كثيرة، هي الطموحات التي يحلم بها المواطن السوري في ظل واقعه المزري، ويأمل أن تساعده الظروف بغية تحقيق لو جزء يسير من أحلامه.
وهو الذي يعيش يوميا هواجس الخوف والقلق من المستقبل، لما قد يترتب عليه، جراء التطورات الداخلية والخارجية، والضغوط الممارسة على وطنه، نتيجة سياسة نظامه الحاكم.
فبعضهم، لم يعد يحلم بأكثر من رغيف الخبز ليستر به جوعه، ومنزل يحميه من برد الشتاء وحرارة الصيف، في وطن أقل ما يمكن قوله، إنه من أغنى الدول المحيطة.
فالأشياء التي نحن محرومون منها، دائما تأخذ حيزا من تفكيرنا.
والسعي خلف هذه الهواجس بغية تحقيقها، يتطلب التخلي عن أشياء أخرى، ربما تكون ثانوية بالنسبة لأحدهم، لكنها ضرورية للآخر.
وبهذا، فأن الآراء المطروحة، تعبر عن شريحة واسعة من المجتمع السوري.
فالذي يحلم بأن يملك منزلاً، يعبّر عن هموم آلاف السوريين وطموحاتهم، الذين لا يملكون أماكن تحويهم.
والذي يحلم بكيفية تأمين رغيف الخبز ليسد به جوعه، يعبّر عن ثلث الشعب السوري الرازحين تحت خط الفقر.
والذي يحلم بزوال كابوس الاستبداد عن صدره أيضا، يعبّر عن هموم غالبية سكان سوريا.
كما أن الحالم بدخول الجامعة من جيل الشباب، يعبّر عن طموحات غيره من أبناء جيله.
المواطن السوري، لم يعد يحلم بالكثير؛ ابتعد عن الحياة السياسية والثقافية، ولم يعد من صلب اهتماماته مواقف النظام ومراسيمه الاقتصادية الثقيلة، أو بيانات المعارضة التي لا تشبعه خبزا، ولا يملك الوسيلة والوقت لقراءتها.
يقول جمال (43 سنة) ” إنه في ظل هذا الواقع، لا يمكن للمواطن السوري أن يجد لنفسه عملا يعيش من خلاله.
هذه هي المصيبة الكبرى.
فأنا أحد المواطنين الذين ليسوا مع السلطة أو مع المعارضة، ولا يهمني ما يصدر عنهما.
أعمل أكثر من أربعة عشر ساعة في اليوم، ولست قادراً على شراء منزل.
أسكن مع عائلتي، فليس لدي أي طموح سياسي أو ثقافي.
كل ما أحلم به العيش بسلام مع عائلتي، وأن أكون قائدا ناجحا في منزلي، بحيث استطيع تأمين متطلباتهم البسيطة وتعليمهم، ليكونوا قادرين على الحلم بما هو أكبر.
وأنا اعتبر العائلة مشروعاً صغيراً وكبيراً.
في ذات الوقت، يجب علينا العمل عليها.
ومنها ننطلق إلى المجتمع.
فإذا كنت فاشلا في بناء علاقة أسروية ناجحة ومتماسكة، فالأحلام الكبيرة ستفشل أيضاً”.
كثيرون، هم السوريون الذين هجروا ديارهم وأوطانهم بحثا عن لقمة العيش، بعد أن ضاقت بهم السبل في وطنهم.
ومنهم، الكاتب والصحفي إبراهيم اليوسف، الذي هاجر إلى دولة قطر.
تحدث معنا بكلمات بالغة الصدق قائلا: ” لعلّ أصعب موقف اتخذته في حياتي على الإطلاق هو إقدامي على مغامرة ترك أسرتي، ومدينتي التي أحبّ، بل وبلدي سوريا، لأسافر إلى بلد آخر، بحثاً عن تأمين الرغيف، بعد أن عز ّ ذلك في بلدي؛ بلدي، الذي ازداد فيه الفقراء فقراً، والأغنياء غنىً، وتحوّل على حين غرّة إلى بلدين: سوريا البؤساء، وسوريا المتنعمين؛ ولعلّ التنعم، لم يأت لأحد من جرّاء جهده الشخصي، و شطارته ، بل لانخراطه في “لعبة ” من أين تؤكل الكتف؟”.
