حوار مع الكاتب والشاعر إبراهيم مصطفى (كابان)

حسين أحمد:
Hisen56@gmail.com

إبراهيم مصطفى “كابان” كاتب وشاعر وإعلامي يكتب باللغتين العربية والكوردية وهو من مواليد 1980 ويعيش حالياً في مدينة عين العرب (كوباني) .

يكتب القصيدة الحديثة بروح مثقف واع ,وهو يتطرق إلى الموضوعات الثقافية والسياسية بواقعية إلى حد كبير.

له مقالات ودراسات عديدة في النقد الأدبي والثقافي والسياسي , كما انه ينشر اغلب كتاباته في الصحافة الانترنيتية.

وبما انه يطرح دائما أراء وقضايا فكرية حساسة في المشهد الثقافي الكوردي أجرينا معه هذا الحوار عبر النت الذي أتمنى أن ينال رضى القراء.

نص الحوار:

بداية أجد من المفيد تقديم تعريف موجز بالكاتب والشاعر إبراهيم مصطفى “كابان” ورؤيته السياسية والثقافية والشعرية , وما يؤمن به بصدق وأمانة قبل الولوج في صلب الحوار, حتى تكون الصورة واضحة وشفافة للأخوة القراء ….
كغيري نتاج لمجتمع مضطهد محروم من ابسط حقوقه الإنسانية وأحاول أن أكون مرآة للواقع الكوردي المؤلم بثقافته وأرثه وتراثه القيم ، وما أقوم به في كل ما أقدمه من كتب ومقالات وآراء وأفكار ما هي إلا ذاك الانعكاس الذي أنطلق منه في فضاء هذا العالم الذي أعطى لكل شيء وجوده واستمراره إلا للشعب الكوردي الذي لا زال يعاني ولا يجد من يلتوي صفحات جراحه وحزنه وآلامه ومعاناته .
إبراهيم مصطفى ..

فرد من هذه الأسرة الكوردية الفقيرة والمعرضة للمشاريع العنصرية ، ينظر إلى الأشياء بعين سريالية ولا يؤمن بالإيديولوجيات المعتقة بل يؤمن بالتحولات والصراعات التي تفرز المعطيات والإحداثيات .
إبراهيم مصطفى ..

يجد أن حقوقه في الوطن السوري أولاً وهي قضية ثقافية وسياسية تتعلق بشعب يعيش على أرضه التاريخية ، والطريق إلى تحقيق الأهداف الديمقراطية وحرية الإنسان لا تأتي بالنضالات الكلاسيكية والسُباتية وإنما تتحقق بالعمل الميداني الديمقراطي البعيد عن العنف.

وبوابة دمشق هي من نطرق عليها لتحقيق هذه الأهداف المشروعة .
إبراهيم مصطفى ..

قلمه يحاول أن يكون لسان حال الشارع الكوردي يترجم جميع فعالياته ويحاول من خلال كتاباته نقد السلبيات وإظهار الأخطاء ومواكبة الإيجابيات وتكريسه من خلال الإعلام الموجه والدقيق والمشاركة الميدانية العملية .

إبراهيم مصطفى” كابان ” يقال عنك في الوسط الثقافي الكوردي بأنك أطلقت أنثى الإبداع والأدب والآن أنت هائم بأرملة السياسة, كيف تنظر إلى هذه التهمة .؟!
أعتقد أن الأدب هو نتاج لجانب الإلهام والخيال والسرد الفكري في الإبداع لذا على المثقف أن لا يهمل الجانب الآخر من الفكري الواقعي خاصة في نتاجاته وإبداعه وفي خطابه وطرحه.

وبتفسير آخر : أن المثقف يملك في ذاته نفس أدبي وآخر علمي موضوعي قد يخصص طاقاته لجانب معين فيما يعطل الجانب الآخر ..

أما أنا افرغ طاقاتي الإبداعية في كتابة الأدب بأنواعه والتي تسميه عزيزي حسين احمد في سؤالك بأنثى الإبداع والأدب ..

فيما اخصص نفسي العلمية الموضوعية للوضع السياسي التي هي حسب وصفك الأرملة السياسية ..

