علي صالح ميراني
نشر موقع “ولاتى مه” المحترم بتاريخ 09 اب 2010 ، مقالة تحت عنوان “كلما زاد الاستعراض، ضاقت مساحة الصدق! ردا على مقالة (هذه بضاعتكم ردت إليكم) للأستاذ علي ميراني)، لاحد اعضاء الحزب الشيوعي السوري المتشظي، ويبدو من الوهلة الاولى ان الاستاذ الشيوعي كتب ملحمته وهو في ذروة تهيجه الحزبي، بدليل ان المرء يشعر وكأن كاتبها قد عثر على نقش اثري قيم على حيطان معبد قديم، وما يعلم ان مقالته جاءت كالشوربة بالتوابل الهندية، مملة باعثة على الكآبة والسآمة في آن واحد.
نشر موقع “ولاتى مه” المحترم بتاريخ 09 اب 2010 ، مقالة تحت عنوان “كلما زاد الاستعراض، ضاقت مساحة الصدق! ردا على مقالة (هذه بضاعتكم ردت إليكم) للأستاذ علي ميراني)، لاحد اعضاء الحزب الشيوعي السوري المتشظي، ويبدو من الوهلة الاولى ان الاستاذ الشيوعي كتب ملحمته وهو في ذروة تهيجه الحزبي، بدليل ان المرء يشعر وكأن كاتبها قد عثر على نقش اثري قيم على حيطان معبد قديم، وما يعلم ان مقالته جاءت كالشوربة بالتوابل الهندية، مملة باعثة على الكآبة والسآمة في آن واحد.
واليك يا استاذ ردي على ما تفضلتم به:
ـ بمناسبة حديثكم عن المجتمع الاستهلاكي ومعالمه، وهي التعابير المكونة لمنظومة افكاركم البالية والتي اكل عليها الدهر والشرب، والادعاء اني حاولت تقليد الماركة الشيوعية الاصيلة، اجيب عليك ان هذا الصلف والتجبر والحقد التاريخي الاعمى، هو ما يمثلكم انتم المنسلخون عن جلودكم ولابسوا عباءات غيركم الفضافة عليكم، واطالبك اما آن لكم ان تتركوا هذه الميلودراما الفاشلة؟، فاين هي الماركة الاصيلة التي تتحدث عنها؟، وقد اصبحت تركة عوائل بعينها تتقاسم كعكتها وتتلذذ بوجود بعض المخبولين فكريا ، واعلم يا عزيزي اني لم احاول يوما تقليد ماركة حزبكم المتهالك الخرف ابدا، لاني بصراحة مدرس جامعي ولي اهتماماتي الخاصة، وجل همي ينصب في تعريف الاخرين بحقيقة تاريخ شعبي وامتي ومدى ما مر به من الظروف الصعبة، وكيف ان البعض استغل طيبة قبله وصدقه، فادخله متاهاته وجعله وقود حربه مع الاخر، واسمح لي ان ابوح لك ان ما جاء في مقالتك لا يخرج عن كونه اسلوبا معطوبا سمجا اشبه بما كان يقوم به المغنون المتجولون في العصور الوسطى من ترديد الخرافات والخزعبلات على مسامع الناس.
فاذا كان حزبكم وكما تدعي، وحيد عصره، لانديد له، منقطع النظير، لايشق له غبار فلماذا بقي حبيسا، جامدا ، مثلجا ، ضعيفا، مهانا، مقهورا ، كل هذه السنوات وانت تعرف على يد من، ام انكم شطار في لوك ومضغ وعلك سيرة من يخالفونكم الفكر والرأي؟، فلا تتستر وراء العقلانية فانها حيلة لاتنطلي علي ولا على احد غيري، فاضحك على غير ذقني.
نعم الاستنتاج، ومهما حاولت يا عزيزي، التمويه و تفريغه من محتواه، كبير وخطير و يبدو انه اغاظك غيظا شديدا واشعل نار غضبك، ونال من حزبك الذي لاتزال تظن انه كائن وحيد الخلية، لم يعرف الانقسام والتشظي، وانا ارد عليك بالقول ان كنت صادقا في ان الحزب كان ينظر الى الجميع النظرة نفسها، اجلب لنا وثيقة واحدة يتيمة، تكلم فيها الحزب عن القومية الكوردية بشيء من الاحترام، كشعب حي يحق له ما يحق للاخرين ومنهم على سبيل المثال الشعب الفلسطيني المظلوم، واطالبك وقيادتك ان تجيب على اسئلتي، هل يعترف الشيوعيون ان الكورد في سوريا يشكلون القومية الثانية؟، وبحقوقهم السياسية؟ واطالبك مسبقا بعدم الالتفاف على اسلئتي، والعودة الى مسلسل فكرك الافلام كرتوني، لاني باختصار لا اطيق سماع الالات الصماء التي تطيع وتنفذ الاوامر من دون ان تسأل نفسها يوما، السبب في تكرار هزائمها المتلاحقة.
ـ قراءتي لم تكن نتيجة قراءة مبتذلة او نتيجة اية نعوت يائسة قلتها بخصوصي، مثل “الانتقائية والبداوة القومية ، والخواء الفكري والسياسي في بنيتها ، قراءة معلقة في الفراغ لا علاقة لها بالظروف والوقائع، يتقاطع فيها التلفيق مع الأمية السياسية”، بل كانت نتيجة قراءة واقعية دقيقة، وبحث دؤوب في المكتبات العامة والخاصة، وكلماتك ونعوتك السمجة لن تنال مني، في وقت كان عليك ان تحسن من اداء ردك الذي جاء اشبه بالسلة المليئة بالثياب الوسخة والمهترئة.
