هل من منقذ للقطاع الزراعي ؟

  افتتاحية صوت الكورد *

وكأن القدر حتم على أبناء الجزيرة بمختلف مكوناتها أن يعيشوا المآسي ، إذ على الرغم مما يعانيه أبناء هذه المنطقة من الويلات جراء الإجراءات الاستثنائية التي تتخذ حيال هذه المنطقة دون غيرها من سوريا ، فإن قسوة المناخ وموجات الجفاف والآفات الزراعية قد فعلت فعلتها لتزيد الطين بلة ,فما أن أوشك أبناء المنطقة من لملمة معاناتهم من وطأة الآثار المدمرة التي خلفها الإنتاج المتدني للمحاصيل الشتوية من الأقماح، جراء الأوبئة والمناخ القاسي،حتى رافق ذلك من القرارات والقوانين والأوامر الإدارية ما أثقل كاهل مختلف الشرائح العاملة في هذا القطاع بالديون والفوائد التي قاربت أن تتجاوز أصول الديون، هذا بدلا من أن تمدها  بالعون والمساعدة
 فإذا كانت هذه نظرة الجهات ومؤسسات الدولة المعنية بالأمر, وذوات الاختصاص إلى هذا المحصول الاستراتيجي، الذي يعتبر السند الأساسي للأمن الغذائي ليس لسوريا فحسب بل للعالم أجمع ، والدعامة الرئيسية للاقتصاد الوطني كون سوريا بلدا زراعيا ، فما بالنا أن تكون نظرة تلك الجهات إلى المحاصيل الزراعية الأخرى مصدر الغذاء والإنتاج ، ومحصول القطن لهذا العام أنموذج قائم ..

هذا المحصول الذي يزرع على مساحات شاسعة في سهول الجزيرة والفرات ، ويعتبر رافدا أساسيا من روافد الاقتصاد الوطني إلى جانب ما يشكل بوابة كبيرة توفر فرص العمل لعشرات آلاف العائلات من أبناء المحافظات الشرقية تحديدا ، لكن وبعد ان وصلت سوريا إلى مراتب متقدمة في سلم إنتاج القطن عالميا ، لماذا أصبحت زراعته اليوم عبئا ثقيلا يثير المخاوف لدى المزارع والفلاح على حد سواء ، وبدا التدني في الإنتاج واضحا لا بل يدعو للقلق على مستقبل زراعته ..

؟؟

فهذه محافظة الجزيرة حيث بلغت المساحة المزروعة بالقطن قرابة ال 50 ألف هكتار بزيادة حوالي 5 آلاف هكتار عن العام الماضي حسب إحصاءات مديرية الزراعة ، في حين انخفض الإنتاج من 206393 طن إلى ما يقدر هذه السنة بأقل من 100 ألف طن ، حيث تشير تقديرات اللجان الزراعية المختصة وذوي الخبرة من المزارعين ــ ومنها لجنة برئاسة وزير الزراعة عادل سفر التي كشفت ميدانيا على الحقول ــ إلى أن وسطي إنتاج الدونم الواحد من الأراضي المزروعة  لا يتجاوز ال 175 كغ من القطن نتيجة إصابة الحقول بديدان اللوز الشوكية منذ المراحل الباكرة لنمو النبات ، ومن تساقط الأجراس في بداية تكونها ..
في هذا إشارة واضحة إلى أن المسؤولية الأساسية تقع على الجهات المسؤولة في وزارة الزراعة ودوائر الوقاية  والإرشاد الزراعي، تلك التي لم تؤد المهام الموكولة إليها بالمستوى المطلوب من حيث توفير مستلزمات مكافحة الآفات الزراعية من المبيدات و المرشات إلى جانب الإرشادات السليمة الواجب إتباعها لدرء أخطار آفة زراعية كهذه، والتي تسبب خسائر جسيمة تقدر بالمليارات بحيث تهز الاقتصاد الوطني ، وتنعكس سلبيا على السوية المعاشية لأبناء المنطقة برمتها ممن باتوا يجاورون خط الفقر إن لم يكونوا تجاوزوها .
ان واقع الحال يستدعي خطة عاجلة من جانب الحكومة ترمي إلى  تقديم الدعم اللازم للفلاحين والمزارعين, بإلغاء الديون المترتبة عليهم استحقاق الدفع من فواتير محصول القطن ورفع سقف المنح التعويضية عن فارق أسعار المحروقات والأسمدة ، لتعويض الأضرار التي لحقت بمحاصيلهم جراء التوجيهات والإرشادات غير الدقيقة من جانب دوائر الزراعة وما يتعلق بتوقيت الريات وتجنب استخدام المبيدات منذ المراحل الأولى لظهور الإصابات قبل تفشيها بالشكل الكارثي ..هذا من جهة ،ومن جهة ثانية فهم قادمون على التحضير للمزروعات الشتوية والتكاليف الباهظة التي تتطلبها تلك الزراعات من بذور وأسمدة ومبيدات بالإضافة إلى المحروقات ، مما يعني أن امتناع الحكومة عن تقديم الدعم المطلوب أمر يهدد إتمام زراعة الأقماح ورعايتها بالشكل المطلوب بما يضمن مردودا عاليا من الإنتاج , سيما وأن الآمال باتت معقودة على الموسم القادم لما يترتب على المزارعين من استحقاقات ملزمة الدفع في نهاية الموسم الصيفي القادم .

* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكوردي – سوريا / العدد (353) ايلول 2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…