لن يعود دولة مركزية كما كان، معتبراً ان الفيدرالية هي الحل الأمثل لمشاكل العراق.
وقال البرزاني في حوار مع “الخليج” انه لن يزور أية دولة لا تعترف باقليم كردستان، وأوضح انه تلقى دعوة لزيارة ايران، وان حل مشكلة العراق يجب أن تتم بين العراقيين ويمكن الاستفادة من دور الدول المجاورة، وأكبر مساعدة تقدمها هذه الدول يكون عبر عدم التدخل في شؤون العراق.
واعتبر الزعيم الكردي ان زيارة وزير الخارجية الفرنسي كوشنير مؤخراً إلى العراق اشارة إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية الفرنسية، مؤكداً على اتفاق أمني وعسكري طويل الأمد بين العراق وتركيا.
وتالياً الحوار:
لنبدأ بزيارة الرئيس جورج بوش الأخيرة إلى العراق.
لماذا هذا التوقيت ولماذا اختار منطقة الأنبار السنية؟
أعتقد أنه اختار الأنبار لأن هذه المنطقة كانت معقلا للقاعدة والجماعات الارهابية الأخرى.
ولكن بعد صحوة العشائر السنية والتعاون الوثيق بين هذه العشائر وقوات الأمن العراقية وقوات التحالف تم ابعاد القاعدة من المنطقة.
كما تم تحقيق الأمن والاستقرار هناك.
وأعتقد أن ذلك هو السبب في زيارة الرئيس بوش لها.
ولكن حملة أمريكية كانت قد استهدفت رئيس الوزراء المالكي خلال زيارته لكل من إيران وسوريا وبعدها؟
أنا لا أعتقد أن للحملة علاقة بالزيارة، فسوريا وإيران وكذلك الدول الأخرى جيران للعراق.
ولابد من زيارة هذه الدول حتى لو كانت علاقات البعض منها متوترة مع العراق أو أمريكا.
أمريكا تتهم إيران بالتدخل في شؤون العراق الداخلية ودعم الجماعات والمنظمات الشيعية.
ولكن في نفس الوقت أمريكا تجلس مع إيران على طاولة المفاوضات لتقرير مصير العراق وهو عضو في الجامعة العربية، فلماذا لا تجلس أمريكا مع العربية السعودية أو مصر أو سوريا مثلا؟
لا أعتقد أن أمريكا لا تتشاور مع الدول العربية في موضوع العراق.
وأنا ضد حل مشكلة العراق مع أي دولة أخرى.
والحل يجب أن يكون عبر العراقيين فقط ومن خلالهم وبواسطتهم.
وبالإمكان الاستفادة من دور الدول المجاورة للمساهمة في الحل علما أن حل قضية العراق مع دولة معينة أو دول الجوار خطأ كبير.
هل تعتقد أن لإيران دوراً مؤثراً في المعادلات العراقية السياسية؟ بالتأكيد أن لإيران دوراً مؤثراً، ولكن أنا ضد كل أدوار الدول الاقليمية في المعادلات العراقية ومهما كان شكل وحجم هذا التدخل.
ولكن تقرير بيكر هاملتون وكذلك تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين يؤكدون أهمية المساهمة التركية السورية الإيرانية في حل المشكلة العراقية.
أفضل حل هو أن تكف هذه الدول عن التدخل.
فذلك هو أكبر مساعدة تقدمها هذه الدول للعراق وحل مشكلتها.
فتدخلها يعني تفاقم المشكلة.
حتى اذا تدخلت من أجل مساعدة العراق باعتبار أن لهذه الدول امتدادات مذهبية أو عرقية أو سياسية مختلفة داخل العراق؟
كما قلت أفضل تدخل هو الكف عن التدخل.
فأنا ضد نفوذ هذه الدول في العراق وأنا مع العلاقات الطبيعية ويجب أن يكون الحوار مع هذه الدول من أجل المصلحة المشتركة.
وأنا ضد أي تدخل من دول الجوار لتقرير مصير قضية معينة أو مشكلة العراق عموماً.
ولكن كيف يتم منع هذا التدخل طالما أن الأطراف العراقية المختلفة لها علاقات مباشرة مع دول الجوار أو البعض منها؟
نعم هناك علاقات بين أطراف عراقية وإيران ودول عربية أخرى ولكن يجب أن تكون هذه العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وليس في خدمة مصالح الدول المذكورة فقط.
