رأي في المرمى

روني علي

 

ليتنا نمتلك البعض من الجرأة التي تؤهلنا لأن نخاطب الآخر وفق طاقاته وحسب إمكاناته، بمعنى أن نتمكن من تحديد ملاكات الشخص بعيداً عن أشكال الرياء والنفاق، ونقول له (هذا أنت)، وأن نمتلك ذات الجرأة لأن نتفاعل مع ذواتنا، بعيداً عن التضخم وتقمص الأدوار، عبر طرح الذات إلى الآخر بصورته الحقيقية، لا من خلال القشور والمكياجات وأساليب التصنع، أو الاحتماء بما لا نمتلكه، وإن كنا نمارسه، سواء بإرادتنا أو كجزء من معادلة؛ املىء الفراغ التالي، دون أن نأخذ بالحسبان بأن في ذلك المزيد من التجني على العقول التي تحاول أن تدغدغ أو تلامس الحقيقية، وتهدف الارتقاء بالواقع إلى حيث مفاهيم المرحلة وخيارات الفعل السياسي ..

 

 فالتجربة علمتنا أن التشوه الحقيقي يحصل في الأداء والممارسة، حين نحول الواقع أو الآخر إلى حقول للتجارب، وحين نعاود الفشل بالفشل، دون أن نستدرك ولو لمرةً واحدة بما نتوخاه من هذه العملية، ودون أن نبحث في الهوة التي تحصل بنتيجة هذه الممارسة ..

ولو حاولنا أن نجتهد قليلاً، ونحلل الواقع المأزوم داخل الحاضن الكردي عموماً، والحركة الحزبية على وجه الخصوص، سواء من جهة الأداء أو الآليات، أو من جهة المفاهيم والرؤى السياسية، لكانت الأزمة الحقيقية تكمن في أننا بصدد الصناعة، أكثر مما نحن في مجال التفاعل مع أدوات الفكر والمعرفة، كوننا نطرح المزيد من الحزيبات، ونصنع المزيد من القادة، اللذين وبحكم الفراغ والحاجة التنظيمية، قد لا يمتلكون إرادة الفعل ومقومات الرأي، أكثر من امتلاكهم لنزعة التشبث بالموقع والتفنن بأساليب التحايل والمواربة على الآخر من أجل الاستمرار، وهنا تكمن المصيبة وتتأزم المعضلة ..

هذه الحالة، وأمام نزعة الأنا والخواء المعرفي، سواء في الجسم الحزبي، أو لدى الشخص الذي يتربع على عرش القيادة، نكون أمام الثلث المعطل في الحركة الحزبية عموماً، وداخل البيت الحزبي على وجه الخصوص، وبالتالي نكون قد احكمنا المنافذ وأغلقنا الباب في وجه تلك الطاقات التي تحاول أن تعيد النظر في مجمل انكسارات السياسية الكردية، لأن وجود ذاك الثلث داخل أية دائرة، من شأنها القضاء على بذور التفكير والوقوف في وجه التطور، كون السائد في الآليات، وبحكم التوازنات التي تطرح قلة قليلة في أن تتحكم بالمسار والمصير، تساهم في عرقلة المخاضات، لأنها تحتضن بذور اللجم للحراك، وأشكال المواجهة في وجه تيار التغيير، خاصةً إذا كان الشعور في المحاسبة الذاتية حول مقولة «الرجل المناسب في المكان المناسب» غائباً أو مغيباً، وحينها لا مجال سوى للمزيد من الانكسارات والمزيد من التفريخات …!!.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…