لم يهبط أحد من المريخ على الجزيرة السورية.. رداً على الكاتب السوري حسين عيسو

إسحق قومي ألمانيا:

نحن لوطن ٍ اسمه سوريا، لتراب مقدس هو خط أحمر بالنسبة لنا.

مجدها سيبقى رغم أنف الغزاة والطامعين، علينا ألاّ نتنكر لفضائلها.

هي للجميع ، نتمنى تطوير آليات هي من الضرورة بمكان ليكون جميع مكوناتها على مسافة واحدة .
تلال الجزيرة تشهد لأصحابها ،حواضر الجزيرة لم يسكنها في بدء نشأتها من امتهنوا الزراعات البعلية أو المروية أو من كانوا أصحاب قطعان من الماشية إلا شيوخهم وآغواتهم وبعض أسرٍ ممن لا أرض لهم ولا ماشية.
الإنسان العربي والكردي كانا يأنفان العمل بالمهن عدا قلة قليلة حتى قُبيل منتصف القرن العشرين .
أهلها الأوائل علموا غيرهم الحضارة والعلوم والمهن ودور علمهم كانت للجميع مشرعة ونحن ُ أبناء القرى قلدناهم في كلّ شيء  هل يوجد من ينكر ذلك؟!!!.
لو كان كلّ كاتب يأخذ موافقة الجميع قبل الطباعة لما وجدَ كتاب واحد ….
الكتب ليست منزلة لكن حتى الكتب الدينية لم يتفق الناس جميعا على تفسيراتها …والاختلاف دوما لو استثمرناه بنوايا طيبة لأنتج ثمراً يانعاً.
العقلاء لايستهزئون بل يتحاورون ، لسنا كساع ٍ للبريد ، لا تمارسوا الإرهاب الفكري،فقد ولّى زمنه وكلّ من يمارسه فإنه خارج التاريخ الإنساني.
كنتُ أتمنى أن يرتقي عنوانكم ـ عن الشك في التفسير ـ بالمستوى المطلوب من أديبٍ مثلكم.
لا تحملني أوزار غيري.
إسحق قومي هو للجميع ليس للعربي دون الكردي وليس للمسلم دون المسيحي وليس لليازيدي دون الدرزي والجاجاني والجركسي والتركماني والأرمني واليهودي.جميعهم أهلي .(وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ).
الباحث والأديب الأخ الكبير حسين حمدان العساف المشهداني يشهد على أننا لسنا من الطارئين على البحث.فمنذ السبعينيات نعاقر البحث التاريخي .نعرف حدودنا وتخومنا ونحترم جميع الآراء ،وهذا لا يفسد للود قضية لو كان الحوار مع العقلاء.
روايتكَ عن حدث ما وقع في الجزيرة لا تكتملُ إلا إذا قبلتَ أن تسمع رواية الآخرين عن نفس الحدث.

وأقول الجميع سيرحل عنها آجلاً أم عاجلاً، ولكن المسألة.

الكرماء لايغدرون بالتراب وأهله ساعة الأحداث الجسام .
ومن وضع مخططا للحسكة هو الكابتين (الضابط ) المهندس الآشوري  بابلو .في  منتصف الثلاثينات من القرن العشرين في العهد الفرنسي.

اسحق قومي

ألمانيا

——-

الأخ الأديب حسين عيسو المحترم.

تحيتي وتقديري لكَ.

في البدء لا بد من القول أنك ممن نقدرهم ونحترمهم ونقرأ لهم باستمرار فأنت موضع الثقة والتقدير ومن خلال أسلوبك يبدو واضحا أنك ممن يسعى إلى التعاون ونحن نتمنى أن يتعاون معنا العقلاء والموضوعيين (لكن العنوان الذي عنونت به ردكم أقرأ فيه بعضا (مما لايليق بك  كما أنك أنسقت مع من سبقك بالقول (لمجرد ذكر الجملة كاف ٍ الانسياق مع من ذكرها) ((يصلح كساعي )).