العرب السنة
ماذا عن موقف العرب السنة المستقبلي في العملية السياسية مع استمرار بقاء التوافق خارج الحكومة والبرلمان، وكذلك انسحاب جماعة علاوي ومقتدى الصدر؟
بصراحة ليس هناك اتفاق في الحقيقة بالنسبة للعرب السنة.
فهناك اختلاف في وجهات النظر والمواقف بين الأطراف السنية المختلفة.
وبمعنى آخر هناك جبهة أو تحالف بين مجموعات سنية ولكن ليس هناك اتفاق في حقيقة الأمر حول مجمل الأمور المطروحة للنقاش.
ومهما كان الأمر عليه فالعملية السياسية لن تتوقف ولابد من اصلاح هذه العملية أيضا.
وأعتقد ان الاتفاق الخماسي الذي تم بين الأطراف الأساسية خطوة ايجابية ومهمة وبداية جيدة للعمل المشترك المستقبلي.
تعديل الدستور
هل أنت متفائل بتطبيق هذا الاتفاق؟
أنا متفائل ولكن إلى حد ما.
لأن هناك صعوبة في الموقف العراقي عموما.
هل السبب هو الفشل في تعديل بعض مواد الدستور التي يطالب بها السنة مثلا؟
أي تعديل وفق الآلية التي وردت في الدستور ممكنة.
واللجنة التحضيرية الخاصة بالتعديلات أعدت العديد من الأوراق وقدمتها للأطراف الخمسة، بعد أن قامت بعمل جيد.
وتمت الاتفاق من قبل الأطراف الخمسة على عدد كبير من هذه الأوراق وتمت احالتها إلى البرلمان.
وسنرى كيف سيناقش البرلمان هذه الأوراق والمقترحات ومتى وكيف سيوافق عليها.
باعتباركم طرفاً مهماً في الاتفاق الخماسي هل تعتقدون أن البرلمان سيحل جميع المشاكل المعلقة؟
سيصوت البرلمان على التعديلات الدستورية واذا تطلب الأمر فستحال هذه التعديلات إلى الاستفتاء الشعبي.
دور فرنسا
زيارة وزير الخارجية الفرنسي كوشنير الأخيرة والمفاجئة إلى العراق أثارت العديد من ردود الفعل الواسعة سياسيا واعلاميا.
لماذا؟
الزيارة اشارة مهمة لتغيير جذري في السياسة الخارجية الفرنسية بعد انتخاب ساركوزي رئيسا وتعيين كوشنير وزيرا للخارجية.
ونحن نرحب بهذا التغيير ونؤكد أن فرنسا تستطيع أن تلعب دوراً ايجابياً ومهماً وكبيراً في العراق والمنطقة.
أعتقد أنكم التقيتم ساركوزي في السابق؟
نعم التقيت ساركوزي عدة مرات، وفرنسا ستقوم بدور ايجابي ومهم في المستقبل ونحن نرحب بهذا الدور.
تركيا والأكراد
بسبب الاتهامات والتهديدات المتبادلة تشهد العلاقات التركية الكردية وأحيانا التركية العراقية فتورا وتوترا بين الحين والحين.
فما هو تصوركم لمستقبل العلاقات الكردية مع تركيا خاصة بعد الانتخابات التركية الأخيرة وما نتج عنها؟
بعد الانتخابات الأخيرة نأمل أن تتطور هذه العلاقة وتتخلص من الشوائب التي رافقتها في المرحلة السابقة.
ونحن نؤيد الدخول في حوار جدي ايجابي مع الحكومة التركية الجديدة للتوصل إلى كل ما هو في خدمة المصالح المشتركة.
وانني أرى آفاقا جدية وجيدة لهذه العلاقات.
كيف تقيمون نتائج الانتخابات خاصة بعد النجاح الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في جنوب شرق البلاد حيث صوت الأكراد بكثافة للحزب المذكور بسبب مقولاته الايجابية؟
تقييمنا ايجابي من دون شك.
ما حدث في تركيا تطور مهم وايجابي كبير بالنسبة للشارع التركي ولنا.
وهذه الانتخابات أثبتت تأييد الأغلبية التركية أيضا لمنطق الحوار ورفضت الشوفينية والعنصرية القومية التي ليست لصالح أحد داخل تركيا أو خارجها.
وماذا عن حصول العدالة والتنمية على أغلبية أصوات الأكراد أيضا؟
بالتأكيد هذا مهم جداً.
