القضية الكردية بين الاستحقاق القومي والوطني السوري

افتتاحية جريدة الوحدة (YEKÎTÎ)

تتحرك القضية الكردية على خطين يكمّل احدهما الآخر، يتجه الأول نحو بناء مرجعية قومية ازدادت الحاجة لها بعد أن وصلت عملية التشتت الى حدود غير مقبولة، وأصبح البحث عن مركز للقرار يعبر عن إرادة شعبنا ويتواصل باسمه مع الرأي العام,ويسعى الى صيانة دوره وحماية مستقبله من الفتن،ضرورة وطنية، في حين يتحرك الثاني باتجاه بقية القوى الوطنية السورية خاصة داخل إعلان دمشق بهدف إبراز خصوصيتها وإدراجها ضمن غيرها من القضايا الوطنية التي تتطلب حلاً عادلاً وديمقراطياً في إطار وحدة البلاد،

 

والذي يتطلب  بالمقابل تنشيط الاهتمام الكردي بتلك القضايا وانخراط الحركة الكردية في سوريا بالنضال الديمقراطي العام لانجاز مهمة التغيير الديمقراطي السلمي، الذي يعني وضع دستور عصري للبلاد لا يعرف الاحتكار والشطب على الآخر المختلف،  وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة وتشكيل حكومة منتخبة .
ورغم المصاعب التي نعاني منها أحياناً على هذا الخط أو ذاك، فان قدرنا ان نواصل الجهود وصولاً الى بناء مرجعية كردية من خلال مؤتمر وطني كردي، لأننا على يقين بأن تلك المصاعب لا تشكل عوائق جدية أمام إرادة شعبنا وحركتنا الكردية لتوحيد الصفوف، فالأطراف التي تمكنت من التوافق على رؤية سياسية مشتركة، لن يكون من مصلحتها ومن حرصها على مصداقيتها، الاختلاف على مواضيع شكلية، من قبيل نشر تلك الرؤية او عدم نشرها، كما أن الآليات التي يفترض بها تنظيم عمل المؤتمر الوطني المنشود يجب أن لا تكون موضع خلاف إذا توفرت النوايا الصادقة فعلاً .

وعلى الخط الآخر فان التوصل الى رؤية سياسية مشتركة للحل الديمقراطي للقضية الكردية في سوريا لا يترك مجالاً للتردد، حسب رأينا، أمام الأطراف الكردية المعنية بتلك الرؤية لأخذ مواقعها في إعلان دمشق، الذي يسعى الآن لعقد مجلسه الوطني الذي ستكون من مهامه المباشرة بصياغة برنامج سياسي يتناول مختلف القضايا الوطنية بما فيها طبيعة ومستلزمات حل القضية الكردية، التي اقر الإعلان في وثيقته الأساسية بضرورة حلها ديمقراطياً في إطار وحدة البلاد، لكن وبسبب التباينات والتنوع العرقي والسياسي والمذهبي، فان هذا الإعلان يلقى أحيانا إشكالات لا يمكن إنكارها، لكن هذا لا يعني الاختباء وراءها أو الاستسلام أمامها،  بل تتطلب المزيد من الحوار والتفاهم حول قضايا أساسية تأتي في مقدمتها هوية سوريا، التي يجمعنا الانتماء الوطني لها ويوحدنا النضال المشترك لصيانة استقلالها وتطورها الحضاري، فهي، كما يريدها الإعلان، يجب أن لا تكون قيادتها محتكرة من قبل حزب واحد، كما يجب أن لا تكون أيضاً بلد اللون الواحد والقومية الواحدة، فهي يجب ان تكون للجميع ..يتساوى فيها كل الناس أمام القانون وينال فيها كل ذي حق حقه، ولا يعني ذلك أن تصبح معزولة عن محيطها المجاور أو عن القضايا الإقليمية التي يجب أن تتأثر بها وتؤثر فيها، لكن يجب أن يبقى الولاء لسوريا هذه والانحياز  لمن فيها من مكونات ومصالح في مقدمة الأولويات الوطنية .
—–

* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (169) آب 2007م- 2619 ك 

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…