فالحركة الكوردية في سوريا عطلت التطور في الإبداع السياسي قبل الثقافي ، كما توقفت جاهدة أمام إطلاق الأدب والثقافة وحرية النتاج ، ويتطلب لإعادة صياغة الخطاب الكوردي والإبداع الثقافي والسياسي عملاً جادا ومضنياً من جانب المثقف الكوردي الغير مكتمل مشهده حسب رأي صديقي الكاتب خليل كالو ، كما أني مؤمناً تماماً أن الحالة الكوردية كمنظومة سياسية وثقافية واجتماعية مركبة فلا مجال لممارسة السياسة فيها دون معرفة الثقافة ولا يمكن ذلك دون معرفة التعقيدات الاجتماعية للشعب الكوردي، وإذا كنتُ تطرقتُ خلال الكثير من الدراسات والقراءات والمقالات إلى الوضع السياسي الكوردي فأنا بذلك أوضح رؤية المثقف وتحركاته وأرسم من خلال الأطروحات صورة المثقف ومكانته في إطار إيجاد حراك للنهضة المطلوبة داخل الشارع الكوردي .


أعتقد أن أنثى الإبداع لا تنطلق دون معرفة أرملة السياسية ..

فالحراك الثقافي الكوردي جزأ لا يتجزأ عن السياسية ، وحين نقسم السياسة عن الثقافة سنجد أنفسنا أمام شرخ كبير على المستوى النضال والنهضة لأن المنظومة الاجتماعية الكوردية أصبحت كحالة مركبة في خضم تعرض الإنسان الكوردي إلى الاضطهاد والقمع واستمراره على الأفكار الكلاسيكية والقبلية ، فنحن لسنا في ظل مجتمع تحققت كل أهدافه السياسية حتى نطلق يد الثقافة بعيداً عن السياسية ، الحالة الكوردية بحاجة إلى أن يتخذ المثقف دور المبتكر السياسي والناصح والناهض للمجتمع ، فالشارع الكوردي يملك أكثر من نصف قرن تجربة حزبية وهي تجربة حية من المهم الاستفادة منه لا على المستوى السياسي فحسب وإنما على المستوى الثقافي والأدبي كون هذه التجربة أصبحت أرثاً بسلبياته الكثيرة وايجابياته القليلة ، وفي وضعنا الكوردي ..

السياسي هو نفسه المثقف والأديب ، لأن الحالة الكوردية الاجتماعية مركبة ضمن هذه الحلقة ، فالكورد يملكون تراثاً وثقافة مكتسبة وحفاظهم على هذه الثقافة جعلهم يبدعون في الأدب ويحافظون على عاداتهم وتقاليدهم لذا فإن الأديب والمثقف يجب أن يكون سباقاً في النهضة الفكرية وذلك دون المساس بالتراث الموروث .

حينما اكتب كثيراً في الشؤون السياسية أنني بذلك لا أهمل الجانب الثقافي التي هي بذرة الكلمة وبنية النهضة ، لأن بمجرد الولوج في الثقافة والأدب الكوردي أنت متهم بممارسة السياسية ..
وأوضح أكثر : المشكلة ليست في ممارسة المثقف للسياسية وإنما تكمن في الثقافة التي تتحول على يد المتثقفين إلى خادم للفكر الحزبي الضيق ، فبدل أن يدع الفرد الكوردي السياسية في خدمة الفكر والثقافة يدع الثقافة في خدمة الفكر الإيديولوجي الحزبي فيفرز بذلك حالات سلبية شاذة يظهر في المشهد صورته على أن من الضرورة التقسيم بين الثقافة والسياسية وهذا يمكن ولكن ليس في الحالة الكوردية الغير مستقرة والمهددة بتذويب ثقافته من قبل العنصريين وأصحاب المشاريع الشوفينية  .