كنتُ أتمنى عليك أن يكون غير هذا العنوان لأن الكرد وغيرهم لم يأتوا من المريخ.

لا ….أبداً لكن لكلِّ من مكونات الجزيرة تواريخ مجيئها إلى المكان  ….ليس من الصواب أن نمارس  (الإرهاب الفكري تجاه من يخالفنا ولا يُرضي طموحاتنا حتى لو كان رأيه سليما ….كفانا الوجود الكردي وغير الكردي لا يمكن بجرة قلم أن نمحوه لكن أعيد القول :إن الحوار مع العقلاء هو الأجدى ولن نكون لفئة دون الأخرى وعلى مسافة واحدة فأنا لستُ للمسيحي دون المسلم ولست للعربي دون الكردي أو السرياني أو الآشوري أو الأرمني أو التركماني والجاجاني واليازيدي  وحتى اليهودي الذي عاش في نصيبين وقرية العوجة وأخيرا في القامشلي ولا للقصوراني دون الدرزي (الموحدي).

ولست للجبور دون البكارة أولا  لطي أو الملية أو الدقورية ولا للمشهداني وغيرهم من القبائل والعشائر فهم جميعا بالنسبة لإسحق قومي لا مفاضلة ولا تفضيل إلا كيف نتعاون على العيش بسلام ونعتصم بتراب الوطن الذي أرى أن يكون للجميع وليس لتكوين دون آخر أو جماعة دون أخرى كفانا ننفي الآخر  .

وتمنيت لو انتظرت حتى أكمل   اللمسات الأخيرة في كتابنا (قبائل الجزيرة السورية).

لرأيت متى جاء الأكراد وغيرهم  إلى المكان كما لابدّ لي أن أشكركم وأثمن لك ماوصفتني به.ولكنني أقول ليس محرما على الشاعر أن يكون باحثا أو مؤرخا أو…وللعلم إن صاحب ومدير الموقع الأستاذ الباحث حسين حمدان العسّاف يعرف منذ السبعينات أننا أخبرناه عن مشروعنا هذا وكان يبارك لنا وبهذا أعتبره أكثر من مشجع وأكثر داعم لنا في مشاريعنا الأدبية والتاريخية كونه أخا وجارنا ويتذكر كيف حملت آلة التصوير وذهبنا معا نصور أسواق الحسكة القديمة وأطلعناه على عنوان بحثنا وأهتمامنا بالتاريخ وبهذا فهو شاهد على أننا لسنا طارئين على الأمر ونعلم تقنياته وأسراره وطرقه ومناهجه .وأعرف حدودي حين أكون في بحث ما أو في معزوفة ما.وأنا من يقدر ويحترم تخومه وتخوم إخوته وشركاءه في الأرض والتاريخ.هذا إذا أعدوني من الشركاء..؟؟؟؟أما المقارنة بين المتنبي وابن الأثير الجزري …(أخوي حسين عيسو هنا أنت تجهلني تماما ).

أعرفهما وقد كانا من أترابي منذ زمن طويل …وأعلمكم بأنني  تلقيتُ دعوة من محافظ  الحسكة السيد محمد مصطفى ميرو عن طريق المركز الثقافي لأحاضر عن هذا المؤرخ الكردي  في عام 1988م فأرى  وأحس أن إيرادك لهاتين الشخصيتين فيها من الريبة والشك كما عنوانكم .

وأنت تعرف أن الحكم على قضية  غير عادل  ولا يمكن بدون أن نستدعي ونستحضر كل الدلائل والقرائن فيها (وهذا النص الذي نشرته في موقع الأخ الأستاذ الأديب والباحث حسين حمدان العساف لم يكن كل القضية).

لهذا وذاك سأرسل موضوع الحسكة كإحدى مدن الجزيرة للنشر وستقرأ وأتقبل أيّ مفيد في القضية فلسنا هنا ضد أيّ مكون أو فكرة مادامت حقيقة.

