السؤال الجديد – القديم عن قادة الحركة الكردية في سوريا وتمسكهم بكراسيهم يطرح منذ سنين بعيدة على لسان الكثيرين من المهتمين بالشأن الكردي في كردستان سوريا.
ولا أشك عموما بأن النية من وراء طرح هذه التساؤلات هي الإصلاح والخير وأن القصد دائما هو القناعة المترسخة لدى هؤلاء بأن مجرد تغيير الأسماء الأولى سوف يؤدي إلى إصلاح مواطن الخلل في أداء هذه الحركة التي تمثل شعبنا الكردي في كردستان سوريا شئنا أم ابينا، بالرغم من كل النواقص.
أي أن مجرد طرح هذا السؤال هو بحد ذاته حكم سلبي مسبق في القضية ويحمل في طياته جوابه.
معلموم أن الحركة الكردية قد قدمت خلال تاريخها أسماء كثيرة، منها من بقي في المقدمة ومنها من غاب نتيجة لقضاء الأجل أو لأسباب أخرى.
وليس هناك سوى حزب كردي واحد في سوريا – حسب علمي – إلا وتغيرت الأسماء الأولى فيه.
فكم قادة وأمناء عامين مروا على اليسار الكردي في سوريا بمختلف أجنحته وكم منهم مروا على البارتي الديمقراطي وكم سكرتيرا بدل حزب يكيتي و و و إلخ.
فهل تحسن أداء الحركة الكردية كثيرا نتيجة لذلك؟ هل يحتاج الأمر لذكر بعض الأسماء مثل أوصمان صبري، نورالدين ظاظا، رشيد حمو، محمد ملا أحمد، دهام ميرو، صلاح بدرالدين، كمال أحمد، نذير مصطفى، شيخ باقي، يوسف ديبو، عبدالباقي يوسف، حسن صالح، فؤاد عليكو و و و.
والسبب بسيط وهو أن حركتنا الساسية تفتقد إلى مؤسسات حكومية ودستورية تقونن وجودها الغير قانوني وغير الشرعي حاليا لعدم سريان أي قانون وأي دستور عليه، سوى القانون الجزائي السوري.
وفي هذه الحالة عندما لا توجد أحزاب ذات مؤسسات ومكاتب وممثليات قائمة على أسس قانونية، أليس من الأفضل، بقاء السياسيين المعروفين في كراسيهم، لأنهم بمقتضى الخبرة والتاريخ والشهرة يصبحون بمثابة ممثليات أحزابهم والعنوان البريدي الرسمي لها.
أرى أن على المهتمين بالشأن الكردي أن يبحثوا عن الأسباب الحقيقية لمآسي شعبنا، التي يمكن أن يكون العامل الشخصي بكل تأكيد جزءأ صغيرا منها، ولكن ليس أهمها.
كرأي أولي أرى أن علينا جميعا ضرورة التوقف عند السبب الأساسي الذي يكمن في الظلم القومي والسياسي الواقع على الشعب الكردي وعلى كردستان سوريا من قبل النظام البعثي الحاكم في دمشق.
لا يجوز أن ننسى أن دولة ذات سيادة مثل لبنان، لها جيشها وأجهزتها الأمنية وبرلمانها وحكومتها وقضائها ودستورها وسفاراتها و و و إلخ، لا تستطيع حتى يومنا هذا وبعد مرور 30 عاما أن تقف على أرجلها نتيجة للتدخل السوري هناك، فكيف ونحن موجودون في قبضة هذا النظام وداخل الدولة التي يحكمها.
هناك بالتأكيد اسباب أخرى كثيرة ذاتية وموضوعية لما نحن فيه من حال ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
– إبتعاد نسبة كبيرة من المتعلمين الكرد عن العمل الحزبي الكردي لأسباب عديدة منها الخوف من الملاحقة الأمنية والخوف من الإنتقادات التي يبدع الكرد فيها، وذلك على مبدأ: أبعد عن الهم ووجع الرأس وغني له.
وبذلك يتم ترك مساحة غير صغيرة في الساحة التنظيمية فارغة للجهلة وعديمي الخبرة.
– النرجسية وحب الذات والأنا الشخصية والغرور الملازم للكثيرين من المتعلمين ومشاريع المثقفين وأشباههم خصوصا في المهجر، حيث يسعون إلى تشكيل كيانات شكلية فردية الطابع، على شكل جمعيات ثقافية أو حقوقية إلخ، يستطيعون من خلالها إبراز أسمائهم بمناسبة وبدونها على الصفحات الإلكترونية وغرف البالتالك، ويمنحون أنفسهم ألقابا كبيرة مثل كاتب (وهم لا يجيدون الكتابة ولا القراءة الصحيحة) وسياسي (وهم لا يجيدون إدراة حوار) وأكاديمي (وهم لم يحصلوا على الشهادة الإعدادية) ومثقف (وهم لا يجيدون سوى ثقافة الشتم والتخوين ومدح الذات) وإعلامي (وشهادتهم الوحيدة بعض الخبرة المكتسبة في مجال الكومبيوتر والإنترنيت)…
فيحصل هؤلاء على إمكانية الجلوس في الصفوف الأمامية وإلقاء الكلمات أيضا في مناسبة يتم فيها شتم وإهانة المناضلين الحقيقيين.
يذكرني هذا بإجابة صديق كردي من دمشق، عندما سألته عن سبب تمسك أكراد دمشق بالعشيرة وإسم العائلة.
أجابني الصديق بأن ذلك ضروري حتى نعرف من هو كردي ومن لا في دمشق التي لا يتكلم أكرادها القدماء الكردية.
فهل يجب علينا في المهجر أن ننسى من كان في الوطن كرديا ومن لم يكن، حتى ولو تكلم بالكردي؟
لأنني لا أود أن يشبهني الآخرون بالبوم أو الغراب الذي لا يعرف سوى المآسي، فأنا أرى في تاريخ حركتنا السياسية الكردية صفحات ناصعة تملأني بالتفاؤل من النضال المشرف والشريف في سبيل الكوردايه تي.