يقول الكاتب خليل كالو : أن المشهد الثقافي الكوردي ليس له حضور ملفت وهو مأزوم ورمادي ليس له ألوان وهوية واضحة ينقصه الإبداع , و لا يؤكد على شخصية ثقافية مستقلة ذو رسالة واضحة).برأيك إلى أي درجة ما قاله كالو لامس الحقيقة والواقع ..؟
أعتقد أن الحالة الفكرية القبلية المسيسة السائدة منذُ بداية النهضة القومية بين الطبقة الواعية في المجتمع الكوردي السوري كان عائقاً ركيزاً أمام تدحرج المبدع الكوردي في إطلاق الإبداع وتفعيل الثقافة الأدبية المتنوعة ، لأن التنظيمات الكوردية كرست الفكر السياسي المعتمد على النظم الداخلية وبرامج نضالية لا توافق مع الإبداع الفكري في الحالة الكوردية ، وكانت هذه الحركة نفسها ضحية لأفكار مستوردة سواءً من النظم الاشتراكية الزائفة أو النظام القائم نفسه الذي دفع بقوة الترهيب والحديد والنار وصلب القرارات المركزية داخل التنظيمات إلى أن تكون هذه الأحزاب مجرد حلقات متخلفة تعطل الجانب الثقافي والفكري سواء داخل التنظيم أو وسط التجمعات المحتكة بالعوالم الثقافية حتى لا يتهيأ المواطن الكوردي على الأسس الفكرية السليمة وحتى تتمحور هذه التنظيمات داخل بوتقة تتآكل نفسها وبعضها بالصراعات الوهمية والتسابق الغير الشريف وتكرس الثقافة السلبية بغطاء وهمي مما تسببت في إيقاف عجلة الإبداع الثقافي الذي كان يرافق السياسة مع بداية النهضة القومية .


وقد اتفق تماماً مع صديقي الكاتب خليل كالو في وصفه للمشهد الثقافي الكوردي مع قليلاً من التوضيح والاجتهاد ، فأقول : لطالما أن المثقف الكوردي هو أيضاً ضحية للمنظومة السياسية الكوردية ويدع الثقافة والفكر في خدمة السياسية فإنه بطبيعة الحال ينقصه الإبداع وإثبات شخصيته الثقافية ، ولكن قد نتساءل : هل يمكن للمثقف أن يثبت هويته في ظل غياب هوية المجتمع وفي ظل منظومة مركبة من تنظيمات متخلفة وشارع غير مهيأ فكرياً ونظام يذوبه في البوتقة العربية ويوصد حوله جميع الأبواب ..؟ 

ككاتب وكمثقف كيف  ترى حال المثقف الكوردي في سوريا ..؟
لعلني تطرقت إلى هذا الجانب في الجواب على سؤال رقم ( 3 ) وأضيف هنا : حسب قراءتي للمشهد أن المثقف الكوردي ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
1- المثقف الحزبي : وهو كالآلة يعبر عن انتمائه الحزبي من خلال الأدب والثقافة والكتابة
2-  المثقف المستقل الغير مستقر : هو الذي لم يكتمل عنده جميع الأدوات الثقافية فيتحول إلى محدث يصرح ويطرح المشاريع ويبدي رأيه ولكنه لا يساهم في النهضة الثقافية بشيء كونه لا يتوافق بين أقواله وأعماله .
3-  المثقف الثائر : هو  المثقف الذي يثور على جميع العادات السلبية في المجتمع ويطرح مشاريع الحل ويطالب بتصحيح الأخطاء من خلال نتاج أدبي وعمل ثقافي وحتى نضال سياسي ويكون محتكاً بالحراك الثقافي والسياسي .


وفي ظل النماذج الثلاثة الموجودة في الشارع الكوردي فإن المشهد الثقافي في مخاض اعتقد انه سيكون مفيداً لطالما أن الحراك في طريقه إلى خلق مزيد من الإفراز والمعطيات بنسبة للإصلاح .

 ألا ترى بان المثقف الكوردي السوري لا يزال يقف بعيدا ليحمل مسؤولياته التاريخية  كما يتوجب حمله قصياً عنالمجاملات” اليومية المجانية التي تطفو على المشهد الثقافي الكوردي في هذه الزاوية أو تلك  ..
على الأغلب إن كتبة التنظيمات (مثقفي الأحزاب ) هم الشريحة التي يتعارف بها المثقف الكوردي في الوسط الإعلامي والحزبي والعام ..

