اتّفقت بعض قوى المعارضة السورية على برنامجٍ للتغيير السّلمي الديمقراطي تحت اسم ((إعلان دمشق)) عام 2005م ، ومنذ ذلك الحين، وحتى الآن ، لا يتردّد بعض الفصائل الكردية المنضوية تحت هذا الإعلان ، في الخفاء والعَلَن ، في التبجح بهذا الإنجاز الفريد والتّاريخي في الحياة السّياسية السّورية ؛ ومعروفٌ أنّ القوى المعارضة المنضوية تحت هذا الإعلان مجموعةٌ من الأحزاب والتنظيمات العربية والكردية ؛ فالمجموعة العربية فيها ، تفتقر إلى القاعدة الجماهيرية ، وليس لها تأيد يُذْكر في الشارع، وقوّتها ترتكز على بعض النّخب والقيادات التي لم تجدْ لنفسها موطئ قدمٍ لدى السلطة ، ولا تأثير لها في الشارع العربي السّوري ، حتى منابرها الإعلامية ضعيفة ، وخجولة
و السلطة نفسها تعرف قوة وحجم قوى إعلان دمشق ، ومدى تأثرها في الحياة السورية ، من خلال مشاركتها الضعيفة في النشاطات التي جرت في مناسبات عديدة، منها اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، ويوم الإحصاء في 5/10/2006 في دمشق ، كما تعرف قوى إعلان دمشق بعدم فاعليتها في الساحة السياسية.
من هذا المنطلق تحتاج أطراف الإعلان إلى القوى الفاعلة في الساحة الكردية لتفعيل النشاط الديمقراطي السياسي في سوريا ، والخروج من السبات الشتوي الطويل.
نتيجة لأهمية التحاور والتضامن بين كلّ القوى الديمقراطية الكردية والعربية لإنجاز خطواتٍ فعالة في إطارٍ سياسيٍّ مشترك ، وحماية البلاد من المخاطر الخارجية ، وتفعيل الحياة السياسية الداخلية ، بهدف إشراك الشعب بكلّ تلاوينه القومية والدينية، في عملية التغيير السلمي الديمقراطي، ارتأت لجنة التنسيق الكردية الانضمام إلى إعلان دمشق ، ووجّهت رسالة إلى مكتب الأمانة العامة لإعلان دمشق بتاريخ 30/9/2007م للانضمام إلى إعلان دمشق والمشاركة في المجلس الوطني الذي يتم التحضير لعقد دورته التأسيسية, في حال موافقة إعلان دمشق على تعديل الفقرة المتعلقة بالقضية الكردية، بحيث تتضمن الإقرار بحقوق كل مكونات المجتمع السوري القومية والدينية وتأسيسها على قاعدة المساواة التامة أمام القانون وإيجاد حل عادل ديمقراطي للقضية الكردية يضمن للشعب الكردي حقوقه القومية الديمقراطية .
وأعتقد أنّ إعلان دمشق سيكون أمام اختبارٍ تاريخي لموقفه من القضية الكردية ، لأنّه لا يمكن القبول بالانجرار إلى أي إطارٍ سياسيٍّ دون أن تتضمن وثائقه صراحة بالوجود القومي للشعب الكردي كثاني قومية في البلاد ؛ والمواقف الضبابية لن تخدع الكردَ ، ولن يكونوا حصان طروادة لأحد ، ولن يكونوا خفافيش النبي سليمان لتنتفَ نفسها للآخرين ؛ فاختزال هذه القضية في عنق (حق المواطنة ، والمساواة أمام القانون) ، لا يؤثّر بريقه الذهبي على المواطن الكردي ، فلا يُقبَل القفزُ على الحقّ الكردي الشريك الذي قدَّم تضحياتٍ كثيرةً في سبيل استقلال الوطن ، وبنائه ، والدفاع عنه في كلّ المراحل التاريخية .
إذا كانت الأطراف العربية تتهربُ من إقرار حقوق الكرد القومية ، وحقوق الأقليات الأخرى في البلاد ، وهي ضعيفة في المعارضة ، وخارج السلطة ، ، فهل تقـرُّ بها غداً وهي على سدة الحكم أو شريكةً في السلطة وقوية ؟ لا نعتقد أنّها ستفعل ذلك .
وحتى تستطيع تلك القوى إظهار حسن نواياها ، عليها تعديل مشروع بيان المجلس الوطني , بما يتوافق وإبراز حجم وأهمية القضية الكردية ، التي هي جزء من القضية الديمقراطية ، إضافة إلى حقوق الطوائف الدينية ، دون تمييز ، لأن دولة القانون والعلمانية تكفّل كلّ ذلك ، وبذلك يزداد التلاحم الوطني بين القوميات السورية جميعها ، وتكون فرص البناء الديمقراطي لسوريا متاحة أكثر.
فسوريا تتسع لجميع أبنائها ، إذا انتفى الاستبداد ، وساد القانون ، وأصبح الجميع متساوون في الحقوق والواجبات في ظلّ نظامٍ ديمقراطي علماني.