ـ لقد قلت لك سابقا اتركوا هذه الحجة المموجة التالفة الفاجرة، مثل يجب قراءة الوثيقة في الزمان والمكان وان فلانا قال، و انك اخطأت في الاقتباس، ولم تورد النص صحيحا، اخطأت في القراءة، لم تورد النص كاملا اوصحيحا او المتن بكامله، فنحن نعرف هذه الامور افضل منكم ونستخدمها في كتاباتنا التاريخية الرصينة والمحكمة، فلا تحاول تأويل الحديث واخراجه من نطاقه بالالتفاف والدوران الكاذب والايحاء انكم على صواب، وان المقابل كان تنصقه الرؤية الصحيحة عند قراءته للنص، وباختصار لا تتقمص شخصية رئيس احدى المجالس الكنسية المشيخية وانك الراعي المختار، واعترف ان ريحك كانت قد اعولت منذ البداية، لذا كان طبيعيا ان ردودك جاءت مشوهة الخلقة، ممسوخة، ودميمة.
ـ وبخصوص قولك “قضيتا الحزام والإحصاء هما في الجوهر قضية واحدة تعود في بدئها إلى أعوام 6162 في ظل حكومة معروف الدواليبي وفي وقت كان فيه الرجعي المشبوه سعيد السيّد محافظ الحسكة أما السبب فهو في الأساس ممارسة تمييز وتعصب شوفيني ضد جماهير الفلاحين الاكراد كحرمانهم من الأرض ومن التوظيف في دوائر الدولة وغير ذلك وفي الظاهر يعود السبب إلى حجج واهية كاتهام الاكراد في سورية بمطامح انفصالية…..إننا نطالب بالعدول عن فكرة الحزام وبوقف أي تدبير لترحيل السكان وتلافي النتائج السياسية والاقتصادية الناجمة عنه….” نضال الشعب العدد83 عام 1967″، عزيزي كنت قد تحدثت عن المقالة وذكرتها في اول رد لي على سخافاتكم، فلماذا لم تنقلها كما هي ام انك “تنهي عن خلق وتفعل ما هو افظع منها” .
ـ ارغب ان كنت محبا للحقيقة بارسال النص الكامل لمقالة جريدة “نضال الشعب العدد 55 عام 1965 ” ، حيث يبدو ان فيها جمل لاترغب بان يطلع الاخرون عليها، ومع هذا كل ما عليك لاثبات حجتك هو ان تنزل النص الكامل للمقالة، وعندها ندرك هل صدق الحزب في رؤيته ام كذب؟
ـ وبالنسبة الى كلامك ” إن حركة التحرر لم تتخلص من الآثار السلبية لأفكار التعصب القومي فلاتزال تظهر هذه الآثار عند بعض القوى في عدد من الميادين وفي موقفها من القوميات في الوطن العربي…..
ويبقى النضال ضد مظاهر التعصب القومي وأخطاره ضروريا لفترة طويلة”
يا عزيزي كيف تحسب ان ما قيل كان نيلا من العروبة، وما هو الا تجسيد حقيقي للفكر الشيوعي المختلط مع الفكر البعثي، ويبدو ذلك واضحا من خلال التصريح ” القوميات في الوطن العربي” ولعمري هذا بالضبط ما كان يقوله البعث العراقي سابقا، والسوري حاليا، لانها توحي ان القوميات يجب ان تكون ممنونة للعرب لانهم يعيشون في وطنهم العربي، وهم بالتالي ليسوا الا ضيوفا عليهم لا اكثر، فاية سماجة هذه، واي تمجيد للعنصر العربي اكثر من هذا ، بالله عليك يا اخي الكوردي الشيوعي امعن النظر والفكر في الجملة السابقة، وستعلم ان الحزب الشيوعي لم يكن في يوم من الايام اكثر من بوقا دعائيا عروبيا فجا، وانه كان يخدعك بادعاءته بالترفع عن المسائل القومية وان صراعه صراع طبقي ليس اكثر.
ـ يا استاذ وانت تتحدث عن حياة بكداش، كأنك تتكلم عن مسرحية دينية قديمة العهد تدور حول حياة السيد المسيح والقديسين، وتحسبك نفسك صغت تعبيرا جديدا، واستحدثت لفظا جميلا، وما هو الا ترقيع فج.
ـ انا لم اطلق” العنتريات، والمزاودات, ومحاولة تسجيل النقاط وان كانت على الهامش تارة، وتارة أخرى عبر ثقافة التظلم والتباكي على الشعب الكردي الذي يعاديه الشيوعيين.”
يا عزيزي لا انا اتخفي وراء ثقافة التظلم والتباكي على شعبي الكوردي، والكلام صفة المتكلم، وما قلته عني هو ديدنكم الازلي ، فانتم تتباكون وتتظلمون من عدم فهم المقابل لصدق نواياكم، وانكم لاتفرقون بين احد الا بمدى الالتزام بنهجكم، في حين كشفنا ان كل ذلك كان ضحكا على الذقون وافكا كبيرا.
ـ وبالنسبة الى قولكم ” إن الأستاذ لم يستطع رد الحجج فعرض وثائق جديدة، وبالطريقة السابقة ليؤكد ما قاله على مبدأ “عنزة ولو طارت” ولجأ إلى تعكير الأجواء, وأطلق سيل من الاتهامات وكرر الاسطوانة المشروخة (أسيادكم البعثيين)” انا عرضت امام عامة الناس والمثقفين عددا من الوثائق الحزبية الخاصة بكم ـ ولاتزال في جعبتي الكثيرـ وعريت اكاذيبكم امام الناس، وهي كانت موضع تقدير الكثيرين، غير ان عدم استطاعتكم الرد عليها ، جعلتكم تناوروا هنا وهناك محاولين ايجاد موطىء قدم لكم على ارض الحقيقة، الا انها باءت بالفشل الذريع.
ـ أما القول “إن الحزب تعرض لنقمة الرأي العام السوري كما تزعم فتلك كذبة رخيصة يفندها تطور الأوضاع نفسه؟ بربك من ينقم عليه الرأي العام يستطيع إيصال نائب إلى البرلمان بعد ذلك بسنوات قليلة في مدينة دمشق ؟” اجيبك هل تعتبر ان قدرة حزب بائس على ايصال عضو يتيم الى قبة مجلس البرلمان السوري، بعد كل تلك الجعجعة والدعم الذي حظي به من قبل الكورد لاسيما في الحي الكوردي، انجازا عظيما، في حين كانت اكثر الاحزاب تقليدية قادرة على ايصال اكثر من مندوب، وكما قال القيادي الشيوعي يوسف فيصل في مذكراته كان للكورد الدور البارز في ايصاله الى ما وصل اليه.