فلو نظرنا إلى المشهد السياسي الكوردي عن قرب سنجد هذه المجموعة هم رواد الأدب إعلاميا كون تنظيمات التي يطبلون ويزمرون لها تروج لهم الإعلانات ، والمشكلة الكبرى تكمن في هذه الناحية حين يصبح من يتعارف به في الشارع الكوردي والإعلامي كمثقف كوردي بوقاً لدى تنظيمات سياسية أصلا هي عائقة أمام إطلاق الإبداع والثقافة الحقيقية ، فلكل تنظيم أبواقه من الكتبة ولكل سكرتير أو أمين عام أو رئيس حزب حاشيته من الأقلام المداحة ، والشارع يعرف هذه الزمرة بالواجهة هي الممثلة للثقافة الكوردية في الميادين ورغم الإعلام الإلكتروني الكثيف الذي يساهم اليوم في تصحيح اللوحة القائمة وإظهار الوقائع والحقائق فإن الشريحة الغالبة من الشارع الكوردي مازل موهوماً وبعيداً عنها بسبب التخلف السائد وعدم وجود التقنيات الالكترونية وشبكة الحاسوب لذا فإن الأحزاب ما زالت تخدع مجموعات كبيرة من خلال منهج كلاسيكي يعزز قواعدها وفسادها .
وأنا  متأكد : عندما يصبح المثقف بوقاً للتنظيمات السُباتية فإن النهضة الثقافية المطلوبة تصبح في مهب الريح .

 

تقول الآية الكريمة (لكل حزب بما  لديهم فرحون) هذا يعني لكل سكرتير حزب حاشية من الأقلام تمدح وتفرح له ..إذا ما الغرابة في الأمر برأيك ..


الغرابة هو أن الإنسان الكوردي يدفع أثماناً باهتة جراء استمرار هذه  الظاهرة الخطيرة  فمن المفروض أن يكون القيادي طاهر وصادق ومؤمن بالقضية ويناضل بإخلاص ولا يسقط تقلباته النفسية والشخصية على صيرورة التنظيمات ويجب عليه أن يمتلك روح التضحية والالتزام كونه يمثل الشارع الكوردي في النضال ، وإذا كان حال هذه القيادة بهذا الشكل الهزلي فما بالك بالتنظيمات التي يديرونها ترى كيف تكون صورتها وكيف يكون صورة الحاشية التي تزف بالخداع والمدح وتتفنن في التصفيق.

ولعل هذا الوصف الرباني في الآية الكريمة تنطبق تماماً على الثُلة القيادة الكوردية في سوريا .

ما رأي إبراهيم  مصطفى ” كابانفي قضية الالتزام السياسي و التنظيمي .؟؟ وهل بمقدور المثقف الحقيقي أن يلتزم بالجانب التنظيمي ..؟؟ اوليس من المفروض أن يكون المثقف حراً مستقلا فيما يكتب ويفكر وينشر ..؟!
هناك فرق كبير بين المثقف وكتبة التنظيمات ، ليس عيباً التزام المثقف بالتنظيم والأحزاب كون التنظيم وجد لغاية إنقاذية لمجتمع مضطهد ومظلوم والمثقف سيكون دوره محوري ثقافي إعلامي ولكن السؤال الأهم هو : هل هناك تنظيمات تستحق أن يكون المثقف داخل صفوفها ..؟
باعتقادي أن التنظيمات الكوردية غير كفوءة في تواجد المثقف الحقيقي بينها ..

هذه التنظيمات بحاجة إلى إعادة التركيب على المستوى الفكري والثقافي والسياسي والتنظيمي .وهنا مكمل الخلل الكلي حين يكون المجتمع الكوردي مضطهداً ومظلوماً وتكون حركته السياسية غير جاهزة كلياً ويكون معظم مثقفيه طبالين لدى هذه الحركة والبقية المتبقية من المثقفين يتحدثون ولا يطبقون ، والمثقفين الثوار مقيدون من كل النواحي ..

لكل كاتب رؤيته ونظرته الخاصة به فلا يستطيع أي كاتب في هذه الجغرافية أن يرضي جميع الناس.

فهل لك أن تعكس
لنا أجواء كتاباتك في أوساط المثقفين في سوريا وكيف يقرأ .

وهل من رد فعل غير ايجابي
..؟   
أنا أتناول الاتجاه الثوري المعتمد على الأدوات السلمية في كتاباتي وهذا ما يعرف عني سواءً الأدبية الثقافية منها أو السياسية ..

