لنبحث عن الأسباب الحقيقة لما نحن فيه!

سليمان علي


السؤال الجديد – القديم عن قادة الحركة الكردية في سوريا وتمسكهم بكراسيهم يطرح منذ سنين بعيدة على لسان الكثيرين من المهتمين بالشأن الكردي في كردستان سوريا.

ولا أشك عموما بأن النية من وراء طرح هذه التساؤلات هي الإصلاح والخير وأن القصد دائما هو القناعة المترسخة لدى هؤلاء بأن مجرد تغيير الأسماء الأولى سوف يؤدي إلى إصلاح مواطن الخلل في أداء هذه الحركة التي تمثل شعبنا الكردي في كردستان سوريا شئنا أم ابينا، بالرغم من كل النواقص.

أي أن مجرد طرح هذا السؤال هو بحد ذاته حكم سلبي مسبق في القضية ويحمل في طياته جوابه.
ولكنني دون الرضوخ للجواب المنتظر والمقروء داخل السؤال، أسمح لنفسي هنا أن أعارض هذه النظرة التي أحسبها سطحية جدا، لأنها برأيي ليست مشكلتنا الأساسية ولا السبب الكامن وراء ضعف حركتنا القومية التحررية في كردستان سوريا، وذلك لأسباب عديدة، أبسطها أن السؤال بحد ذاته لا يمثل حقيقة تاريخية، بقدر ما هو مجرد عبارة مكررة درجت مع الوقت على الألسنة.
معلموم أن الحركة الكردية قد قدمت خلال تاريخها أسماء كثيرة، منها من بقي في المقدمة ومنها من غاب نتيجة لقضاء الأجل أو لأسباب أخرى.

وليس هناك سوى حزب كردي واحد في سوريا – حسب علمي –  إلا وتغيرت الأسماء الأولى فيه.

فكم قادة وأمناء عامين مروا على اليسار الكردي في سوريا بمختلف أجنحته وكم منهم مروا على البارتي الديمقراطي وكم سكرتيرا بدل حزب يكيتي و و و إلخ.

فهل تحسن أداء الحركة الكردية كثيرا نتيجة لذلك؟ هل يحتاج الأمر لذكر بعض الأسماء مثل أوصمان صبري، نورالدين ظاظا، رشيد حمو، محمد ملا أحمد، دهام ميرو، صلاح بدرالدين، كمال أحمد، نذير مصطفى، شيخ باقي، يوسف ديبو، عبدالباقي يوسف، حسن صالح، فؤاد عليكو و و و.

ومن ناحية أخرى فإنني أرى نوعا من الضرورة الحتمية في مسألة وجود وبقاء الشخصيات المعروفة على رأس وفي مقدمة أطراف الحركة الكردية.

والسبب بسيط وهو أن حركتنا الساسية تفتقد إلى مؤسسات حكومية ودستورية تقونن وجودها الغير قانوني وغير الشرعي حاليا لعدم سريان أي قانون وأي دستور عليه، سوى القانون الجزائي السوري.

وفي هذه الحالة عندما لا توجد أحزاب ذات مؤسسات ومكاتب وممثليات قائمة على أسس قانونية، أليس من الأفضل، بقاء السياسيين المعروفين في كراسيهم، لأنهم بمقتضى الخبرة والتاريخ والشهرة يصبحون بمثابة ممثليات أحزابهم والعنوان البريدي الرسمي لها.

أرى أن على المهتمين بالشأن الكردي أن يبحثوا عن الأسباب الحقيقية لمآسي شعبنا، التي يمكن أن يكون العامل الشخصي بكل تأكيد جزءأ صغيرا منها، ولكن ليس أهمها.

كرأي أولي أرى أن علينا جميعا ضرورة التوقف عند السبب الأساسي الذي يكمن في الظلم القومي والسياسي الواقع على الشعب الكردي وعلى كردستان سوريا من قبل النظام البعثي الحاكم في دمشق.

لا يجوز أن ننسى أن دولة ذات سيادة مثل لبنان، لها جيشها وأجهزتها الأمنية وبرلمانها وحكومتها وقضائها ودستورها وسفاراتها و و و إلخ، لا تستطيع حتى يومنا هذا وبعد مرور 30 عاما أن تقف على أرجلها نتيجة للتدخل السوري هناك، فكيف ونحن موجودون في قبضة هذا النظام وداخل الدولة التي يحكمها.

هناك بالتأكيد اسباب أخرى كثيرة ذاتية وموضوعية لما نحن فيه من حال ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

– إبتعاد نسبة كبيرة من المتعلمين الكرد عن العمل الحزبي الكردي لأسباب عديدة منها الخوف من الملاحقة الأمنية والخوف من الإنتقادات التي يبدع الكرد فيها، وذلك على مبدأ: أبعد عن الهم ووجع الرأس وغني له.

