبناها لمن يثير اهتمامه نذكر بقرائتها لمن لم يحب الأطلاع عليها في المواقع  الكردية و هي لم تنتهي بعد.
ثم يأتي دور الرأي الشعبي للشعوب اللتي نعيش ما بينها في بلد واحد سواء في الوطن الأم أم في بلاد المهجر و شعوبها، نعم شعوبها اللتي ما تزال تسألنا و هل هناك فرق بين كردي وتركي؟ أليست اللغة الكردية نفسها الفارسية والعربية؟ من هم الكرد ؟ أين يعيشون ؟ سمعت أيضا أن منهم في جنوب أفريقيا ,,,,؟؟ نعم هذه مع الأسف أسئلة الشارع الأوربي أيضا و القلائل جدا منهم من المتطلعين على واقعنا و يعرفوننا و يبدون اهتمامهم بنا.
أليس الأجدر بنا أن نعرفهم علينا، من نحن ؟ من أين جئنا؟ ماهو الفرق بيننا و بين الترك والفرس والعرب والأفريقان ؟
أليست هناك آلاف الطرق والأساليب لذلك؟ موسيقانا, أشعارنا, مطبخنا, أزيائنا, دبكاتنا,  ثقافاتنا, نسائنا الذكيات و مستوى تعليمهن بالمقارنة مع الآخرين وهذه أيضا ليست بنقطة غير مهمة في العالم.
و أين الطريق إلى كل هذا؟ هل نتعلم لغاتهم، عاداتهم، تقاليدهم و نأخذ السليمة منها ؟ أم أن هذا خطر علينا و على تراثنا وحضاراتنا ؟ هل حضاراتنا بهذا الضعف لأن نخاف عليها من مهب الريح أم أن هناك طرق سليمة للأندماج ؟
مقطوعيين عن العالم الخارجي و ملتهين بخلافات و نقاشات بيزنطينة, نتنفس في الحوض بالكاد و منطويين على أنفسنا و نقول هذا قضاء الله و قدره علينا.
هل سنخرج من الحوض يوما ما؟ هل مستعدين لتحمل أعباء السفر والطريق للتعرف على أسماك الأنهار و منها إلى البحار و المحيطات؟ هل سنتخذ الخطوة الأولى نكمل المشوار للوصول إلى أعماق تلك المحيطات.

* مرشد اجتماعي، مترجم، النمسا.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري   يا سوريا، يا رعشة التاريخ حين يختلج على شَفَة المصير، ويا لُغزَ الهوية حين تُذبح على مذبح الشرعية، ما بين سراديب القهر وأعمدة الطموح المتداعية. أنتي ليستِ وطناً فقط، بل أسطورةٌ تمشي على أطرافِ الجراح، تهمس للحاضر بلغةٍ من دمٍ، وتُنادي المستقبل بنداءٍ مختنقٍ بين الركام. أيُّ قدرٍ هذا الذي يجعل من أرض العقيق محرابًا للدم، ومن…

نتابع، في الشبكة الكردية لحقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، بقلق بالغ تصاعد حالات اختطاف الأطفال القُصَّر، خاصة الفتيات، من قبل ما تُسمى بـ”منظمة جوانين شورشكر” أو “الشبيبة الثورية”. حيث يُنتزع هؤلاء الأطفال من أحضان عائلاتهم ويُخفَون في أماكن مجهولة، دون تقديم أية معلومات لأسرهم عن مصيرهم. لقد حصلنا على قوائم بأسماء عدد من القاصرين والقاصرات الذين تم اختطافهم…

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم منذ سقوط النظام، وشهدت البلاد تحولًا سريعًا- يشبه ما يحدث في الخيال العلمي- وكأنها عاشتها على مدى قرن بل قرون. هذه الفترة القصيرة كانت مليئة بالأحداث الجسيمة التي بدت وكأنها تحولات تاريخية، رغم قصر الوقت. ومع كل هذه التغيرات، تبقى الحقيقة المرة أن السوريين يواجهون تحديات أكبر من أي وقت مضى. بدأت المرحلة الجديدة…

نظام مير محمدي*   في خطبته التي ألقاها الولي الفقيه علي خامنئي بمناسبة عيد الفطر قال وهو يشير الى التهديدات المحدقة بالنظام الإيراني: “يهددوننا بالشر. لسنا على يقين بأن الشر سيأتي من الخارج، ولكن إن حصل، فسيتلقون ضربة قاسية. وإذا سعوا لإشعال الفتنة في الداخل، فإن الشعب الإيراني سيتولى الرد”، وفي کلامه هذا الکثير من الضبابية وعدم الوضوح لأن…