الاهداف المباشرة للتهديدات العسكرية التركية لاقليم كردستان

موسى موسى

ان المطامع التركية في العراق ليست بجديدة، لكنها ظهرت وبقوة على المسرح السياسي بعد سقوط النظام العراقي في نيسان 2003، ويمكن ربط التدرج في المطامع التركية في العراق من حيث القدم، بالأهداف المباشرة – القريبة – والاهداف غير المباشرة، والمطامع المتعلقة بالعراق هي أقدم من تلك المتعلقة بإقليم كردستان، وفي التدخلات الدولية عادةً ما تكون للأوضاع الحديثة في نشأتها أهميته الأ َولى بالتدخل إذا ما كانت لتلك الأوضاع المنشأة حديثاً تأثيراته حسب رأي ومعتقدات الدولة الطامعة في التدخل
لذلك يندرج إقليم كردستان بأولوية الاستهداف من الجانب التركي قبل العراق، لكن الهجمة الحالية التي بدأت بعد استلام حزب العدالة والتنمية كافة المؤسسات الدستورية في البلاد، وعرض موضوع التدخل في اقليم كردستان بهدف القضاء على حزب العمال الكردستاني، على البرلمان والحصول على موافقته ليس مرتبطاً فقط بالمطامع التركية في اقليم كردستان والعراق وحده، بل سببه المباشر هو ظهور أزمة حادة بين التيار الديني الذي استحوذ على كافة المؤسسات الدستورية من برلمان وحكومة ورئاسة الجمهورية كوضع سياسي جديد في تركيا استدعي التصدي له من جانب العسكرتارية التركية، وشعورالحزب الحاكم بان العسكرتارية تضع العصي في دواليب عربته لعرقلة  مشاريعه من خلال استخدامها لحزب العمال الكردستاني الذي بات مخترقاً من قبل العسكرتارية حسب قناعة الحزب الحاكم المؤكدة.
 وحقيقة التهديدات التركية لإقليم كردستان في هذه الأيام هي ليست تهديدات من جانب الجهاز العسكري بل من جانب حزب العدالة والتنمية، ذلك الحزب السياسي ذو الاصول الاسلامية الذي استحوذ على غالبية المقاعد البرلمانية خلال الدورتين الانتخابيتين الماضيتين .


وبالرغم من وحدة المواقف بين الوسط السياسي والعسكري المتنفذ في تركيا بشأن دولة العراق الفيدرالي واقليم كردستان، لكن التناقضات بينهما قد بلغ اوجه، مما استدعى الحسم بشأن الوضع الداخلي في تركيا، فالأوساط المتنفذة تنقسم على نفسها في محورين أساسين أولهما رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان كمحور للتيار الديني ، والثاني هو محور التيار الداعي بالعلمانية المتمثل ببعض الاحزاب التركية والجهاز العسكري، ذلك المحور الذي لم يستطع إزاحة حزب العدالة والتنمية من المؤسسات الدستورية في الدورة الانتخابية الأخيرة، وكإنهما يلعبان معاً لعبة الفأر والقطة، فكلا المحورين على علم باختراق الحزب العمال الكردستاني من قبل بعض المتنفذين في المؤسسة العسكرية التي لا تريد القضاء على الحزب بل الاستفادة من بعض الأعمال التي ينفذها الحزب نتيجة ذلك الاختراق، مما أثار حفيظة قادة التيار الديني الحاكم الذي شعر بان الجهاز العسكري التركي يحيك المؤامرات للتيار الديني بهدف اظهار عجزه أمام بعض القضايا الشائكه في البلاد كقضية حزب العمال الكردستاني، ومن ثم عرقلة التيار الديني الحاكم في السير بمشروعه الاصلاحي تمهيداً لإسقاطه في الدورة البرلمانية والرئاسية القادمة على أكثر تقدير، فما كان من التيار الديني وبتوجيه من رئيس الحكومة رجب طيب أرودعان ورئيس الجمهورية عبدالله غول بالحصول على موافقة البرلمان للتدخل العسكري التركي في اقليم كردستان بحجة القضاء على حزب العمال الكردستاني وذلك لحشر العسكر في معركة مع حزب العمال الكردستاني مع قناعة قادة التيار الديني في تركيا بان الجيش التركي أبعد من يكون جدياً في القضاء على قادة الحزب كونه على قناعة – وبوجود أدلة غيرمعلنة لديه- بان الجيش يستخدم حزب العمال في معركته ضد حزب العدالة والتنمية.

ان الساحة السياسية للحروب التركية الداخلية بين المحور الديني والعلماني هي الساحة التركية وليس اقليم كردستان، وسيكتوي بناره كلا التيارين، ولم يكن  نقل الحرب التركية الداخلية الىاقليم كردستان واستهدافه إلاتحويلاً للأنظار عن الازمة الخانقة التي تعيشها القوى النافذة في تركيا بالإضافة الى نقل تأثيرات الحرب بينهما الى خارج تركيا فكان اختيار اقليم كردستان ساحة مناسبة لأسباب، منها ذريعة وجود حزب العمال الكردستاني، وكذلك سعي تركيا لتقويض تجربة الاقليم الكردستاني الذي لم يريد ان يقوم له قائمة ، وان ما تشير اليه التهديدات التركية المتلاحقة لإقليم كردستان وجدية دق طبول الحرب بين القوى المتنفذة في تركيا، إلا دليلاً بوصول التناقض بين القوى القوى المتنفذة في تركيا  الى عنق الزجاجة التي تنتظر من أمريكا القيام بإجراء عملية قيصرية لينقذ حزب العدالة والتنمية من عملية المخاض الناتجة عن ضغط العسكرتارية التركية له.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…