إعلامنا بين الهواية والمهنية

زانيار

مضى عام وأقبل آخر وتتوالى الأيام ومع انتهاء عام لابد من عملية تقويم للذات في مختلف المؤسسات والدوائر والهيئات حيث تقوم بجرد لسياسات سابقة وتهيئة وإعداد لمرحلة قادمة ولاحقة لاستكمال جوانب الخلل وسد النقص والاستفادة من الايجابيات التي تحققت وتثبيتها كأساس للانطلاق في حملة جديدة على مختلف المحاور .

وحقق التطور الهائل في التقنيات الإعلامية ووسائل الاتصالات ثورة معرفية كبيرة أمكن من خلالها تبادل المعرفة ونقل المعلومة بكل سهولة إلى الجمهور الإعلامي وفتح مساحات واسعة للتعبير وإبداء الرأي وكانت للمواقع الالكترونية دورا كبيرا في هذا المجال في نقل وجهة نظر الأخرى ونقل الأحداث والأخبار وإظهار التحليلات باعتبارها خارجة عن مقص الرقيب وملاحقة الحسيب وأصبح بالإمكان القراءة والمشاهدة بحرية والاضطلاع على آخر المستجدات والمعطيات والأحداث والسياسات والكتابة بحرية في التعاطي معها

إلا انه ما يميز أغلب تلك المقالات والتحليلات التي تنشر في مواقعنا الالكترونية بأنها تحمل طابعا ذاتيا بحتا تنطلق من رؤية الشخص الذاتية ونزعته المطلقة في تفسير الحدث وفق توجه معين قد لا يستقيم بالضرورة وواقع الحدث وبالرغم من وجود بعض المواقع التي اختارت لنفسها نهجا لا يعبر بالضرورة عن اتجاه حزبي وسياسي معين لفئة أو جماعة ولكن ظلت هذه التحليلات و المقالات المنشورة تنطلق من هذه الزاوية الذاتية التي تتأطر بدرجة ما في حدود الأفق السياسي لهذا الحزب أو ذاك.

و تدفع به تلك النظرة إلى تناول الموضوع بعيدا عن منهجية البحث العلمي والاستناد إلى  طريقة التحليل الموضوعي  التي تنفصل كليا عن اللغة الانفعالية التي تشحن العواطف وتخاطب النفوس من خلال إثارة بعض المواضيع التي تثير ردة فعل معينة وبالتالي استخدام النظرية البافلوفية الشرطية مبتعدا عما توفره هذه التقنية الإعلامية والتقدم التكنولوجي من فسحة واسعة لتناول المواضيع والاستناد لعناصر موضوعية مهنية صحيح أن معظم الأسماء العالمية المشهورة في مجال الإعلام ليسوا بإعلاميين متخصصين أو تخرجوا من معاهد وكليات الإعلام إلا أنهم في الأغلب تقيدوا بقوانين هذه المهنة وضبطها و عدم اتخاذها هواية فقط فالإعلام علم له نظرياته ومناهجه وأنواعه الكتابية ( التقرير – التحقيق – الحديث الصحفي – التحليل الإخباري – التحليل الإعلامي …..)  لها خصوصياته وطريقة كتابتها لذا أصبحنا الكثير من الكتابات التي يمكن تصنيفها في زاوية الخواطر والتأملات الشخصية وذلك لا يفهم منه تقييد الحريات الصحفية وإسكات الأصوات التي تعبر عن الرؤى المتعددة ولكن ينبغي  التحلي بأدبيات المهنة وقواعدها الصحفية باعتبارنا نتوجه إلى جمهور إعلامي هدفه الحصول على المعلومة قبل كل شيء في سياقها المهني و الموضوعي وبالتالي تكريس ثقافة الحوار بدل الجدال .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…