ولكل فكرة أو طرح أو رؤية رواده في الوسط الكوردي فالشارع الكوردي متنوع في ذوقه الأدبي ، ولكن ما اكتبه في السياسية والتحليل والقراءات أثارت الكثير من ردود الأفعال خاصة في الوسط السياسي والحزبي ومناظري وقيادة التنظيمات ، ولا يعجبهم لغتي الناقدة والصريحة والموجهة ، فهم يعتقدون أنني أهاجمهم ولكنني في الحقيقة الأمر انتقدهم بلسان حاد حتى يكون نقدي نافعاً ومفيداً .

 

باعتبارك احد مؤسسي هيئة مثقفين الكورد في سوريا حدثنا بإسهاب عن هذه الهيئة ماذا قدمت وما الذي يمكن لها أن تقدم …؟
 بصريح العبارة كانت هيئة المثقفين الكورد مثل أي تنظيم سياسي كوردي لم تقدم شيءً زائداً أو ناقصاً طيلة السنين الخمسة المنصرمة حيث تأسست الهيئة في صيف 2005 وتعرض مؤسسيها للاعتقال ومناصريه للمضايقات ، عندما تطور النضال من السُباتي إلى العملي تصاعد خطاب الهيئة وشارك في مجمل النضالات العملية مع لجنة التنسيق ، وعندما تراجعت التنظيمات التصاعدية عن النضال العملي والخطاب الجريء تراجعت الهيئة أيضاً وبقيا منه الخطاب ، تشرذمت الهيئة إلى عدة تيارات بسبب عدم وجود نظام داخلي يوحدها كتنظيم على شاكلة الأحزاب الكوردية ..

ولعل المتابعين للشأن السياسي والثقافي على دراية كافية ولا أريد أن اكرر فالقصة طويلة جداً بإمكان الجميع مراجعة المعلومات عن الهيئة من خلال أرشيف المواقع الالكترونية الكوردية ..
بنسبة لي نسيت تماماً كل ذلك لطالما لم ينتج عن تحقيق شيء ملموس أو هدف كوردي حقيقي ..

وجل تفكيرنا الآن هو الاستفادة من التجارب السابقة للهيئة حين كانت تنظيماً ومن ثم هيئة ثقافية ومن ثم اندماجها مع الحزب اليكيتي 2006 وانسحابها بعد عدة أشهر ومن ثم اعتقال قيادتها وتقديمهم إلى المحاكمات العسكرية ومن ثم دخولها في شراكة اندماجية مع تيار المستقبل 8-8-2008 ومن ثم انسحابها بسبب عدم تطبيق التيار المستقبل الكردي لبنود الاتفاق المنعقد بين الطرفين ..

إلى أن أصبحنا هيئة غير تنظيمية وتخلينا تماماً عن السياسة ولغتها المعقدة وأصبحنا مجرد حراك فكري ثقافي غير منظم وغير مقيد .لذا اقتنعنا وبعد خمسة أعوام من التأسيس والنضال الذي طغى عليه الفكر السياسي التخلي عن السياسية والاكتفاء بممارسة الثقافة وتكريس التراث الكوردي والدفاع عن الجانب الثقافي من القضية .

وذلك ضمن حراك اقرب إلى إصلاحي متناقض للحركة السُباتية الكوردية ، ومن خلال خطابنا نعكس الوجه الحقيقي للمثقف الكوردي المتمرد والإصلاحي .
هيئة  المثقفين الكورد ليست لها نظام داخلي أو حتى برنامج تقيدي وإنما مجموعة أفكار اقرب إلى حراك فكري إصلاحي غير منظم ولا نسمي ما نقوم به بأي شكل من الأشكال نضال سياسي لأننا لسنا طرفاً أو رقماً أو حتى تنظيماً ثقافياً وليس هناك تقيد أو انتساب للهيئة لأننا نتواصل بالأفكار والاشتراك بالرؤية ومناصرة الإصلاح نحن نتواصل مع مجموعة مثقفة ونطمع التواصل مع الشخصيات واتجاهات مقتنعة بضرورة تصحيح اللوحة الثقافية والسياسية وذلك من خلال أفكار ثقافية مندمجة ونحاول من خلال وجودنا كحراك ثقافي إيجاد مناخ سليم داخل الشارع السياسي والثقافي الكوردي متناسب مع الوضع والظروف القائم في البلاد .
نهتم باللغة الكوردية ، ونكرس خلال نشاطاتنا الإعلامية الثقافة الكوردية ، نقرأ الحدث الثقافي والسياسي برؤية إصلاحية ، نحاول من خلال آرائنا تصحيح اللوحة .


