يعدُّ حي قناة السويس في القامشلي من أكثر الأحياء إهمالاً وأكثرها ازدحاماً سكانياً, ويمتدّ على مسافة كبيرة في الجهة الجنوبية من مدينة القامشلي على طريق مدينة المالكية, ويضمّ مساكن عمالية عامة، كمساكن رميلان النفطية وغيرها، حيث يزيد عدد سكانه على20 ألفاً.
شمال مدينة القامشلي له شكل..
وشرقها غير شكل
الجهة الشرقية للقامشلي- أو مدخلها الشرقي الجنوبي- تختلف اختلافاً كلّياً عن الجهة الشمالية، أو مدخلها الشمالي من جهة مدينة الحسكة، على اعتبارها- أي الجهة الشمالية- مدخلاً للوفود الرسمية, في حين أنّ المدخل الشرقي لا يليق بمدينة، بل يسيء إلى اسم المدينة وإلى بيئتها نتيجة عدم وجود أرصفة, وتحوّل أطرافه إلى مكبٍّ للقمامة، ومرتع للكلاب والذباب، كما يتحوَّل فيه فصل الشتاء إلى ما يشبه بحيرات مائية تقطع شوارع ومساكن كاملة, حيث لا يمكن اجتيازها إلا باستخدام «الجزمات» الجلدية, فلا فوهات مطرية أبداً, والحي أصلاً معدوم التعبيد في غالبية حاراته وأزقته.
النفايات والقمامة في كلّ مكان، والذباب بات مستوطناً في الحي مع ما ينقله من أمراض بيئية ولسعات، وبالأخص في المنطقة المحيطة بالشارع العام, فعلى الرغم من كونه طريقاً عاماً، إلا إنّ الاهتمام به أقلّ من أيّ زقاق وسط المدينة وباقي الأحياء، بحسب ما قاله عبد الرزاق اليوسف (35 عاماً)، أحد سكان الحي، وأضاف: «مراجعاتنا للمجلس البلدي لم تأتِ بالنتائج، والحجّة والجواب ذاتهما؛ إقامة رصيف رديف يحتاج إلى ميزانية ضخمة تتجاوز 15 مليون ليرة، وهي غير متوافرة, سواء كانت مراجعاتنا وطلباتنا شفهية أم خطيّة متكرِّرة للمجلس أم للقسم الفني أم للقسم الطبوغرافي للبلدية».
وبيّن محمود سمو (38 سنة)، وهو من سكان الحي أيضاً أنّ: «الردود من البلدية تكاد تكون متشابهة، ولا جديد تحت الشمس..
بعد أن شمل المخطط التنظيمي الحيَّ، توقّعنا إيلاء الحي بعضاً من الاهتمام على أقل تقدير»..
وأضاف أنّ «الحي يفتقر إلى أدنى الخدمات، فلا حاويات مطلقاً في الحي, لذلك يلجأ السكان إلى تجميع نواتجهم في أطراف الشوارع أو عند مداخل الزقاق»..
وعن مراجعتهم للبلدية، بيّنوا أنّهم راجعوا شعبة البيئة في القامشلي التي أكدّت بدورها أنّ تراكم القمامة يسبّب زيادة تعرُّض سكان الحي إلى الأمراض الجلدية والمنقولة، كاللايشمانيا (حبة حلب)، إضافة إلى ظاهرة تجمُّع الكلاب، وتعرّض سكان الحي إلى هجوم هذه الكلاب عليهم، حتى إنًّ هناك أحياء في أطراف الحي لا تستطيع الوصول إليها مساء بسبب الكلاب الشاردة التي تسير مجموعات.
والجدير بالذكر هنا- بحسب السكان- أنّ سيارات القمامة الضاغطة لا تأتي إلى الحي، حيث تُجمَع القمامة في الحي بواسطة «تركتور» تابع إلى المجلس البلدي، يأتي مرة في الأسبوع، وأحياناً مرتين، لكنّه في معظم الأحيان يُخلّف وراءه من القمامة أكثر ممّا يحمله, نتيجة ما يسقط منه أثناء عملية التفريغ.
واقع الطرقات في الحي «زفت» لقلة «التزفيت»
يشير من التقتهم «بلدنا»، وبحسب مشاهدتنا, إلى أنّ نسبة الشوارع المعبَّدة في الحيّ تقلّ عن 10 %، فــــي حيـــن قـــــرابة 50 – 60 % مغطّاة بالبقايا والبحص والحجر المكسر، وما تبقّى طرق ترابية تتحوَّل إلى طين في الشتاء، وغبار وأتربة في الصيف، وكذلك عدم تناسب أرضية الطرقات أدّى إلى حرمان عدة مناطق في الحي من وصول السيارات إليها، كسيارات الإسعاف والنظافة.