ـ وبالنسبة الى ادعائك “وبالتالي إن أي حديث عن تقديس القومية العربية أو العنصر العربي هو هراء وافتراء لاأكثر ولا أقل”.
نقول لك ان محاولة انكار ذلك هو الهراء والافتراء عينه، فانتم قدستم العروبة ومجدتموها باجمل الاوصاف، غير انكم لاتملكون الشجاعة لقول ذلك، حتى لاتثيروا حفيظة من تبقى ـ وعددهم قليل ـ الى جانب صفكم من الاخوة الكورد.
ـ وبالنسبة الى “كان الهدف ضرب تلك المكونات القومية والدينية والمذهبية بعضها ببعض للتحكم بها جميعا كما تبين لاحقا, أضف إلى ذلك إن المحاولة لم تكن محل اجماع الزعامات الكردية أنفسهم فالوسط الكردي نفسه انقسم حول الموضوع إلى قسمين، وأعتقد لا داعي لنشر الغسيل كله والحديث عن مزيد من التفاصيل في هذا الموضوع…..! فلماذا تصوير الأمر وكأن دولة كردية كانت قاب قوسين أو أدنى من القيام ووقف ضدها الشيوعيين؟” اجيبك انك ومهما حاولت الادعاء واللف والدوران، منطلقا من منظومة افكار حزبك الفارغة، فلن تستطيع التعتيم على الدورد الكوردي المشرف في الدفاع عن الوطن السوري ككل، والمشاركات الكوردية في عمليات الدفاع عن الاستقلال اكثر من ان تعد، فلا تتعب نفسك وتخوفنا من غسيلنا الوسخ، واذا كانت نية سيدك بكداش صافية كما تدعي وتقول ، كان من الاجدر ان يؤلف كتبا وكراسات تحت عناوين” الانفصاليون في جبل العرب”، او ” الانفصاليون في جبل العلويين” او ” الانفصاليون في حلب” وهم الذين تمكنوا بواسطة الانتداب الفرنسي من تأسيس كيانات خاصة بها، في حين يعلم كل متتبع للتاريخ الكوردي في مناطقهم التاريخية في سوريا ان شيء من هذا لم يحصل، بالرغم من محاولات فرنسا دغدغة الشعور الكوردي في بعض الاحيان.
ـ وبخصوص قولك “فلماذا تجزئة النص وتقديمه بغير ما يريد يا أستاذ علي من خلال زعمكم (أطلق بكداش على المؤتمر اسم “مؤتمر الوفاء العربي ” وعلل ذلك بقوله “لان مؤتمرنا كان أمينا لتقاليد الوفاء العربي) متى علل خالد بكداش الموقف كما عرضته أنت؟ لماذا هذا التزوير؟الدعوة إلى إحياء التراث العربي في حزب يعمل على ساحة سوريا ولبنان قومية ضيقة كما تزعم، فماذا يمكن أن نقول عن الحقوق الثقافية للأكراد الذي يطرحها الشيوعيين منذ عشرات السنين ؟” اجيبك انك ولو نبتت لك اجنحة لن تستطيع انكار الحقيقة ، فبكداش اطلق عليه تسمية مؤتمر الوفاء العربي، وقال لان مؤتمرنا كان امينا لتقاليد الوفاء العربي، وما هذه المقارنة الفاشلة بين الدعوة الى بعض الحقوق الثقافية لم يذكرها الحزب الا في حالات وجد نفسه مجبرا على البوح بها من اجل الضحك على ذقون بعض المنتمين الكورد، مقابل التماهي في القضايا العربية حد الثمالة، ولاتظنن اني منزعج من تحول الحزب عبر كل تاريخه الى محامي للقومية العربية، فهذا شأنه، غير ان الذي لايعجبني هو كذب الحزب كل تلك السنوات الطوال ـ ولايزال ـ على الكورد، بانه لاينجر الى المسائل القومية وان الجميع متساوون عنده.
ـ وعن جملتك “الآية الكريمة ” وأمرهم شورى بينهم” والحديث الشريف” من أعان ظالما سلطه الله عليه”وكلمة عمر بن الخطاب ” أشقى الرعاة من شقيت به رعيته” وكلمة خالد بن الوليد ” أنا لاأحارب من أجل عمر” فما الضير من إحياء هذا الجانب من التراث العربي الذي طالما أخفاه الظلاميون العرب؟ وما يضر الأكراد في ذلك ؟” اجيبك ان هذا الخطاب هو نفسه الذي كنا نسمعه من الطاغية صدام حسين، اثناء تواريه في حجرة مخفية تحت الارض اثناء عملية تحرير العراق، وكيف انه كان يطلق الايات الكريمة ويخطب في رفاقه البعثيين بالاحاديث النبوية الشريفة، و يستدل على مواقف الصحابة تأييدا لافكاره، واستدرارا لعطف المظلومين معه، الا تخجل وانت تتكأ على التراث الاسلامي الحنيف في دعم فكرك الشيوعي البائس؟ ام ان حججكم ووصفاتكم السحرية قد بطلت مفعولها، فلم تجدوا افضل من الالتجاء الى التراث الاسلامي ومحاولة اكمال مسلسل خداعكم لرفاقكم الكورد، في الحقيقة ان ما قلته لم يكن في احسن احوالها افضل من احدى الكوميديات المبتذلة، ولم ارى فيك الا جعجاعا، صخابا، كبهق الحجر، مستخدما كلاما تشهيريا، تجريحيا، قذفيا، واعلم ان كل شتيمة هي مردودة عليكم، وانها دلت دلالة قوية على انكم تعانون من ضيق الافق العقلي، والانعزال الفكري، والتقوقع و التعصب الاعمى.
