إنّ مدلولات وسمات ذلك المبدأ بدت منذ أمدٍ بعيد في أفكار وتنظيرات العديد من الفلاسفة والمفكرين؛ إلاّ أنّها لم تلاق النور نتيجة سيادة أفكار أخرى مقوننة خدمت إلى حدٍّ كبير المصالح الشخصية أو الفئوية أو العشائرية أو القومية العصبوية.
متطلبات الوضع الكوردي:
الكل يدرك طبيعة المرحلة التي تمرّ بها قضيتنا القومية وما يتطلّبه الواقع المعاش الجديد من مستلزماتٍ قد تكون قسرية نوعاً ما, وربّما التضحية ببعض الخاص لأنه في العادة الغلبة دائماً للعام, وفي سبيله – إذا كنّا نمتلك نوعاً معيّناً من الجرأة المغلّفة بالجدّية, والصراحة الموسومة بالمسؤولية تذوب فيها الأنانية والأحقاد القاتلة, ومطلوبٌ إن كان على الصعيد الفرد الكوردي, أو الأحزاب التمهيد لعملية التغيير دون المساس بالثوابت القومية لشعبنا الكوردي, وروافعها( حواملها ) النضالية.
أولاً- على صعيد الفرد الكوردي:
– الإيمان بالعلم والتعليم لأنّه السبيل الأقرب والأمثل في تحقيق ميادين عدّة.
– مراجعة شاملة لتاريخه الفردي, والعمل على تحرير ذاته من الأنانية والعصبوية باتجاهاتها العديدة الأحادية الفردية , الجزم والقطعية , المزاجية والانتقائية؛ مع إيلاء الاهتمام الشديد بالجانب الاقتصادي لأنّه شريان الحياة.
– التوفيق بين الالتزام بالقضيتين الوطنية السورية والقومية الكوردية؛ مع تمثّل شروط ومقاييس الإيمان بهما.
– امتلاك الجرأة لكي يعترف بقصوره وسوء تقديره لجملةٍ من الأمور والحالات التي مرّت بها البلاد وخاصّةً قضيتنا الكوردية بكلّ المقاييس في فترات زمنية مختلفة, وهذا ليس بعيبٍ أو ضعف.
– احترام رموز شعبه وقاداته المخلصين؛ لأنّ احترامهم وتقديرهم هو احترام للتاريخ النضالي الكوردي, وأي استهتار أو تقزيم لنضال القادة المخلصين هو إهانة للحالة النضالية وتضحيات الآلاف من مناضلينا, واستهداف للقضية في الصميم.
– النضال الملتزم والمستمر القائم على الإيمان القوي, والجدّية في الممارسة على أساس التربية القومية السليمة ( الكوردايتي ), والحذر من الوقوع في هاوية العجرفة وتقديس الذات, والبحث الدائم عن الخطأ, وتصحيحه في العين ذاته, و العمل الدؤوب على إعداد وتدريب نفسه سياسياً ومراقبة سلوكه على الدوام.
– تحكيم ذاته لمقاييس الأخلاق والضمير, والتحلّي بالقيم الفاضلة واعتبار القضية الكوردية قضيته المحورية بدون منازع, والابتعاد عن العبثية قدر الإمكان.
– تعزيز وترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر المختلف قومياً- سياسياً- دينياً في نفسية الفرد الكوردي بغية الوصول إلى توفير قواسم الحياة المشتركة للوصول إلى غدٍ أفضل ينتفي فيه جميع حالات التخاصم ونبذ الآخر, أو إقصائه, أو إذلاله, وضرورة صيانة كرامته لأنّ الإنسان هو غاية الحياة وأسمى ما في الوجود.
ثانياً- على صعيد الحركة الوطنية الكوردية:
– دراسة شاملة ومراجعة مسؤولة لمراحل تطوّر القضية الكوردية في كوردستان- سوريا والوقوف بجرأة وحسم أمام الأخطاء والعثرات التي اعترضت المسيرة الشاقة لحركتنا, وضرورة تلافي الثغرات والشوائب التي شابت رحلتها الطويلة والمؤلمة.
