قراءة للمجلس السياسي الكُردي في سوريا

محمد سعيد آلوجي

تلبية للدعوة التي أطلقها موقعنا الكردي “كميا كوردا” للتقدم بقراءات حول أعمال، ومواقف، المجلس السياسي الكردي في سوريا، وإبداء آراء حول كيفية تطوير آلية عمله.

أرى بأن أورد الآتي:
فإن تركنا التحدث عن دوافع تشكيل المجلس السياسي جانباً، وأن أردنا ألا نقف على ما تكون قد اجتمعت عليه أحزابه المؤتلفة من برنامج سياسي مشترك، والذي من المفترض أن يتضمن في المحصلة إقراراً بأساسيات شعبنا الكردي التي لا يجوز لأي حزب من أحزابنا الكردية أن تتجاوز عن أحدها بأي شكل من الأشكال “ومن بينها.

كوننا شعب قائم بحد ذاته.

يعيش على أرضه التاريخية التي تم إلحاقها بالدولة السورية.

وفق معاهدات دولية.

ويتمتع بكامل مقوماته القومية من لغة.

وأرض.

وعادات، وتقاليد، وآمال وأهداف وتاريخ مشترك.” ويمثل ثان أكبر قومية في البلاد.

فمن المفترض أن يكون هذا المجلس قد وضع لنفسه أهدافاً واقعية ضمن إستراتيجية عملية تؤدي في النهاية إلى تحقيق طموحاتنا القومية والوطنية في سوريا كوطن يضمن لنا عيشاً كريماً، ومساواة تامة مع باقي مكوناته.

من خلال قيامه بتفعيل العمل النضالي المشترك بكل الوسائل السلمية المتاحة المعترف بها دولياً، وأن يتابع نضاله حتى يحقق تعويضاً عادلاً لكل المتضررين من أبناء شعبنا مما لحق بهم من ويلات ومآس بسب ما طبق بحقهم من إجراءات عنصرية وشوفينية من قبل السلطات المتعاقبة على حكم سوريا.
هذا فإن أردنا أن نقيم هذا المجلس من خلال تلك المعطيات.

فلا نجد منها ما نقيمه عليها.؟.

أما إذا أردنا أن نقيمه على ما يكون قد تبناه من برامج، وأهداف يكون قد عرف نفسه بها.

فلا نجد غير ما يكونوا قد أشاروا إليه من رؤية العمل المشتركة لأحزابه المؤتلفة، وهي تلك التي يقولون عنها بأنهم قد اتفقوا عليها على مدار سنتين سابقتين من مفاوضات مشتركة لتشكيل مرجعية كردية.

وهي التي بقيت على رفوف غرفهم المغلقة.
كما لا يمكننا أن نقيم هذا المجلس لا على نوايا بعض من قيادييها المكتوبة أم المكبوتة ، ولا على تصريحات آخرين أو تمنياتهم.

فقد سبق أن صرح بعض من قياديي أحزابنا أثناء رجوعهم من اعتصام كانوا قد تجمعوا من أجله في دمشق، والذي لم يتم..

حيث قالوا وقتها بأنهم سوف لن يتأخروا في تنظيم اعتصامات بدلاً عنها وخلال أيام معدودات، وذهب آخرون منهم إلى أبعد من ذلك حيث حلفوا بأغلظ الأيمان على أنهم سوف يقدمون استقالاتهم من أحزابهم إن لم يسارعوا إلى تفعيل اعتصام لاحق خلال أسابيع قليلة من دون أن ينفذوا شيئاً من ذلك، ولا مما قالوا عنه في دوار الهليلية أيضاً.

أما إن أردنا أن نقييم هذا المجلس من خلال ظروفه الذاتية المتاحة.

وهي المركبة من ظروف مجمل أحزابها المؤتلفة الناتجة عن الأداء السيئ لها جميعاً من جراء تسييرها وفق آليات قديمة.

والتي لا يُمكن عناصرها من اختراق حواجز الخوف التي تكون قد فرضتها عليها نفس قياداتها بالذات خوفاً من عفاريت الأمن السورية، وهي التي تمنعهم “قيادات الأحزاب” من التغلغل بين الجماهير الشعبية بمركزية تسلطية مجحفة.

