دنگي كرد *
في هذه الزاوية ، تحاول هيئة التحرير من خلال بعض الوثائق و المعلومات و الذاكرة لدى حزبنا أن تضيء الجوانب الملتبسة في متون بعض الكتابات الجادة حول موضوعة التأسيس .
و ستناقش في حلقات (قد لا تكون متتالية) عدة مقالات و كتابات و مقابلات تحاكي هذا الموضوع ، و خاصة تلك التي تمتلك زاوية نظر جيدة و كماً لا بأس به من الحقيقة ، لتساهم معها بإضافات قد تجعل اكتمال الصورة أكثر يسراً .
و قد تضطر في بعض الأحيان إلى تناول بعض المراحل المتأخرة من تاريخ الحركة الحزبية في سوريا و توضيح بعض النقاط التي تتعلق بحزبنا و نشأته و تبلوره كتيار وطني ديمقراطي مستقل ، لما تعانيه هذه النقطة بالذات من لغط و تعتيم ، و في بعض الأحيان تشويه متعمد .
المتن
هو نص حديث الأستاذ عبد الحميد درويش في ندوة أقيمت بتاريخ 03/07/2007 في القامشلي ، و هو منشور في جريدة الديمقراطي (جريدة نصف شهرية يصدرها الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ) العدد 503 تاريخ أوائل آب 2007 .
كما أن النص منشور في بعض المواقع الكردية على شبكة الانترنت و منها موقع ولاتى مه.
الهوامش
- إن فكرة تأسيس حزب كردي في سوريا من قبل أوصمان صبري لم تأتي كتطوير لما أسماه الأستاذ عبد الحميد درويش لـ (جمعية إحياء الثقافة الكردية) و التي كانت في الحقيقة مجموعة وقتية و ليست جمعية .
بل إن الفكرة كانت سابقة على هذا النشاط لدى أوصمان صبري و هو نفسه يقول أن الفكرة تبلورت بشكل نهائي في العام 1955 ، و خرجت إلى حيز التطبيق أول الأمر فيما بين أوصمان صبري و الشيخ محمد عيسى و من ثم طرح الأمر عن طريق الشيخ على الأستاذ عبد الحميد درويش و عن طريقه على المرحوم حمزة نويران و بذلك كان هؤلاء الأربعة و حسب الترتيب هم مؤسسو الحزب الكري في سوريا (أوصمان صبري – الشيخ محمد عيسى – عبد الحميد درويش – حمزة نيران) .
وفي مقابلة مع أوصمان صبري في العدد الرابع من نشرة آرمانج لشهر تشرين الثاني 1984 يقول : “….
و لكن تأسس الحزب بشكل عملي في عام 1956 و بالاشتراك مع ثلاثة شباب آخرين” .
و إذا كان (عبد الحميد درويش و حمزة نويران) من هؤلاء الثلاثة حسب الأستاذ عبد الحميد ، ترى من هو ثالثهم ؟ هذا أولاً ، ثم أن اوصمان صبري و أثناء إجراء هذه المقابلة معه و التي استغرقت مدة تجاوزت (37 ساعة ) موزعة على عدة أيام ، كان يذكر هذه الأسماء الثلاثة و بنفس الترتيب لكنه رفض تثبيت الأسماء في نص المقابلة المنشورة و اكتفى بذكر (اشتراك ثلاثة شباب آخرين) و نعتقد هنا بان أوصمان صبري كان يعتبر نفسه مؤسساً و يعتبر هؤلاء الثلاثة قد ساعدوه أو وافقوا على الاشتراك معه منذ البداية ، و لم يكن يقبل بتسميتهم كمؤسسين .
يقول الأستاذ عبد الحميد درويش ” و انضم إلينا مباشرة – أي بعد التأسيس- من دمشق فيصل دقوري و عدنان كولك و محمد ملا أحمد و معصوم سيدا و محمد علي ” و يتابع ” فانضم بعدها داوود حرسان و عبد الرحمن شيخ موسى ” و هو يعطي الانطباع أن هؤلاء هم أول من انضموا إلى التنظيم .