أما قولي لجأ من هرب من المذابح  ــــ إلى المكان (الحسكة فيما بعد).

ولكن هناك من قبلهم  من جاء منذ عام 1890 وعام 1908 م للمكان الذي سيُسمى بالحسجة.

وقلنا أن عمسي موسى ومن تبعه كانوا حواجين يبيعون بضاعهم بين القبائل العربية .

إذن لولا وجود قبائل عربية كانت تسكن أو تتنقل على تلك الأرض ماجاء هؤلاء وأفيدكم علماً أن القبائل العربية كانت تعيش في حالتين منذ مئات من السنين وكان السريان معهم حتى  منتصف القرن السابع عشر على أبعد تقدير والدليل ماظهر من آثار في تل الحسكة بوجود كنيسة أليست دليلاً على ما نقول؟!!!.

وأعلمكم  أن تلك القبائل العربية ( منهم من كان يعمل بالزراعة المروية على ضفاف نهري الخابور خاصة في طابان ومركدة وعجاجة(ماكسين) وجنوبا وعلى ضفاف نهر الجغجغ والجرجب والزركان ).

ومنهم من كانت حياتهم ترحالا طلبا للماء والكلأ وهؤلاء كانوا أصحاب قطعان من الأغنام  والماشية والإبل والخيل واستمرت أحوالهم حتى منتصف الأربعينات من القرن العشرين .

مثلهم مثل العشائر الكردية بعد نزوحها الكثيف في الثلث الأخير من عشرينات القرن العشرين وبداية الثلاثينات إلى الجزيرة مع وجود أكراد قبلهم بزمن طويل كانوا يعيشون على الشريط الحدودي.

لهذا مَن ْقال :إن العرب غير موجودين بالمكان؟؟؟؟؟؟
مادمنا قلنا كان عمسي ومن تبعه يبيعون بضائعهم للقبائل العربية وذكرنا مجيء بيت الشيخ المحشوش والعليوي والطعيمات (المعامرة) وبيت الحمزات (حمزة).

ومتعب   العباس وغيره لكن يبدو أن قولنا (المكان) أعني مكان نواة المدينة( الحسكة) جعل بعضنا يفهم أننا ننفي وجودهم قبل هذا ،فكلامنا عن البدايات الأولى يا أخي وعن نواة المدينة حتى بيت الشيخ المحشوش نعده من النواة الأولى لأن أرضه كانت تمتد للمكان الذي بُنيت عليه سرايا الحسكة في عهد تاج الدين الحسيني  وشمالها ومكان كل بيوت الديريين ومكان الهجانا قديما والقصر العدلي اليوم الذي كان راكارا (مكانا تختبىء به الطائرات)  الفرنسية.

وبيت الشيخ المحشوش يرتقي مجيئهم للمكان عام 1896م.

أما عن بيت الأغا حاجو:
(فأنا لم أنسَهُ ) نعلمكم عن حاجو آغا  فقد جاء إلى مدينة القامشلي عام 1925م .من تركيا هربا  من ملاحقة الأتراك له لأنه كان مطلوبا .

وفي نهاية عام 1926م يأتي حاجو أغا مع أولاده الكبار(حسن وجاجان ويوسف وجميل ) من منفاهم من تدمر وسكن الحسكة وبنى له بيتاً كبيرا و توفاه الله عام 1940م  لكن مجيئه من تركيا كان في البداية لمدينة القامشلي وجاءت معه عشيرته ويازيد وسريان وعلى رأسهم الخوري ملكي  ولكونه كان جريفا لشيخ قبيلة طيء   قبل هذا التاريخ  كما ذكر لي حفيده سيروشاه حسين حاجوــ عندما كان ينزل إلى أرض الجزيرة مع عشيرته للبرية التي بين عامودا وسنجار  حيث يأتون بقطعان أغنامهم للرعي في تلك البرية لهذا  نجده  لجأ إلى شيخ طيء ونعتقد أنه الشيخ محمد المقطف (محمد المكطف) .