كما إن أمثالي من المعتّرين، لم يرتموا في فخاخ البؤس، إلا نتيجة صدقهم ونبلهم، وحبهم لوطنهم، لا ” تَنبَلتهم “، وإلا، أفمن المنطقى أن أعمل حوالي ثلاثين عاماً كمدرس وصحفي وككاتب، وأخرج بخفي الفاسدَين، لا بيت لي، إلا ذاك الذي أسكنني فيه أهلي مع أولادي، تصدقا ًعليَّ، وأنا أول المنتجين من بينهم.
وبقي كما هو منذ خمسة عشر عاماً، لا أستطيع تبديل قفل باب فيه، أو إضافة، ولو لوحة على أحد جدرانه….!
أجل، عزيزي.
الآن أتخيّل كلّ الذين خرجوا مثلي نتيجة ضيق ذات اليد، كيف أنهم يومياً يبتلعون آلاف الغصّات، وكيف أنّ مرارة تبديل المكان قاسية لا تطاق، بل كيف أن ذكريات الأهليين والأصدقاء تأتي طعنات متواليات في الذاكرة، والروح ؛وهل ثمة أصعب من أن تخرج من مدينتك، قادماً إلى عالم المجهول دون أن تجرؤ على” وداع أمك الطاعنة في المرض والشيخوخة”؟، خوفاً عليها، من أن تصاب بمكروه لا سمح الله، في لحظة الوداع، وكذلك دون أن تجرؤ على وداع آخر العنقود، من أطفالك ، وهو يتلذذ بترديد عبارة: بابااااااااااا ، التي لا أغلى منها في العالم البتة…..!”.
ويكمل اليوسف حديثه عن الظروف التي جعلته يغادر مدينته مرغماً:” أليس مؤلماً أن آخذ في بلد الإقامة ما يعادل ثلاثة آلاف دولار شهرياً على عملي نفسه، الذي تعرضت بسببه لآلاف المضايقات، ولم تكن تبقى الأقساط من راتبي الضئيل إلا حوالي أربعين دولاراً،شهرياً؟ ماذا يمكن أن يقوم به أب له ابن في خدمة العلم وآخرون في الجامعات والمدارس؟ كنت أعمل لأسدد فواتير الهاتف والإنتريت والماء والكهرباء، وأتعرض في كل شهر لتهديدات بقطع هذه الخدمات عني، بل إن هاتفي لا يزال مفصولاً منذ أشهر، وأنا الذي أعد بلا غرور وبلا تمنن- والحمد لله- أحد أكثر من تعب مع مدينته ، شارعاً شارعاً، حياً حياً، شخصاً شخصا ًوشجرة شجرة.
لا أرتاح أمام عطب لمبة كهرباء في شارع منها، إلا أن أعبر عن ذلك وأكتب، بل وأواجه ، بما استطعت، والمدينة برمتها تشهد على ذلك، واقفاً دوماً ضد الشر، أياً كان مصدره، وهو ما كان يفتح في وجهي بوابة عش الدبابير، باستمرار، دون أن أتورّع عن ذلك، مفضلاً مصلحة كل من حولي على نفسي، على حساب أطفالي الذين بات يهددهم ليس الإملاق، فحسب، بل الجوع الحقيقي…..!”.
ويتابع الأستاذ إبراهيم اليوسف: ” كان قراري جريئاً، تحدياً للذات، رغم متاعب الديسك الذي يهدني في كل لحظة، فلا أبه به، مادام في مخيلتي، بل وعيني كل تلك الصور الأليمة، معتبراً الجهاد الذي أقوم به من أجل أسرتي من الطراز الأكبر، ودفاعاً عن كرامتي، لأن من تثاقلت عليه ديون صاحب الحانوت، والجار، والصديق، باتت كرامته على مرمى نفحة من الخدش، كي أظل واقفاً، رافضاً كل مورد “غير شرعي” قد” يهرع “صوبه” سواي”، لأظلّ واقفاً كما أريد، كما سيفتخر بي محبّيّ وأبنائي، وأهلي، وكما سيغيظ من هم مسامير وأدوات في أية آلة شر وفساد……!”.
ومن القصص الجميلة، التي بقيت في ذاكرتي وتعبر عن أحلام الشباب السوري، الذي لن يجد لنفسه عملا مناسبا بعد التخرج من الجامعة – خلال تصفحي لمواقع النت المتعددة- قصة حقيقية لشاب سوري مُعنوَنة بـ “أحلام شاب سوري، وظيفة، غرفة وطرطيرة ! وبنت الحلال على الله …!! فقد جلس على الأريكة، ومل الجلوس مثلما ملّ كل شيء في حياته.
