رد على توضيح السيد عزيز عمرو

  بقلم توفيق عبد المجيد
 
في مقالة تهجمية على الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وعلى شخص سكرتيره عنوانها (توضيحاً للحقيقة حول مواقف الشيوعيين في سوريا) نشرت في موقع ولاتي مه صباح هذا اليوم 19/7/2010 يبدأ السيد عزيز عمرو مقالته بـ (لقد تعودنا أن نطالع بين حين وآخر “نشرات ” لبعض قيادات الأحزاب الكردية إذا صح التعبير) .

يبدو أن السيد عمرو لم يشف غليله ، ولم يشبع نزعته الثأرية الانتقامية بعد عندما ردت صحيفة الحزب على السيد محمد عبد الله في مقالة له نشرت في ” قاسيون ” يتهم فيها رموز الحركة الكردية بشتى التهم بلغت حد التخوين والعمالة ، ولم يكن عدد من كوادر الحزب الشيوعي السوري – جناح السيد فؤاد قدري – يومها مع نشر المقالة كما ذكروا للكثيرين ، وربما يكون السيد عزيز عمرو أحدهم ، وبعد تدخلات من الخيرين وعدة لقاءات لم تكلل باتفاق ما ، عاد كل فريق إلى قاعدته ولم يتطور الهجوم ولم يستمر وهو يحاول اليوم أن يجود علينا بكرمه فيسمي صحفنا الكردية ” بالنشرات ” ويجرد القيادات الكردية من ألقابها التي جاءت منحة من السيد عزيز عمرو .

 
فمتى تطاولت ” النشرات ” الكردية على الشيوعيين كما يدعي السيد عزيز عمرو ، أم أنه مازال يثأر للسيد محمد العبد الله الذي يشعر تجاهه حتى الآن بعقدة التقصير وعدم الدفاع المستميت عنه في الوقت المناسب ، وربما عقدة الشعور بالذنب .
 
أما نظرته الاستخفافية الدونية الاستصغارية الاستعلائية للصحيفة الكردية المعنية ووصفها بـ “نشرة ” فنريد أن نقول له ، إنها صحيفة متواضعة بل جيدة ورفيعة المستوى وبشهادات الكثيرين الذي يفهمون في هكذا أمور ، ولسنا بحاجة إلى شهادة عزيز عمرو الذي يحاول أن ينتقص من قيمة هذه الصحيفة ومحتواها ومضمونها وهو يعلم أنها لا تطبع في مطابع الدولة ومطابع صحيفة تشرين ، ونحن نفتخر بأننا نطبعها بإمكانيتنا المتواضعة ، ولم ننتظر منه أن يتبرع فيطبعها لنا في مطابع صحيفته المركزية .
 
وحول الفقرة الصغيرة التي استغلها السيد عزيز عمرو ليتهجم على الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) فها نحن نثبتها نصاً وحرفاً كما وردت في العدد 427 لشهر حزيران وفي الصفة (11) وتحت عنوان (البارتي بين التأسيس والمؤتمر التوحيدي) .
 
(وبما أنّ الحزب الشيوعي بقي صامتا ولم يتخذ موقفا مناصرا لقضيتنا لا بل إنه لم يكترث بمطالب شعبنا ولم يولي أية أهمية لمقترحات رفاقه من غير العرب، فلم يكن أمام كوادره الكورد أي سبيل سوى التعبير عن امتعاضهم وإعلان انسحابهم من الشيوعي والبحث عن بديل تنظيمي يلبي الحقوق القومية المشروعة لشعبنا، وقد حدثت هذه الانسحابات الجماعية في عام 1954م(  
أما فقرة السيد عزيز عمرو فقد جاءت كما يلي : (إن الحزب الشيوعي بقي صامتاً ولم يتخذ موقفاً مناصرا لقضيتنا لا بل أنه لم يكترث بمطالب شعبنا ولم يولي أية أهمية لمقترحات رفاقه من غير العرب ) وكان عليه ألا  يجتزئ الفقرة بل يوردها بأمانة ، لكنه ذكر منها ما يوفي بغرضه ، ضارباً عرض الحائط الأمانة العلمية في الاقتباس والاستشهاد .