لكن الأتراك يطلبونه وفرضوا عليه وعلى الفرنسيين أن لايكون سكناه قرب الحدود التركية السورية (فوق الخط وتحت الخط).مما أجبر الفرنسيين على نفيه مع أولاده الكبار إلى تدمر .وبعد أن عاد بموجب معاهدة مع الفرنسيين يمنح الأغا حاجو أرضاً في قبور البيض .وبهذا يكون الوجود الكردي في الحسكة ولأكبر زعماء الأكراد يتحدد في عام 1926م ومابعد.

وبقي ابنه أكرم حاجو أبو فرمز في الحسكة في البيت الذي بناه أغا حاجو وللذكر فقد تم تعين المرحوم أكرم حاجو عن دورتين في المجلس النيابي السوري على عهد الرئيس شكري القوتلي ونذكر من الأسر الكردية بيت بريجان فهم أكراد صاهروا الديريين ووجدوا في الحسكة بعد منتصف العشرينات من القرن العشرين .

ولهم قراهم (كانت كثيرة) في محيط عامودة نذكر منها قرية سفندر وماريت جنب عامودا وقرية تل حبش وغيرها فهؤلاء أيضاً أكراد وبيت السيد إبراهيم الباشا (باشوات رأس العين) أيضاً أكراد.

كما أحب أن أشير إلى علاقتي الخاصة والمميزة مع آل حاجو في ألمانيا وخاصة مع الأخ سيروشاه حسين حاجو أبو ريزان وقد أخذت عنه الشيء الذي يعتد به كما لمست من خلال علاقتي بهم أنهم أهلاً للصداقة والكرم والسماحة والموضوعية وأذكر منهم الدكتور المترجم زردشت حاجو الذي يمتاز بخلق حميد وكرم وصفات جده حاجو أغا.لكن ماجاء في الجزء المنشور هو عن البدايات الأولى يا أخي الأستاذ الأديب حسين عيسو.يبدو أنه غير كاف ٍ .

أما عن وجود الأكراد بالجزيرة منذ القديم:
فقد جئنا على وجودهم في قرية القرامانية وجطلي وتل أيلون  وعين ديوار ووجود بيت واحد بجانب الدير القديم الذي سيكون نواة مدينة ديريك (المالكية).وذكرنا أن أكرادا جاؤوا الجزيرة حتى قبل عام 1880 م وكان الأكراد قد بنوا لهم قرى في محيط  وإلى الشمال من قبور البيض وغيرها  

عامودة:
عامودة.

تقول أنها ليست سريانية بل كردية (نحن لا نقول بسريانيتها أو كرديتها بل نقول أنها سورية ).

وخلال بحثنا نجد أنّ من بدأ البناء فيها هم القلعة مراوية والمنصوراتية والكلدان وبعض الأرمن.

وبعد عام 1895 جاءها الأكراد وبدأوا يتوافدون عليها حتى عام 1920م كان عدد الأسر في عامودا 200أسرة كردية وفي عام 1931م أصبح عددهم 400 أسرة يقابلهم 126 أسرة من المسيحيين (جاء ذلك في وثيقة للمسنيور للسريان كاثوليك إفرام حيقاري الذي زار الجزيرة في التاريخ المشار إليه) وعليك أن تحسب التغيرالديمغرافي الذي  حدث من خلال الولادات والزواج بأكثر من واحدة.والسيد المناضل كما رفاقه من العرب والكرد المرحوم سعيد اسحق القلعة مراوي ما نسيناه ونسينا رفاقه المناضلين وأعلمك للعلم بأنه ابن خال جدتي لأمي .

لماذا تحملني وزر غيري ؟!!!!!!وأنت لازلت لم تقرأ إلا نزرا قليلاً مما كتبناه .

