اللجنة العليا للتحالف
منذ خمسة عشر عاما وفي الأول من شباط عام 1992 أعلن عن تأسيس التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا ، في ظروف سادها المتغيرات والتطورات الدراماتيكية الهامة التي اجتاحت العالم بشكل عام ، والمنطقة بشكل خاص ، وكردستان العراق بشكل أخص ، وما حملته تلك المتغيرات من مفاهيم وأفكار جديدة تمثلت في الدعوة إلى إشاعة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وإقرار التعددية واختلاف الآراء ، ونبذ المهاترات وتحريم أساليب التكفير والتخوين والمبادرة إلى التعاون والعمل المشترك ..
من رحم هذه الظروف انبثق التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا كإطار ضم عدد من الأحزاب الوطنية الكردية التي اجتمعت حول برنامج سياسي مشترك ، سرعان ما تم تعديله ليستوعب أحزاب أخرى انضمت إليه فيما بعد عبر نقاشات وحوارات مسؤولة وجادة اختصرت الكثير من المسافات والتباينات فيما بينها ، حيث بات مظلة ضمت معظم الأطراف على الساحة الكردية في سوريا .
بالرغم من ذلك حافظ التحالف على وجوده كأداة نضالية فاعلة على الساحتين القومية الكردية والوطنية السورية ، واثبت فيهما حضوره المميز تاركا بصماته الواضحة في حشد الطاقات النضالية من اجل تحقيق التغيير الديمقراطي السلمي في البلاد ورفع الظلم والاضطهاد القومي عن كاهل الشعب الكردي في سوريا وتأمين حقوقه القومية ( السياسية والثقافية والاجتماعية ) .
هذا وقد بادر التحالف إلى التواصل مع الأطراف الأخرى من خارج ( التحالف ) وخاصة مع الجبهة الديمقراطية الكردية ، وقدم التنازلات اللازمة من اجل ردم الهوة بين الإطارين ، وبالفعل وصل به الأمر إلى التنازل عن برنامجه السياسي وقبول برنامج ( الجبهة ) لتعميق الثقة وحسن النية معها من اجل التوصل معها إلى إطار مشترك ، وقد تكللت تلك الجهود من الطرفين بتشكيل ( الهيئة العامة للتحالف والجبهة ) ، وقد توفقت تلك الهيئة في طرح رؤية مشتركة لحل القضية الكردية في سوريا حلا ديمقراطيا عادلا ، ومن خلال الحوارات المسئولة بين الإطارين ، توصلت الهيئة العامة إلى قرار تاريخي تمثل في المبادرة إلى الدعوة لعقد مؤتمر وطني كردي في سوريا ودعوة مختلف القوى والفعاليات وممثلي الشرائح الاجتماعية الكردية إليه لبلورة برنامج سياسي واختيار مرجعية كردية تقود نضالات الحركة في المرحلة القادمة ..
وقد أبدى التحالف مرونة فائقة في هذا الاتجاه من اجل تذليل العقبات والصعوبات الكثيرة التي تظهر أمام هذا المسعى النبيل ولا يخفى أنها في معظمها مفتعلة من خلفيات حزبية وأنانيات ضيقة ، وقد تجلت مرونة التحالف في فتح الأبواب أمام كافة الخيارات التي من شأنها أن تفضي إلى عقد هذا المؤتمر المنشود وإنجاحه بما يخدم المصلحة القومية للشعب الكردي وقضيته القومية العادلة ..
) ، والتي تمخضت عن ولادة ( إعلان دمشق ) للتغيير الديمقراطي السلمي في البلاد ، وإقرار وثيقة تاريخية تتضمن المبادئ الوطنية والديمقراطية الأساسية للنضال السياسي المشترك ، حيث تضمنت هذه الوثيقة ولأول مرة في تاريخ الشعب الكردي في سوريا إقرارا صريحا من قبل شركائه في الوطن بقضيته القومية ، واعتبارها قضية وطنية لابد من حلها حلا ديمقراطيا عادلا ، وكان للتحالف وضمن إطار ( الهيئة العامة للتحالف والجبهة ) حضورا مميزا في إعداد وثائقه وتشكيل لجانه وهيئاته ومجالسه المحلية في المحافظات ، وفي الوقت الذي كان التحالف مرنا في تفاعله مع الوسط الوطني وبناء هيكليات إعلان دمشق ، فانه ظل في الوقت نفسه متمسكا بقضيته القومية كأبرز قضايا البلاد التي لابد أن تأخذ طريقها إلى الحل العادل في ظل نظام ديمقراطي تعددي ينتفي فيه مظاهر القهر والتفرقة والتمييز ..