ليستحيل عليهم فيما بعد تجنيد تلك الجماهير لفعاليات ميدانية سلمية لا بنداءات استغاثية ومن خلال ببيانات خافتة.
وللأمانة نقول بأن نشاطات أحزابها قد لا تتجاوز صدور  بيانات مصاغة وفق الحدود المسموح بها أمنياً إلا نادراً.

وبالتالي فإنها لا تستطيع أن تأثر بأي شكل من الأشكال لا في التفاعلات الوطنية ولا الإقليمية.

ناهيك عن عدم قدرتها على التأثير في علاقات سوريا الدولية.

طالما لم تستطع أن تثبت نفسها كمعارضة وطنية داخل سوريا.
ولتلك الأسباب ولأن أحزاب هذا المجلس مازالت متقوقعة على نفسها، وتسير وفق أنظمة داخلية قديمة لا توفر لهيئاتها ولا لقواعدها الحزبية حرية التحرك.

إلا كما قد تسمح بها قياداتها، وهي التي لم تزل متشبثة بالمركزية الشديدة وتستطيع حتى الآن أن تمنح صفات حزبية متقدمة لمن تشاء بقصد كسب ولاءات أم غير ذلك، أو أن تقوم بنزعها ممن تشاء حتى ولو كان على حساب المصالح العليا لأحزابها.

كما وأنها مازالت قادرة على إلغاء هيئات أو إنشاء أخرى دون ضرورات تنظيمية، وهكذا.

فمن الطبيعي أن تُبقي تلك الأسباب مجتمعة والضغوطات الشديدة التي تتعرض لها أحزابنا من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة متخلفة وكأنها تعيش في عصور سابقة، ومن دون جماهير شعبية، وهي التي تعمل بدون رخص وتقع قياداتها تحت مراقبة ورصد العديد من الأجهزة الأمنية، والغريب أن تدعي لنفسها ما لا يمكنها القيام به، أو ما لا تستطيع أن تنهض بأعبائها.

وعلى أنها مرجعية شعبنا من دون أن تستطع الدفاع عنه.
أما بخصوص تشكيل ممثليات المجلس فهي التي تكون قد فرطت بتدشينها عقد تآلف الأحزاب الكردية السابقة في أوربا.وتكون قد أبعدت عنها ولو نظرياً مشاركة تلك الأحزاب التي لم تستطيع بعد الانضمام إلى هذا المجلس.

وتكون قد وفرت للبعض فرصاً لحفلات تعارفية ولو بشكل مؤقت في إقليم كردستان..
في اعتقادي فأن أية تحالفات أو وحدات بين طرفين أو أكثر من أحزابنا الكردية في سوريا سوف لن تمكنها من القيام بواجباتها.

ما لم يقم القائمون عليها بإصلاحات جذرية يتناولون فيها أساليب عمل أحزابهم، وأنظمتها الداخلية من الألف إلى الياء.

على أن يوفروا لقواعدهم حرية الحركة، ومزاولة نشاطات ميدانية ، ويقلصوا بأنفسهم سلطاتهم المركزية.

على أن تصبح تلك الأحزاب مؤسساتية تتحمل كل مؤسسة منها مسؤولية أعمالها كاملة.

على أن تتكامل في آن واحد أعمال جميع مؤسسات الحزب الواحد، لترتقي بمجملها إلى ذلك المستوى الذي يمكنها أن تؤمن حقوق شعبنا ليعيش بعدها بمساواة تامة مع باقي المكونات السورية.

وأن تستطيع المحافظة على خصوصيته القومية بالكامل.


وخلافاً لذلك سوف لن يستطيع لا هذا المجلس السياسي الحالي ولا غيره من أن يقوموا بواجباتهم الملقاة على عواتقهم كما يجب.

فكفانا أوهاماً ويكفي شعبنا ما فقده وتشرد من أجله وهو ينتظر من أحزابه الوفاء بعودها له..

ألمانيا في 08.10.2010

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…