وأن أيّ نفي للأخر معناه الإقرار بذاك الوجود ، وهذه مسلمة فلسفية وبديهية واضحة فإنَّ نفي النفي إثبات..

أما عن بيوت الحسكة حين ذكرنا أغلبهم لا بل جلهم من المسيحيين :
أخذنا تلك المعلومات من كتاب تبرعاتهم لكنيسة السريان الأرثوذكس عام 1956م.

وكتبنا منذ التسعينات لدائرة النفوس لتقدم لنا معلومات عن أهل الحسكة ولتاريخه لم يصلنا أي شيء.والآن نحن بتواصل مع أكثر من واحد ليقدم لنا عن الأسر الديرية والأكراد البيرتيوية  القدامى والعرب وغيرهم ، لنوثقهم في كتابنا قبائل الجزيرة السورية ،ونحن لسنا لأحد دون الآخر.لا غاية لنا في التوثيق إلا الموضوعية وعلى قدرما يتوفر لنا من مراجع  بالرغم أننا نقول أن الموضوع نفسه لايوجد أغلبه في مراجع من قبل (أقصد مابين عامي 1982 وعام 2000).

وللعلم التقينا في الوطن منذ بدء السبعينات بالعربي والكردي والمسيحي واليازيدي والجاجاني والدرزي والتركماني.

أما عامودة وأحداثها سيكون لك أن تقرأ عنه في مكان آخر.لماذا أحب أن أقرأ روايتك عنها ولا تريد أن تكلف نفسك  بقراءة  روايتي عنها أيضاً؟!!!! فهذا ليس من خصال العقلاء .ثمّ أيُّ فرنسيين كانوا في عامودة يومها ؟!!!!!

أما قرية القرامانية:
كانت موجودة وجاء إليها القصوارنة وغيرهم واستضافهم أهلها خير استضافة حتى بدأت نواة بناء الدرباسية ولكن القصوارنة وغيرهم لم ولن ينسوا لأهلها وأهل الجزيرة الأوائل كرمهم وطيب وحسن معشرهم وتعلم أنه لايوجد  بيننا  منة لأن لأهل الجزيرة جميعا سجايا لا أروع منها ولا أحلى!!!!

ولو قرأت المشهد من الزاوية الثانية لرأيت المسيحيين في الجزيرة  كانوا ولازالوا أصحاب الفضل على كل المكونات لأنهم أصحاب مهن وصناعات وعلم وثقافة ودور تأهيل فمن ينكر فضلهم والجميع أو لنقل غالبيتنا تعلم في مدارسهم الأهلية حتى الستينات من القرن العشرين وتعلمنا على أيديهم المهن والصناعات وقلدناهم في كلّ شيء هل من ينكر ذلك؟؟؟؟؟!!!.