أربع سنوات مضت، وهو ينتظر ويسأل نفسه ذات السؤال، كل يوم عشرات المرات، ماذا انتظر، والى متى؟ الأوضاع ذاتها بل الى الأسوأ ..
كيف سأجد عملا ..
وماذا سأعمل؟ أنا مهندس، درست وتعبت وتخرجت.
كل هذا من أجل ماذا؟ أسئلة، طالما رددها سرا بينه وبين نفسه.
فحتى الشكوى علنا كان سئمها؛ بل ربما كان يشعر بالخجل من الإفصاح عن همٍ أصبح يسيطرعلى كل حياته.
جمال، شاب جامعي مثل كثير من أبناء جيله.
كانت لديه أحلامه الكبيرة، التي كانت تكبر مع تخطيه لكل سنة دراسية جامعية.
أحلامه تلك، التي كان يراها تتحقق بتفاؤل، والتي عاهد نفسه على تحقيقها، لتعويض والديه عن كل لحظة تعب، وعن كل “قرش ” صرف من أجله.
كان دعاء والدته يرافقه، ويبقى يتردد في أذنيه منذ لحظة خروجه من المنزل حتى وصوله إلى قاعة الامتحان.
يمده بالحب، وينتزع منه كل مشاعر الخوف.
كانت يد والده المتعبة التي تربت على كتفه كلما مر بقربه و”هو يدرس “، دافعا كافيا لتجعل التصميم والعزم والطموح مبدأ في حياته، يساعده على تخطي كل العقبات التي كانت تواجهه .
يتذكر جمال ، مغمض العينيين، وهو ما زال جالسا على هذه الأريكة، التي أصبحت جزءا منه، ورفيقا مملاً سئم رفقته.
يتذكر، كم كانت أيام الجامعة جميلة.
الأصدقاء، المحاضرات وطموحاتهم معا.
ويمر شريط الذكرى الجميلة والموجعة ليتوقف “مع توقف دمعة في عينه”.
تذكّرَ صديقته وحبيبته، التي تركته من أجل ظروفه الصعبة؛ كم كان يحبها؟ كم حلموا سوية؟ طوال خمس سنوات جامعية، كانوا يخططون لمستقبلهم دون العلم أنّ هذه الأحلام ستجد من يوقظها من غفلتها، ليحولها إلى واقع مرير وصعب .
تستمر المشاهد في تلك المخيلة المتعبة متتابعة.
يتذكر، أنه بالرغم من كل المصاعب، فهو حاول من أجل حبيبته الكثير.
لم يشأ أن يفقدها إلى جانب كل الأشياء الثمينة التي كان يخسرها.
نعم، لقد عمل في عدة مهن لكن كيف؟؟ لم يكن يستمر في أي منها ..
ربما في داخله، كانت تتصارع سنوات الدراسة والسهر والتعب والكرامة؛ مع كل عمل، لم يشعر أنه يليق به كـ “مهندس “؛ كان كلما ذكر هذه الكلمة، ترتسم ابتسامة سخرية لا إرادية.
أدرك بعد سنوات انتظار- وكم تأخر حتى أدرك – أن قيمة الإنسان هنا هي بما يملك من مال فقط؛ هو الذي يشتري الحب؛ ويشتري الأصدقاء؛ المال فقط، مَن يشعرك بالأمان؛ ومن الممكن حتى أن يشتري لك تلك الشهادة التي تعبت من أجلها؛ يشتريها مثل كثير من الأشياء القيمة الأخرى.
كم تغيرت أحلام جمال الكبيرة وطموحاته؟ مع كل يوم انتظار، يمضي على أريكته تلك.
كانت أحلامه تصغر شيئا فشيئا، ليجد نفسه يطمح إلى أي شيء بعد أن كان ينشد الوصول إلى كل شيء!
“كم هو مثير للشفقة، أن تُسرق منا حتى الأحلام؟ “.
عبارة، رددها جمال بحسرة.
فالوظيفة المحترمة التي كان يحلم بها يوما، تحولت إلى أي عمل يؤمن له “لقمة العيش بشرف”!!، وبيت الزوجية المنتظر، أصبح مجرد غرفة على السطوح؛ والسيارة التي كان يتراءى خيالها أمامه بعض الأحيان، تحولت إلى “طرطيرة ” ويا ريت؟ أما بنت الحلال فكان يمني نفسه أنها لا بد أن تأتي يوما بعد كل هذا ..
