بيان إلى الرأي العام من الأمانة العامة للمجلس السياسي الكردي في سوريا بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للإحصاء الاستثنائي

يكاد يمر نصف قرن على الإحصاء الذي جرى بشكل استثنائي في 5/10/1962 في محافظة الحسكة وجرد بموجبه عشرات الآلاف من المواطنين الكرد من الجنسية السورية بصورة تعسفية, وصفوا بداية بأجانب تركيا ولاحقاً بأجانب محافظة الحسكة, بعد الاعتراضات التركية على هذا الوصف, ويبلغ تعدادهم اليوم  أكثر من  300 ألف مواطن مجرد من الجنسية بسبب الزيادة الطبيعية للسكان بين من يوصف بالأجنبي ومن يوصف بالمكتوم.

جاء إقرار هذا الإحصاء, كبداية للتخطيط لمؤامرة ضد الشعب الكردي, وذلك تحت مسوغ تنقية سجلات المدنية من المتسللين الكرد القادمين من تركيا, حيث كانوا يزعم بوجود تسلل إلى هذه المحافظة بهدف الاستفادة من قوانين الاصلاح الزراعي للاستحواذ على الأراضي الزراعية, بينما كانت هذه الإدعاءات في الحقيقة مجرد مزاعم باطلة فبكرتها هذه الدوائر لتنفيد مخططهم العنصري لتغيير التركيبة الديمغرافية لهذه المحافظة ذات الأغلبية الكردية.
ورغم تعاقب الحكومات وتغير الدساتير ومعظم التشريعات التي سنت في تلك المرحلة, إلا إن أحداً لم يقترب من النتائج المأسوية التي خلفها هذا الإحصاء, وبقي الجميع حريصاً على التعامل مع نتائجه انسياقا مع المزايدات القومية التي برزت على أشدها في عهد حكومات البعث التي ركبت واخترعت من بنات أوهامها العنصرية مقولة الخطر الكردي, لتبرير ممارسة كل أشكال سياسة التعريب والتمييز العنصري وعلى نطاق واسع ضد الشعب الكردي على شكل سلسلة لا منتهية من القوانين والمراسيم  والقرارات الاستثنائية بهدف إلغاء وجوده التاريخي في مناطقه وتصفية قضيته القومية.
جميع المسؤوليين الذين زاروا محافظة الحسكة منذ الثمانينات, ووقفوا عن كثب على المأساة الإنسانية المزمنة والمستديمة التي تركها هذا الإحصاء الجائر, وعدوا بحل هذه المشكلة الوطنية والإنسانية, إلا إن أي من تلك الوعود لم تتحقق وذهبت إدراج الرياح, ولازالت هذه المشكلة تتفاعل وتتسع لتحصد المزيد من الضحايا يعيشون في ظروف استثنائية من البؤس والشقاء والحرمان من كافة الحقوق المدنية والسياسية وحتى الإنسانية, وقد كان آخر تلك الوعود هي التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية بعد زيارته لمحافظة الحسكة عام 2002 حيث اقر على الملأ وعبر وسائل الإعلام المحلية والدولية بارتكاب أخطاء في هذا الإحصاء والنتائج التي تمخضت عنه, ووعد بحل سريع ومنصف له إلا إن ذلك الوعد طواه النسيان وبقي الضحايا ينتظرون.
ثمة إجماع وطني لم يحظى بمثله أية قضية وطنية أخرى على ضرورة إنهاء هذه المشكلة وتعويض المتضررين عن الظلم اللاحق بهم على مدى هذه السنوات الطويلة, من أجل تضميد هذا الجرح النازف في الهوية الوطنية, إلا إن النظام يصر على إبقائه جرحا مفتوحاً في خاصرة الوطن كمعلم من معالم الاضطهاد القومي الذي يتعرض له الشعب الكردي في سوريا.
أننا في المجلس السياسي الكردي في سوريا نجدد دعوتنا للنظام بضرورة الإسراع في إنهاء هذه المشكلة التي لا تحتاج سوى إلى قرار مسؤول يعزز الوحدة الوطنية, وينهي معه معاناة أكثر من ثلاثمائة إلف مجرد من الجنسية بقوا على مدى عقود طويلة يتحملون عبء أخطاء ارتكبتها حكومات سابقة, تتنافى مع الدستور السوري وكل القوانين الدولية ومبادئ حقوق الانسان.
2/10/2010
الأمانة العامة

للمجلس السياسي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…