أما الدرباسية:
فسبب تسمية هذه المدينة( باسم الدرباسية) هو تيمناً باسم القديس مار آسيا الذي كانت له كنيسة رئيسية فخمة في قريتهم المنصوريّة (بتركيا) ومن يقف خارج مدينة الدرباسية ويتطلع إلى شمالها يرى الطريق مفتوحاً أمامه إلى كنيسة القديس مار آسيا في المنصورية، لذلك استهوى هذا الموقع أولئك الهاربين من طاغوت العثمانييّن، وأطلقوا عليه في حينه (درب القديس مار آسيا)  وهذه الكلمة المركبة تُلفظ اليوم وكأنها كلمة واحدة (الدرباسية) بعد أن أضيفت إليها “أل التعريف”.أما لفظة آسيا فهي الأخرى سريانية: أي الطبيب والحكيم الذي يشفي أمراض الناس وهنا نعني القديس مار آسيا لأن الله كان قد خصّه بموهبة شفاء الأمراض .وتبعد عن مدينة الحسكة  ما يقارب 85 كم شمالاً، وغرب مدينة عامودا  وهي من المدن الحديثة وكان بدء البناء فيها من عام /1931/ م عندما تم حفر بئر وظهر الماء العذب فيه، وتسمى بـ درب آسيا لكونها كانت نقطة عبور تجارية مهمة في منطقة شرق سوريا من الجنوب والغرب نحو الشمال والشرق من آسيا».بسبب وقوعها مقابل محطة القطار التي أقيمت في العهد العثماني حوالي عام /1908/م لقطار الشرق السريع  ويُقال: تعود تسميتها إلى بانيها واسمه “درباس” وهذه التسمية الدارجة في المنطقة قديماً قسمت المدينة إلى قسمين: “الحي الغربي”: ويضم المسيحيون ومعظمهم من المهاجرين من مدينة “ماردين” وقراها بعد الانتداب الفرنسي عام/1920/م مع بعض الأرمن وكان المسيحيون مسيطرين على تجارة السوق ومعظم الصناعات والمهن اليدوية، من حدادة وتجارة وصباغة القش والأقمشة وصياغة الذهب والفضة.”الحي الشرقي”: ويضم “الأكراد” وبعض العرب الذين قدموا أيضا من منطقة “ماردين” ومن القرى المجاورة ويعمل معظمهم عمال بناء وفي الرعي والقليل منهم بالتجارة.في الوقت الراهن أغلب سكانها هم من الأكراد مع بعض العرب وذلك بسبب هجرة معظم المسيحيين إلى المدن الأخرى حلب و الحسكة.(لكننا نُطالع في كتاب  ٍ للأديب جورج خرموش في كتابه (ماردين الصمود والتراث والتاريخ) المطبوع عام 2003م  فقد ذكر أن الدرباسية بُنيت من أبناء السريان أولا والأرمن والكلدان عندما توافدوا إلى المنطقة من ماردين والقرى الأخرى فنزلوا إلى القرامانية والخاص  وتل أيلون وعرّادة وتعلك وجطلي (جطل) ولكن إثنا عشر شخصية من هؤلاء يقررون بناء دكاكين (محالا تجارية) في المكان ويبنوا لهم دورا وكانت اللجنة مكونة من السادة( سليم عبد النور وعبد المسيح قره زيوان وعبد المسيح قاووغ وسعيد اصبهان وجميل شلاح ويعقوب حكيميان وعبد المسيح اصلان وتوفيق كوبل ورزق الله يامين وجبرائيل قصعة وبطرس وأخيه بشير سلموا فبنوا في البداية 75 حانوتاً ودورا لهم وكان شرط الفرنسيين أن يدفعوا عن كل حانوت ٍ خمس ليرات ذهبية وعند بدء البناء كان ذلك في حزيران عام 1931م وباشروا بالنقل في تشرين الأول عام 1931م كما بنوا لهم مدرسة داخلية كان يشرف عليها الدومينكان وكان الراهب ديرودير(DERUDDER) هو المدير لتلك المدرسة كما أشادوا لهم كنيسة وكان أول خوري يديرها هو يوسف رزقو .

ولابد أن نشير أن الدرباسية بُنيت أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا).

وطريقة معالجتنا لمادة بحثنا جاءت من خلال المناهج الآتية:

التاريخي والوصفي والتحليلي في كلِّ ماجئنا عليه.

أما طريقة جمعنا للمعلومات فكانت على مرحلتين:

تبدأ  الأولى من مطلع السبعينات من القرن العشرين حتى عام 1988م .والفترة الثانية أثناء وجودنا في أمريكا وألمانيا وتبدأُ من عام  1988م وحتى عام  2010م.

ثانياً: لقاءاتٍ شملت شيوخ قبائل وعشائر وشخصيات مختلفة .

أما بالنسبة لشهود العيان الذين التقينا بهم فهم كثر في سوريا وأمريكا وألمانيا وهولندا وبلجيكا.