ـ وبخصوص القول “إن الانتماء الواقعي عند رجالات السياسة والفكر هو الانتماء للموقف والموقع، لا الانتماء البيولوجي وهذا هو سر تعدد الانتماءات الفكرية والسياسية داخل كل قومية، وهذا هو سر الخلافات و الصراعات بين افراد الشعب الواحد أحيانا هنا وهناك”.
اصارحك اني لم اسمع تسطيحا و عذرا قبيحا مثل الذي قيل، كيف تسمي حب الانسان لابناء قومه وشعبه، انتماءا بيولوجيا غير ذي اهمية، وعلى هذا اسألك لماذا نشط معظم عظماء الدينا بين ابناء جلدتهم وحاولوا الرقي بهم اكثر من الشعوب الاخرى، ولما لم يتجهوا الى اقوام اخرى؟.
ـ وعن كلامك “كنت أظن انك تعمل على تزوير التاريخ فقط لكن يبدو أن التشويه طال أيضا موقفا لم يمض عليه أيام ورد في مقالتي السابقة ومازال بين يدي القراء، كل ما قلته إن بغية فهم صحيح للقضية الكردية يجب اخذ الثلاثية بعين الاعتبار سايكس بيكو – عجز برجوازيات الدولة الوطنية عن الحل – الأخطاء الاستراتيجية لبعض القيادات الكردية وماذا في كلامي من دفاع فج عن الأنظمة القمعية؟ وليس ذنبي انك لم تفهم كيف إن الكردي يتحمل جزءاً من المسؤولية عن مأساته، ولاستيعاب ذلك يمكنك الرجوع إلى تقييم تجارب الثورات الكردية والنقد الذاتي الذي قدمه العديد من قادة هذه الثورات”.
اجيبك ان لم ازور، بل نقلت كلامك حرفيا، وقلت ولازال ان اتهام الضحية بان لها ضلعا فيما لحقها من الظلم، هو التزوير والحقد والضغينة نفسها، فكيف نستطيع لوم حمامة طارت باحثة عن ما يسد رمق فراغها الجوعى، ولم تعلم انها ستصبح فريسة طائر ذي مخلب؟ هل نقول ان الحمامة كانت سببا فيما لحق بها، لانها ارادت ان تغذي فراغها، وكانت يجب ان تبقى حبيسة عشها الى ان تموت؟
ـ وبالنسبة الى القول “لماذا هذا الخطاب الاستعراضي يا أستاذ علي ؟ وكأن قطار المعرفة توقف امام باب بيتك؟ و كأنك تنتمي إلى حزب لم يخطأ، ولم ينقسم ولم يتراجع وكأنك الوحيد الذي يملك الوثائق ويستطيع التلاعب بها كيفما اتفق ويضلل الرأي العام..
تقول تجربة الحكماء ” كلما زاد الاستعراض ضاقت مساحة الصدق”… ومن باب النصيحة أقول: لاتتسرع في قراءة الفاتحة على روح الشيوعيين الأكراد أوغيرهم، فالكثير من السذج بين الأكراد وغيرهم سبقوك إلى قول ذلك وفي كل مرة كان التاريخ يخذلهم ويسخر منهم” ارد عليك بالقول اخي لاتفعم حماسة، ولاتركض وراء السراب الخادع، ان ما استنتجته واستخلصته واستنبطته عن حقيقة حزبكم ومواقفه الهزيلة تجاه الكورد ادى دوره، وانا لا ادعي اني مفكر هذه الامة، بل انسان من عامة الشعب يخطأ ويصيب، وبالتالي لازلت في اول الطريق من مشواري، والتلاعب بالكلمات والالفاظ وتحوير عن الهدف الحقيقي منها، اتركها للقارىء الكريم فهو ادرى بالمزور والمتلاعب بيننا، وبخصوص مصير حزبك اؤكد لك ان ما يظهر لك من اللمعان والتألق والتلألأ هو كالوهج الفسفوري الكاذب الذي يتراءى فوق المستنقعات، وما يعانيه حزبك ليس نزلة برد وافدة تصحبها حمى، فهو يا عزيزي معلول مشلول الارادة، خائر العزيمة، واهن، كالبيضة غير المخصبة العاقرة.
– وعن كلامك “مرة أخرى نقول: إن للشيوعيين نظرتهم الخاصة إلى القضايا القومية سواء كانت عربية أو كردية أو المانية، وقد يتفقوا أو يختلفوا مع البعض من هذه الحركة القومية أو تلك ولا ينبغي تفسير ذلك بان الحزب ضد القومية الفلانية أو مع القومية الفلانية كما فعل بعض القوميون العرب عبر التاريخ، وكما يفعل صاحبنا الآن.
نرد عليك يا استاذ، بانكم والبعث توأمان متماثلان تكونتما من بويضة مخصبة واحدة ، وفكركم تجاه القوميات المظلومة وعلى رأسها القومية الكوردية ليس بافضل من الشحم الهزيل غير ذا فائدة والمتجمع من بقايا اللحم المطبوخ.
– وبخصوص “أما ورود عبارات العروبة والشعب العربي والتراث العربي….
وما إلى ذلك في وثائق حزب وجد في بلدين ذو أغلبية عربية (سوريا ولبنان) و كانا نقطتي انطلاق التيار القومي العربي، واصطدم وهو في مخاض الولادة والتأسيس بمشكلات كبرى ذات شكل قومي قضية فلسطين، سايكس بيكو, الوحدة العربية وحورب وهو في المهد تحت ستار العدمية القومية ومعاداة الدين من قبل قوى متواطئة مع المستعمر وبعض السذج والجهله، وقيل عنه انه غير صالح لبلد مثل بلدنا…”.
