وثيقة أتاتورك السرية محاولة فاشلة لتبرئة أتاتورك من دم الكرد

جان دوست

نشرت عدة مواقع إنترنيتية كردية وثيقة باللغة العربية منسوبة إلى مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938) عدو الشعوب غير التركية الأول ومهندس الإبادات الجماعية وبطل الأنفالات الأولى وقاتل الشيخ سعيد وسيد رضا وصحبهما الأبرار وخانق الأطفال في الكهوف ووالد صبيحة كوكجن التي قصفت قرى الكرد الآمنين إبان ثورة الشهيد سيد رضا وتفاخرت بأنها قتلت حوالي تسعين ألفاً…

طبعاً الوثيقة التي نشرتها المواقع العددية بنسخة مكررة تدعي كل منها (أن موقعنا حصل على نسخة من الوثيقة) تفتقر إلى أدنى حدود المصداقية البحثية وهي: نشر صورة عن الوثيقة الأصلية التي تدعي كل هذه المواقع حصولها على نسخة سرية، ثم ذكر مصدر الوثيقة وتاريخ صدورها أو كتابتها من قبل المجرم أتاتورك.

نعم بالرغم من أن ناشري الوثيقة أتحفونا بنشرها وإطلاق صفة السرية عليها (لعل ذلك بتأثير من ويكيليكس) إلا أنهم فشلوا في إقناعنا بأنها وثيقة أصلية وحقيقة ساطعة.
النقطة الثانية التي أود الوقوف عندها هي: ترى ما هي الأسباب التي تدعو ناشري هذه الوثيقة المفبركة إلى نبش الماضي (المشرف!!!) للمجرم أتاتورك وبالتالي تلميع صورته والترويج لميكيافيليته التي استدرج بها الكرد وزج بهم في حروبه ضد الإنكليز (الشيخ محمود الحفيد مثلاً) والفرنسيين (بعض مناوشات الآغوات الكرد مع الفرنسيين في سورية لأجل لا شيء وتعبيراً عن وطنية عادت على الكرد بالويل والذل والهوان)؟ لماذا علينا أن نخضع لقراءات تاريخية مجتزأة ولماذا علينا أن نسلم قياد فهمنا للتاريخ للقادة والزعماء ولا نترك ذلك للمؤرخين فيحكموا من خلال أبحاث محايدة وعلمية على تلك الفترة من التاريخ الدموي؟
إن أتاتورك عدو أزلي للأكراد حتى ولو نزلت في براءته ألف سورة من مثل سورة النور ولقد نشأت أجيال كاملة (ومنها حركة ب ك ك) على معادة الكمالية وكان مبرر هذه الحركة أصلاً هو التحدي للميراث الكمالي الذي صهر الأكراد ولم يعترف لهم بأي حق سوى حق الموت على المشانق.

وما نشر هذه الوثيقة المزيفة (على الأقل حتى صدور الأصلية) إلا عملية فاشلة لتلميع صورة أتاتورك ويمكننا تشبيه ذلك بمن يدعو الآن لتلميع صورة صدام حسين عبر نشر وثيقة الحكم الذاتي لكردستان العراق التي كان الطرف الرئيس فيها صدام حسين ممثلاً للرئيس العراق آنذاك أحمد حسن البكر.

هل يمكن أن ننسى كل جرائم صدام ونتذكر فقط توقيعه على هذه الوثيقة؟
أنقر هذا الرابط مثلاً
http://www.iraq-ina.com/showthis.php?type=&tnid=26029

ما فائدة جملة صغيرة من مثل:” الأكراد جزء من النسيج الوطني للبلد الفلاني”، أمام الجرائم المتتابعة التي تتخذ بحق الشعب الكردي في ذلك البلد الفلاني !!سواء كان ذلك البلد سورية أو إيران أو تركيا أو العراق.

كلام يستخدم للاستهلاك الإعلامي والمحلي واللعب بالعواطف نتخذه دليلاً وبرهاناً أكيداً على حسن نوايا العدو! أي نفع لنشر هذه الوثيقة (أصر على أنها مزورة ما لم تعلن الأصلية) في هذا الوقت بالذات!! من المؤسف أنه يتم الترويج لأتاتورك في وقت تتلاشى الكمالية في عقر دارها بينما كان العداء السافر للكمالية عنوان المرحلة السابقة حين كانت الكمالية دين تركيا الرسمي (الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين أي خلال احتدام الصراع مع الدولة التركية).

من المؤسف أيضاً  تصوير أتاتورك على أنه كان ملاكاً محاطاً بالشياطين وأنه كان يريد الخير للكرد ومنحهم حقوقهم إلا أنه كان عاجزاً عن ذلك بسبب تقييد حركته وأنه كان تحت تأثير بطانة سيئة.

لا أدري كيف يتم تصوير أتاتورك بهذا الشكل الكاريكاتوري من العجز والهوان والدمية التي لا حول لها ولا قوة في رسم مسارات السياسة الداخلية ثم يدعوننا إلى الإعجاب به والعفو عن جرائمه.

سؤال أضعه برسم زملائي من المثقفين جميعا.

وأرجو أن يتسع صدر ناشري الوثيقة لرأيي هذا فهم طلبوا من القراء إبداء آرائهم وملاحظاتهم.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…