حسين عيسو
“يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره , فهل يجوز ذلك للمؤرخ أيضا”
بداية أوجه التحية للشاعر والباحث المؤرخ “إسحاق قومي” للجهد الذي بذله للتأريخ لمدينة الحسكة , في كتابه “مئة عام على بناء مدينة الحسكة” , لكن المشكلة وكما يبدو أنه كتبها بأسلوب الشاعر وليس المؤرخ , والفرق بينهما كبير , كالفرق بين المتنبي وابن الأثير .
– حين يكتب شاعرنا الكبير عن مدينته “مدينتنا” جميعا , ويحدد عناوين بيوتها بيتا بيتا – لا أقول كدليل لساعي البريد , كما ذكر أحد الأخوة المعلقين على الكتاب – إنما أقول للأستاذ إسحاق :
“يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره , فهل يجوز ذلك للمؤرخ أيضا”
بداية أوجه التحية للشاعر والباحث المؤرخ “إسحاق قومي” للجهد الذي بذله للتأريخ لمدينة الحسكة , في كتابه “مئة عام على بناء مدينة الحسكة” , لكن المشكلة وكما يبدو أنه كتبها بأسلوب الشاعر وليس المؤرخ , والفرق بينهما كبير , كالفرق بين المتنبي وابن الأثير .
– حين يكتب شاعرنا الكبير عن مدينته “مدينتنا” جميعا , ويحدد عناوين بيوتها بيتا بيتا – لا أقول كدليل لساعي البريد , كما ذكر أحد الأخوة المعلقين على الكتاب – إنما أقول للأستاذ إسحاق :
أنت الآن تكتب كمؤرخ وتوثق لمرحلة معينة , فذكرت سكان الحسكة الأوائل , وهم آل عليوي ومحشوش وعمسي وبحي الدرويش وغيرهم كثر , وهنا لست في وارد البحث عمن كان الأول في سكنى الحسكة , لكن هنالك حقيقة ذكرتها أنت , وهي أن هؤلاء فروا الى هذه المنطقة لائذين بالعرب حيث الشهامة وإغاثة الملهوف
أليس معنى ذلك أن أهل الملاذ كانوا موجودين فيها قبل اللائذ , ثم هنالك بيوت نسيت أن تأتي على ذكرها وهي لم تكن صغيرة حتى تنساها , وأجد نفسي مضطرا لتذكيرك بها , مادمت تريد من ينبهك , اذا نسيت : مثلا بيت آل حاجو كان موجودا أيضا ومضافتهم كانت كبيرة , لا بد أنك مررت بها ذات يوم , أو رأيتها على الأقل , فلم تكن صغيرة لدرجة نسيانها ! .
– لقد مررت مرور الكرام على مدن الجزيرة السورية , الا بعضها , وبما أنك ذكرت بعض الأمور بتفاصسل مملة , أرى أنك حين جئت على ذكر مدينة “القامشلي” وهي أيضا حديثة , نسيت المدينة الأم “بياندور” وأن الفرنسيين قاموا ببناء القامشلي , كرد فعل على المعركة التي دارت فيها , تلك القرية الصغيرة اليوم , والتي تقع بين القامشلي وتربة سبيي = قبور البيض =القحطانية , حاليا , كونها أول معركة دارت بين المحتل الفرنسي وسكان الجزيرة السورية وأول ضابط فرنسي كبير قتل خلال الاحتلال الفرنسي لسوريا , كان الكابتن “روغار” عام 1923م في بياندور , وبما أن كل شيء يتعلق بالكرد في سوريا تعرض للطمس والإغفال , منذ ستينات القرن الماضي وإلى اليوم , وبما أنها كانت من المعارك الهامة ضد المحتل الفرنسي , فكان الواجب على الأقل ذكر قبيلة الطي العربية , وحدها , وهي التي شاركت الى جانب عشيرتي الآشيتية والهفيركان الكرديتين دفاعا عن أرض الوطن يومها , ونتيجة ذلك عمدت السلطات الفرنسية الى هدم بياندور وبناء القامشلي ,