وبذلك يتم ترك مساحة غير صغيرة في الساحة التنظيمية فارغة للجهلة وعديمي الخبرة.

– النرجسية وحب الذات والأنا الشخصية والغرور الملازم للكثيرين من المتعلمين ومشاريع المثقفين وأشباههم خصوصا في المهجر، حيث يسعون إلى تشكيل كيانات شكلية فردية الطابع، على شكل جمعيات ثقافية أو حقوقية إلخ، يستطيعون من خلالها إبراز أسمائهم بمناسبة وبدونها على الصفحات الإلكترونية وغرف البالتالك، ويمنحون أنفسهم ألقابا كبيرة مثل كاتب (وهم لا يجيدون الكتابة ولا القراءة الصحيحة) وسياسي (وهم لا يجيدون إدراة حوار) وأكاديمي (وهم لم يحصلوا على الشهادة الإعدادية) ومثقف (وهم لا يجيدون سوى ثقافة الشتم والتخوين ومدح الذات) وإعلامي (وشهادتهم الوحيدة بعض الخبرة المكتسبة في مجال الكومبيوتر والإنترنيت)…

– بعض المواقع الإلكترونية وأصحابها الذين يعتقدون أن حرية الصحافة لا نهاية ولا حدود لها، فيسمحون لأنفسهم الدخول في حملات أقل ما يقال عنها أنها لا تخدم القضية والشعب الكرديين، وذلك حينما ينشرون كل ما يرد إليهم، دون أي رقابة أو مراجعة لغوية أو سياسية أو إنسانية أو قومية، فيصبحون كالمزبلة التي يمكن رمي كل شيء فيها.

– بعض غرف البالتالك التي يقودها أميون، والتي تجعل من نفسها طرفا في صراعات تنظيمية وتنصب نفسها محكمة عليا تقضي في مجمل شؤون الحركة، التي لا نفع فيها أبدا – حسب رأيهم – وتركز في عملها على إطلاق الإتهامات ضد الحركة والسياسيين والمثقفين الكرد، ليصل الأمر إلى حد إطلاق الشتائم البذيئة والتهديدات بالقتل والتحريض على إحتلال سفارات وتوزيع صكوك الوطنية والخيانة.

– بعض الكتبة الذين أرتضوا لأنفسهم لعب دور البوم والغراب بيننا، وهؤلاء تتفتح قرائحهم على الكتابة فقط عندما تبلغ  أنوفهم رائحة تجعلهم يستطيعون التنبؤ بمصيبة محتملة كالإنشقاقات والخيانات والتراجعات إلخ وخصوصا في صفوف تنظيماتهم السابقة التي لفظتهم ذات يوم، مشيدين ممالك التشاؤم، دون أن نسمع منهم أو نقرأ لهم جملة واحدة ترفع من الهمم وتثير التفاؤل.

– بعض الذين يدعون تفعيل النشاط السياسي خارج الوطن ويسعون لنشر كل خطوة لهم على المواقع الإلكترونية مرفقة بالصور ويعمدون من أجل إبراز أكبر كم ممكن من المشاركين في نشاطاتهم على الصور إلى جمع أناس بعيدين عن الكردايتي، مثل المعلم الذي كان في الوطن يعاقب التلاميذ إذا تخاطبوا في المدرسة باللغة الكردية وإبن الشوارع الذي عاش لسنين طويلا على الإرتزاق كفدائي متطوع لدى المنظمات الفلسطينية التابعة لسوريا في لبنان.

فيحصل هؤلاء على إمكانية الجلوس في الصفوف الأمامية وإلقاء الكلمات أيضا في مناسبة يتم فيها شتم وإهانة المناضلين الحقيقيين.

يذكرني هذا بإجابة صديق كردي من دمشق، عندما سألته عن سبب تمسك أكراد دمشق بالعشيرة وإسم العائلة.

أجابني الصديق بأن ذلك ضروري حتى نعرف من هو كردي ومن لا في دمشق التي لا يتكلم أكرادها القدماء الكردية.

فهل يجب علينا في المهجر أن ننسى من كان في الوطن كرديا ومن لم يكن، حتى ولو تكلم بالكردي؟

الأمثلة كثيرة، وسأكتفي بما سبق، تاركا المجال للآخرين أن يتموا ما بدأت..

لأنني لا أود أن يشبهني الآخرون بالبوم أو الغراب الذي لا يعرف سوى المآسي، فأنا أرى في تاريخ حركتنا السياسية الكردية صفحات ناصعة تملأني بالتفاؤل من النضال المشرف والشريف في سبيل الكوردايه تي.

ألمانيا، 2010.06.23

  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…