 
فهل في هذه الفقرة – أقصد التي وردت في الصحيفة وبترها السيد عمرو لغاية في نفسه – (تطاولٌ على الشيوعيين السوريين وتجنٍ فاقع وهش على تاريخهم ومواقفهم ومحاولاتٍ فاشلة ويائسة لتحريف الحقائق(  كما يدعي السيد عزيز عمرو ، وكاتب المقال هو أكاديمي ومحاضر في جامعة دهوك ، والتزم الصدق والموضوعية وهو يسرد حقبة تاريخية تعود للخمسينات ، ويستعرض مرحلة من مراحل تأسيس أول تنظيم كردي ، ومازالت معظم تلك الشخصيات على قيد الحياة ، فليتأكد منهم السيد عزيز عمرو .
لكن يبدو أن السيد عمرو يريد استحضار الحادثة التي مر عليها أكثر من سنة وجفت الأقلام ورفعت الصحف ، ونحن نسأله بدورنا ، لماذا تثيرها مرة أخرى وفي هذا الوقت بالذات ، ولماذا تتوجه إلى الشخص الأول في قيادة الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وأنت تعرف من تهجم على السيد محمد العبد الله ، ومازالت مقالته مثبتة في موقع ولاتي مه ، وعنوانها (متى تخجل) ؟ ولن يعجز صاحبها في الرد عليك ، ونحب أن نطمئنكم أن صحيفة (دنكي كرد) ليست نشرة لبعض قيادات الأحزاب الكردية بل هي الصحيفة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وتتحمل قيادة هذا الحزب مسؤولية كل ما ينشر فيها ، أما معرفة أسماء كتاب مقالاتها  فهذا ليس من شأنك .
 
فإذا كان السيد عزيز عمرو يريد أن ينتقد موضوعاً ما أو يستفسر عن فكرة مبهمة لديه فنحن على استعداد للحوار معه ، إما إذا كان – ومايزال – يفكر بعقلية الحرب الباردة ويدافع عن أفكار انقرضت وتلاشت ، ويستشهد بكلام موجه إلى الحزب الشيوعي السوري في الخمسينات والذي تعرض في  ما بعد إلى أكثر من  هزة وانشقاق ، ولا نعلم ما إذا كان الفصيل الذي ينتمي إليه الآن السيد عزيز عمرو هو امتدا لذلك الحزب أم لا ؟ أم أن هجمته الآن تأتي في إطار صفقة ربما يود الحصول عليها بهذا الثمن وهو حر في ذلك ، لكن ليس على حساب حزب عريق يهتدي بنهج البارزاني الخالد ، ولذلك نراه يستحضر الماضي ، ويستصغر من شأن الحركة الكردية ويستخف بها ويحتقر رموزها ، وينظر إليها نظرة فوقية استعلائية ، ويبخل عليها باعترافه بها وشرعنتها ، ويأتي صوته من حيث يدري أو لا يدري لينضم إلى الأصوات التي تشوش الآن على الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ممثلاً بشخصه الأول ، ويتخذ من استشهاده الضعيف ذريعة للوصول إلى مآربه ، فنؤكد له أن لدينا من الإمكانيات ما يجعلنا قادرين على الرد عليه وعلى غيره دون أن نتطرق إلى أمور شخصية بحتة .
ولا يخفى على كل متابع للأحداث في محافظة الحسكة أن جل نشاطكم كان ينصب على إثارة المشاكل والفتن بين أبناء الشعب الكردي ، ولكي نبرهن على صدق ما نقول نورد لكم وللقارئ مثالين حول مواقفكم المتناقضة من قضايا الفلاحين :
الأول – حينما صدر قانون تنظيم العلاقات الزراعية القاضي بتوزيع الأراضي بين الملاكين والفلاحين من فئة واضعي اليد ، وكان القرار صادراً من العاصمة دمشق ، حينها فقط حرضتم الفلاحين للتمسك بأراضيهم والوقوف في وجه الملاكين ، لأن الطرفين كانا من الأكراد ، بل وأبديتم الاستعداد للدخول معهم في معركة ضد الملاكين .
الثاني – حينما أصدر وزير الزراعة في الحسكة قراراً يقضي بنزع ملكية أراضي ألف أسرة كردية تقريباً ، كان موقفكم هذه المرة مختلفاً ، بل اتسم بالهدوء والسكوت ولم تقيموا الندوات كما فعلتم سابقاً ولم تقفوا مع الفلاحين في وجه الدولة لأن الخلاف هذه المرة لم يكن بين أبناء الشعب الكردي لتحرضوا طرفاً ضد آخر بل بين الدولة والكرد .


وللعلم فإن جل ما تسعون إليه هو إثارة الفتن في المجتمع الكردي ، وكان عليكم أن تتخذوا موقفاً أكثر صرامة وشدة من موقفكم في القضية الأولى لأن الأولى كانت تبقي للفلاح قسماً من الأرض أما الثانية فكانت تصادر أرضه كلها .
 
سؤال وحيد نوجهه للسيد عمرو ، هل تعلم أن كل الأسماء التي ذكرتها هي لفلاحين أكراد وكان هدف الحزب الشيوعي منها في ذلك الوقت هو إيقاع الفتنة بين أبناء القومية الواحدة ، لكن ماذا فعلتم لعشرات الآلاف من العمال والفلاحين الذي يقمعون يومياً ويضطهدون ويتشردون ويجوعون ويهاجرون إلى المدن الكبيرة ليشكلوا حولها أحزمة فقر حتى لقبهم البعض بالغجر مع كل احترامنا للغجر والطبقات المسحوقة .
19/7/2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…