– لن أقول أن عامودا كانت مدينة كردية بالمطلق , لكن إعتبارها مدينة سريانية , ليس دقيقا , فكان فيها كرد وسريان وهي في الأغاني التراثية الشعبية تسمى باسم آغوات الدقورية , وخاصة سعيد آغا الدقوري قائد ثورة أو طوشة عامودا 1937 والتي وإن انحرفت عن مسارها من قبل بعض الرعاع , إلا أنها كانت ثورة ضد المستعمر الفرنسي , وكانت نتيجتها أن قامت الطائرات الفرنسية بدك عامودا , وتهديم أغلب بيوتها إضافة الى قريتي ديكية , وتل حبش القريبتين من عامودا , ثم لاحقوا سعيد آغا الدقوري حتى الحدود العراقية حيث التجأ , وإذا كنت تريد – وكما درجت العادة – طمس كل ما يتعلق بالكرد في الجزيرة السورية , حتى ولو كان إسم وطني قارع الاستعمار الفرنسي حتى الاستقلال – فلماذا نسيت إسم الوطني الآخر في عامودا وهو سعيد إسحاق وهو النائب لأكثر من مرة خلال الاحتلال ومرحلة الاستقلال , وهو أشهر من نار على علم , لا أقول أنك نسيته لأنه كان رفيق سعيد آغا في الوطنية , وإنما أتساءل : ألم يكن للكرد وجود فوق هذه الأرض ؟ , هل كانوا يأتون من كوكب المريخ ليحاربوا الفرنسيين ثم يعودون من جديد , لقد حاول العديد قبلك نفي هذا الوجود , حتى أن العديد من أبناء شهداء بياندور وعامودا سحبت الجنسية السورية منهم , كي لا يعتبر ذلك شاهدا على أن آباءهم استشهدوا دفاعا عن هذه الأرض التي هي أرضنا جميعا , لقد زور التاريخ كثيرا , لكنه لم يغير من الحقائق شيئا , ولذا أتمنى من باحث في مستواك أن تنتبه للدقة في كتابة التاريخ .
– مادمت كتبت أو تكتب عن القصور والقصوارنة وبما أنك تطلب المساعدة في تقديم الوثائق , فأنصحك بالعودة الى كتاب “الدرباسية ماضيا وحاضرا” تأليف المرحوم “إبراهيم يامين” تقديم : غريغوريوس يوحنا إبراهيم _متروبوليت حلب , حيث يذكر فيه أن أعلب القصوارنة إلتجئوا إلى بلدة القرمانية بداية القرن العشرين , ويتذكر ما لاقوه من كرم الضيافة وحسن الوفادة , وحتى بناء المساكن لهم ولعائلاتهم ومنحهم المحلات التجارية , بأوامر من مالكها يومذاك “الحاج درويش حجي موسى” وكانت القرمانية بلدة قبل أن يكون للدرباسية وجود, لن أدخل في تفاصيل ذلك مادام الكتاب متوفرا ومؤلفه أحد القصوارنة المعروفين , رحمه الله .
أخيرا , تستطيع العودة الى وثائق الخارجية الفرنسية عن تلك الفترة وهي مفتوحة للعموم اليوم وبالتفصيل , إذا كنت تريد التأريخ لهذه المنطقة وتوثيق تلك الفترة , ومنطلقي هنا ليس إثبات حق فئة دون غيرها ولا مجاملة أحد على حساب الآخر , فهذه المنطقة سكنتها على مر التاريخ أقوام عديدة وكانت تفرغ أحيانا من السكان , والدليل على ذلك , تلك التلال التي هي أطلال حضارات اندثرت ثم حلت مكانها أخرى .
في الشعر يقول الشاعر ما يشاء , مديحا أو هجاء , أما التأريخ فيختلف , إذ المفروض فيه أنه نقل الحقائق عن الأسلاف كي يستفيد من عبره من يأتون بعدهم , كما يقول “هيرودوت” .
الحسكة في : 14/12/2010
Hussein.isso@gmail.com
أليس معنى ذلك أن أهل الملاذ كانوا موجودين فيها قبل اللائذ , ثم هنالك بيوت نسيت أن تأتي على ذكرها وهي لم تكن صغيرة حتى تنساها , وأجد نفسي مضطرا لتذكيرك بها , مادمت تريد من ينبهك , اذا نسيت : مثلا بيت آل حاجو كان موجودا أيضا ومضافتهم كانت كبيرة , لا بد أنك مررت بها ذات يوم , أو رأيتها على الأقل , فلم تكن صغيرة لدرجة نسيانها ! .