وقد أثبتنا أسماء بعضهم داخل الكتاب ، وبعضهم رفض أن يُكتب اسمه .

وتراوحت أعمارهم ما بين الخمسين والتسعين .

ودوّنا وقاطعنا ماقدموه لنا من معلومات  ولولاهم  لم يكن باستطاعتنا أن نوفرتلك الحقائق المعاشة لأنها غير موجودة  في كتب أو مراجع  .فكان كلّ واحدٍ منهم كتاباً أخذنا ما يهمنا منه وقاطعنا معلوماته مع أترابه والذين عاشوا في نفس المحيط ولهم نفس الاهتمام .

فجاءت مادة علمية لشهود عاشوا الماضي .

ثالثاً: عن طريق مراجع  مختلفة  منها العربية والسريانية والإنكليزية والألمانية وبيانات .

رابعاً: عن طريق الملاحظة الذاتية وما نختزنهُ من معلومات عن الموضوع .

خامساً: ولم نتوقف عند عرض الفكرة بل ذهبنا إلى الأسباب التي لعبت دوراً هاماً في نتائجها وتعرضنا للظاهرة سواء أكانت طبيعية أم اجتماعية أم سياسية وتم تحليلها ووصفها  وأخذنا الظواهر السياسية التي عاشتها المنطقة بعين الاعتبار لِمَ  لها من أثرٍ في الحياة وما التغيرات التي حدثت إلاّ نتاج تلك الظواهر التي أدت إلى تغيرات مورفولوجية في الجزيرة فسجلات النفوس في الثلاثينات حتى الخمسينات من القرن العشرين ليست  كما هي عليه الآن بالنسبة للعشائر المسيحية  ونسبة وجودهم  فيها قياساً لبقية القبائل وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال ٍ هل سيتقلص الوجود المسيحي حتى  أنه يساورنا الشك في أن أعدادهم بعد سنوات ستكون كما أعداد اليهود في القامشلي عام 1947م..لماذا؟!!! هل أنهم شعبٌ يُحب الهجرة أم هي قوانين وسلوكية الأكثرية التي  تجعل من عيش الأقليات  العرقية والدينية  بينها أمراً يصعب معه الاستمرار كون الأغلبية تزاحم الأقلية في وجودها وتضيق الخناق على  تحركها وأسلوب معيشتها مما تشعر الأقلية أنها مغبونة ومقهورة وهذا الأمر أعتقد أنه واقعي فكيف لك أن تقول بأنه يوجد حرية  وأنتَ لا تمثل 5% من عدد السكان ماهي الفرص الحقيقية لوجودك وإبداعك وعملك وحتى في الجانب السياسي  فأنت أقلية  لايُعتد بها…أم  المشكلة تتعلق بقوانين وطقوس كنسية لم تحل حتى اليوم ؟!! ومثالنا على غياب العشائر المسيحية من الجزيرة السورية فلدينا   إحصاءات تؤكد أنَّ عدد قرى السريان في تركيا كان في عام 1821م   600 قرية وبلدة صغيرة لكنها اليوم تعد 6 قرى لايسكنها إلا مابين 10 وعشرين نسمة عدا ماردين حيث يوجد مايقرب من خمسين عائلة وفي أمد (ديار بكر) التي كان أغلب سكانها من المسيحيين عام 1907م أما اليوم فعددهم لايتجاوز 6 أسر وفي مدياث(مدياد) مايقرب من 70عائلة وانتقل أغلبهم إلى استنبول وأزمير وغيرها  فهل سنرى قرى الجزيرة كما في تركيا؟؟!!! ومن بين الأسباب التي تدعونا لهكذا توقع هو  الإشكالية الدينية وانتشار الفكر الذي لا يمت بصلة إلى إنسان جزيرتنا  المنتشر بين بعض أفراد مكوناتها ولكنه واقع وأصبح يؤثر في حياة الجزيرة  مع غياب دور القيم الأخلاقية  المتوارثة بين أغلب مكوناتها فالجيل القديم قد انتهى وهناك أجيالاً جديدة لديها ثقافتها التي أرى أنها غريبة عنها وعن الأقليات وإذا أردنا الحفاظ على الوجود المسيحي في الجزيرة السورية فهناك أكثر من خيار ٍ وفي غياب المسيحيين عنها الذين كانوا ولازالوا العنصر الفعّال في إزدهارها وتقدمها ستتحول المنطقة إلى مجتمع يخلو من المناهضة الفكرية والثقافية والإبداع بشكل عام .والصراع موجود بالأصل ومتأصل في الذات لكن الخوف لو تحول إلى صراع ٍ  لنفي  الآخر المغاير في القومية والدين والمذهب عندها لن نجد الفسيفساء التي كونت روعة الجزيرة  فاستحداث  جماعة  ـ  تحت سقف الوطن ووحدته ـ تتكون من جميع أطيافه من العقلاء والمثقفين والموضوعيين والحريصين على تراث جزيرتنا كأن نسميها جماعة (النوائب) لأننا لا نشك فيما نقول  بل هي الحقيقة في أنهُ توجد مشاريع عدة هدامة بين بعض مكونات جزيرتنا ، كما ونشير إلى أهمية  معالجة القضايا الجوهرية من قبل الحكومة لإنهاء وضع ٍ نجد أن حله ضرورة  وجودية وهذا الحل يكمن في أنْ تتساوى جميع القوميات على مسافة واحدة من الحقوق والواجبات وبعدها فليكن هناك محاسبة لكلِّ  جماعة تُسيءُ إلى الوحدة الوطنية وتتفرد بأنها صاحبة الحق ، كما نرى تأسيس جمعية نسميها (جمعية التاريخ).