نجيبك ان التبرير للتمسك المرضي بمصطلحات العروبة في وثائق حزبكم وادبياته الى درجة غير معقولة، وبان سوريا ولبنان دولتان ذات اغلبية عربية، امر طبيعي ولا نلومكم عليه، وكن منذ البداية طالبناكم بالاعتراف بذلك، بانكم حزب منجذب الى تبني القضايا العربية، وان كلامكم عن ترفعكم عن المسائل القومية برمته كان كذب ورياءا، والتحجج بالقضايا القومية العربية وسايكس بيكو وفلسطين لن تجدي حزبكم نفعا، فانتم منذ البداية خرجتم من رحم بيئة عروبية مشوهة، وعمليات تعريب الحزب معروفة للجميع ونعرف من قادها، والحديث عن مشاكل العرب، توحي ان الحزب لم يلق بالا للكورد وقضيتهم لانهم في عرفه كانوا يعيشون احسن حالاتهم من وجود دولة مزدهرة لهم، ولا يعلم ان الكورد كانوا ولايزالون اكثر شعوب الارض اضطهادا وتعرضا للظلم والهمجية.
حضرة الاستاذ الشيوعي انا لم احمل يوما اي قضيب ذهبي مزركش كرمز للجاه والسلطة، فانا لا املك الا قلمي ومحبة شعبي وابناء امتي، وحبذا لو تمثلت لدعوتي بقرع الحجة بالحجة، وليس الانجرار الى مستنقع الكلمات النابية بحقي، واعلم جيدا ان اعتمادي الوحيد سيبقى على وضوح الحجة، وصفاء الاسلوب، والتعقل، والاستبصار، وان ولائي واخلاصي سيبقى دوما للفقراء وذوي الدخل المنخفض من شعبي ولكل ضعفاء الارض.
فاذا كان حزبكم وكما تدعي، وحيد عصره، لانديد له، منقطع النظير، لايشق له غبار فلماذا بقي حبيسا، جامدا ، مثلجا ، ضعيفا، مهانا، مقهورا ، كل هذه السنوات وانت تعرف على يد من، ام انكم شطار في لوك ومضغ وعلك سيرة من يخالفونكم الفكر والرأي؟، فلا تتستر وراء العقلانية فانها حيلة لاتنطلي علي ولا على احد غيري، فاضحك على غير ذقني.
نعم الاستنتاج، ومهما حاولت يا عزيزي، التمويه و تفريغه من محتواه، كبير وخطير و يبدو انه اغاظك غيظا شديدا واشعل نار غضبك، ونال من حزبك الذي لاتزال تظن انه كائن وحيد الخلية، لم يعرف الانقسام والتشظي، وانا ارد عليك بالقول ان كنت صادقا في ان الحزب كان ينظر الى الجميع النظرة نفسها، اجلب لنا وثيقة واحدة يتيمة، تكلم فيها الحزب عن القومية الكوردية بشيء من الاحترام، كشعب حي يحق له ما يحق للاخرين ومنهم على سبيل المثال الشعب الفلسطيني المظلوم، واطالبك وقيادتك ان تجيب على اسئلتي، هل يعترف الشيوعيون ان الكورد في سوريا يشكلون القومية الثانية؟، وبحقوقهم السياسية؟ واطالبك مسبقا بعدم الالتفاف على اسلئتي، والعودة الى مسلسل فكرك الافلام كرتوني، لاني باختصار لا اطيق سماع الالات الصماء التي تطيع وتنفذ الاوامر من دون ان تسأل نفسها يوما، السبب في تكرار هزائمها المتلاحقة.
ـ قراءتي لم تكن نتيجة قراءة مبتذلة او نتيجة اية نعوت يائسة قلتها بخصوصي، مثل “الانتقائية والبداوة القومية ، والخواء الفكري والسياسي في بنيتها ، قراءة معلقة في الفراغ لا علاقة لها بالظروف والوقائع، يتقاطع فيها التلفيق مع الأمية السياسية”، بل كانت نتيجة قراءة واقعية دقيقة، وبحث دؤوب في المكتبات العامة والخاصة، وكلماتك ونعوتك السمجة لن تنال مني، في وقت كان عليك ان تحسن من اداء ردك الذي جاء اشبه بالسلة المليئة بالثياب الوسخة والمهترئة.
ـ لقد قلت لك سابقا اتركوا هذه الحجة المموجة التالفة الفاجرة، مثل يجب قراءة الوثيقة في الزمان والمكان وان فلانا قال، و انك اخطأت في الاقتباس، ولم تورد النص صحيحا، اخطأت في القراءة، لم تورد النص كاملا اوصحيحا او المتن بكامله، فنحن نعرف هذه الامور افضل منكم ونستخدمها في كتاباتنا التاريخية الرصينة والمحكمة، فلا تحاول تأويل الحديث واخراجه من نطاقه بالالتفاف والدوران الكاذب والايحاء انكم على صواب، وان المقابل كان تنصقه الرؤية الصحيحة عند قراءته للنص، وباختصار لا تتقمص شخصية رئيس احدى المجالس الكنسية المشيخية وانك الراعي المختار، واعترف ان ريحك كانت قد اعولت منذ البداية، لذا كان طبيعيا ان ردودك جاءت مشوهة الخلقة، ممسوخة، ودميمة.
ـ وبخصوص قولك “قضيتا الحزام والإحصاء هما في الجوهر قضية واحدة تعود في بدئها إلى أعوام 6162 في ظل حكومة معروف الدواليبي وفي وقت كان فيه الرجعي المشبوه سعيد السيّد محافظ الحسكة أما السبب فهو في الأساس ممارسة تمييز وتعصب شوفيني ضد جماهير الفلاحين الاكراد كحرمانهم من الأرض ومن التوظيف في دوائر الدولة وغير ذلك وفي الظاهر يعود السبب إلى حجج واهية كاتهام الاكراد في سورية بمطامح انفصالية…..إننا نطالب بالعدول عن فكرة الحزام وبوقف أي تدبير لترحيل السكان وتلافي النتائج السياسية والاقتصادية الناجمة عنه….” نضال الشعب العدد83 عام 1967″، عزيزي كنت قد تحدثت عن المقالة وذكرتها في اول رد لي على سخافاتكم، فلماذا لم تنقلها كما هي ام انك “تنهي عن خلق وتفعل ما هو افظع منها” .