لقد مررنا بتجارب كثيرة سواءً داخل الهيئة أو من خلال الاندماجات ووصلنا إلى استنتاجات وقناعة تامة ان ممارسة السياسية في ظل التنظيمات الكوردية غير ممكنة بسبب تعرقل هذه التنظيمات للنشاطات الثقافية الحقيقية .

لذا نهتم بالإصلاح ونقف إلى جانب الإصلاحيين داخل التنظيمات وخارجها بكل ما نملك من أدوات إعلامية وثقافية .وللتأكيد أقول انه ليس هناك شيء مقدس في الهيئة ونحن نؤمن بالبراغماتية الفكرية والتحولات والتغيرات كما نبرمج أفكارنا وآرائنا حسب المعطيات التي تفرز عن المتغيرات ، كما نجد أنفسنا في الخندق ضد الإيديولوجيات الفكرية المعادية للتغير .

ذكرت في إحدى كتاباتك السياسية (حين تستطيع تنظيماتنا والقيادة المسلطة على قراراتها المركزية من تجاوز المشاكل والصراعات التي ذكرناها فإنها بطبيعة الحالة ستنجح في تجاوز جزأ كبير من مشاكلها ) هل من توضيح أكثر ..؟؟  
بطبيعة الحال التنظيمات الكوردية جزأ لا يتجزأ من أملاك القيادات الموجودة على رأس هرمها وبالشكل الموجود عليها هذه التنظيمات فلا حياة سياسية وثقافية سليمة  ..

فالكم الهائل من السلبيات التي كرست خلال عقود  (ونشوب الصراعات المستمرة بينها ووجود المنافسة الغير شريفة والتخلف الفكري والنهضوي وعدم الاتفاق على الخطوط المركزية للقضية الكوردية واختراق قراراتها المركزية من قبل الدوائر الأمنية) تقف أمام تطويرها وإصلاحها وبذلك فإنه ليست هناك حركة تحررية كوردية بمفهوم العملي والفعلي وإنما مجموعة حزيبات غير جاهزة حتى لتقود أعضائها .

لقد قدمت كتب ودواوين للطبع والنشر على سبيل الذكر (دمعة على الجدار 2007 – سخريات الليل 2008) ، وكان الرد مع عدم الموافقة..

برأيك لماذا..؟؟ وهل تعدى إبراهيم مصطفى الخطوط الحمراء فيما
كتب..؟؟ أم ثمة أسباب أخرى نحن لا ندركها ..؟
بطبيعة الحال إن اتحاد الكتاب العرب هي الجهة المنوط في إعطاء الموافقات على الكتب والمخطوطات التي تقدم إليها بغية الموافقة على طباعتها ونشرها في البلاد وهذا الاتحاد غير مستقل ولا تستطيع هي أن تتجاوز الخطوط الحمراء قبل أن توافق على مخطوط مقدم إليها يتجاوز فيها الكاتب الخطوط الحمراء .


كنت أقدم دواويني بغية الموافقة وأنا متأكد أنها لم تجد طريقها للحرية داخل اتحاد الكتاب مثلاً في ديوان نصوص نثرية (دمعة على الجدار 2007) كانت هناك قصيدتين كتبتهما باللغة الكوردية ولعلها كانت السبب في عدم الموافقة والثاني سخريات الليل 2008) كتبت اغلب قصائدها أثناء اعتقالي في الفترة ما بين ( 17-5/ 5-10 – 2007) لذا كانت قوية جداً بحيث تم رفضها مباشرة بعد أيام قليلة .


مع  التأكيد بأنني لم أيأس في تقديم كل نتاجاتي طالباً الموافقة على الطباعة والنشر من اتحاد الكتاب العرب وسأستمر في تقديم كل نتاج أدبي لعل وعصى تلقى بعضها الموافقة .

فقد فلحت قبل ذلك في الحصول على الموافقة لديوانين قوافل الجروج 2005 وصرخات ..

صرخات 2009 .
أما بنسبة لخلفيات منع نشر كتاباتي فهذه حالة طبيعية فشخص مثلي تعرض للاعتقال عدة مرات واتهم بتأسيس وقيادة تنظيم سري ويتعرض للمضايقات الأمنية والاستجوابات … الخ من الطبيعي سيكون ضمن الخطوط الحمراء خاصة في هذه المرحلة الدقيقة .