فالأكراد صوتوا للعدالة والتنمية بسبب مواقفه الايجابية ورفضه لأفكار الشوفينية المتطرفة.
هل نستطيع أن نقول إن الفتور والتوتر في العلاقة بين تركيا وأكراد العراق أو اقليم كردستان العراق قد انتهى؟
نأمل أن يكون قد انتهى ونحن سنعمل لإنهاء كافة أنواع الفتور وأسبابه.
ولكن سبب الفتور هو تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق، أي داخل أراضي أقليم كردستان العراق؟
الجميع يعرف أن هذا التواجد في المناطق الجبلية النائية القريبة من الحدود العراقية التركية.
والجيش العراقي المنشغل بالأمن في بغداد لا يستطيع أن يفعل أي شيء مع هؤلاء الآن.
ولكن نحن كحكومة اقليم كردستان العراق لا ولن نقبل لأي جماعات مسلحة بالعمل ضد دول الجوار من أراضينا أو عبرها.
وقد أبلغنا قيادات الكردستاني التركي بذلك.
وماذا عن القصف الإيراني لمناطق كردستان بحجة نشاط باجاك؟
هذا من دون شك عدوان واضح ولا يمكن القبول به.
وقد قلنا ذلك لاخواننا الإيرانيين ونتمنى ألا يتكرر حتى لا تتضرر العلاقات الكردية- الإيرانية.
أزمة كركوك
ماذا عن كركوك؟ حيث ان هناك حديثاً عن احتمالات احالة ملف المدينة إلى الأمم المتحدة.
أعتقد أن الموضوع محلول دستوريا وتم وضع حل لهذه المشكلة.
وقد بدأت اللجنة المختصة أعمالها من جديد بعد تعيين رئيس جديد لها.
والمادة 140 من الدستور لا تخص كركوك فقط وهناك مناطق أخرى تحتاج لحل مثل كركوك.
فإذا كان هناك حاجة لمساعدة فنية من الأمم المتحدة فنحن سنطلب ذلك.
ولكن ليس ممكنا احالة الموضوع بالكامل للأمم المتحدة.
هل تعتقد أن الاستفتاء سيكون قبل نهاية العام الجاري وفقا للمادة 140؟
الحل الوارد في الدستور يتضمن اجراء إحصاء ثم استفتاء.
والجدول الزمني يجب أن يراعى بدقة هذا الأمر.
فإذا كان هناك سبب فني لتأجيل الموعد لمدة قصيرة ومؤقتة فإن اللجنة ستطلب ذلك من البرلمان.
كيف ترى مستقبل العراق في ظل المعطيات الحالية؟ وبمعنى آخر هل ومتى سينتهي الاقتتال الداخلي وتستقر الأمور في العراق؟
سيكون هناك اتفاق أمني وعسكري طويل الأمد بين العراق وأمريكا.
وأعتقد أن ذلك سيحل جانباً كبيراً من الوجود الأجنبي في العراق.
وفي رأيي لا بد من اعتماد الفدرالية كصيغة منطقية لحل مشاكل العراق.
أي أن تقسيم العراق إلى أقاليم فدرالية هو الحل لكل المشاكل.
وهذا ما يتحدث عنه الأمريكيون الذين يطالبون بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق؟
إلى ثلاث وأربع أو خمس.
هذا مرتبط برغبة العراقيين.
وفي جميع الحالات العراق لن يعود إلى وضعه السابق أي كدولة مركزية.
ويجب أن يكون هناك توافق يتم على أساس الأقاليم الفدرالية.
وقد ثبت أن الحلول الأخرى فاشلة.
يعني أن العراق لن يعود إلى وضعه السابق؟
بالتأكيد لن يعود أبدا لأن ذلك صعب ومستحيل.
هل يقبل العرب السنة بذلك؟
ما هو الحل..
يجب أن نعرف أن ذلك لمصلحة العرب السنة أيضا، وعليهم أن يقبلوا الفدرالية لأنه سيكون لهم مجال أكبر في العمل السياسي، وسيكون لهم ما للأكراد والشيعة في العراق الحالي.
والعرب السنة الذين يرفضون الفدرالية أعتقد أنهم لا يقدرون مصالحهم.
ولكن البعض يقول إن الكيان الكردي في الشمال والشيعي في الجنوب سينعكس سلبيا على دول الجوار.