ـ ارغب ان كنت محبا للحقيقة بارسال النص الكامل لمقالة جريدة “نضال الشعب العدد 55 عام 1965 ” ، حيث يبدو ان فيها جمل لاترغب بان يطلع الاخرون عليها، ومع هذا كل ما عليك لاثبات حجتك هو ان تنزل النص الكامل للمقالة، وعندها ندرك هل صدق الحزب في رؤيته ام كذب؟
ـ وبالنسبة الى كلامك ” إن حركة التحرر لم تتخلص من الآثار السلبية لأفكار التعصب القومي فلاتزال تظهر هذه الآثار عند بعض القوى في عدد من الميادين وفي موقفها من القوميات في الوطن العربي…..
ويبقى النضال ضد مظاهر التعصب القومي وأخطاره ضروريا لفترة طويلة”
يا عزيزي كيف تحسب ان ما قيل كان نيلا من العروبة، وما هو الا تجسيد حقيقي للفكر الشيوعي المختلط مع الفكر البعثي، ويبدو ذلك واضحا من خلال التصريح ” القوميات في الوطن العربي” ولعمري هذا بالضبط ما كان يقوله البعث العراقي سابقا، والسوري حاليا، لانها توحي ان القوميات يجب ان تكون ممنونة للعرب لانهم يعيشون في وطنهم العربي، وهم بالتالي ليسوا الا ضيوفا عليهم لا اكثر، فاية سماجة هذه، واي تمجيد للعنصر العربي اكثر من هذا ، بالله عليك يا اخي الكوردي الشيوعي امعن النظر والفكر في الجملة السابقة، وستعلم ان الحزب الشيوعي لم يكن في يوم من الايام اكثر من بوقا دعائيا عروبيا فجا، وانه كان يخدعك بادعاءته بالترفع عن المسائل القومية وان صراعه صراع طبقي ليس اكثر.
ـ يا استاذ وانت تتحدث عن حياة بكداش، كأنك تتكلم عن مسرحية دينية قديمة العهد تدور حول حياة السيد المسيح والقديسين، وتحسبك نفسك صغت تعبيرا جديدا، واستحدثت لفظا جميلا، وما هو الا ترقيع فج.
ـ انا لم اطلق” العنتريات، والمزاودات, ومحاولة تسجيل النقاط وان كانت على الهامش تارة، وتارة أخرى عبر ثقافة التظلم والتباكي على الشعب الكردي الذي يعاديه الشيوعيين.”
يا عزيزي لا انا اتخفي وراء ثقافة التظلم والتباكي على شعبي الكوردي، والكلام صفة المتكلم، وما قلته عني هو ديدنكم الازلي ، فانتم تتباكون وتتظلمون من عدم فهم المقابل لصدق نواياكم، وانكم لاتفرقون بين احد الا بمدى الالتزام بنهجكم، في حين كشفنا ان كل ذلك كان ضحكا على الذقون وافكا كبيرا.
ـ وبالنسبة الى قولكم ” إن الأستاذ لم يستطع رد الحجج فعرض وثائق جديدة، وبالطريقة السابقة ليؤكد ما قاله على مبدأ “عنزة ولو طارت” ولجأ إلى تعكير الأجواء, وأطلق سيل من الاتهامات وكرر الاسطوانة المشروخة (أسيادكم البعثيين)” انا عرضت امام عامة الناس والمثقفين عددا من الوثائق الحزبية الخاصة بكم ـ ولاتزال في جعبتي الكثيرـ وعريت اكاذيبكم امام الناس، وهي كانت موضع تقدير الكثيرين، غير ان عدم استطاعتكم الرد عليها ، جعلتكم تناوروا هنا وهناك محاولين ايجاد موطىء قدم لكم على ارض الحقيقة، الا انها باءت بالفشل الذريع.
ـ أما القول “إن الحزب تعرض لنقمة الرأي العام السوري كما تزعم فتلك كذبة رخيصة يفندها تطور الأوضاع نفسه؟ بربك من ينقم عليه الرأي العام يستطيع إيصال نائب إلى البرلمان بعد ذلك بسنوات قليلة في مدينة دمشق ؟” اجيبك هل تعتبر ان قدرة حزب بائس على ايصال عضو يتيم الى قبة مجلس البرلمان السوري، بعد كل تلك الجعجعة والدعم الذي حظي به من قبل الكورد لاسيما في الحي الكوردي، انجازا عظيما، في حين كانت اكثر الاحزاب تقليدية قادرة على ايصال اكثر من مندوب، وكما قال القيادي الشيوعي يوسف فيصل في مذكراته كان للكورد الدور البارز في ايصاله الى ما وصل اليه.
ـ وبالنسبة الى ادعائك “وبالتالي إن أي حديث عن تقديس القومية العربية أو العنصر العربي هو هراء وافتراء لاأكثر ولا أقل”.
نقول لك ان محاولة انكار ذلك هو الهراء والافتراء عينه، فانتم قدستم العروبة ومجدتموها باجمل الاوصاف، غير انكم لاتملكون الشجاعة لقول ذلك، حتى لاتثيروا حفيظة من تبقى ـ وعددهم قليل ـ الى جانب صفكم من الاخوة الكورد.
