في توزيع (المرجلة) شمـالآ و يمينـآ

 ديـــار ســـليمان
Diarseleman@hotmail.de


 لم يلتفت الرئيس السوري بشار الاسد لمشاعر ملاييـن الكورد السوريين و ضربها عـرض الحائـط (وهو الذي إعتبرهم يومآ ما جـزءآ من النسيج الوطني السوري) وذلك عندما راح خلال زيارته الحالية الى أنقرة يحرض على شـن عـدوان على إخوانهم الكورد في إقليم كوردستان العراق مـبررآ ذلك بالحـق المشروع لتركيا.

لا بل ان المسألة قد تجاوزت حدود ايـذاء المشاعر (العربية أيضآ) فوصلت الى تهديد للسلم والأمن الدوليين من خلال التحريض على الأعتداء على دولة مستقلة ذات سيادة عضو في جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الاسلامي و الأمم المتحدة، كل ذلك بهدف إشـعال المنطقة التي تعيش أصلآ على برميل بارود  في محاولة يائسة لتأجيل إستحقاقات قادمة.
 والرئيس السوري صاحب نظرية انصاف الرجال و (أرباعهم) و الخبير في صناعة الرجولة تعرضت بلاده خلال سنوات حكمه لاعتداءات متكـررة طولآ وعرضآ كان رده عليها استخدام (السلاح) السياسي الفتـاك، والتأكيد على التمسك بالسلام كخيـار استراتيجي و بمعركة بمواصفات معينة زمانآ و مكانآ، لذلك يبـدو غير مفهومآ للكثيرين التشجيع على استخدام القوة ممـن لا يؤمن باستخدامها أصلآ لـرد العدوان الواقع عليه، إلا إذا كان يتخيل إقليم كوردستان جزءآ من مـزارع شبعا و جبل قنديل تلة من تـلال هضبة الجولان فـراح يراهن على العثمانيين الجدد باعتبارهم فـرعآ من منظومة الأحزاب الآلهية لاستكمال ما بدأه حزب الله في حرب تموز الفائت المعروفة نتائجها.
واذ ينظـر معظم الكورد في سوريا الى تجربة أشقائهم في العراق بعين الرضا، و يتطلعون اليها باعتبارها نموذجآ مقبولآ وقابلآ للتطبيق لديهم وربما في بقية أجزاء كوردستان، فانهم يعتبرون أي مساس بها مساسآ بأحد مقدساتهم و انهيارآ للحلم الذي يسعون لتحقيقه، و نتيجة للقمع الذي تعرض له الكورد و خاصة خلال العقود الماضية والذي ترتب عليه حرمانهم من جميع حقوقهم بحيث لم يبق لهم ما يخسروه بأستثناء هويتهم التي بقوا محافظين عليها و التي يستطيعون بناءً عليها استعادة كل ما خسروه، فأنه يمكن فهم تعاطفهم الجارف مع إقليم كوردستان و القلق من التهديدات التركية له، و قد وصل هذا التعاطف أقصى مداه من خلال تقديم جميع أشكال الدعم خلال الأزمات السابقة، و تدرك الأنظمة الحاكمة لكوردستان هذه الحقيقة لذلك تضع خلافاتها مهما كانت كبيرة على الرف و تتحد ضد أي تحرك كوردي، و هذا الذي يسميه الرئيس السوري (الحق المشروع) توافقه عليه الحكومات الأخرى التي تسيطر على كوردستان، و قد سبق لتركيا ان استخدمته خلال ثمانينات القرن الماضي عندما دخلت قوة كوماندوس تركية الاراضي السورية و قامت بقتل مجموعة من اللاجئين الكورد من تركيا في احدى ضواحي القامشلي دون أن يتعرض لهم أحد قبل أن يحتضن النظام السوري منظمة حزب العمال لسنواتٍ طويلة و ثقيلة فتتغير المعادلة و يعود الحديث عن لواء اسكندورنة و تعود صورة الاستعمار العثماني المشوهة ثانية الى الواجهة، و من ثم حدوث الانقلاب الاخير و اختفاء كل ذلك لصالح ظهور نظرية (الحق المشروع) ثانية.
 ربما كان من الأفضل العودة بنظرية الحق المشروع الى سوريا و عدم تركها على الحدود بل تطبيقها فورآ بشأن الأراضي السورية المحتلة شمالآ و جنوبآ من جهة، و نشر نظريات الممانعة و السلام الاستراتيجي و عدم دخول المعارك في الزمان و المكان الغير مناسبين في تركيا من جهة أخرى، لأن الأولى تناسب الحالة السورية أكثر فيما تناسب الثانية الوضع التركي، فالعالم باسره يقف ضد الاعتداء التركي على كوردستان، كما أن دخول عش النسور هو أكثر من نزهة دموية.

19.10.2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…