طلب انتساب إلى إعلان دمشق…!

 إبراهيم اليوسف
 

لقد جاءت حملة الاعتقالات الأخيرة، التي قام بها أحد أجهزة الأمن ضدّ كل من حضر الاجتماع الموسع للمجلس الوطني لإعلان دمشق، والذي تمّ في الأول من شهر كانون أول الجاري2007، حيث تمّ استجواب وتوقيف وحجز واعتقال حوالي أربعين مواطنا ً ومواطنة سوريين، عبر حملة غير مفهومة ، وغير مسوّغة إلا بداعي الاستعراض الأمني ، كي يقال للمواطن المسكين الذي قد لا يحتاج- أصلاً- إلى أيّ استعراض من قبل أجهزة الأمن التي تريده أن يتذكرها، وهي تقول له: نحن هنا، لأنه مخوّف، وهي في باله- أصلاً – بل لا تفارق باله، منذ أن يفتح كلتا عينيه صباحاً، وحتّى حين يغمضهما، بل أن هيبتها ورهبتها قد ترافقه إلى سريره، تبعد متعة النوم عن عينيه،   أو تذهب أبعد من ذلك حين تتحول إلى كوابيس، أنى هدّه الكرى، ليكون أجمل نوم له ، هو الذي يخلو من أي كابوس، يفسد راحته، ويجعله أسير القلق والأرق……….!
أجل، ثمة فزع انتشر على طوال خريطة بلدنا سوريا وعرضها، منذ ليلة التاسع من كانون الأول الجاري، خاصة حين تعثرت – فجأة – خدمتا الهاتف الخلوي بشركتيه الموجودتين، وكذلك الأنترنت، لمدة تزيد عن اثنتين وسبعين ساعة، وصار الناس يتساءلون عما حدث، ليعطى لإعلان دمشق مدّ آخر- بعكس المشيئة الأمنية – ويسمع به من لم يسمع، ويسأل مواطننا للتو عن مقرراته، ويتقصى أسماء مجلسه الجديد، ومن تم ملاحقتهم ، واعتقالهم، عسفاً، كي تضاف إلى الذاكرة أسماء جديدة، يتعاطف معها الشارع السوري العريض المغلوب على أمره ، و يبحث هذا المواطن وراء الأسطر عن بنوده الجديدة، عسى أن يجد ما يشفي غليله، وهو المكتوي بألهبة سعير الغلاء والفساد، والبطالة،والإفقار، منتظراً على “مفترق طرق” أيّ تغيير يتم ، مادام أن الإصلاحات المعلن عنها، لم تتحقق، حيث صار نبّاشو القمامة  ينتظمون في المدن السورية على شكل ورش، تبحث عن بقايا أطعمة المتخمين، عسى أن يسدوا بها رمقهم، وهم أبناء بلد نفطي زراعي غني، يمكن لمائه – فحسب- أن يكون أغنى ثروة في بلده، ناهيك عن هوائه، وروعة طبيعته التي لايستبدلها مواطن مثلي بكل فراديس العالم …..!
 
ولعلي أحد هؤلاء الذين عرفوا كيف بدأت فكرة إعلان دمشق من رحم فكرة سابقة عليها، دعت إليها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، بعد أن تم تشذيبها ، وتذويقها، من خلال بعض الأشخاص الذين صاروا هم أو ممثلوهم نواة في هذا الإعلان الجديد،بالإضافة إلى آخرين كالمناضل رياض الترك نموذجاً- وإن كنت “سأختلف” معه في ما يتعلق بالموقف من القضية الكردية ، وهي من نقاط اختلافي مع الإعلان الذي تم اقتراحي، في بداياته، لأكون ممثلاً مستقلاً في قيادته بتزكية من حزب الوحدة الكردي- يكيتي ، ليتفقوا على الحدّ الأدنى من نقاط التوافق، ويسجلوا باسمهم-هذه الماركة -على إنها غير مسجلة من قبل ، ولتكون علامة أخرى بعد الإعلان البلازي الذي كان ممكناً أن يتطور بعد أن سجل أولى نقطة في تاريخ سوريا، و في أحرج مرحلة في تاريخ بلدنا ، بعيد 12 آذار 2004، ليكون هؤلاء بالتالي – أصحاب رأي- يجتهدون على نحو سلمي ، انطلاقاً من غيرتهم الوطنية، داعين إلى التغيير التدرجي ، بعيداً عن الاستقواء بأحد من الخارج، بعكس التهمة الكاذبة الملفقة التي قد تروج ضدهم، بغرض الإيقاع بهم، ولاسيما أن كلاً من : فداء حوراني- أكرم البني – أحمد طعمه- جبر الشوفي- علي عبد الله- وليد البني – ياسر العيتي-فك الله أسرهم ، من العقول الوطنية التي تريد الخير لسوريا والسوريين، وهم جميعاً  يعملون من أجل مصلحة بلدهم، ويمارسون قناعاتهم، دون أن ينطلقوا إلا مما يمليه ضميرهم الوطني……..!
 
  إنّ حملة الاعتقالات الجديدة ، وما تركته من أصداء مؤلمة في وجدان مواطننا غير الببغائي، وغير المصفق بشكل رخيص لمصلحته البرهية، الآفلة ، جاءت مرة أخرى لتؤكد فشل الحلّ الأمني، والقبضة الحديدية، لأن الطريق إلى قلب مواطننا يبدأ من رفع الأحكام العرفية وقانون الطوارىء، وإعادة الحرمة إلى القضاء النزيه، ومحاربة الفساد على نحو جدّي، وتأمين رغيفه، وصون كرامته، والاعتراف الدستوري بالكرد، كثاني مكون وطني سوري، ضمن حدود وطنهم سوريا، وإحقاق كافة حقوقهم ، وتحويل السجون إلى حدائق بحق، ومحاسبة اللصوص الذين لا يزالون ينهبون الوطن والمواطن معاً ، وإطلاق حرية الصحافة، وقانون الأحزاب، ووضع حد  للانتهاكات التي تجري لحقوق الإنسان ، على مرأى الجميع، وألا يسجن أحد بسبب آرائه السلمية………….

وهل كل ذلك إلا مجرد حقوق بسيطة في دولة الديمقراطية والمواطنة الحقيقية………..؟
 
21-12-2007
 

…..طبعاً الطلب هنا مجازي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…