تفور من قصائدك رائحة التفاؤل والأمل والمستقبل وشيء من العشق , أولا ما تفسيرك لهذا,و  ثانيا كيف ترى قصائدك وأنت خارج السجن ( المعتقل) ..؟ و ما حالوحيك ” الآن ..؟؟ هل خرج معك أم لا
سأبدأ حيث انتهيت من سؤالك : الشاعر يملك روح إلهامية  لا نظير له ..

وكون الشعر من أرقى المستويات الأدب فبرأي إن كتابة الشعر والنصوص النثرية منها تظهر حين يكون الشاعر في قمة معاناته الحزينة أو السعيدة ، ولكل شاعر روح وطبيعة كتابية تخصه ، معظم قصائدي كتبتها إما كنت حزيناً لدرجة غير طبيعية أو في حالة غرام جنوني .


والحياة كتلة من التفاؤل والأمل والمستقبل والحب  بهذه المعاني تكتمل  سنّة الحياة وبها تنطلق الدورة الشعرية لدي لأنني مؤمن تماماً أن بعد كل حدث هناك أحداث وحالات مكررة وتغيرات مفيدة .

فممارسة الشعر حالة إرادية ولا إرادية أحيانا تخطر ببالك فكرة تود أن تكتب فيها أبيات شعرية وفي الكثير من الأحيان تصل بك الإلهام إلى تناول القلم والورق دون ان تدرك من أين تأتي تلك الكلمات البراقة والراقية ، وفي المحصلة اعتقد انه الشعور والأحاسيس التي ترسل أبيات ذهبية نادرة للترجمة من خلال الحبر والورق  .
حين تبحث في الأسباب التي دفعت إلى ان تكون في المعتقل أو خارجه واستمرارك على أفكار ومبادئ واضحة المعالم تصبح حياتك جسم متكامل ..

فوحي الشعر لا ينقطع حين تكون في المعتقل أو خارجه كونك تخرج من المعتقل بتجارب مفيدة وذاكرة مليئة بالمشاهد المؤثرة وما اقتبسه الفكر والعقل الباطني تصبح حقيبة مملوءة تدفعك إلى ان تكون أكثر صرامة بالتمسك في المبادئ التي ذهبت بك إلى المعتقل فالتصميم والإرادة والاستمرار تصبح نعمة في حياتك ..

ففي المعتقل تحس بما يجري بين الجدران المظلمة وتشاهد اللوحة على حقيقتها القاتمة أما خارجها تصبح تلك الصور مشاهد درامية وموجات دافعة لتصوير الأحداث خلال البيت الشعري أو النص النثري ..
أنا اكتب النصوص النثرية  بشكل مستمر يعني خلال أسبوع واحد مثلاً  اكتب عدة قصائد  فأظهر من خلاله مشاهد وصورة ورسوم لعوالم غير ظاهر بعين المجردة على الأقل هكذا يكون الشعور أثناء كتابة القصيدة .

ما هو مضمون رسالتك الشعرية التي تريد إرساله إلى الآخر..؟؟
الشعر مثل قناة تلفزيونية تعبر فيها عن معاناتك  أو لحظات سعادتك وعلى الأغلب يكون مجالاً لإظهار الحزن والمعانات ، ولعل الوضع الكوردي هي القضية الأبرز في رسالتي ومعانات شعبي وهي الأجدر بترجمته للشارع من خلال كتابة القصيدة .

تمارس السياسية ..وتكتب الشعر في الوقت ذاته ..ولكن ألا يؤثر عملك في السياسية على شاعريتك وخاصة ما يدور من حولك من أحداث بشكل عام ..؟
 أعتقد ان الجزء المهم في التأثير بالمشاعر والأحاسيس هي الوضع السياسي حين تتعرض للاضطهاد والظلم فإنك حينها تترجم رفضك لهذا الوضع من خلال الوسيلة التي تتقنه ومن الطبيعي عندما يكون كابان شاعراً يتناول خلال قصائده جميع الفعاليات المتعلقة بمجتمعه .
لا  تتأثر الأحاسيس الشاعرية بالممارسة السياسية عندما يكون ممارسة سليمة وبعيدة عن الغبن  ، وما زلت حتى الآن استطيع السيطرة على إعطاء كل جانب إبداعي في ذاتي حقه وحين امنع حقوق إحدى طرفي الإبداع في ذاتي وقتها سيرسو سفينتي الأدبية على إحدى جوانب الكتابة إما الأدب أو السياسية وأتمنى ان لا ترسو سفينتي إلى إحدى هذه الأماكن وتتسكع هناك وإنما أتمنى ان تستمر في التنقل بينها حتى أؤدي رسالتي على أكمل وجه .