– لقد مررت مرور الكرام على مدن الجزيرة السورية , الا بعضها , وبما أنك ذكرت بعض الأمور بتفاصسل مملة , أرى أنك حين جئت على ذكر مدينة “القامشلي” وهي أيضا حديثة , نسيت المدينة الأم “بياندور” وأن الفرنسيين قاموا ببناء القامشلي , كرد فعل على المعركة التي دارت فيها , تلك القرية الصغيرة اليوم , والتي تقع بين القامشلي وتربة سبيي = قبور البيض =القحطانية , حاليا , كونها أول معركة دارت بين المحتل الفرنسي وسكان الجزيرة السورية وأول ضابط فرنسي كبير قتل خلال الاحتلال الفرنسي لسوريا , كان الكابتن “روغار” عام 1923م في بياندور , وبما أن كل شيء يتعلق بالكرد في سوريا تعرض للطمس والإغفال , منذ ستينات القرن الماضي وإلى اليوم , وبما أنها كانت من المعارك الهامة ضد المحتل الفرنسي , فكان الواجب على الأقل ذكر قبيلة الطي العربية , وحدها , وهي التي شاركت الى جانب عشيرتي الآشيتية والهفيركان الكرديتين دفاعا عن أرض الوطن يومها , ونتيجة ذلك عمدت السلطات الفرنسية الى هدم بياندور وبناء القامشلي ,
– لن أقول أن عامودا كانت مدينة كردية بالمطلق , لكن إعتبارها مدينة سريانية , ليس دقيقا , فكان فيها كرد وسريان وهي في الأغاني التراثية الشعبية تسمى باسم آغوات الدقورية , وخاصة سعيد آغا الدقوري قائد ثورة أو طوشة عامودا 1937 والتي وإن انحرفت عن مسارها من قبل بعض الرعاع , إلا أنها كانت ثورة ضد المستعمر الفرنسي , وكانت نتيجتها أن قامت الطائرات الفرنسية بدك عامودا , وتهديم أغلب بيوتها إضافة الى قريتي ديكية , وتل حبش القريبتين من عامودا , ثم لاحقوا سعيد آغا الدقوري حتى الحدود العراقية حيث التجأ , وإذا كنت تريد – وكما درجت العادة – طمس كل ما يتعلق بالكرد في الجزيرة السورية , حتى ولو كان إسم وطني قارع الاستعمار الفرنسي حتى الاستقلال – فلماذا نسيت إسم الوطني الآخر في عامودا وهو سعيد إسحاق وهو النائب لأكثر من مرة خلال الاحتلال ومرحلة الاستقلال , وهو أشهر من نار على علم , لا أقول أنك نسيته لأنه كان رفيق سعيد آغا في الوطنية , وإنما أتساءل : ألم يكن للكرد وجود فوق هذه الأرض ؟ , هل كانوا يأتون من كوكب المريخ ليحاربوا الفرنسيين ثم يعودون من جديد , لقد حاول العديد قبلك نفي هذا الوجود , حتى أن العديد من أبناء شهداء بياندور وعامودا سحبت الجنسية السورية منهم , كي لا يعتبر ذلك شاهدا على أن آباءهم استشهدوا دفاعا عن هذه الأرض التي هي أرضنا جميعا , لقد زور التاريخ كثيرا , لكنه لم يغير من الحقائق شيئا , ولذا أتمنى من باحث في مستواك أن تنتبه للدقة في كتابة التاريخ .
– مادمت كتبت أو تكتب عن القصور والقصوارنة وبما أنك تطلب المساعدة في تقديم الوثائق , فأنصحك بالعودة الى كتاب “الدرباسية ماضيا وحاضرا” تأليف المرحوم “إبراهيم يامين” تقديم : غريغوريوس يوحنا إبراهيم _متروبوليت حلب , حيث يذكر فيه أن أعلب القصوارنة إلتجئوا إلى بلدة القرمانية بداية القرن العشرين , ويتذكر ما لاقوه من كرم الضيافة وحسن الوفادة , وحتى بناء المساكن لهم ولعائلاتهم ومنحهم المحلات التجارية , بأوامر من مالكها يومذاك “الحاج درويش حجي موسى” وكانت القرمانية بلدة قبل أن يكون للدرباسية وجود, لن أدخل في تفاصيل ذلك مادام الكتاب متوفرا ومؤلفه أحد القصوارنة المعروفين , رحمه الله .
أخيرا , تستطيع العودة الى وثائق الخارجية الفرنسية عن تلك الفترة وهي مفتوحة للعموم اليوم وبالتفصيل , إذا كنت تريد التأريخ لهذه المنطقة وتوثيق تلك الفترة , ومنطلقي هنا ليس إثبات حق فئة دون غيرها ولا مجاملة أحد على حساب الآخر , فهذه المنطقة سكنتها على مر التاريخ أقوام عديدة وكانت تفرغ أحيانا من السكان , والدليل على ذلك , تلك التلال التي هي أطلال حضارات اندثرت ثم حلت مكانها أخرى .
في الشعر يقول الشاعر ما يشاء , مديحا أو هجاء , أما التأريخ فيختلف , إذ المفروض فيه أنه نقل الحقائق عن الأسلاف كي يستفيد من عبره من يأتون بعدهم , كما يقول “هيرودوت” .
الحسكة في : 14/12/2010
Hussein.isso@gmail.com