تركية توحد الأكراد !

 الدكتور شمدين شمدين

مع بداية السنة الجديدة اخذ المنجمون في العالم يطلقون حزم توقعاتهم لمستقبل العالم في عام 2007، بعضهم رأى إن الاستقرار سيحل في العالم وسيشهد العالم وضعا هادئا وستخبو شرارة الصراعات والنزاعات ،لكن البعض الآخر كان أكثر تشاؤما حيث توقع حدوث حروب عالمية وكوارث طبيعية تؤدي بحياة مئات الآلاف من البشر، وأيا كانت التوقعات وأيا كانت القناعات بهكذا توقعات، فان المؤشرات التي أخذت تتضح شيئا فشيئا تنبئ بما هو أسوء، فبارود الانفجار العالمي يكمن في منطقة الشرق الأوسط ،في العراق وفلسطين ولبنان وحتى إيران ويبدو أن هذه المنطقة ستكون أمام تحديات عظيمة في هذا العام

فالصراع الطائفي في العراق يتأجج وكل المحاولات الرامية إلى تخفيفه وانجاز المصالحة الوطنية لا تجد من يدعمها، أو تجد من يفشلها بكل الوسائل، ولا سيما إن لهيب الحرب الكلامية والنفسية بين أمريكا وإيران يزداد يوما بعد يوم حيث يعمل كل طرف على تحصين مواقعه في ! مواجهة الطرف الآخر، والطرفان يعلمان جيدا  إن انتصار احدهما في العراق يعني فشل الآخر في كل الملفات الأخرى، بدءً من الملف النووي مرورا بالملف اللبناني وانتهاء بالملف الفلسطيني وبالتالي سيكون انتصار احدهم انتصارا لكل المحور الذي يمثله .
إذن المنطقة مقبلة على تطورات دراماتيكية، وهنا نتساءل مادور الأكراد في كل هذه التطورات ؟ خاصة كون السنة الجديدة سنة مصيرية للكورد أيضا بسبب ارتباطها بموضوع كركوك وما ستؤول إليه مصيرها ،كركوك المدينة الزاخرة باحتياطي ضخم من النفط، يعتبرها الكورد قلب كردستان، وكانت سببا رئيسا لكل الثورات الكوردية السابقة ،ولكل الإخفاقات في التوصل إلى اتفاق بين الحكومات المركزية العراقية والثوار الكورد، وبحسب مواد الدستور العراقي الجديد ولا سيما المادة 140 يجب إجراء استفتاء في هذه المدينة بنهاية عام 2007، وكل المؤشرات تدل على أن المدينة ستختار العودة إلى الوطن الأم كردستان، ولكن هذه العودة تثير الأعداء من حول الكورد سواء من داخل العراق أو في الجوار ،ومن أشرس هؤلاء الرافضين لإلحاق كركوك بكردستان هي تركيا، هذه الدولة التي يبدأ تاريخها  منذ عهد السلاجقة أي حوالي القرن الح! ادي عشر الميلادي حينما احتل السلجوقيون بلاد الأناضول واستقروا في هذه البلاد ،بينما عاش الكورد على هذه الأرض منذ الألف الثالثة قبل الميلاد إن لم نقل أكثر ، وتركية التي لا تكتفي باحتلال كردستان الشمالية الوافرة الخيرات ، تظل تنظر بعين الحسد والغيرة إلى حال الكورد في العراق وتتحجج في عداوتها لكورد العراق، تارة بتواجد عناصر حزب العمال الكردستاني في جبال كردستان على الحدود التركية العراقية، وتارة أخرى بتعرض التركمان للاضطهاد على أيدي الكورد ،وكأنها لا ترى الاالظلم بحق التركمان والذي نعتبره بعيدا عن الحقيقة ،والظلم بحق السنة في العراق وبحق الفلسطينين بينما تتناسى الظلم الذي تمارسه أجهزة الدولة التركية العسكرية والمخابراتية بحق أكراد تركية أنفسهم ، وهنا ربما لا يعي الساسة الأتراك مخاطر تجاهلهم لنداءات السلام الذي دأب زعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان على إطلاقها من سجنه الانفرادي، وبحسب قول أوجلان إن الوقت اخذ ينفذ سريعا وان استمرار اردوغان والعسكر بكيل الضربات إلى جهود السلام سوف يؤدي إلى إشعال حرب كردية- تركية تؤدي إلى تقسيم الدولة ال! تركية بدل استقرارها وكل هذه التصريحات تأتي على لسان أوجلان الذي اقترح على تركية إنشاء حلف استراتيجي مع الكرد في كل مكان، بعد أن تعترف بحقوق كوردها وبالتالي ستكسب الكورد في العراق وستكسب وفرة اقتصادية نتيجة النفط المتواجد في كركوك ،ولكن يبدو أن الأتراك لا يهتمون ياية مبادرات للسلام وأية نداءات تدعو إلى حل شامل للقضية الكوردية ،وربما تراهن أنقرة على تحالفها مع أمريكا وصراع الأخيرة مع إيران وحاجتها لتركية في أي هجوم قد تشنه قواتها على إيران، وبالتالي وحسب اعتقاد العسكر الترك وساستهم سيقايض الأمريكيون إيران بكردستان وسيسمحون لتركية باجتياح وكردستان والسيطرة على كركوك ومنابع النفط هناك ،ولكن هذا سيقود وكما قال أوجلان إلى حرب تمتد لمائة عام وتمتد شرارتها إلى كل دول المنطقة وحينها لن يغفو الساسة الترك أبدا، ولن يهنأ الأمريكيون ويستمتعون بالسياحة على شواطئ الخليج الفارسي ،وسيتوحد الكورد في كل مكان للدفاع عن اخر فرصة لهم في البقاء وستعلم تركية وكل أعداء الكورد أن عام 2007 سيكون عام التوحد الكوردي لإنقاذ مصير الأمة الكوردية وتاريخها العريق في هذا الشرق ، ولذا من الواجب على المستشارين الترك والبرلمان التركي وغيرهم ممن ينظرون بعين العداوة إلى الحق الكوردي! أن يتحسبوا جيدا ويحسبوا ألف حساب قبل أن يخطو خطوة واحدة باتجاه تراب كردستان لان هذه الخطوة ربما تكسر لهم أقدامهم ،وتفتح في وجههم أبواب جهنم التي مازالت موصدة حتى الآن .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…