لاشك أن الذاكرة لم تساعد الأستاذ عبد الحميد هنا حيث ان هؤلاء جميـعاً لم يكونوا من أوائل المنضمين إلى الحزب برغم أن بعضهم من الرعيل الأول .
حيث من بين هؤلاء محمد ملا أحمد يقول بنفسه بأنه انضم إلى الحزب في أوائل العام 1958 بعد حل جمعيتهم ( جمعية وحدة الشباب الديمقراطيين الاكراد ) و ضمها إلى الحزب ((كتابه صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطنية الكردية ، الصفحة 27 )) بينما كان معصوم سيدا يعمل مع ( جمعية الثقافة و التعاون الكردي ) التي أسسها حسن شيار و نوري ديرسمي و روشن بدرخان و الأستاذ حيدر من عفرين و السيد عثمان رئيس محكمة التمييز من عفرين و شيخو ميداني و هو تاجر من حلب و ذلك في 14 أيلول من العام 1955 ، و كان من أعضاء هذه الجمعية محمد صديق (صدقه) و مهدي حج عبدو و ملا أحمد بالو و ملا نوري و كوركين حسن شيار و فرحان سليمان علو و خضر شانباز و معصوم سيدا و خليل رش وشكري و عبد الفريد ملا إبراهيم .
و كان هذا الأخير (عبد الفريد ملا إبراهيم) هو اول من انضم إلى الحزب من شباب هذه الجمعية .
- يقول الأستاذ عبد الحميد ” و على إثر ذلك ذهبنا إلى الجزيرة و انضم إلينا الكثيرون ” .
أيضاً هذا الكلام غير دقيق فالأستاذ عبد الحميد لم يكن له دور في عملية تأسيس التنظيم في الجزيرة بدايةً ، حيث كان طالباً في دمشق .
و أول اثنين باشرا عملية تأسيس التنظيم في الجزيرة هما المرحوم حمزة نويران ، و محمد باقي الشيخ و بدعم من الشيخ محمد عيسى الذي وضع سيارته (الجيب) تحت تصرفهما في صيف 1956 حيث انطلقا في عملهما من ريف الدرباسية و عامودا .
و كان من طليعة المنظمين في الحزب شخص اسمه (عيسى) يقال له (أبو شنب) من قرية (تورات) في ناحية الدرباسية و كذلك محمد ملا درويش من القرية ذاتها ، و يعتقد أن من بين هؤلاء الأوائل الأستاذ محمد جزاع عن طريق خاله حمزة نويران و كذلك سعيد بشار من الدرباسية و عبد الرحيم عبدي من قرية (جاغربازار) في ناحية عامودا و عبد الفريد ملا إبراهيم من قرية (كعيط) في ناحية عامودا و الذي عن طريقة انضم بعض من مجموعة (جمعية الثقافة و التعاون الكردي ) إلى الحزب .
بينما كان التأسيس الحقيقي للتنظيم و بشكله الهرمي هو بعد حل جمعية (وحدة الشباب الديمقراطيين الاكراد) في القامشلي و انضمامها إلى الحزب مع بداية عام 1958 و كان منهم محمد ملا أحمد و عبد الله ملا علي و آخرون . - يقول الاستاذ عبد الحميد “كان نور الدين ظاظا يدعمنا لكن دون انضمام لأنه يبدو أنه لم يكن واثقاً من خطوتنا و معروف أن أوصمان لم يكن لديه شعبية كافية ” .
بينما المعروف أن قوة الحزب و انطلاقته اعتمدت بالدرجة الأولى على شعبية و جماهيرية أوصمان صبري .
و كان أوصمان خلال الخمسينات و الستينات أكثر شخصية تتمتع بالشعبية في الأوساط الكردية السورية ، إلا أنه لم يكن على وفاق مع مجموعة البيكاوت و لم يكن يحظى بأي ود في هذا الوسط .