ـ وبالنسبة الى “كان الهدف ضرب تلك المكونات القومية والدينية والمذهبية بعضها ببعض للتحكم بها جميعا كما تبين لاحقا, أضف إلى ذلك إن المحاولة لم تكن محل اجماع الزعامات الكردية أنفسهم فالوسط الكردي نفسه انقسم حول الموضوع إلى قسمين، وأعتقد لا داعي لنشر الغسيل كله والحديث عن مزيد من التفاصيل في هذا الموضوع…..! فلماذا تصوير الأمر وكأن دولة كردية كانت قاب قوسين أو أدنى من القيام ووقف ضدها الشيوعيين؟” اجيبك انك ومهما حاولت الادعاء واللف والدوران، منطلقا من منظومة افكار حزبك الفارغة، فلن تستطيع التعتيم على الدورد الكوردي المشرف في الدفاع عن الوطن السوري ككل، والمشاركات الكوردية في عمليات الدفاع عن الاستقلال اكثر من ان تعد، فلا تتعب نفسك وتخوفنا من غسيلنا الوسخ، واذا كانت نية سيدك بكداش صافية كما تدعي وتقول ، كان من الاجدر ان يؤلف كتبا وكراسات تحت عناوين” الانفصاليون في جبل العرب”، او ” الانفصاليون في جبل العلويين” او ” الانفصاليون في حلب” وهم الذين تمكنوا بواسطة الانتداب الفرنسي من تأسيس كيانات خاصة بها، في حين يعلم كل متتبع للتاريخ الكوردي في مناطقهم التاريخية في سوريا ان شيء من هذا لم يحصل، بالرغم من محاولات فرنسا دغدغة الشعور الكوردي في بعض الاحيان.
ـ وبخصوص قولك “فلماذا تجزئة النص وتقديمه بغير ما يريد يا أستاذ علي من خلال زعمكم (أطلق بكداش على المؤتمر اسم “مؤتمر الوفاء العربي ” وعلل ذلك بقوله “لان مؤتمرنا كان أمينا لتقاليد الوفاء العربي) متى علل خالد بكداش الموقف كما عرضته أنت؟ لماذا هذا التزوير؟الدعوة إلى إحياء التراث العربي في حزب يعمل على ساحة سوريا ولبنان قومية ضيقة كما تزعم، فماذا يمكن أن نقول عن الحقوق الثقافية للأكراد الذي يطرحها الشيوعيين منذ عشرات السنين ؟” اجيبك انك ولو نبتت لك اجنحة لن تستطيع انكار الحقيقة ، فبكداش اطلق عليه تسمية مؤتمر الوفاء العربي، وقال لان مؤتمرنا كان امينا لتقاليد الوفاء العربي، وما هذه المقارنة الفاشلة بين الدعوة الى بعض الحقوق الثقافية لم يذكرها الحزب الا في حالات وجد نفسه مجبرا على البوح بها من اجل الضحك على ذقون بعض المنتمين الكورد، مقابل التماهي في القضايا العربية حد الثمالة، ولاتظنن اني منزعج من تحول الحزب عبر كل تاريخه الى محامي للقومية العربية، فهذا شأنه، غير ان الذي لايعجبني هو كذب الحزب كل تلك السنوات الطوال ـ ولايزال ـ على الكورد، بانه لاينجر الى المسائل القومية وان الجميع متساوون عنده.
ـ وعن جملتك “الآية الكريمة ” وأمرهم شورى بينهم” والحديث الشريف” من أعان ظالما سلطه الله عليه”وكلمة عمر بن الخطاب ” أشقى الرعاة من شقيت به رعيته” وكلمة خالد بن الوليد ” أنا لاأحارب من أجل عمر” فما الضير من إحياء هذا الجانب من التراث العربي الذي طالما أخفاه الظلاميون العرب؟ وما يضر الأكراد في ذلك ؟” اجيبك ان هذا الخطاب هو نفسه الذي كنا نسمعه من الطاغية صدام حسين، اثناء تواريه في حجرة مخفية تحت الارض اثناء عملية تحرير العراق، وكيف انه كان يطلق الايات الكريمة ويخطب في رفاقه البعثيين بالاحاديث النبوية الشريفة، و يستدل على مواقف الصحابة تأييدا لافكاره، واستدرارا لعطف المظلومين معه، الا تخجل وانت تتكأ على التراث الاسلامي الحنيف في دعم فكرك الشيوعي البائس؟ ام ان حججكم ووصفاتكم السحرية قد بطلت مفعولها، فلم تجدوا افضل من الالتجاء الى التراث الاسلامي ومحاولة اكمال مسلسل خداعكم لرفاقكم الكورد، في الحقيقة ان ما قلته لم يكن في احسن احوالها افضل من احدى الكوميديات المبتذلة، ولم ارى فيك الا جعجاعا، صخابا، كبهق الحجر، مستخدما كلاما تشهيريا، تجريحيا، قذفيا، واعلم ان كل شتيمة هي مردودة عليكم، وانها دلت دلالة قوية على انكم تعانون من ضيق الافق العقلي، والانعزال الفكري، والتقوقع و التعصب الاعمى.
ـ وبخصوص القول “إن الانتماء الواقعي عند رجالات السياسة والفكر هو الانتماء للموقف والموقع، لا الانتماء البيولوجي وهذا هو سر تعدد الانتماءات الفكرية والسياسية داخل كل قومية، وهذا هو سر الخلافات و الصراعات بين افراد الشعب الواحد أحيانا هنا وهناك”.
اصارحك اني لم اسمع تسطيحا و عذرا قبيحا مثل الذي قيل، كيف تسمي حب الانسان لابناء قومه وشعبه، انتماءا بيولوجيا غير ذي اهمية، وعلى هذا اسألك لماذا نشط معظم عظماء الدينا بين ابناء جلدتهم وحاولوا الرقي بهم اكثر من الشعوب الاخرى، ولما لم يتجهوا الى اقوام اخرى؟.
ـ وعن كلامك “كنت أظن انك تعمل على تزوير التاريخ فقط لكن يبدو أن التشويه طال أيضا موقفا لم يمض عليه أيام ورد في مقالتي السابقة ومازال بين يدي القراء، كل ما قلته إن بغية فهم صحيح للقضية الكردية يجب اخذ الثلاثية بعين الاعتبار سايكس بيكو – عجز برجوازيات الدولة الوطنية عن الحل – الأخطاء الاستراتيجية لبعض القيادات الكردية وماذا في كلامي من دفاع فج عن الأنظمة القمعية؟ وليس ذنبي انك لم تفهم كيف إن الكردي يتحمل جزءاً من المسؤولية عن مأساته، ولاستيعاب ذلك يمكنك الرجوع إلى تقييم تجارب الثورات الكردية والنقد الذاتي الذي قدمه العديد من قادة هذه الثورات”.