– إعمال الصيانة لمجمل الجهاز الحزبي, وفق خطوات هادئة, ومنطقية تعيد الاتّزان إلى الآلية, وتكسبها بوصلتها الحقيقية؛ بحيث يكون وفق معيار المرحلة ( طبيعة النظام الاستبدادي القمعي, الظروف الذاتية لشعبنا, الظروف الإقليمية والدولية المتقلّبة ).
– ترسيخ الثوابت النضالية لشعبنا بما هي قضية أرض وشعب له كلّ الحق في تقرير مصيره بنفسه؛ حسب مبادئ شرعة الأمم.
– صياغة برنامج نضالي آني مرحلي يلبي متطلبات المرحلة الحالية للحراك السياسي في سوريا, وآخر استراتيجي شامل يتضمن الثوابت الأساسية لقضية شعب ( كوردي ) يعيش على أرضه التاريخية ( كوردستان ).
– اعتبار انتفاضة آذار المجيدة 12/3:2004م ؛ تاريخ تحوّل فعلي في مسيرة نضال شعبنا الكوردي؛ حيث استطاعت القضية الكوردية وذالك عبر تضحيات الانتفاضة الخروج من سجنها المحلي المسيّج بالحديد والنار والكره والإنكار الى منابر وأوساط دولية وعالمية واكتسبت المزيد من الدعم والأصدقاء ، واستقطبت الرأي العالمي الى حد ما.
– تقوية العلاقات الأخوية النضالية بين الأطراف الكوردية, للوصول إلى صيغٍ نضالية متقّدمة وبالتالي إنجاز المرجعية المنشودة.
– وضع ميثاق شرف ملزم لكل الأطراف, قوامه وحدة الكلمة, والمصير, والمبتغى خدمةً للقضية الكوردية المقدّسة, وأي خروجٍ عنه يعتبر خيانة للقضية, والأمانة.
– التوجّه نحو الجناح العربي الوطني الديمقراطي المعارض, وحتّى الأطراف الشيوعية, بغية إنجاز برنامج سياسي وطني يلبّي رغبات, وطموحات كل المكوّنات القومية, والدينية في البلاد.
– العمل على تدويل القضية الكوردية وبقوة في الساحة الدولية, والعمل على إقناع العالم الحر بعدالة القضية الكوردية.
– إجراء حواراتٍ أساسها مصلحة الوطن, ومكوناته الأثنية والدينية للوصول إلى صيغة دستور عصريٍ.
– العمل مع جميع الأحزاب والأطراف الكوردية في أجزاء كوردستان بغية عقد مؤتمر كوردي شامل ذات طابع دولي في كوردستان- العراق.
خطوات لا بدّ منها على الصعيد الداخلي:
– القضية الكوردية في سوريا قضية وطنية بامتياز تهم جميع مكونات المجتمع السوري.
– العفو العام عن المعارضين, من سجناء الرأي, والتعبير, وجميع المناضلين الديمقراطيين, ومنهم أبناء شعبنا الكوردي, وصولاً إلى تبييض السجون بالكامل .
– تشكيل لجان وطنية متخصصة من كلّ الأطراف لتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه, وإيجاد الآليات اللازمة للتطبيق, والتطبيع .
المطلوب دولياً:
– احترام إرادة الشعوب الخاضعة لعوامل القهر والاستغلال والاضطهاد, وخاصّة إرادة شعبنا الكوردي في الحرّية والانعتاق.
– الاعتراف لكلّ شعبٍ بالحق في اختيار طريق تطوّره الاجتماعي والسياسي بكلّ حرية.
– احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي, وضرورة احترام حقوق الإنسان وفق العهد الدولي.
ولكن لا بدّ من طلقة الانطلاقة, وعلى جبهة واسعة, مع احترام إرادة الشعوب في تقرير المصير, وخاصّةً إرادة شعبنا الكوردي في كوردستان.
قصارى القول مطلوبٌ من الجميع العمل على ترسيخ ما هو مجدي ويضع الحياة في قالبها الحقيقي من دون معاناة أو آلام ولا يتمّ ذلك إلاّ بالاعتراف بالآخر و حتّى الآخر المختلف, وفتح صفحة جديدة أساسها التسامح, ورفع شعار ليصبح سمة العصر بدون منازع (( لنعمل معاً لتعزيز وترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر..))