إلى من يهمه الأمر.. في كردستان العراق..!

دهام حسن

من طبيعتي كإنسان ألا أكون مجاملا إلا بقدر ما يحفظ للجهة التي أتوجه إليها بالكلام المساحة الواجبة من الاحترام … ولا أغمط لأحد حقه في تاريخه النضالي، وأغلّب حسناته على عثراته، التي لا أقف عندها، لأن حكمي سيكون على النتيجة، وإن كان في الوسائل بعض الهنات، ولا أرى في هذا ضربا من الميكيافلية، من هذا الاستهلال أبدا بالقول والإقرار… إني أكن لعائلة البارزاني المضحية المناضلة كل حب وتقدير وإجلال ، وأنا واحد من الملايين الكرد المفعمين بهذا الشعور والإحساس، وبالتالي الإقرار بمآثر هذه العائلة التاريخية الكريمة… وماذا بعد..؟ 
اليوم الأخ المناضل “كاك” مسعود البارزاني هو رئيس إقليم كردستان العراق، أي أنه يشغل أرفع منصب، وأصعب مسؤولية، وهو بحق أهل وجدير جدا بأن يشغل هذا الموقع الرفيع، وقد أسعدني في حواره مع إحدى الفضائيات التلفزيونية قوله، من أنه يتطلع ليجعل من كردستان العراق “دبي” وأنا واثق من صدق قوله وحسن نواياه ، وعزمه الأكيد للسير بالبلد بهذا المنحى، منحى التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية… إلخ وما الاستثمارات التي نشهدها أو نسمع بها على ساحة الإقليم، والندوات أو المنتديات التي تعقد باستقدام بعض المثقفين من مختلف أرجاء العالم للتداول في مختلف القضايا إلا ترجمة لهذه النوايا… وثمة عوامل عديدة ـ بتقديري ـ تخدم هذا المسعى، وتساعد، وتؤازر للنهوض بهذه البقعة الغالية..

منها أولا….

انتفاء الصراع الطائفي أو المذهبي أو الديني على الساحة الكردستانية، الآمال والآم المشتركة التي عبدت طريق كردستان إلى التحرر، إحساسهم المشترك بأنهم مستهدفون من غير جهة واحدة لوأد تجربتهم الوليدة الرائدة، غياب التطرف الديني، وإن كنت أعبر عن مخاوفي من استشراء المد الديني غير المعتدل مستقبلا لكثرة الملالي الملحوظة على ساحة كردستان العراق…
بعد هذه المقدمة الحذرة ، أريد أن أدخل في صلب الموضوع أو أن أصل إلى بيت القصيد، أي ما كنت أرمي إليه، وما كنت أبغي أن أحذر منه من خلال مقالي هذا وهو..

ظاهرة استشراء الفساد في ربوع كردستان، وهذا الأمر لم ينفه السيد مسعود البارزاني في حواره المتلفز، وإن لم يرها بهذا الحجم الذي ـ ربما ـ ضخمها بعض أجهزة الإعلام..

ومن ثم التضييق على بعض الإعلاميين في إثارتهم لهذا الموضوع..

نحن من جانبنا، لا نريد أن ينخر الفساد هذا الجسد الذي نتمنى له السلامة والتعافي، ونعلم جيدا أن هذا النخر آت من بعض المتنفذين الذين لهم امتداد عائلي وعشائري وقبلي، وأن هذا الداء سيضعف هذا الجسم ، إن لم يقض عليه، ولو بعد حين… فمن ينوي أن يبني كردستان على نهج وشاكلة (دبي) عليه أن يعاجل في مكافحة هذه الظاهرة ، ظاهرة الفساد، وإن النية والعزم بهذا الاتجاه سيستقطب الآلاف المؤلفة من الجماهير الكردية للالتفاف حول القائد البارزاني… وهنا أستذكر الإمبراطور الياباني من القرن التاسع عشر الذي اشتهر بلقبه (مايجي) أي المصلح ، أو الحاكم بالعدل وهذا على سبيل المساعي المبذولة للتذكير فحسب، لا على سبيل المقارنة، فعلى المصلح ألا يقلل من شأن هذه الجماهير المؤلفة، وألا يغفل عن آلاف العائلات الكردية التي ضحت بأرواح أبنائها، وألا يدع بعض صغار النفوس ليحصدوا ثمار تضحية هذه الأسر ومعاناتها، ويبنوا بالتالي فوق جماجم المضحين القصور والأمجاد والاغتناء ، والاستئثار بالمناصب التي تدر لهم بالجاه والربح المريح، لابد من استئصال شأفة هؤلاء وإفهامهم من أن كردستان هي واحة خضراء يتفيأ تحت ظلالها كل المناضلين الكرد العراقيين ، وليست باحة جرداء للعبث والفساد…

بلا ريب إن القضاء على ظاهرة الفساد كليا، أمر مستبعد، لكن لابد من العمل للحد من مداها، لتبقى في حدودها الدنيا غير المنذرة بالخطر، وأني أتوسم في السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان كل الخير والعزم الأكيد لمعالجة هذا الداء قبل أن يستفحل ويخرج بالتالي عن حدود السيطرة، وما توجهي إلى السيد مسعود البارزاني إلا تمثلا بهذا القول المأثور: “صديقك من صدّقك لا من صدقك” والله من وراء المبتغى … وفقك الله أيها السيد الرئيس….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…