والله كريم.
بعض الشباب السوري، يحلم بالعيش في وطن، لا وجود فيه لقانون الطوارئ والأحكام العرفية، ولا معتقلات ولا معتقلين سياسيين.
يملك الحرية والكرامة المقدستان في جميع الأديان السماوية، والقوانين الوضعية.
في وطن، لا يميز بين مواطنيه على أسس قومية أو دينية أو عرقية أو مذهبية.
في وطن، حرية الكلمة مقدسة.
حيث يقول كمال سيخو، وهو طالب جامعي، ” إنّ الوطن كلمة كبيرة بما تعنيه الكلمة.
وكل إنسان ينتمي إلى وطن ما.
نحن في سوريا، الجميع يحسدوننا، لأننا أصبحنا الآن محرومين من حرية الرأي، وحرية التعبير.
وكل من يهتم بالشأن العام، يصبح معرضا للملاحقة والاستدعاء الأمني؛ وهنا، تبدأ رحلة مع ثقافة نسيها الزمن.
ثقافة الخوف التي تعيش معنا في كل لحظة، وفي كل عمل نقوم به، أو اجتماع أو ندوة نعقدها.
فأول من نفكر فيه، هو الاستدعاء الأمني.
وعن ماذا سيسألوننا؟ وما هي التهمة هذه المرة؟ فنحن في نظرهم، خارجون عن القانون، ونستحق المحاسبة، لأننا قلنا عكس ما يقولون”.
ومن خلال إصراري على “آزاذ”، علّه يفتح لنا قلبه، ويبوح بما في داخله من هواجس تقلقه، تحدث قائلاً: ” تصرّ عليّ أن أبوح لك بأحلامي، حسناً، رجائي منك أيضاً ألا تنشر اعترافاتي على صفحات الإنترنت، لأن ” الجهات المعنيّة!” والساهرة على أمن الوطن والمواطنين، استحدثت فرعاً خاصاً بمراقبة الإنترنت، وتتبّع الكتّاب والقراء، حرصاً على عقولهم وأخلاقهم طبعاً!، وصَرَفت أموالاً طائلة لأجل ذلك، في هذه السنوات العجاف، حيث المواطن السوري لا يحلم بأكثر من رغيف خبز ولبن وبطاطا(وهي مغذّية بالمناسبة) ليسدّ به جوعاً مزمنا،ً ومنزلاً أنظف من كوخ دجاج يأوي إليه إن فرغ من العمل.
هذه ليست مبالغات يا سادة يا كرام، زوروا أحزمة الفقر في دمشق وحلب وقامشلي و…..الخ.
أما أحلامي فمتداخلة بصراحة.
تارة أحلم بفتاة جميلة، وأحياناً أحلم بأن أكون مواطناً حراً، لا أخاف من شرطي المرور الذي يستطيع إهانتك في أية لحظة؛ لكنه قد لا يستطيع توقيف سيارة أبن ضابط في الجيش أو المخابرات، حتى لو تجاوز إشارات المرور؛ لأن هؤلاء يسهرون على حماية الوطن من الأعداء والمتآمرين الداخليين والخارجيين، وما أكثرهم!”.
بينما يعبّر طالب البكلوريا وراشين (18 سنة) عن أحلامه وأحلام جيله بالقول: ” إن حلمي بسيط.
فأنا ما زلت طالبا، أحلم بدخول الجامعة.
فالجامعة أصبحت حلما لنا؛ والعلامات المرتفعة أصبحت كابوسا؛ فعائلتي فقيرة.
وهي، لا تستطيع تأمين الدورات لي.
لذا، قررت الاعتماد علي نفسي وعلى إمكانياتي الذاتية، لعلي استطيع دخول الجامعة، وأحقق طموحي وطموح أهلي، وأعيل أسرتي بعد ذلك”.
ورغم كل هذا، نعمل لبناء بلدنا من رؤى مختلفة.
وكما هي الحال في أغلب دول العالم.
هناك مشروعان لتنمية الوطن، مشروع تنفذه الحكومة، وآخر موازٍ، تعمل المعارضة على الوصول إلى السلطة لتطبيقه، وكسب ثقة الشعب من أجل أن تقدم مشروعه، ليعود كمال شيخو ليقول: ” إن عملية التداول السلمي للسلطة الحل الوحيد للحالة الراهنة في سوريا.
فنحن الآن، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود، يحكمنا حزب البعث، في غياب أي برنتمج لحزب آخر.