و يقول أوصمان صبري في مقابلته مع نشرة آرمانج المذكورة سابقاً ” و في بداية تأسيس البارتي طلبت من الدكتور نور الدين ظاظا التعاون معنا ، لكنه رفض و آثر العمل مع البرجوازية الكردية و بعد عودته من أوروبا أبدى استعداده للانضمام إلى الحزب ، و وافقنا و من ثم أصبح سكرتيراً للحزب عام 1958 و لكنه لم يكن ذو نية حسنة و كان تعامله قوياً مع جلال الطلباني و البرجوازية الكردية ” و معلوم أنه في هذه الفترة كان هناك صراع قوي بين البارتي و مجموعة البيكاوات على قيادة المجتمع الكردي في سوريا. - مجموعة حلب (رشيد حمو – شوكت حنان – محمد علي خوجا – خليل محمد) الذين انضموا إلى البارتي في 14 حزيران 1957 لم يكونوا مبعدين عن الحزب الشيوعي السوري ، بل هم تركوا الحزب الشيوعي السوري على خلفية عدم موافقة الحزب المذكور على إصدار نشرات باللغة الكردية في المناطق الكردية اسوة بغيرهم .
و لايغير من الأمر شيئاً إن كان الحزب الشيوعي السوري قد اتخذ إجراءاته إزاء ذلك فيما بعد .
و هنا يجدر بالتنويه إلى أن أوصمان صبري قد يكون وضع هؤلاء الرفاق في تصور أن الحزب لم يؤسس بعد و بأنهم مدعوون إلى المشاركة في التأسيس و أن كل ما جرى حتى الآن هو بمثابة البدء بالتبشير لتأسيس الحزب و ذلك إصراراً منه لكسبهم إلى جانبه ، بينما كانت الحقيقة غير ذلك و إن لم يكن التنظيم قد أخذ شكله الحقيقي بعد. - بعد اعتقالات آب 1960 الشهيرة ، بقي من قيادة الحزب ثلاثة أعضاء خارج السجن و هم الشيخ محمد عيسى و حمزة نويران و عبد الحميد درويش ، و هؤلاء الثلاثة ضمّوا إليهم في القيادة اثنين آخرين هما عبد الفريد ملا إبراهيم و سعد أيبو، و تولى الشيخ محمد عيسى مهمة سكرتير الحزب في هذه الفترة.
- يقول الاساتذ عبد الحميد درويش “ففي عام 1959 و بدون علم اللجنة المركزية آنذاك، و لن أذكر التفاصيل ، فقد أصبح اسم الحزب (بارتي ديمقراطي كردستان سوريا) و تحول الأمر إلى محور خلاف في السجن 1960″.
و يقول أوصمان صبري في مقابلته مع نشرة آرمانج المذكورة سابقاً ” تأسس البارتي أول ما تأسس تحت اسم (البارتي الديمقراطي الكردي في سوريا) و لكن و بإيعاز من جلال الطلباني كان هناك تيار يريد تغيير اسم البارتي إلى البارتي الديمقراطي الكردستاني في سوريا و أبديت اعتراضي على ذلك و أكدت لهم عدم مقدرتهم الدفاع عن هذا الاسم و هذا النهج و لكنهم أصرّوا على رايهم و فرضوا هذا الاسم على الحزب ” .
و هو بذلك كان يتهم التيار الموالي للبرجوازية الكردية (البيكاوات) داخل الحزب.
و ختاماً نقول هناك معلومات و إشارات و تقييمات ملتبسة في حديث الأستاذ عبد الحميد درويش في هذه الندوة ارتأينا عدم الخوض في تشابكاتها و اكتفينا بإظهار بعض الحقائق و المعلومات التي تفيد التدقيق في تاريخ أول حزب كردي في سوريا.
—-
* جريدة يصدرها الحزب الديمقراطي الكردي السوري (P .
D .
K .
S) – العدد (219) أوائل تشرين الثاني 2007