أمّا في الشتاء، فللحيّ من اسمه نصيب؛ حيث ينطبق الاسم على الحي وشوارعه تماماً, إذ تتحوَّل معظم ساحاته، وما بين مساكنه، إلى قنوات تتجمَّع فيها مياه مطرية، وعدم وجود مصارف يحوّل الحي إلى قناة حقيقية.
وعود متكرِّرة بالتعبيد
تساءل سكان الحي عن جدوى الوعود, طالما أنّها لا تتحوَّل إلى واقع ملموس، فالجواب أنّ الطريق وضع في خطة التعبيد والتنفيذ، وها قد مرّ أكثر من سنتين على وضعه في الخطة من دون المباشرة في التعبيد، والوضع على حاله: «زفت» دون «زفت».
أكثر من 15 سنة ومشروع ترصيف الطريق العام غير مكتمل
في العام 1995، تمّ توسيع الطريق العام في الجهة الشرقية للقامشلي ضمن حيّ قناة السويس، واستبشر سكان الحي خيراً، وبالأخص بعد الاستملاكات وعملية إزالة المنازل والجدران عن الطريق العام، وما تعرَّض إليه سكانه من ضرر, والوضع منذ تاريخه ما زال علىحاله, إذ تمّ هدم المنازل على طرفي الطريق، وحتى تاريخه لم يرصف ولم يوسّع الطريق أبداً، وتحوّلت أمكنة الهدم إلى حُفَر وأماكن لتجمّع القمامة.
الكهرباء تيار متناوب
أشار السكان إلى أنّ الانقطاعات الكهربائية مستمرَّة، وبالأخص في فترات التوفير والشح، وعند تطبيق برامج التقنين لتشملهم حصة التقنين الأكبر بحسب تعبيرهم، وكأن الحي وحده يتحمَّل وظيفة الحفاظ على الكهرباء وتوفيرها, إذ تنقطع لساعات طويلة، الأمر الذي يؤثِّر سلباً في الأجهزة الكهربائية والإلكترونية في منازل الحي, كما أنّ الإنارة تكاد تكون معدومة في غالبية الشوارع، وبالأخص الفرعية، ومعظم المصابيح، إما مطفأة أو مكسَّرة لم تُستَبدل، بل تبقى على حالها، والنتيجة ظلمة تزيد الوضع سوءاً.
أمّا واقع مياه الشرب في الحي، فهو ليس بالجيد أيضاً، حيث تنقطع المياه فترات طويلة، وبالأخص في النهار، لتكون فترة الليل سبيل السكان الوحيد للشرب.
وللبلدية مبرِّراتها..
لا نملك الإمكانات والاعتمادات، إضافة إلى وجود أحياء كبيرة، مثل قناة السويس، ينقصها الكثير، كحي (علايا والهلالية والطي والعنترية والزنود والزيتونة وجمعاية)بحسب سهيل رهاوي، رئيس مجلس مدينة القامشلي، وأضاف الرهاوي: نحن نعمل ضمن إمكاناتنا، وقمنا بتعبيد عدة شوارع في الحي سابقاً، لكنّ هناك أكثر من 3000 شارع في القامشلي بحاجة إلى تعبيد، ولدينا إمكانية تعبيد 200 شارع فقط تقريباً على مدار العام، كما نقوم حالياً بتعبيد شوارع، وترقيع أخرى، وكذلك حملة تنظيف منذ 15 أيار على مستوى القامشلي ككل.
أوضح المهندس نواف عثمان، مدير مكتب البيئة في القامشلي، لـ«بلدنا» أنّ المشاكل البيئية في الحي نوعان؛ الأول وجود تلوُّث لبعض الآبار المنزلية بمياه الصرف الصحي من جزء من شبكة مهترئة، حيث حلَّلنا العينات في مديرية بيئة الحسكة، وأثبتنا صحة التلوث، وأعددنا تقريراً للواقع والمقترحات، وعن طريق محافظة الحسكة، ومجلس مدينة القامشلي، تمّ تجديد الشبكة في الجزء المتضرّر من الحي.
والجانب الثاني للمشاكل البيئية، متمثِّل في الانتشار الكبير للنفايات على جانبي الطريق العام، وضمن الحي، وبالقرب من المدارس، حيث يكثر فيها رمي روث الحيوانات، نظراً إلى وجود الحيوانات الأهلية والمواشي، ما يصعّب من إزالة النفايات.
——–