تتكون ضمن مديرية التربية مع دائرة الآثار مهمتها توثيق الظواهر الطبيعية والاجتماعية والعمران وغير ذلك  لئلا يأتي اليوم ونرى من يكتب ويجافي الحقيقة ويفرض رأيه لكثرة عدده .

على أن تمثل تلك الجمعية جميع أطياف الجزيرة تمثيلاً حقيقيا لا صوريا.

بقي أن نقول أننا سعينا ولا ندعي  أننا أحطنا إحاطة كاملة في كلّ ما جئنا عليه كما لا نزعم أننا حققنا لكل الأفراد والجماعات غايتهم فهذا أمر محفوف بالمخاطر.وأردنا من مؤلفنا هذا أن يتخطى حدود المألوف ولم يخامرنا لحظة واحدة أن نبخل في الكتابة بموضوعية وعلمية لأننا لن نتبنى غيرها منهجاً .فنحنُ لسنا لعشيرة دون أخرى نجد هذا واضحاً جلياً عندما كتبنا عن  بعض القرى القصورانية والمسيحية بحيث  لم نكتب عنها كما يجب لأننا لم نجد من يقدم لنا المعلومة الموثوقة والكافية .

وسواء أصبنا الهدف أم لم نصبه.

فهذا الأمر سيحكم عليه الزمن الذي هو الحكم الأول والأخير والدارس الموضوعي .

لكننا نستطيع أن نقول لقد فتحنا نافذة وأثرنا موضوعات كانت مغمورة ، ونأمل أن تساعد الدارسين والباحثين وغيرهم على أن تكون مادة توثيقية ليأتي غيرنا فيضيف كلّ بحسب  طريقته من أجل إغناء المكتبة بمثل هذه المواضيع  آملين أن نكون قد وفقنا فيما سعينا إليه.ونتمنى على الجميع أن يرسلوا لنا بوجهات نظرهم (الموثقة ) باثباتات لنتمكن من وضعها في الطبعة الثانية.
اسحق قومي

الحسكة  1983م.

ألمانيا 2010م.
———-

 رابط مقال الكاتب حسين عيسو :

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…