الأستاذ إبراهيم  مصطفىكابان ” لقد ساهمت في هيئات وتنظيمات متعددة على سبيل المثال : عضو في مكتب الإعلام حزب يكيتي الكوردي في سوريا , وعضو في مكتب الإعلام التيار المستقبل الكوردي في سوريا وكنت احد مؤسسي هيئة المثقفين الكورد في سوريا إلى جانب إصداراتك الشعرية برأيك كيف تستطيع أن توفق فيما بينهما من الناحية السياسية والإدارية والفكرية ..؟؟ وأين أنت الآن من كل هذه الهيئات وهل لازلت تعمل معها…؟؟
اعتقد إن مشكلتي مع مكاتب الإعلام الحزبية كبيرة ففي برامج هذه الأحزاب إنك تجد المواد المشيرة إلى الإعلام توحي بأنها مكاتب أو هيئات مستقل تماماً وحين تدخل في تلك الحلقة تجد أن هذه المكاتب والهيئات عليها ضوابط أكثر من اللجان الحزبية وإنها مجرد لجنة حزبية تأتيها القرارات من الجهات العليا ..

وفي ظل هذه الحقيقة لم استطع الاستمرار فيها ، حقيقة لا استطيع أن أطبل وأزمر للتنظيمات والقيادات ولم أكن قادراً عل تحويل نفسي إلى آلة دعائية لأي طرف حزبي لذا لم أجد لي فيها ما يجعلني استمر .
أما بنسبة لتواجدي  داخل هيئة المثقفين الكورد ( كناطق باسمها ) فكما قلت هي ليست حالة تنظيمية وإنما مجرد حراك ثقافي غير منظم وليست فيها هيئات الدنيا والقمة والقاعدة ووجودي فيها كوجود أي شخص يحاول أن يكون شريكاً في تفعيل الحراك الثقافي الكوردي .


بنسبة لكتاباتي الأدبية فهي مستمرة أنا بصدد الانتهاء من ديواني الرابع (سخريات الليل) طبعاً بحلة جديدة بعد نشر ثلاثة دواوين ( رسالة من زاكورس بيروت 2002- قوافل الجروح دمشق 2005- صرخات ..

صرخات دمشق 2009 ) ..

.وقبل فترة قصيرة انتهيت من كتابة دراسة دينية وهي الآن قيد المراجعة (فتن كقطع الليل) ..وكذلك مجموعة قصصية قصيرة ما زلت اكتب صفحاتها  باسم (محاولات) ..كما اكتب عدة  مقالات أسبوعية في النقد والأدب والسياسية  والشعر وتنشر جميعها في المواقع الكوردية المميزة .

كما بدأت بكتابة دراسة مطولة عن المشاكل الحركة الكوردية والحلول والإصلاح والتغيير والبديل .
لعل في الشهور أو السنين القادمة تجد كل هذه النتاجات وغيرها طريقها للنشر رغم المعوقات الكثيرة التي تعيق نشاطنا الثقافي والأدبي .


 
كلمتك الأخيرة أستاذ كابان 

لا يسعني إلا ان اشد على أياديك وأتمنى لك ان تستمر في ما أنت عليه لان ما تقوم به بحق مفيداً جداً ومساهمة مميزة في إجراء الحوار بين المثقفين والتقارب بين وجهات النظر النخبة ..

وذلك لدفع اللوحة السياسية والثقافية الكوردية إلى إيجاد مزيداً من الحوار والإصلاح وتفتح المجال للمصلحين والمثقفين الحقيقيين الذين هم بذرة الحراك وبناة النهضة الثقافية في الشارع الكوردي المكتوم والمقيد بتخلف حركته السياسية والمشاريع العنصرية الشوفينية .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…