الانتخابات!!! .. بدأت باللامبالاة وانتهت بالإحباط

  افتتاحية جريدة الوحدة (YEKÎTÎ) *

  انتهت انتخابات الدورة التشريعية التاسعة لمجلس الشعب قبل أيام بنتائج غير مفاجئة ,بعد أن جرت وسط أجواء من اللامبالاة التي بدت وكأن الأمر لا يعني غالبية الناس,في الوقت الذي كان يفترض فيه أن تكون تلك الانتخابات مناسبة وطنية يختار فيها الشعب ممثليه الحقيقيين إلى مجلس يفترض به أيضا أن يكون المصدر الأساسي لإقرار التشريعات وممارسة الرقابة
لكن الواقع لم يعكس سوى حالة من الإحباط نتيجة الطبيعة اللا ديمقراطية لقانون الانتخابات وطغيان التدخلات الأمنية وغياب الأجواء المطلوبة وانتفاء مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين بسبب اقتحام السلطة، بما تملكه من نفوذ وقمع واحتكار إعلامي، ساحة المنافسة لصالح قوائم حزب البعث وحلفائه داخل الجبهة وخارجها، مما ينسف أهم المرتكزات الديمقراطية للعملية الانتخابية، فالمواطن الذي يشعر بان صوته في الاقتراع لا يضيف رقماً في حسم عملية الفوز لهذا المرشح أو ذاك ,لن يشعر بالمقابل أن له ممثلاً في مجلس الشعب يعبّر عن إرادته,كما إن عضو مجلس الشعب الذي لا يشعر بأن هناك مواطنين يدين لهم بفوزه ,ويعرف تماما بأنه فاز فقط لأن اسمه ورد في قائمة الجبهة الوطنية التقدمية أو في قائمة المستقلين المتممة لها ,لن يجد نفسه ملزماً بخدمة هؤلاء المواطنين وتحقيق مطالبيهم، أو مضطراً ليراكم، بمواقفه وآراءه ومطالباته,دعاية شعبية تفيده في دورة أخرى ,بل سوف يحرص دائما على إرضاء السلطة التي وقفت وراء عضويته في مجلس يتحول في هذه الحالة ,موقعاً ودوراً,من مجلس لممثلي الشعب إلى مؤسسة رديفة للسلطة …وبذلك تتلاشى آمال التغيير،باعتبار أن الانتخابات هي التي تشكل إحدى وسائله الأساسية،ولذلك، وبسبب افتقاد المجلس للمصداقية فإن الانتخابات ودّعت بمثل ما  استقبلت به من إحباط ,وتمخضت عنها دورة جديدة ستكون عاجزة عن القيام بإصلاح يذكر في مجال إقرار التشريعات والقوانين ,ومثلما عجزت الدورات السابقة عن تلبية طموحات المواطنين ,فان الدورة التشريعية الحالية سوف تلتحق بها حاملة نفس مشاعر الخيبة ,وعلى هذا الأساس فان الشعب السوري خسر فرصة أخرى للإصلاح الذي يحتاج تطبيقه إلى وجود إصلاحيين ترتبط به مصالحهم ,ويؤمنون به، كضرورة ازدادت الحاجة لها بعد أن فشلت السلطة في حل أزمات البلاد المستعصية ,لأن تعطيل الحياة السياسية وإبقائها حكراً على حزب واحد يقود سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية ,ويتحكم في كافة مراحل العملية الانتخابية من إشراف على صناديق الاقتراع وعلى لجان الفرز والمراقبة ,هو استخفاف بإرادة الناس الذين يحلمون بصناديق لا تفصلهم عنها حواجز الإرهاب ولا تحيط بها الضغوط والتدخلات من كل جانب ,ولا تخفي داخلها نتائج مسبقة الصنع ,وتلبي تطلعاتهم نحو بناء دولة مؤسساتية حديثة تحتكم للقواعد الديمقراطية وتؤمن بتداول السلطة وتقر التعددية السياسية والقومية.

  
  ويبقى شعبنا الكردي من اشد المتضررين من أزمة الديمقراطية التي عبّرت عنها الانتخابات الأخيرة لأنه لا يزال يبحث، تحت ركام المشاريع العنصرية ,وفي ظل أجواء السياسة الشوفينية ,وتحت ضغوط الإنكار المتعمد لوجوده ,والتنكير التام لحقوقه ,عن منبر ديمقراطي ينقل صوته المكبوت إلى أسماع الآخرين مطالباً بإنصافه وإيصال الحقيقة الكردية إلى جميع زوايا الداخل السوري وإيجاد حل ديمقراطي لقضيته القومية الوطنية العادلة.


—-
* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)–  العدد (165) نيسان 2007م- 2619 ك  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود منذ تأسيس كثير من دول الشرق الأوسط خاصة تلك التي أُسّست نتيجة اتفاقية سايكس بيكو وخرائطها المفروضة بمبضع بريطاني فرنسي تركي، والأنظمة التي تكوّنت على إثرها عانت وما تزال تعاني من عقدة مركّبة بين هوية الدولة وأزمة نُخَبِها السياسية والثقافية ومفهوم المواطنة والانتماء، ومن أبرز ظواهرها التغييرات الدموية في الأنظمة السياسية التي حكمتها منذ منتصف القرن الماضي وحتى…

بدعوة من لجان تنسيق مشروع حراك ” بزاف ” لاعادة بناء الحركة الكردية السورية ، التامت الندوة الافتراضية الموسعة الثانية ليلة الثالث والعشرين من الشهر الجاري بمشاركة نحو أربعين شخصية وطنية مستقلة ، من بنات وأبناء شعبنا الكردي السوري ، من الداخل وبلدان الشتات ، ومن مختلف الفئات الاجتماعية ، وناشطي المجتمع المدني ، الذين تحاوروا بكل حرية ، وابدوا…

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….