اجيبك ان لم ازور، بل نقلت كلامك حرفيا، وقلت ولازال ان اتهام الضحية بان لها ضلعا فيما لحقها من الظلم، هو التزوير والحقد والضغينة نفسها، فكيف نستطيع لوم حمامة طارت باحثة عن ما يسد رمق فراغها الجوعى، ولم تعلم انها ستصبح فريسة طائر ذي مخلب؟ هل نقول ان الحمامة كانت سببا فيما لحق بها، لانها ارادت ان تغذي فراغها، وكانت يجب ان تبقى حبيسة عشها الى ان تموت؟
ـ وبالنسبة الى القول “لماذا هذا الخطاب الاستعراضي يا أستاذ علي ؟ وكأن قطار المعرفة توقف امام باب بيتك؟ و كأنك تنتمي إلى حزب لم يخطأ، ولم ينقسم ولم يتراجع وكأنك الوحيد الذي يملك الوثائق ويستطيع التلاعب بها كيفما اتفق ويضلل الرأي العام..
تقول تجربة الحكماء ” كلما زاد الاستعراض ضاقت مساحة الصدق”… ومن باب النصيحة أقول: لاتتسرع في قراءة الفاتحة على روح الشيوعيين الأكراد أوغيرهم، فالكثير من السذج بين الأكراد وغيرهم سبقوك إلى قول ذلك وفي كل مرة كان التاريخ يخذلهم ويسخر منهم” ارد عليك بالقول اخي لاتفعم حماسة، ولاتركض وراء السراب الخادع، ان ما استنتجته واستخلصته واستنبطته عن حقيقة حزبكم ومواقفه الهزيلة تجاه الكورد ادى دوره، وانا لا ادعي اني مفكر هذه الامة، بل انسان من عامة الشعب يخطأ ويصيب، وبالتالي لازلت في اول الطريق من مشواري، والتلاعب بالكلمات والالفاظ وتحوير عن الهدف الحقيقي منها، اتركها للقارىء الكريم فهو ادرى بالمزور والمتلاعب بيننا، وبخصوص مصير حزبك اؤكد لك ان ما يظهر لك من اللمعان والتألق والتلألأ هو كالوهج الفسفوري الكاذب الذي يتراءى فوق المستنقعات، وما يعانيه حزبك ليس نزلة برد وافدة تصحبها حمى، فهو يا عزيزي معلول مشلول الارادة، خائر العزيمة، واهن، كالبيضة غير المخصبة العاقرة.
– وعن كلامك “مرة أخرى نقول: إن للشيوعيين نظرتهم الخاصة إلى القضايا القومية سواء كانت عربية أو كردية أو المانية، وقد يتفقوا أو يختلفوا مع البعض من هذه الحركة القومية أو تلك ولا ينبغي تفسير ذلك بان الحزب ضد القومية الفلانية أو مع القومية الفلانية كما فعل بعض القوميون العرب عبر التاريخ، وكما يفعل صاحبنا الآن.
نرد عليك يا استاذ، بانكم والبعث توأمان متماثلان تكونتما من بويضة مخصبة واحدة ، وفكركم تجاه القوميات المظلومة وعلى رأسها القومية الكوردية ليس بافضل من الشحم الهزيل غير ذا فائدة والمتجمع من بقايا اللحم المطبوخ.
– وبخصوص “أما ورود عبارات العروبة والشعب العربي والتراث العربي….
وما إلى ذلك في وثائق حزب وجد في بلدين ذو أغلبية عربية (سوريا ولبنان) و كانا نقطتي انطلاق التيار القومي العربي، واصطدم وهو في مخاض الولادة والتأسيس بمشكلات كبرى ذات شكل قومي قضية فلسطين، سايكس بيكو, الوحدة العربية وحورب وهو في المهد تحت ستار العدمية القومية ومعاداة الدين من قبل قوى متواطئة مع المستعمر وبعض السذج والجهله، وقيل عنه انه غير صالح لبلد مثل بلدنا…”.
نجيبك ان التبرير للتمسك المرضي بمصطلحات العروبة في وثائق حزبكم وادبياته الى درجة غير معقولة، وبان سوريا ولبنان دولتان ذات اغلبية عربية، امر طبيعي ولا نلومكم عليه، وكن منذ البداية طالبناكم بالاعتراف بذلك، بانكم حزب منجذب الى تبني القضايا العربية، وان كلامكم عن ترفعكم عن المسائل القومية برمته كان كذب ورياءا، والتحجج بالقضايا القومية العربية وسايكس بيكو وفلسطين لن تجدي حزبكم نفعا، فانتم منذ البداية خرجتم من رحم بيئة عروبية مشوهة، وعمليات تعريب الحزب معروفة للجميع ونعرف من قادها، والحديث عن مشاكل العرب، توحي ان الحزب لم يلق بالا للكورد وقضيتهم لانهم في عرفه كانوا يعيشون احسن حالاتهم من وجود دولة مزدهرة لهم، ولا يعلم ان الكورد كانوا ولايزالون اكثر شعوب الارض اضطهادا وتعرضا للظلم والهمجية.
حضرة الاستاذ الشيوعي انا لم احمل يوما اي قضيب ذهبي مزركش كرمز للجاه والسلطة، فانا لا املك الا قلمي ومحبة شعبي وابناء امتي، وحبذا لو تمثلت لدعوتي بقرع الحجة بالحجة، وليس الانجرار الى مستنقع الكلمات النابية بحقي، واعلم جيدا ان اعتمادي الوحيد سيبقى على وضوح الحجة، وصفاء الاسلوب، والتعقل، والاستبصار، وان ولائي واخلاصي سيبقى دوما للفقراء وذوي الدخل المنخفض من شعبي ولكل ضعفاء الارض.