وهنا، لا أود التطرق إلى عمل الجبهة، لأنها تابعة لحزب البعث، حسب برنامج الجبهة نفسه.
والجبهة، عبارة عن عملية لتقاسم السلطة بين حزب البعث والأحزاب المتحالفة معه.
ولكن المعارضة مهمشة تماما، ومغيبة عن الشارع السوري.
وهذه الحالة غير صحية.
وكل ما أرجوه هو ذاك اليوم الذي أرى فيه المعارضة تتنافس مع السلطة، لتنفيذ برنامجها.
وفي المقابل، تعمل السلطة بكل قواها لكسب ثقة الشعب.
هذا ما ارجوا أن يتحقق في سوريا”.
وعن طموح المواطن السوري المتعلقة بحالة الإعلام في سوريا، وطموحه الشخصي يقول الصحفي محمود عبدو: “نقف عند مفردة الطموح، ونحن لا نملك ما نستند عليه لتلبية الحاجة المستقبلية! وما يمكن أن نجاهر به، هو حاجتنا الماسة إلى الوعي.
وهو لا ينضج دون أجواء من الحرية والمعرفة واحترام الآخر، ملتزمين بالتوافق والتعادل في الحقوق والواجبات.
فالوعي، هو الأغنية الأولى للحرية، بحسب الأم تيريزا.
وبالنسبة لي، المسألة تتعلق بالإعلام عموما، وبرغبة صادقة في قوننة العملية الإبداعية والإعلامية، بأجواء تسود فيها لغة الحرية وتنتفي صفة الرقيب المخيف.
وعموما، نرى أن المستقبل يحمل بشائر الخير أكثر مما نتصور.
فالديموقراطية، التي أصبحت حاجة يومية كالأكل والشراب هي المتنفس الثاني بعد الأوكسجين، إن لم تكن قبله.
والواقع الاقتصادي يفرض ذاته على التفكير، وللتقدم التقني والمعرفي لعموم الشعب السوري.
فلا مجال للمرء التفكير في أي شيء طالما رؤاه تتعلق بلقمة عيشه؛ فمن محاسن الديموقراطية توفير الأجواء التنافسية، لتكبر رؤوس الأموال بعيدا عن الاحتكار ولغة المضاربات.
فالتنمية والديموقراطية وجهان لعملة واحدة، وهو ما نحن بأمسّ الحاجة إليه”.
بينما يعبر الناشط الحقوقي حسان أيو عن طموحاته في هذا الوطن بالقول: ” أطمح أن تكون سورية لكل السورين، أن يتعايش جميع الطيف السوري بمختلف أثنياته، وقومياته، وأديانه، وأعراقه عيشة طيبة، مليئة بالحب والولاء للوطن.
وأطمح إلى رفع حالة الطوارئ في بلدي، وطي الملفات العالقة، وفتح المجال من جديد للمجتمع للإعادة العلاقة بينه بين الدولة، وأن يتبلور مشروع المواطنة.
وقتها، يحس المواطن السوري، أن كل المشاكل التي يتعرض لها بلده تخصه، وهي جزء منه.
ولأننا في الوقت الحالي بأمس الحاجة لتحسين الوضع المعيشي للمواطن السوري، الذي توصلت حالته المعيشة ما دون الخط الفقر، وأن يتصالح المجتمع السوري بكامل أطيافه تحت لواء الدولة، التي من خلالها نحمي ونحل كل معضلتنا، وأن يسود القانون.
فسيادة القانون، تفتح المجال لتكوين دولة تحترم أفرادها وتحترم انتماءاتهم.
فبدون أن تكون سورية لكل السوريين، لن يتحقق الطموح الذي أحلم به، منذ أن بدأت أحمل بداخلي حبي للوطن الذي أنتمي إليه.
ولأن أصعب أحساس يراودني هو أن أكون غريباً في وطني.
يجب أن يحكمنا الأمل، كما كان يشدد الراحل سعد الله ونوس.
والأمل هنا، رؤية دولة الحق والقانون.
دولة لكل مواطنيها دون تمييز.
إنسانية المواطن مقدسة.
كرامته محفوظة.
يعيش حياة حرة وكريمة، وربما مرفهة.
لا يكون هناك سيد وعبيد، ظالم ومظلوم، غني حتى العظم، وفقير أيضاً حتى العظم.
حزب شمولي يسيطر على مقدرات البلاد وأحزاب مشلولة.
هذا هو الوطن الذي نحلم به وننشده.
——