ولنا كلمة (16) من يحاور من .. ؟! .

روني علي

    جميل أن يتحاور المرء ..

وتتحاور القوى والتيارات المختلفة على ما تختلف عليه ، كون الحوار يمثل في جوهره أرقى أشكال الممارسة الديمقراطية ، وبه يتم تذليل ما يعترض صيرورة الموقف من عراقيل ، وتختزل تشنجات الرؤى الحالمة في أنها تتحكم بالحقيقة كممتلكات وراثية ..
    والحوار إذا ما استند إلى مفهومه ، وارتكز على ركنه الأساسي، والذي يتجسد أولاً وأخيراً في الديمقراطية – الديمقراطية في البناء ، الديمقراطية في التعامل ، وديمقراطية الأنا والذات والآخر – ، وبما تمثل من احترام الآخر والإقرار بماهيته، يعتبر الجانب الحيوي في بلورة الكيان الإنساني ، بما يشمل من فكر وموقف وخصوصية .
    ولكن قبل هذا وذاك ، لا بد أن يكون للحوار أطرافه ، حريته ، حقيقته ، واحترام الطرف والحرية والحقيقة ..

لا أن يشكل طرفيه وجهان لعملة واحدة ..

أو أن يتم التحاور في قضايا لا يملك المتحاور فيها سوى التحاور والحوار ، لا التقرير والقرار …
    فأي حوار يمكننا أن ندخل فيه ، إذا كنا لا نمثل قضاياه ، أو ندرك حقيقتنا المتحاورة ، أو ماهية الحوار ذاته ..

وأي حوار نتباهى به ونحن ما زلنا طوع إرادة المتحاور – كل الحوار  – الآخر ، ورهن إشارته ، والحاضن لإملاءاته الفوقية ..؟! .

بل نخدمه، متناسين بأن زمن الخدمة دون مقابل قد ولى، حتى لو كان المقابل هو الاحترام ولا شيء سواه.
    نعتقد أننا نخطئ حين ننادي بالحوار ، ونحن لم نزل – كطرف متحاور – نخوض صراعاتنا الهامشية على الامتلاك والتمثيل ..

أو مطعون فينا بحقيقة تمثيلنا المدعى ..

وكل ما في الأمر أننا نستجدي العطف ، ونمرر ما بقي من دون تمرير ، دون أن ندرك أننا بحاجة ماسة إلى مثل هذا الحوار في محوريتنا ومحاورنا ..

وما زلنا تائهين في توظيف خطابنا ، بمفاصله وأولوياته ..

وأن نصنف الطرف المقابل في الحوار ، بشكله ومضمونه ، بقوله وفعله ، بمنطقه ومناطقته ..
  فإذا كان لا بد للحركة الكردية أن تحاور – وهذا الذي يجب أن يكون ، كون القضايا لا تجد الحل لها إلا بالحوار – فعليها أن تتحاور قبل أن تحاور، علها تتمكن من الاتفاق على ما يشكل حقيقة الحوار، ويمثل ما يتم التحاور من أجله ، وفي سبيله ..

لا أن تكون مجرد الدعوة للحوار ، دعوة للإظهار ، وخدمةً للتمرير والانجرار ..

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…